أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثالث - السنة 19 - صـ 1086

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفة، والدكتور أحمد إبراهيم.

(222)
الطعن رقم 1907 لسنة 38 القضائية

( أ ) موانع العقاب. "إطاعة المرءوس لأمر رئيسه". موظفون عموميون. مستخدمون عموميون. مؤسسات عامة. شركات. تأميم. خدمة عسكرية.
أحكام المادة 63 عقوبات. لا يستفيد منها إلا الموظف والمستخدم العام. عدم سريان أحكامها على موظفي وعمال الشركات التابعة لمؤسسات القطن.
(ب، ج، د) خدمة عسكرية. قانون. "سريانه من حيث الأشخاص" "تفسيره". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ب) حظر المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية المعدل استبقاء أي عامل من المواطنين سنه ما بين الحادية والعشرين والثلاثين دون تقديم إحدى الشهادات المبينة في المادة 64 منه.
(ج) تقدير المهلة التي تمنح للعامل من غير خريجي الجامعات والأزهر والمعاهد العليا لتقديم الشهادة المنصوص عليها في المادة 64 من قانون الخدمة العسكرية. موضوعي.
(د) استخدام أي موطن فما بين الحادية والعشرين والثلاثين من العمر في أي عمل أو وظيفة. محظور.
(هـ) عقوبة. "تطبيقها". "العقوبة المبررة". نقض. "المصلحة في الطعن". خدمة عسكرية. ارتباط. طعن.
دخول العقوبة المقضي بها عن التهمتين المسندتين للمتهم في حدود العقوبة المقررة لإحداهما. عدم جدوى النعي على الحكم خطؤه في التهمة الأخرى.
(و، ز) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إثبات. "إثبات بوجه عام". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع. موانع العقاب. "حالة الضرورة". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
(و) عدم التزام المحكمة بالرد على الدفاع الموضوعي. مثال.
(ز) خطأ الحكم فيما لا يؤثر في عقيدته. لا يعيبه.
1 - الأحكام التي تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات خاصة بالموظف العام. ومن ثم لا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تفرض عليه طاعته، وإذ كان ذلك وكان الواضح من سياق نصوص القانون رقم 38 لسنة 1963 بتأميم منشآت تصدير القطن وكذلك محالج القطن الموجودة في الجمهورية العربية المتحدة وإخضاعها لإشراف المؤسسة المصرية العامة للقطن وما دل عليه قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1106 لسنة 1965 بشأن إعادة تنظيم الشركات التابعة للمؤسسات المصرية العامة للقطن وما تلاها من قرارات جمهورية، أن الشارع احتفظ لهذه الشركات بشكلها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها، مما مؤداه عدم اعتبار موظفي وعمال هذه الشركات من الموظفين والمستخدمين العامين في حكم المادة 63/ 1 من قانون العقوبات.
2 - مقتضى نص المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية المعدلة بالقانون رقم 149 لسنة 1960، أن استبقاء أي عامل يبلغ سنه ما بين الحادية والعشرين وبين الثلاثين دون أن يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 منه، محظور.
3 - لم يحدد القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية أمداً معيناً يقدم فيه العامل الشهادة المنصوص عليها في المادة 64 منه، ومن ثم فإن تقدير المهلة التي تمنح له مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع بغير معقب، ولا محل للتحدي بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1964 بمنح خريجي الجامعات والأزهر والمعاهد العليا مهلة لا تجاوز سنة لتقديم الشهادة المذكورة، لأن أحكامه لا تسري إلا على هؤلاء الخريجين.
4 - لم يفرق القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية بين من يشتغل بعمل دائم أو عمل موسمي، ذلك بأن المادة 58 منه قد حظرت استخدام أي مواطن فيما بين الحادية والعشرين والثلاثين من العمر ما لم يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 من ذات القانون، وهو حظر عام لا محل لتخصيصه بعمل دون آخر أو وظيفة دون أخرى.
