أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 50 - صـ 735

جلسة 26 من مايو سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ ريمون فهيم اسكندر - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ أحمد رزق، عبد الناصر السباعي، عزت عمران وسيد قايد - نواب رئيس المحكمة.

(145)
الطعن رقم 1337 لسنة 67 القضائية

(1) حكم "إغفال الفصل في بعض الطلبات". استئناف "الطلبات الجديدة: ما لا يُعد كذلك". دعوى "الطلبات في الدعوى".
إغفال الفصل فيما يعتبر داخلاً في الطلب الأصلي أو مندرجاً فيه. سبيل تداركه. الرجوع إلى ذات المحكمة للفصل فيه. عدم جواز الطعن بالنقض لهذا السبب. علة ذلك. م 193 مرافعات. (مثال).
(2، 3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير الأدلة" "سلطتها في تقدير عمل الخبير". خبرة.
(2) لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن والأخذ بما تطمئن إليه منها.
(3) أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه. عدم التزامها بالرد استقلالاً على الطعون الموجهة إليه. علة ذلك.
(4) تقادم "تقادم مسقط: وقف التقادم".
وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق مادياً أو قانونياً المطالبة بحقه. م 382/ 1 مدني.
(5) دستور. قانون "دستورية القوانين".
الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والعلاقات السابقة على صدوره.
(6) تقادم "تقادم مسقط: وقف التقادم". دستور. قانون. قيم. حكم "تسبيبه: الخطأ في تطبيق القانون".
نص المادة الأولى من القرار بقانون رقم 99 لسنة 1963. اعتباره مانعاً قانونياً يتعذر معه على مورث الطاعنين المطالبة برد قيمة الضرائب التي سددها جهاز تصفية الحراسات استناداً إلى ما ارتكبه من خطأ في قيامه بالسداد. م 382 مدني. أثره. وقف سريان سقوط هذا الحق بالقادم منذ العمل بهذا القانون في 1/ 9/ 1963 وخلال فترة سريانه. الحكم بعدم دستورية هذا النص. مؤداه. انفتاح باب المطالبة أو الطعن في قرارات وإجراءات الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم بالجريدة الرسمية في 29/ 6/ 1976. مخالفة ذلك. خطأ.
1 - لئن كان لا يعتبر طلباً جديداً مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة الاستئناف ما يعتبر داخلاً في الطلب الأصلي أو مندرجاً فيه، إلا أن مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله، ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي، لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها. لما كان ذلك، ولئن كانت الطلبات التي أشار إليها الطاعنون بوجه النعي تعتبر مدرجة في طلبهم أمام محكمة أول درجة تسليم أموالهم كاملة التي فرضت عليها الحراسة بموجب الأمر الصادر من رئيس الجمهورية رقم 140 لسنة 1961 إلا أنه لا يجوز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بسبب إغفاله هذه الطلبات.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن المطروحة عليها والأخذ بما تطمئن إليه منها.
3 - المقرر أن لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه......" مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق - مادياً أو قانونياً - أن يطالب بحقه.
5 - المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية، وأن عدم تطبيقه هذا النص لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب - بحسب الأصل - على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص.
