أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 706

جلسة 24 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابية - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ حسين السيد متولي، عبد الحميد الحلفاوي - نائبي رئيس المحكمة، ناجي عبد اللطيف وسعيد سعد عبد الرحمن.

(142)
الطعن رقم 459 لسنة 64 القضائية "أحوال شخصية"

(1) دعوى "الطلبات العارضة: تعديل الطلبات".
تعديل الطلبات في الدعوى من قبيل الطلبات العارضة. كيفية إبدائه وحالاته. م 124 مرافعات.
(2) دعوى "الطلبات في الدعوى: الطلبات الختامية".
العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى. لا بالطلبات السابقة عليها.
(3) أحوال شخصية "تطليق: طاعة". حكم "عيوب التدليل: ما لا يُعد عيباً".
انتهاء المطعون ضدها في طلباتها الختامية من خلال اعتراضها على إنذار الطاعة إلى طلب الحكم بتطليقها على الطاعن بائناً للضرر. مفاده. تنازلها عن الاعتراض على إنذار الطاعة وزوال خصومة دعوى الاعتراض. أثره. التزام المحكمة بالفصل في طلب التطليق فقط. علة ذلك. قضاء الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بالتطليق دون التعرض للاعتراض. لا عيب.
(4) أحوال شخصية "طاعة: تطليق: دعوى الأحوال الشخصية: تحكيم".
التزام المحكمة باتخاذ إجراءات التحكيم. شرطه. أن تطلب الزوجة التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية وثبوت أن الخُلف مستحكم بين الزوجين. م 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بق 25 لسنة 1929 المضافة بق 100 لسنة 1985.
(5) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: تحكيم".
الحكمان. شرطهما. أن يكونا عدلين رشيدين من أهل الزوجين. عدم وجود من يصلح لهذه المهمة من أقارب الزوجين. أثره. تعيين القاضي حكمين أجنبيين ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما.
(6) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: تحكيم". نقض "أسباب الطعن: الأسباب غير المقبولة: السبب الجديد".
النعي بأن الحكمين من غير أهل الزوجين أو بأنهما لم يقوما بعملهما على الوجه الصحيح رغم مثول الطاعن أمامهما ولم يعترض على ذلك. دفاع يخالطه واقع. التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. غير مقبول.
(7) أحوال شخصية "دعوى الأحوال الشخصية: تحكيم".
انتهاء الحكمان إلى التفريق بين الطرفين لاستحكام الخلاف بينهما بما يستحيل معه دوام العشرة. مؤداه. نفاذ قرارهما في حق الزوجين وإن لم يرتضياه والتزام القاضي به. علة ذلك. إحالة الدعوى إلى التحقيق من بعد. غير جائز.
(8) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
اكتساب الحكم قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة. شرطه. اتحاد الموضوع والسبب والخصوم في الدعويين. تخلف أحد هذه العناصر. أثره. عدم توافر أركان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
(9) أحوال شخصية "تطليق". دعوى "السبب في الدعوى".
دعوى التطليق للضرر. م 6 ق 25 لسنة 1929. اختلافها سبباً عن طلب الزوجة التطليق من خلال اعتراضها على دعوة زوجها لها للعودة إلى منزل الزوجية. م 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون. علة ذلك. مؤداه. القضاء نهائياً برفض دعوى التطليق للضرر. لا يمنع من نظر طلب التطليق المبدى من خلال الاعتراض على إنذار الطاعة.
(10) محكمة الموضوع. إثبات "العدول عن إجراءات الإثبات".
محكمة الموضوع. حقها في العدول عما أمرت به من إجراءات الإثبات. شرطه. بيان أسبابه ما لم تكن هي التي أمرت باتخاذها من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(11) دعوى "نظر الدعوى: الحكم في الدعوى". إعلان "الإعلان في الدعوى".
النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة وقرارات فتح باب المرافعة. اعتبارها إعلاناً للخصوم بها. شرطه. أن يكون الخصم قد حضر إحدى الجلسات أو قدم مذكرة بدفاعه وأن يكون سير الجلسات عقب ذلك متتابعاً لم يعترضه عائق. انقطاع تسلسل الجلسات من بعد. أثره. التزام قلم الكتاب بإعلان من لم يحضر من الخصوم بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول. م 174 مكرراً مرافعات المضافة بق 23 لسنة 1992.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعديل الطلبات في الدعوى من قبيل الطلبات العارضة التي أجاز القانون تقديمها إلى المحكمة إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها أو في مذكرة يطلع عليها الخصم، وقد أجازت المادة 124 من قانون المرافعات للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى، وكذا ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة.