5 - إذا كان البين من مدونات الحكم أنه قضى بإدانة المتهم عن التهمتين المسندتين له وهما استخدامه عاملاً يتراوح عمره بين الحادية والعشرين والثلاثين دون أن يكون حاصلاً على شهادة معاملة عسكرية واستبقاؤه هذا العامل في عمله رغم عدم حصوله على تلك الشهادة، وأوقع عليه عقوبة واحدة تطبيقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لارتباطهما وكانت هذه العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة موضوع التهمة الثانية وهي عقوبة مساوية لعقوبة الجريمة موضوع التهمة الأولى، فإن مصلحة المتهم في هذه الحالة تكون منتفية ويكون ما يثيره من جدل عن استخدام العامل في الشركة إدارته قبل أن يعمل مديراً لها لا جدوى منه، وبالتالي لا محل لبحث إن كان هو الذي ألحق العامل بالعمل في المحلج إبان إدارته له أم لا.
6 - إن قول المتهم أن حالة العمل في المحلج إدارته كانت تجعل من العسير الاستغناء عن العمال الذين لم يستوفوا مسوغات تعيينهم دفعة واحدة - لا تشكل حالة ضرورة تبيح له مخالفة القانون خصوصاً وأن العامل المعني بالمخالفة - كما يبين من المفردات المضمومة وعقد العمل الخاص به - لم يكن عاملاً فنياً يتعذر الاستغناء عن خدمته، وإنما كان خفيراً بالمحلج، وبالتالي فإن ما يثيره المتهم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه.
7 - إن ما يثيره المتهم من أن الحكم قد أخطأ إذ أورد أنه لم يتحرك لإجبار العامل على تقديم الشهادة المطلوبة لولا بلاغ التجنيد فإنه - بفرض صحته - لا يعيب الحكم طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في الفترة ما بين 15 سبتمبر سنة 1962 حتى 17 فبراير سنة 1965 ببندر دمنهور: (أولاً) استخدم عاملاً يتراوح عمره بين الحادية والعشرين والثلاثين (فؤاد حمزة السيد) دون أن يكون حاصلاً على شهادة المعاملة العسكرية (ثانياً) استبقى العامل المذكور في عمله رغم عدم حصوله على الشهادة سالفة الذكر. وطلبت عقابه بالمواد 58 و64 و66/ 1 - 3 من القانون رقم 505 لسنة 1955 والقوانين المعدلة له. ومحكمة دمنهور الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بتغريم المتهم 50 ج خمسين جنيهاً عن التهمتين. فاستأنف. ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحامي الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. وقضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة دمنهور الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت في الدعوى من جديد عملاً بالمواد 58 و64 و66/ 1 - 3 من القانون رقم 505 لسنة 1955 والقوانين المعدلة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المحامي الوكيل عن الطاعن للمرة الثانية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي استخدام عامل دون أن يكون حاصلاً على شهادة المعاملة العسكرية واستبقاء هذا العامل رغم عدم تقديمه لتلك الشهادة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن أورد في دفاعه أن العامل فؤاد حمزة السيد كان يعمل بالشركة قبل أن يعين مديراً لها ومجرد أن أخطره الموظف المختص بأن بعضاً من العمال ومن بينهم العامل المذكور لم يستوفوا مسوغات تعيينهم كاملة بما في ذلك شهادة المعاملة حتى أصدر منشوراً نبه فيه على العمال بضرورة استكمال مسوغات تعيينهم وإلا أوقف صرف مرتباتهم ولكن المحكمة لم تأخذ بهذا