أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 824

جلسة 10 من يونيه سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد بدر الدين المتناوي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ لطف الله يس جزر، ماجد قطب - نائبي رئيس المحكمة، أحمد عبد الكريم وسمير فايزي.

(162)
الطعن رقم 2303 لسنة 61 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن" "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
(1) أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها. شرطه. أن تكون عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "أسباب الإخلاء: احتجاز أكثر من مسكن في البلد الواحد". دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون". نقض.
(2) الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. المادتان 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بقانون 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(3) القضاء بعدم دستورية م 8/ 1 ق 49 لسنة 1977. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. مؤداه. صيرورة الاحتجاز غير محظور قانوناً. قضاء الحكم المطعون فيه بالإخلاء استناداً للنص المذكور. أثره. وجوب نقض الحكم. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها - كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن.
2 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة أن النص في المادة 175 من الدستور على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون والنص في المادة 178 منه على أن تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار، والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة..... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر..... يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع أو المراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاء كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها.
3 - لما كان ذلك وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1997 في القضية رقم 56 لسنة 18 ق - دستورية والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم "48" بتاريخ 27/ 11/ 1997 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما نصت عليه من عدم احتجاز الشخص أكثر من مسكن بدون مقتض في البلد الواحد، ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية مما مؤداه صيرورة الاحتجاز غير محظور قانوناً - وإذ قضى الحكم المطعون فيه في استئناف الطاعن - بتأييد حكم محكمة أول درجة بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1961 وإخلاء عين النزاع والتسليم لتوافر الاحتجاز في حق الطاعن استناداً إلى نص المادة سالفة البيان المقضي بعدم دستوريتها على - ما سلف بيانه - والتي لا يجوز تطبيقه متى لحق دعوى النزاع أمام محكمة النقض بما لازمه انتفاء السند القانوني لقضاء الحكم المطعون فيه بما يعيبه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن الدعوى رقم 1272 لسنة 1984 أمام محكمة الأقصر الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1996 وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم وقالت بياناً لذلك إنه بموجب العقد المذكور استأجر الطاعن من مورثها شقة النزاع وإذ أقام عمارتين حديثتي البناء وشغل شقة في كل منهما وتركها وتحرر عن ذلك المحضر الإداري رقم 1869 لسنة 1984 الأقصر مما يكون معه محتجزاً لأكثر من مسكن في البلد الواحد بدون مقتضٍ فأقامت الدعوى، كما أقامت المطعون ضدها الثانية ضد المطعون ضدهم الدعوى رقم 1350 لسنة 1985 أمام ذات المحكمة طالبة الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية عن شقة النزاع تأسيساً على إقامتها بها اعتباراً من 1/ 1/ 1984 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى الأولى وبعد أن أودع الخبير تقريره أحالتها للتحقيق وبعد سماع شاهدي الطرفين أمرت بضم الدعوى الثانية للأولى، وبتاريخ 19/ 3/ 1989 حكمت بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1961 والإخلاء والتسليم وبرفض دعوى المطعون ضدها الثانية استأنفت الأخيرة هذا الحكم بالاستئناف رقم 238 لسنة 8 ق، قنا، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم 244 لسنة 8 ق قنا، ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 24/ 2/ 1991 قضت في الاستئناف الأخير برفضه وبتأييد الحكم المستأنف، وقبل الفصل في موضوع الاستئناف الأول باستجواب الخصوم فيما ورد بأسباب الحكم وحددت لنظره جلسة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم الطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو في حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وهيئتها العامة - أن النص في المادة (175) من الدستور على أن تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون. والنص في المادة (178) منه على أن تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار، والنص في المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 على أن أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر... يدل - على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها - لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1997 في القضية رقم 56 لسنة 18 ق دستورية والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (48) بتاريخ 27/ 11/ 1997 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما نصت عليه من عدم احتجاز الشخص أكثر من مسكن بدون مقتضٍ في البلد الواحد، ومن ثم فقد أصبح هذا النص القانوني في تلك الخصوصية والمحكوم بعدم دستوريته لا يجوز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم بالجريدة الرسمية - مما مؤداه صيرورة الاحتجاز غير محظور قانوناً ولم يعد سبباً مبرراً لفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة وإذ قضى الحكم المطعون فيه - في استئناف الطاعن - بتأييد حكم محكمة أول درجة بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 8/ 1961 وإخلاء عين النزاع والتسليم لتوافر الاحتجاز في حق الطاعن استناداً إلى نص المادة سالفة البيان المقضي بعدم دستوريتها- على ما سلف بيانه - والتي لا يجوز تطبيقه متى لحق دعوى النزاع أمام محكمة النقض بما لازمه انتفاء السند القانوني لقضاء الحكم المطعون فيه بما يعيبه ويوجب نقضه لهذا السبب المتعلق بالنظام العام دون حاجة لبحث كافة أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما تقدم - يتعين القضاء في موضوع استئناف الطاعن بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.