2 - المقرر - أن العبرة في الطلبات التي تتقيد بها المحكمة هي بالطلبات الختامية لا بالطلبات السابقة عليها.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضدها قد انتهت في طلباتها الختامية المعدلة من خلال اعتراضها على إنذار الطاعة في حضور الطاعن بجلسة 25/ 11/ 1992 إلى طلب الحكم بتطليقها عليه بائناً للضرر، مما مفاده تنازلها عن الاعتراض على إنذار الطاعة وزوال خصومة دعوى الاعتراض، وينبني على ذلك أنه لا يكون مطروحاً على المحكمة إلا طلب التطليق الذي يتعين عليها الفصل فيه لاستقلاله عن الاعتراض لاختلاف المناط بين الطلبين من حيث الموضوع والسبب إذ يدور الطلب الخاص بالاعتراض على إنذار الطاعة حول مدى التزام الزوجة بواجب القرار في منزل الزوجية وما إذا كان لديها مبرر شرعي يدعوها إلى عدم العودة إليه، بينما يقوم طلب التطليق في الدعوى الماثلة على استحكام الخُلف بين الزوجين، كما أن النشوز بفرض حصوله لا يمنع من نظر دعوى التطليق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بتطليق المطعون ضدها على الطاعن - وفقاً لطلباتها المعدلة - دون التعرض للاعتراض فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة تكون ملزمة باتخاذ إجراءات التحكيم إذا طلبت الزوجة التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية وتبين للمحكمة أن الخُلف مستحكم بين الزوجين وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985.
5 - النص في الفقرة الأولى من المادة السابعة من ذات القانون على أنه "يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن، وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما"، يدل على أنه يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين رشيدين من أهل الزوجين إن أمكن، فإن لم يوجد من أقاربهما من يصلح لهذه المهمة عين القاضي حكمين أجنبيين ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما.
6 - إذ كانت المحكمة قد ندبت حكمين من غير أهل الزوجين، ولم يعترض الطاعن على ذلك رغم مثوله أمامهما، فلا يقبل منه التحدي أمام محكمة النقض بأنهما ليسا من أقارب الزوجين أو بأنهما لم يقوما بعملهما على الوجه الصحيح، لما يخالط هذا الدفاع من واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع.
7 - إذ رأى الحكمان أن الخلاف مستحكم بين الطرفين بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما فإن قرارهما ينفذ في حقهما وإن لم يرتضياه ويلتزم به القاضي لأن مبنى التحكيم الحكم لا الوكالة أو الشهادة، بما لازمه أن تحكم المحكمة بما انتهى إليه الحكمان من التفريق بين الزوجين، فلا يجوز من بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق.
8 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب والخصوم في كل من الدعويين، بحيث إذا تخلف أحد هذه العناصر كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها غير متوافر الأركان.
9 - السبب في دعوى التطليق للضرر الذي تحكمه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 يخالف السبب في طلب الزوجة التطليق من خلال اعتراضها على دعوة زوجها لها للعودة إلى منزل الزوجية الذي تحكمه المادة 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون، إذ تقوم الدعوى الأولى على ثبوت تعمد الزوج إيذاء زوجته بالقول أو بالفعل على نحو لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما، بينما يكفي في الدعوى الثانية مجرد ثبوت استحكام الخلاف بين الزوجين دون تحرٍ لسببه أو تحديد أي من الزوجين يسئل عنه وذلك بعد محاولة المحكمة الإصلاح بينهما واتخاذ إجراءات التحكيم. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد رفعت الدعوى رقم 18 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية الجيزة بطلب تطليقها من الطاعن للضرر، فإن القضاء برفضها في الاستئناف رقم 412 لسنة 107 ق القاهرة لا يمنع من نظر طلب التطليق في الدعوى الماثلة الذي أبدى من خلال الاعتراض علي إنذار الطاعة الموجه للمطعون ضدها من الطاعن، لاختلاف المناط بين الدعويين.