الدفاع وأطرحته بأسباب غير سائغة. كما أن ما قالته المحكمة في مدونات حكمها من أنه لولا بلاغ منطقة التجنيد لما تحرك الطاعن لإجبار العامل على تقديم شهادة المعاملة لا ينال من دفاع الطاعن لأن تقدم العامل لمنطقة التجنيد إنما تم بعد أن طلب إليه تقديم شهادة المعاملة ثم إن الطاعن منح العامل مهلة تقرب من الثمانية شهور بناء على تعليمات صدرت إليه من المركز الرئيسي للشركة في القاهرة وهو ملتزم بتنفيذ تعليماتها ومن ثم فإن مسئوليته الجنائية تكون ممتنعة خصوصاً وقد جرى العمل في المؤسسات والشركات على منح العمال مهلة لا تزيد على سنة أسوة بالمهلة التي منحها القانون رقم 14 سنة 1964 لخريجي الجامعات... عند تعيينهم في الوظائف الخالية. وطالما أن العامل المذكور قد عمل بالشركة قبل تعيين الطاعن مديراً لها فإنه لا يصح مساءلته عن التهمة الأولى مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أن منطقة تجنيد الإسكندرية أبلغت النيابة الإدارية في 17 فبراير سنة 1965 بأن فؤاد حمزة السيد المولود بتاريخ 14 من أكتوبر سنة 1936 قد تقدم إلى منطقة التجنيد وتبين من التحقيق أنه يعمل بالشركة العربية لمحلج الأقطان بدمنهور - التي يديرها المتهم (الطاعن) على الرغم من أنه لم يحصل على شهادة المعاملة. وإذ تولت النيابة الإدارية تحقيق الواقعة أسفر تحقيقها عن أن العامل المذكور التحق بالعمل بالشركة المشار إليه بعقد مؤرخ 15 سبتمبر سنة 1962 وفي أوائل عام 1964 اكتشف عبد السلام عبد الجليل موظف الشركة الذي أسندت إليه عملية مراجعة ملفات العاملين بها أن بعضاً منهم لم يستكمل مسوغات تعيينه فعرض الأمر على الطاعن بوصفه مديراً للشركة وقدم إليه مذكرة متضمنة أسماءهم ومن بينهم العامل المشار إليه. وبسؤال الطاعن قرر أن ذلك العامل قد عين ابتداء بعمل موسمي ثم تقرر تثبيته في عمله خلال سنة 1964 فطالبته الشركة هو وأقرانه باستكمال مسوغات التعيين مما حدا به إلى التقدم لمنطقة التجنيد للحصول على شهادة المعاملة وقد ردد موظف الشركة عبد السلام عبد الجليل عند سؤاله أمام محكمة أول درجة ما تقدم وأضاف أنه عندما تبين أن العامل سالف الذكر وبعضاً من زملائه لم يقدموا شهادات المعاملة وكان ذلك في يناير سنة 1964 عرض الأمر على الطاعن فأصدر في 6 فبراير سنة 1964 منشوراً بالتنبيه على هؤلاء العمال بضرورة إحضار تلك الشهادة وإلا أوقف صرف مرتباتهم وقد التزم الطاعن في ذلك بتعليمات المركز الرئيسي بالقاهرة واستدل على ذلك بخطاب قدمه موجه من الشركة العربية لحليج الأقطان إلى نيابة المؤسسات والشركات في 3 يوليه سنة 1965 في شأن هذه الواقعة مؤداه أنه من العسير الاستغناء عن العمال الذين لم يقدموا شهادات المعاملة دفعة واحدة خلال موسم العمل كما قدم حافظة مستندات ضمنها المنشور السالف الإشارة إليه وشهادة إدارية مقدمة من العامل فؤاد حمزة السيد تفيد إعفاءه مؤقتاً من التجنيد واستند لحكم في ثبوت الواقعة في حق الطاعن إلى بلاغ منطقة التجنيد وما ثبت من تحقيقات النيابة الإدارية. لما كان ذلك، وكان نص المادة 63/ 1 من قانون العقوبات لا يعين الطاعن في منعاه على الحكم من أنه لم يأخذ بدفاعه القائم على أنه كان ملتزماً فيما أتاه بتعليمات إدارة الشركة بالقاهرة التي ارتأت فيها لصالح العمل عدم فصل العمال الذين لم يقدموا شهادات المعاملة مما يترتب عليه امتناع مسئوليته الجنائية، ذلك بأن