أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1646

جلسة 19 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عادل بيومي نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين محمد حسن عقر، محمد عبد القادر سمير نائبي رئيس المحكمة، مصطفى جمال شفيق وعبد الحميد الحلفاوي.

(258)
الطعن رقم 30 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "تطليق". خبرة.
حق الزوجة في طلب التفريق للعيب في الرجل. م 9، 11 ق 25 لسنة 1920. شرطه. جواز الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عنه.
(2) استئناف "التسبيب".
إلغاء محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي وإقامة حكمها على ما يحمله. أثره. عدم التزامها بتتبع أسباب هذا الحكم والرد عليها.
(3) محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
قيام الحكم على أسباب تكفي لحمله. لمحكمة الموضوع الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة إلى الرد استقلالاً على الأدلة التي لم تأخذ بها.
1 - مؤدى نص المادة 9 و11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الاستئناف غير ملزمه إن هي ألغت الحكم الابتدائي بتتبع أسباب هذا الحكم والرد عليها ما دامت أقامت قضاءها على ما يحمله.
3 - لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة إلى الرد استقلالاً على الأدلة التي لم تأخذ بها ما دام حكمها يقوم على أسباب تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1316 لسنة 1982 كلي أحوال شخصية الجيزة ضد الطاعن بطلب الحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت بياناً لذلك أنه تزوجها بصحيح العقد الشرعي في 11/ 10/ 1982 وهي في عصمته وطاعته إلا إنه لم يستطع الدخول بها لعيب به وهو مرضه بالعنه والضعف الجنسي ومن ثم فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة الطب الشرعي لفحص الطرفين وبعد أن قدم الطبيب الشرعي تقريره حكمت المحكمة في 27/ 2/ 1989 برفض الدعوى، استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 523 لسنة 104 ق وبتاريخ 8/ 12/ 1989 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالوجهين الأول والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن القواعد الشرعية توجب قبل الحكم بالتطليق لعيب العنه إمهال الزوج سنة عساه أن يتمكن خلالها من الوصول إلى زوجته وهو ما ارتأته النيابة في مذكرتها أمام محكمة الموضوع وإذ لم يلتزم الحكم ذلك وقضى بالتطليق تأسيساً على توافر الضرر من إصابته بالعنة النفسية، وطبق نص المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929 مع أن هذه المادة تتطلب أن يتعمد الزوج الإضرار بزوجته وهو ما لا يتوافر في حال المرض بالعنة النفسية بالإضافة إلى إنه قضى بالتطليق لضرر متوقع الحدوث وليس متيقن بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نص المادتين 9 و11 من القانون رقم 25 لسنة 1920 بإحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية أن المشرع جعل للزوجة حق طلب التفريق من الرجل إن ثبت به عيب مستحكم لا يمكن البرء منه أصلاً، أو بعد زمن طويل بحيث لا يتسنى للزوجة الإقامة مع زوجها المعيب إلا بضرر شديد. وتوسع القانون في العيوب المبيحة للفرقة فلم يذكرها على سبيل الحصر فخول الاستعانة بأهل الخبرة لبيان مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناجم عن الإقامة مع وجوده، وتقدير ذلك مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع متى كان قضاءها يقوم على أسباب سائغة ولا يعيب الحكم إذا أصاب النتيجة ذكر مادة في القانون غير منطبقة. وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قضى بالتطليق بناءً على ما أورده بمدوناته من تقرير الطب الشرعي من "أن الحالة التي يعاني منها الطاعن وإن كانت لا تعتبر من أسباب العنة العضوية الدائمة إلا أنها تؤدي إلى درجة من القصور الجنسي تتمثل في سرعة القذف بالإضافة إلى أنه يعاني من حالة عنه نفسية وإن شفاء حالته أمر عسير المنال كما أن الاتصال الجنسي غير الكامل أو الاتصال المبتور بين الزوجين يسبب للزوجة توتراً عصبياً شديداً قد يتطور إلى حدوث تغيرات عصبية وجسمانية وقد يعرض صحتها للخطر وأن هذه الحالة تصيب المطعون ضدها بضرر إذا حصل اتصال جنسي بينها وبين الطاعن" واستخلص من ذلك وجود عيب بالطاعن لا يرجى زواله ولا تعيش معه المطعون ضدها إلا بضرر شديد ولا يشترط معه الإمهال قبل التفريق وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت في الأوراق ويؤدي إلى ما انتهى إليه ويكفي لحمل قضائه ولا عليه بعد ذلك أن ذكر المادة 6 من القانون رقم 25 لسنة 1929 الغير منطبقة ويكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني من السبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني وبالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها علمت بعيب الطاعن ورضيت به كالثابت من خطابها المؤرخ 20/ 3/ 1983 وقد بينه الحكم الابتدائي في أسبابه ومن ثم فلا يجوز التفريق وإذ قضى الحكم بالتطليق فإنه يكون مشوباً بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن محكمة الاستئناف غير ملزمه إن هي ألغت الحكم الابتدائي بتتبع أسباب هذا الحكم والرد عليها ما دامت أقامت قضاءها على ما يحمله وكان لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة وإطراح ما عداه دون حاجة إلى الرد استقلالاً على الأدلة التي لم تأخذ بها ما دام حكمها يقوم على أسباب تكفي لحمله. وكان الحكم المطعون فيه بعد أن طرح ما قدمه الطاعن من مستندات أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي وبتطليق المطعون ضدها على الطاعن على ما استخلصه من التقرير الطبي الشرعي من أن بالطاعن عيب مستحكم لا يرجى شفاؤه ولا تعيش معه المطعون ضدها إلا بضرر وبعد أن نفى علمها بهذا العيب قبل إتمام الزواج أو رضائها به صراحة أو ضمناً وهو من الحكم استخلاص موضوعي سائغ له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه فإنه لا على الحكم إن لم يتتبع أسباب الحكم الابتدائي والرد عليها أو الرد استقلالاً على الأدلة التي لم يأخذ بها ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.