6 - إذ كان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 99 لسنة 1963 الذي نص في مادته الأولى على أن "لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه" يعتبر "مانعاً قانونياً" في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على مورث الطاعنين المطالبة برد قيمة مبلغ الضرائب المشار إليه بوجه النعي بالتأسيس على ما ارتكبه جهاز تصفية الحراسات من خطأ في قيامه بسداد هذا المبلغ، ومن ثم فإن سقوط هذا الحق بالتقادم يكون موقوفاً منذ العمل بالقرار بالقانون المشار إليه في 1/ 9/ 1963، فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه ولا تستأنف سيرها إلا بزوال هذا المانع، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 5 ق "دستورية" بتاريخ 3/ 7/ 1976 بعدم دستورية المادة الأولى من القرار بقانون رقم 99 لسنة 1963، وهو ما يترتب عليه انفتاح باب المطالبة أو الطعن في قرارات وإجراءات الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم السابق بالجريدة الرسمية في 29/ 7/ 1976. لما كان ما تقدم، وكان مورث الطاعنين قد أقام دعواه بالمطالبة برد المبلغ سالف الذكر سنة 1978 - أي بعد مضي سنتين فقط من زوال المانع القانوني - فإن حقه في المطالبة به لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى رقم 318 لسنة 2 ق قيم على سند من سقوط الحق في المطالبة بالمبلغ موضوعها بالتقادم بالتطبيق لنص المادة 377 من القانون المدني، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام على المطعون ضدهم الدعاوى التي قيدت أخيراً بأرقام 124، 318، 319، 320، 441، 442 لسنة 2 ق قيم طالباً الحكم في الدعوى الأولى بإلغاء أمر رئيس الجمهورية رقم 140 لسنة 1961 فيما تضمنه من فرض الحراسة على أمواله وممتلكاته ورد الفيلا المبينة بصحيفة هذه الدعوى عيناً، وفي الدعوى الثانية بإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالث - بصفتيهما - برد مبلغ 70610.827 جنيهاً الذي سدده جهاز تصفية الحراسات (المطعون ضده الثالث) لمصلحة الضرائب (المطعون ضدها الثانية)، وفي الدعوى الثالثة بإلزام بنك مصر/ فرع سيزوستريس بالإسكندرية (المطعون ضده السادس) بدفع مبلغ 8598.824 جنيهاً، منه مبالغ 3598.824 قيمة رصيده الذي حوله إلى جهاز تصفية الحراسات (المطعون ضده الثالث)، ومبلغ خمسة آلاف جنيه قيمة التعويض عما لحقه من ضرر من جراء هذا التحويل، وفي الدعوى الرابعة بإلزام بنك الإسكندرية فرع صلاح سالم بالإسكندرية (المطعون ضده السابع) بأن يدفع له مبلغ 21546.054 جنيه، منه مبلغ 11546.054 جنيه قيمة رصيده الذي حوله البنك إلى جهاز تصفية الحراسات (المطعون ضده الثالث)، ومبلغ عشرة آلاف جنيه قيمة التعويض عن الأضرار التي لحقت به من جراء هذا التحويل، وفي الدعوى الخامسة بعدم سريان عقد البيع المؤرخ 10/ 3/ 1963 والمشهر برقم 296/ 1971، 20/ 1/ 1971 الإسكندرية في حقه والذي باع بمقتضاه الحارس العام (المطعون ضده الثالث) العقار المملوك له المبين بصحيفة هذه الدعوى إلى شركة التأمين الأهلية (المطعون ضدها الثامنة) ورد العقار عيناً أو تعويضه عنه، وفي الدعوى السادسة بعدم سريان عقد البيع المؤرخ 10/ 4/ 1963 والمشهر برقم 4113/ 1973، 24/ 10/ 1973 في حقه والمتضمن بيع الحارس العام (المطعون ضده الثالث) العقار المملوك له والمبين بصحيفة هذه الدعوى إلى شركة مصر للتأمين (المطعون ضدها التاسعة) ورد حصته في هذا العقار عيناً أو تعويضه عنها، وفي بيان ذلك قال إنه بتاريخ 25/ 10/ 1961 فرضت الحراسة على أمواله وممتلكاته بموجب الأمر الصادر من رئيس الجمهورية رقم 140 لسنة 1961، وإذ كان هذا الأمر باطلاً لاستناده إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 في شأن حالة الطوارئ الذي لم يخول رئيس الجمهورية سلطة فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين، فضلاً عن أنه سبق وأن قضت المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 5 لسنة 1 ق عليا بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فيما نصت عليه من أيلولة ممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلى الدولة، كما قضت في الدعوى رقم 139 لسنة 5 ق دستورية عليا بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فيما نصت عليه من تعويض الخاضعين، وكان المطعون ضدهما الثاني