الأحكام التي تتضمنها تلك المادة خاصة بالموظف العام، ومن ثم لا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وإن كانت العلاقة بينه وبين من أصدر الأمر تفرض عليه طاعته. ولما كان الواضح من سياق نصوص القانون رقم 38 سنة 1963 بتأميم منشئات تصدير القطن وكذلك محالج القطن الموجودة بالجمهورية العربية المتحدة وإخضاعها لإشراف المؤسسة المصرية العامة للقطن وما دل عليه قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1106 لسنة 1965 بشأن إعادة تنظيم الشركات التابعة للمؤسسات المصرية العامة للقطن وما تلاها من قرارات جمهورية أن الشارع احتفظ لهذه الشركات بشكلها القانوني واستمرارها في مزاولة نشاطها مما مؤداه عدم اعتبار موظفي وعمال هذه الشركات من الموظفين والمستخدمين العاملين في حكم المادة 63/ 1 من قانون العقوبات وبالتالي فإن الحكم إذ لم يأخذ بدفاع الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مخطئاً في القانون. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد عرض إلى دفاع الطاعن المبني على أنه لم يكن مديراً للمحلج عندما التحق العامل فؤاد حمزة السيد بالعمل به حتى يكون مسئولاً وخاصة أنه ما أن علم بأن مسوغات التعيين غير مقدمة من بعض العمال حتى أصدر منشوراً كلفهم فيه باستيفاء مسوغات تعيينهم في خلال شهور ورد عليه بما أورده من أن الطاعن وإن كان قد طالب العامل المذكور هو وأقرانه من العمال بتقديم شهادات المعاملة بمجرد أن علم في فبراير سنة 1964 بخلو ملفاتهم منها إلا أن هذا العامل تراخي في تقديمها حتى شهر سبتمبر سنة 1964 ومع هذا السلوك من جانب العامل فإن الطاعن سمح له بالبقاء في العمل رغم عدم حصوله على الشهادة المطلوبة لمدة استطالت حوالي السبعة شهور مما لا يجدي الطاعن تمسكه بإصدار تعليمات في صورة منشور نبه فيه على العاملين باستكمال مسوغات التعيين بتقديم شهادات المعاملة وهذا السلوك من الطاعن يؤدي إلى تعطيل القوانين. وما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون، ذلك بأن المادة 58 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية المعدلة بالقانون رقم 149 لسنة 1960 تنص على أنه لا يجوز استخدام أي موطن من الإقليم الجنوبي بعد بلوغه التاسعة عشرة من عمره أو بقاؤه في وظيفته أو عمله أو منحه ترخيصاً في مزاولة أية مهنة حرة أو قيده في جدول المشتغلين بها ما لم يكن حاملاً بطاقة الخدمة العسكرية والوطنية. كما لا يجوز ذلك أيضاً بالنسبة إلى أي منهم فيما بين الحادية والعشرين والثلاثين من عمره ما لم يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 أو النموذج "وضع المواطن تحت الطلب لأجل معين". ومقتضى هذا النص أن استبقاء أي عامل يبلغ سنه ما بين الحادية والعشرين وبين الثلاثين دون أن يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 من القانون سالف البيان محظور ولم يحدد القانون أمداً معيناً يقدم فيه العامل هذه الشهادة ومن ثم فإن تقدير المهلة التي تمنح له مما يدخل في تقدير محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد ارتأى أن المدة التي استبقى فيها الطاعن العامل فؤاد حمزة السيد في خدمة المحلج بعد التنبيه عليه بتقديم شهادة المعاملة ودون تقديمه إياها إنما تجاوز المهلة المعقولة والتي كان الطاعن نفسه قد حددها في المنشور الذي أصدره في 6 فبراير سنة 