10 - إذ كان مفاد نص المادة التاسعة من قانون الإثبات أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن تبين أسباب هذا العدول متى رأت أنها أصبحت غير منتجة بعد أن وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، اعتباراً بأن من العبث وضياع الجهد والوقت الإصرار على تنفيذ إجراء اتضح أنه غير مجد، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كانت المحكمة هي التي أمرت باتخاذ إجراءات الإثبات من تلقاء نفسها، فهي تملك العدول عنه دون ذكر أسباب - إذ لا يتصور - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما يلزم ذكر أي تبرير له.
11 - النص في المادة 174 مكرراً من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 الذي تم في ظله حجز الدعوى للحكم وإعادتها للمرافعة أمام محكمة الاستئناف - على أنه "يعتبر النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة وقرارات فتح باب المرافعة فيها إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة، فعندئذ يقوم قلم الكتاب بإعلان الخصوم بالحكم أو القرار المذكور بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول"، مفاده - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا النص أنه تيسيراً للإجراءات وعدم تعطيل السير في الدعوى اعتبر المشرع النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة، وقرارات فتح باب المرافعة إعلاناً للخصوم بها، فلا يلزم إعلانهم بها، واشترط لذلك أن يكون الخصم قد حضر إحدى الجلسات أو قدم مذكرة بدفاعه، وأن يكون سير الجلسات عقب ذلك متتابعاً لم يعترضه عائق، إذ أن من المفترض في هذه الحالة أن يتابع الخصم سير دعواه، أما إذا انقطع تسلسل الجلسات بعد حضور الخصم أو تقديم مذكرة بدفاعه، فيجب على قلم الكتاب إعلان من لم يحضر من الخصوم بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول لو كان قد سبق لهم الحضور أو تقديم مذكرة بدفاعهم قبل انقطاع تسلسل الجلسات، ويكون ذلك إذا حصل عارض أدى إلى عدم نظر الدعوى في الجلسة المحددة كأن تؤجل إدارياً أو إذا صادف اليوم المحدد لها عطلة رسمية أو لأي سبب آخر أدى إلى انقطاع تسلسل الجلسات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 450 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية الجيزة على الطاعن بطلب الحكم بعدم الاعتداد بالإنذار المعلن إليها في 12/ 2/ 1989 بدعوته لها للدخول في طاعته، ثم عدلت طلباتها إلى طلب الحكم بالتطليق، بعثت المحكمة حكمين، وبعد أن قدما تقريرهما حكمت بتاريخ 26/ 4/ 1993 بالتطليق، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 894 لسنة 110 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 7/ 1994 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها أقامت دعواها ابتداءً بطلب الحكم بعدم الاعتداد بإنذار الطاعة، ثم عدلته إلى طلب الحكم بتطليقها عليه دون إبداء أسباب لذلك ولم تعلنه بالطلبات المعدلة، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بالتطليق دون التعرض للفصل في الاعتراض رغم اختلاف الطلبين سبباً وموضوعاً، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تعديل الطلبات في الدعوى من قبيل الطلبات العارضة التي أجاز القانون تقديمها إلى المحكمة إما بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى، أو بطلب يقدم شفاهة في الجلسة في حضور الخصوم ويثبت في محضرها أو في مذكرة يطلع عليها الخصم، وقد أجازت المادة 124 من قانون المرافعات للمدعي أن يقدم من الطلبات العارضة ما يتضمن تصحيح الطلب الأصلي أو تعديل موضوعه لمواجهة ظروف طرأت أو تبينت بعد رفع الدعوى، وكذا ما يكون مكملاً للطلب الأصلي أو مترتباً عليه أو متصلاً به اتصالاً لا يقبل التجزئة، وكانت العبرة في الطلبات التي تتقيد بها المحكمة هي بالطلبات الختامية لا بالطلبات السابقة عليها، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضدها قد انتهت في طلباتها الختامية المعدلة - من خلال اعتراضها على إنذار الطاعة في حضور الطاعن بجلسة 25/ 11/ 1992 إلى طلب الحكم بتطليقها عليه بائناً للضرر، مما مفاده تنازلها عن الاعتراض على إنذار الطاعة وزوال خصومة دعوى الاعتراض، وينبني على ذلك أنه لا يكون