والثالث بصفتيهما قد خصما من التعويض المستحق له مبلغ 7061.827 جنيه قيمة الضرائب المستحقة عليه رغم أن هذا المبلغ كان يجب خصمه مما زاد عن الحد الأقصى للتعويض، وحول المطعون ضدهما السادس والسابع ما لديهما من أرصدة خاصة به إلى المطعون ضده الثالث دون موافقته وعلى خلاف اللوائح وقد أضير من جراء ذلك، كما أن المطعون ضده الثالث قام ببيع العقارين محل الدعويين الخامسة والسادسة دون أن تكون له صفة في ذلك، ومن ثم فقد أقام الدعاوى سالفة البيان، وبعد أن قررت المحكمة ضم هذه الدعاوى، حكمت برفضها، طعن مورث الطاعنين في هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا بالطعن رقم 51 لسنة 7 ق، قضت المحكمة بانقطاع سير الخصومة لوفاة مورث الطاعنين، وبعد تعجيل السير فيها، ندبت خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، قضت بتاريخ 28/ 9/ 1996 بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض الدعوى الأولى رقم 124 لسنة 2 ق قيم وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن مورثهم أقام الدعوى رقم 1296 س 30 إدارية التي قيدت أمام محكمة القيم برقم 124 لسنة 2 ق قيم - طالباً فيها إلغاء أمر رئيس الجمهورية رقم 140 لسنة 1961 فيما تضمنه من فرض الحراسة عليه وما يترتب على ذلك من آثار أهمها تسليمه أمواله وممتلكاته، وإذ قضت محكمة القيم برفض هذه الدعوى فطعن مورثهم في هذا الحكم أمام محكمة القيم العليا وفصل في صحيفة طعنه الأموال والممتلكات الواجب ردها ومن بينها الأثاث والتحف والسجاجيد، وحصته في شركة روبير بولاد وشركاه، وحصته في شركة إسكندرية للتصدير والتوريد وطلبوا بمذكرتهم الختامية - التي قدموها أمام تلك المحكمة - إلزام المطعون ضدهم الثلاثة الأول برد الأثاث والتحف والسجاجيد المبينة بها عيناً أو التعويض عنها والتعويض عن حصة مورثهم في الشركتين سالفتى الذكر إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل هذه الطلبات ولم يشر إليها أو يرد عليها الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه وإن كان لا يعتبر طلباً جديداً مما لا يجوز إبداؤه أمام محكمة الاستئناف ما يعتبر داخلاً في الطلب الأصلي أو مندرجاً فيه، إلا أن مفاد نص المادة 193 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الطلب الذي تغفله المحكمة يظل باقياً على حاله، ومعلقاً أمامها ويكون السبيل إلى الفصل فيه هو الرجوع إلى ذات المحكمة لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، ولا يجوز الطعن بالنقض في الحكم بسبب إغفاله الفصل في طلب موضوعي، لأن الطعن لا يقبل إلا عن الطلبات التي فصل فيها. لما كان ذلك، ولئن كانت الطلبات التي أشار إليها الطاعنون بوجه النعي تعتبر مندرجة في طلبهم أمام محكمة أول درجة تسليم أموالهم كاملة التي فرضت عليها الحراسة بموجب الأمر الصادر من رئيس الجمهورية رقم 140 لسنة 1961 إلا أنه لا يجوز الطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه بسبب إغفاله هذه الطلبات، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب غير مقبول ويضحى بذلك على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه برفض الدعاوى أرقام 319، 320، 441، 442 س 2 ق قيم على ما اطمأن إليه من تقريري الخبيرين المنتدبين فيها من أن القيمة الحقيقية للعقار الكائن برقم 2 شارع كنيسة الأقباط ولنصف العقار الكائن برقم 93 شارع الساحل بالإسكندرية في سنة 1981 لم تتغير عن تلك التي قدرها المطعون ضدهم على النحو الثابت بقرار وزير المالية رقم 200 لسنة 1976، دون أن يعرض لما تمسكوا به في دفاعهم أمام محكمة الموضوع من اعتراض على النتيجة التي انتهى إليها تقريرا الخبرة وعدم اتفاقها مع القيمة الحقيقية لأرض ومباني وريع العقارين بحسب الموقع ووفقاً لقيمة العقارات المماثلة، هذا فضلاً عن أن الخبير قدر قيمة نصف العقار الكائن رقم 93 شارع ساحل الغلال طبقاً للقيمة الواردة بعقد البيع ومقدارها 22063.935 جنيه مضافاً إليها مبلغ 7156.580 جنيه رغم أن الثمن الوارد بالعقد يضاف إليه نسبة 50% طبقاً لأحكام القرار بالقانون رقم 141 لسنة 1981، ولما أورده البيان رقم 123 لسنة 1982 المقدم أمام محكمة القيم من الحاضر عن وزارة المالية، ومن ثم فإن الحكم يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن المطروحة عليها والأخذ بما تطمئن إليه منها، وأن