1964، وكان الطاعن قد تقاعس عن متابعة تنفيذ المنشور الذي أصدره في هذا الشأن واستبقى العامل في العمل بعد انتهاء المهلة التي حددها دون أي مبرر مقبول، فإن الحكم إذ أطرح دفاع الطاعن الذي أثاره في هذا الخصوص للأسباب السائغة التي أوردها يكون سديداً ولا يعتد بالشهادة الإدارية المقدمة من العامل فؤاد حمزة السيد لأنها فضلاً عن أنها لا تحمل اعتماداً من الجهة الإدارية كما يبين من الاطلاع عليها فإنها لا تدخل في عداد الشهادات أو النماذج التي أوجب القانون تقديمها طبقاً لما جرى به نص المادة 64 من القانون رقم 505 لسنة 1955. ولا محل للتحدي بأحكام القانون رقم 14 لسنة 1964 لأن أحكامه لا تسرى إلا على خريجي الجامعات والأزهر والمعاهد العليا. هذا وأن قول الطاعن بأن حالة العمل في المحلج كانت تجعل من العسير الاستغناء عن العمال الذين لم يستوفوا مسوغات تعيينهم دفعة واحدة - لا تشكل حالة ضرورة تبيح للطاعن مخالفة القانون خصوصاً وأن العامل فؤاد حمزة السيد - كما يبين من المفردات المضمومة وعقد العمل الخاص به - لم يكن عاملاً فنياً يتعذر الاستغناء عن خدمته وإنما كان خفيراً بالمحلج، وبالتالي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بالرد عليه. أما ما يثيره الطاعن من أن الحكم قد أخطأ إذ أورد أن الطاعن لم يتحرك لإجبار العامل على تقديم الشهادة المطلوبة لولا بلاغ التجنيد فإنه - بفرض صحته - لا يعيب الحكم طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. ولما كان البادي من مدونات الحكم أن هذه الواقعة لم يكن لها أثر في تكوين عقيدة المحكمة أو في النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من أن العامل فؤاد حمزة السيد كان عاملاً موسمياً باليومية ولم يثبت إلا بتاريخ 22 يناير سنة 1964 ما دام أنه قام فعلاً بتثبيته دون أن يكون حاصلاً على شهادة الخدمة العسكرية أو يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 من القانون سالف الذكر واستبقاه في العمل رغم ذلك قرابة الثمانية شهور. وبالإضافة إلى ذلك فإن ما خلص إليه الحكم من أن القانون لم يفرق بين من يشتغل بعمل دائم أو عمل موسمي صحيح في القانون، ذلك بأن المادة 58 من ذلك القانون قد حظرت استخدام أي مواطن فيما بين الحادية والعشرين والثلاثين من العمر ما لم يقدم إحدى الشهادات المنصوص عليها في المادة 64 وهو حظر عام لا محل لتخصيصه بعمل دون آخر أو وظيفة دون أخرى. أما ما يثيره الطاعن من جدل حول إدانته في التهمة الأولى التي موضوعها استخدام عامل دون أن يكون حاصلاً على شهادة المعاملة مع أنه عين قبل اختيار الطاعن مديراً للمحلج، فإنه لما كان البين من مدونات الحكم أنه قضى بإدانة الطاعن عن التهمتين المسندتين له وأوقع عليه عقوبة واحدة تطبيقاً للمادة 32/ 2 من قانون العقوبات لارتباطهما وكانت هذه العقوبة تدخل في حدود العقوبة المقررة للجريمة موضوع التهمة الثانية وهي جريمة عقوبتها مساوية لعقوبة الجريمة موضوع التهمة الأولى فإن مصلحة الطاعن في هذه الحالة تكون منتفية ويكون ما يثيره من جدل في هذا الخصوص لا جدوى منه وبالتالي فلا محل لبحث إن كان الطاعن هو الذي ألحق العامل بالعمل في المحلج إبان إدارته له بصفته شريكاً متضامناً قبل تأميمه على ما يبين من عقد استخدامه المؤرخ 15 سبتمبر سنة 1962 أم لا. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.