مطروحاً على المحكمة إلا طلب التطليق الذي يتعين عليها الفصل فيه لاستقلاله عن الاعتراض لاختلاف المناط بين الطلبين من حيث الموضوع والسبب إذ يدور الطلب الخاص بالاعتراض على إنذار الطاعة حول مدى التزام الزوجة بواجب القرار في منزل الزوجية وما إذا كان لديها مبرر شرعي يدعوها إلى عدم العودة إليه، بينما يقوم طلب التطليق علي الدعوى الماثلة على استحكام الخُلف بين الزوجين، كما أن النشوز بفرض حصوله لا يمنع من نظر دعوى التطليق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بتطليق المطعون ضدها على الطاعن - وفقاً لطلباتها المعدلة - دون التعرض - للاعتراض، فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أوجه السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن المحكمة ندبت حكمين ليسا من أهل الزوجين في غير الحالات التي يلزم فيها ذلك، في حين كان يتعين إحالة الدعوى إلى التحقيق فضلاً عن أن الحكمين لم يستمعا إليه أو يعرضا لمستنداته، وإذ اعتد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه في قضائه بالتطليق بتقريرهما رغم بطلانه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المحكمة تكون ملزمة باتخاذ إجراءات التحكيم إذا طلبت الزوجة التطليق على زوجها من خلال اعتراضها على دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية وتبين للمحكمة أن الخُلف مستحكم بين الزوجين وذلك عملاً بالفقرة الأخيرة من المادة 11 مكرراً ثانياً من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة السابعة من ذات القانون على أنه "يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين من أهل الزوجين إن أمكن وإلا فمن غيرهم ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما"، يدل على أنه يشترط في الحكمين أن يكونا عدلين رشيدين من أهل الزوجين إن أمكن فإن لم يوجد من أقاربهما من يصلح لهذه المهمة عين القاضي حكمين أجنبيين ممن لهم خبرة بحالهما وقدرة على الإصلاح بينهما. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد طلبت الحكم بتطليقها على الطاعن من خلال اعتراضها على دعوته لها بالعودة إلى منزل الزوجية، وإذ رأت المحكمة أن الخلاف مستحكم بين الطرفين، فإنها تكون ملزمة باتخاذ إجراءات التحكيم، وكانت قد ندبت حكمين من غير أهل الزوجين، ولم يعترض الطاعن على ذلك رغم مثوله أمامهما، فلا يقبل منه التحدي أمام محكمة النقض بأنهما ليسا من أقارب الزوجين أو بأنهما لم يقوما بعملهما على الوجه الصحيح، لما يخالط هذا الدفاع من واقع لم يسبق طرحه أمام محكمة الموضوع، وإذ رأى الحكمان أن الخلاف مستحكم بين الطرفين بما يستحيل معه دوام العشرة بينهما، فإن قرارهما ينفذ في حقهما، وإن لم يرتضياه ويلتزم به القاضي، لأن مبنى التحكيم الحكم لا الوكالة أو الشهادة، بما لازمه أن تحكم المحكمة بما انتهى إليه الحكمان من التفريق بين الزوجين، فلا يجوز من بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 18 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية الجيزة واستئنافها رقم 412 لسنة 107 ق القاهرة المقضي فيه برفض طلب التطليق، إذ صار هذا الحكم باتاً، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفع رغم أن المطعون ضدها لم تبد وقائع جديدة، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الحكم السابق لا يحوز قوة الأمر المقضي بالنسبة للدعوى اللاحقة إلا إذا اتحد الموضوع والسبب والخصوم في كل من الدعويين، بحيث إذا تخلف أحد هذه العناصر كان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها غير متوافر الأركان، وكان السبب في دعوى التطليق للضرر الذي تحكمه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 يخالف السبب في طلب الزوجة التطليق من خلال اعتراضها على دعوة زوجها لها للعودة إلى منزل الزوجية الذي تحكمه المادة 11 مكرراً ثانياً من ذات القانون، إذ تقوم الدعوى الأولى على ثبوت تعمد الزوج إيذاء زوجته بالقول أو الفعل على نحو لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما بينما يكفي في الدعوى الثانية مجرد ثبوت استحكام الخلاف بين الزوجين دون تحرٍ لسببه أو تحديد أي من الزوجين يسئل عنه وذلك بعد محاولة المحكمة الإصلاح بينهما واتخاذ إجراءات التحكيم. لما