لها في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير المنتدب في الدعوى لاقتناعها بصحة أسبابه، وهي غير ملزمة بالرد استقلالاً على الطعون التي توجه إليه لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم تغيير القيمة الحقيقية للعقار الكائن 2 شارع كنيسة الأقباط ونصف العقار الكائن 93 شارع الساحل بالإسكندرية في سنة 1981 عن تلك التي قدرها المطعون ضدهم على النحو الثابت بقرار وزير المالية رقم 200 لسنة 1976 على ما استخلصه مما اطمأن إليه من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أمام المحكمة العليا للقيم، وكان هذا الذي استند إليه الحكم سائغاً، مردوداً لأصله الثابت بالأوراق بما يكفي لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لأوجه دفاع الطاعنين التي تخالفه، فإن النعي عليه بهذا السبب لا يعدو - في حقيقته - أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويضحى بذلك على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قبل الدفع المبدى من المطعون ضده الثاني بصفته بسقوط حق مورثهم في المطالبة بمبلغ 70610.827 جنيهاً الذي قام جهاز تصفية الحراسات (المطعون ضده الثالث) بسداده لمصلحة الضرائب (المطعون ضدها الثانية) بالتقادم طبقاً لنص المادة 377 من القانون المدني مستنداً في ذلك إلى أن هذا السداد تم خلال عام 1967 وأن دعوى المطالبة به رفعت خلال عام 1978، هذا في حين أن القرار بقانون رقم 99 لسنة 1963 كان يعتبر مانعاً تشريعياً يتعذر معه على مورثهم مطالبة مصلحة الضرائب برد المبلغ سالف البيان باعتبار أن سداد جهة الحراسة له كان عملاً غير قابل للطعن فيه بالتطبيق للقانون سالف الذكر، مما يترتب عليه وقف التقادم، ولما كان المانع المشار إليه قد زال بقضاء المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 5 لسنة 5 ق بعدم دستورية القرار بقانون رقم 99 لسنة 1963 - الذي نُشر بتاريخ 30/ 7/ 1976 - وأقام مورثهم الدعوى رقم 318 لسنة 2 ق قيم سنة 1978 فإن حقه لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في الفقرة الأولى من المادة 382 من القانون المدني على أنه "لا يسري التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه......" مفاده - وعلى ما ورد بالأعمال التحضيرية للقانون المدني - أن المشرع نص بصفة عامة على وقف سريان التقادم كلما استحال على صاحب الحق - مادياً أو قانونياً - أن يطالب بحقه، كما أن من المقرر أنه يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية، وأن عدم تطبيقه هذا النص لا ينصرف إلى المستقبل فحسب، وإنما ينسحب - بحسب الأصل على الوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص. لما كان ذلك، وكان قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 99 لسنة 1963 الذي نص في مادته الأولى على أن "لا تُسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه" يعتبر مانعاً قانونياً، في حكم المادة 382 من القانون المدني يتعذر معه على مورث الطاعنين المطالبة برد قيمة مبلغ الضرائب المشار إليه بوجه النعي بالتأسيس على ما ارتكبه جهاز تصفية الحراسات من خطأ في قيامه بسداد هذا المبلغ، ومن ثم فإن سقوط هذا الحق بالتقادم يكون موقوفاً منذ العمل بالقرار بالقانون المشار إليه في 1/ 9/ 1963، فلا تجرى مواعيد سقوط الحق خلال فترة سريانه ولا تستأنف سيرها إلا بزوال هذا المانع، وإذ قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم 5 لسنة 5 ق دستورية بتاريخ 3/ 7/ 1976 بعدم دستورية المادة الأولى من القرار بقانون رقم 99 لسنة 1963، وهو ما يترتب عليه انفتاح باب المطالبة أو الطعن في قرارات وإجراءات الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة اعتباراً من اليوم التالي لتاريخ نشر الحكم السابق بالجريدة الرسمية في 29/ 7/ 1976. لما كان ما تقدم، وكان مورث الطاعنين قد أقام دعواه بالمطالبة برد المبلغ سالف الذكر سنة 1978 - أي بعد مضي سنتين فقط من زوال المانع القانوني - فإن حقه في المطالبة به لا يكون قد سقط بالتقادم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه في الدعوى رقم 318 لسنة 2 ق قيم على سند من سقوط الحق في المطالبة بالمبلغ موضوعها بالتقادم بالتطبيق لنص المادة 377 من القانون المدني، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.