كان ذلك، وكانت المطعون ضدها قد رفعت الدعوى رقم 18 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية الجيزة بطلب تطليقها من الطاعن للضرر، فإن القضاء برفضها في الاستئناف رقم 412 لسنة 107 ق القاهرة لا يمنع من نظر طلب التطليق في الدعوى الماثلة الذي أبدي من خلال الاعتراض علي إنذار الطاعة الموجه للمطعون ضدها من الطاعن، لاختلاف المناط بين الدعويين، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف عدلت عن إجراء التحقيق دون أن تبين سبب هذا العدول، وإذ عجزت المطعون ضدها عن الإثبات فكان يتعين القضاء بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه وإن كان مفاد نص المادة التاسعة من قانون الإثبات أن لمحكمة الموضوع أن تعدل عما أمرت به من إجراءات الإثبات على أن تبين أسباب هذا العدول متى رأت أنها أصبحت غير منتجة بعد أن وجدت في أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها، اعتباراً بأن من العبث وضياع الجهد والوقت الإصرار على تنفيذ إجراء اتضح أنه غير مجد، وهو ما تستقل به محكمة الموضوع، إلا أنه إذا كانت المحكمة هي التي أمرت باتخاذ إجراء الإثبات من تلقاء نفسها، فهي تملك العدول عنه دون ذكر أسباب - إذ لا يتصور - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يمس العدول في هذه الحالة أي حق للخصوم مما يلزم ذكر أي تبرير له، وكانت محكمة الاستئناف هي التي أمرت بإحالة الدعوى إلى التحقيق، وإذ سلف القول بأنه يكفي للقضاء بالتطليق في الدعوى الماثلة مجرد ثبوت استحكام الخلاف بين الزوجين دون تحرٍ لسببه أو تحديد أي من الزوجين يسئل عنه متى رأى الحكمان ذلك، ولا يجوز من بعد إحالة الدعوى إلى التحقيق، إذ ينفذ قرار الحكمين في حق الزوجين ويلتزم به القاضي، فلا على محكمة الاستئناف إذ عدلت عن إجراء التحقيق، طالما أن ما يسفر عنه لا يغير من وجه الرأي في الدعوى، ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف قررت حجز الدعوى للحكم دون التصريح له بالاطلاع أو تقديم مستندات، كما أنه لم يعلن بقرار إحالة الدعوى للمرافعة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك بأن نص المادة 174 مكرراً من قانون المرافعات المضافة بالقانون رقم 23 لسنة 1992 الذي تم في ظله حجز الدعوى للحكم وإعادتها للمرافعة أمام محكمة الاستئناف - على أنه "يعتبر النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة وقرارات فتح باب المرافعة فيها إعلاناً للخصوم الذين حضروا إحدى الجلسات أو قدموا مذكرة بدفاعهم وذلك ما لم ينقطع تسلسل الجلسات لأي سبب من الأسباب بعد حضورهم أو تقديمهم للمذكرة، فعندئذ يقوم قلم الكتاب بإعلان الخصوم بالحكم أو القرار المذكور بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول"، مفاده - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا النص - أنه تيسيراً للإجراءات وعدم تعطيل السير في الدعوى اعتبر المشرع النطق بالأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة، وقرارات فتح باب المرافعة إعلاناً للخصوم بها، فلا يلزم إعلانهم بها، واشترط لذلك أن يكون الخصم قد حضر إحدى الجلسات أو قدم مذكرة بدفاعه، وأن يكون سير الجلسات عقب ذلك متتابعاً لم يعترضه عائق، إذ أن من المفترض في هذه الحالة أن يتابع الخصم سير دعواه، أما إذا انقطع تسلسل الجلسات بعد حضور الخصم أن تقديم مذكرة بدفاعه، فيجب على قلم الكتاب إعلان من لم يحضر من الخصوم بكتاب مسجل مصحوب بعلم الوصول لو كان قد سبق لهم الحضور أو تقديم مذكرة بدفاعهم قبل انقطاع تسلسل الجلسات، ويكون ذلك إذا حصل عارض أدى إلى عدم نظر الدعوى في الجلسة المحددة كأن تؤجل إدارياً أو إذا صادف اليوم المحدد لها عطلة رسمية أو لأي سبب آخر أدى إلى انقطاع تسلسل الجلسات. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد مثل بالجلسات أمام محكمة الاستئناف ولم ينقطع تسلسل الجلسات بعد حضوره، ومن ثم يعتبر النطق بقرار إعادة الاستئناف للمرافعة إعلاناً له به، كما أنه بفرض عدم تمكين الطاعن من الاطلاع أو التصريح له بتقديم مستندات، فإن النعي في هذا الصدد غير منتج، طالما أن رأي الحكمين ملزم للقاضي وينفذ في حق الزوجين ولو لم يرتضياه كما تقدم، ومن ثم فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.