أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1698

جلسة 26 من نوفمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عادل بيومي نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد عبد القادر سمير نائب رئيس المحكمة، فتحي محمد يوسف، عبد المنعم محمد الشهاوي وعبد الحميد الحلفاوي.

(267)
الطعن رقم 60 لسنة 59 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية "الدعوى". دعوى "نظر الدعوى".
وجوب نظر دعاوى الأحوال الشخصية في جلسات سرية على أن يصدر الحكم فيها علناً. انعقاد إحدى الجلسات في علانية لا يخل بمبدأ السرية طالما لم تجر فيها مرافعة.
(2) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: تغيير الطائفة والملة"
تغيير الطائفة أو الملة. يتصل بحرية العقيدة، إلا أنه عمل إداري من جانب الجهة الدينية. أثر ذلك. إبداء الرغبة في الانضمام إلى طائفة الإنجيليين. لا ينتج أثره إلا بموافقة المجلس الملي لهذه الطائفة.
(3) استئناف "نطاق الاستئناف".
قضاء المحكمة الاستئنافية ببطلان الحكم المستأنف لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بني عليها دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى. أثره. وجوب الفصل في الموضوع بحكم جديد تراعى فيه الإجراء الصحيح الواجب الاتباع.
(4) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بغير المسلمين: زواج".
حظر تعدد الزوجات. من القواعد الأصيلة في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها. مؤدى ذلك. اعتبار الزواج الثاني المعقود حال قيام الزوجية الأولى باطلاً ولو رضى به الزوجان. لهما ولكل ذي شأن حق الطعن فيه.
1 - إذ كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية يتعين نظرها في غير علانية على أن يصدر الحكم فيها علناً وذلك إعمالاً لنص المادتين 871 و878 من قانون المرافعات وكان البين من الأوراق أن محضر جلسة... وهي الجلسة الأولى التي نظرت فيها الدعوى أمام محكمة الاستئناف وإن تضمن ما يفيد عقدها في علانية إلا أنه لم تجر فيها مرافعة وكانت محاضر الجلسات التالية التي أجلت المحكمة نظر الاستئناف إليها ودارت فيها المرافعة بين الطرفين قد خلت من الإشارة إلى انعقادها في علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة مشورة فإن الحكم لا يكون قد أخل بالسرية المطلوب توافرها في نظر الدعوى.
2 - المقرر أن تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمراً يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة في الانضمام ولكن بعد الدخول في الطائفة والملة الجديدة وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إليها وأن المجلس الملي العام لطائفة الإنجيليين طبقاً للمادة 20 من الأمر العالي الصادر في 1/ 3/ 1902 هو صاحب الاختصاص الوحيد بالفصل في طلبات الانضمام إلى الطائفة بكافة شيعها وفرقها وكنائسها.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بني عليها دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى فإنه يتعين على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير البطلان والقضاء به بل يجب عليها أن تفصل في الموضوع بحكم جديد تراعي فيه الإجراء الصحيح الواجب الاتباع.
4 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مبدأ حظر تعدد الزوجات يعتبر من القواعد الأصلية في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها المتعلقة بصميم العقيدة الدينية والواجبة الاحترام والخليقة بالانصياع فيما بين المسيحيين بحيث يعتبر الزواج الثاني المعقود حال قيام الزوجية الأولى باطلاً ولو رضي به الزوجان ويكون لهما ذي شأن حق الطعن فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 490 لسنة 1983 كلي أحوال شخصية شبين الكوم ضد الطاعنين للحكم ببطلان عقد زواجهما الأول المؤرخ 20/ 5/ 1982 والتفريق بينهما وقالت بياناً لدعواها إنها تزوجت الطاعن الأول طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس ودخل بها ولا تزال على عصمته وفي طاعته وإذ تزوج عليها من الطاعنة الثانية بالعقد المشار إليه بما يبطله فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 27/ 6/ 1984 حكمت المحكمة ببطلان عقد الزواج. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا (مأمورية شبين الكوم) بالاستئناف رقم 42 لسنة 17 ق أحوال شخصية كما أقام الطاعن الأول الدعوى رقم 623 لسنة 1984 كلي أحوال شخصية شبين الكوم على المطعون ضدها للحكم بإثبات طلاقه منها وقال بياناً لدعواه إنه تزوج المطعون ضدها طبقاً لشريعة الأقباط الأرثوذكس التي ينتميان إليها ثم انضم هو لطائفة الأدفنتست المنبثقة عن المذهب الإنجيلي بينما ظلت هي قبطية أرثوذكسية فقد اختلفا بذلك طائفة وإذ دب الخلاف بينهما فقد طلقها بإرادته المنفردة وفق الشريعة الإسلامية وإذ نازعت في وقوع هذا الطلاق فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 11/ 1/ 1986، حكمت المحكمة بإثبات الطلاق. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا (مأمورية شبين الكوم) بالاستئناف رقم 15 لسنة 19 ق أحوال شخصية. ضمت المحكمة الاستئناف الثاني للأول وبتاريخ 9/ 1/ 1989 حكمت في الاستئناف رقم 42 لسنة 17 ق ببطلان الحكم المستأنف وبطلان عقد زواج الطاعن الأول من الطاعنة الثانية المؤرخ 20/ 5/ 1982 والتفريق بينهما. وفي الاستئناف رقم 15 لسنة 19 ق بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 15 لسنة 19 ق أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بأولهم على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولان إن الاستئناف نظر بجلسة 7/ 4/ 1989 في علانية بالمخالفة لحكم المادة 871 من قانون المرافعات التي توجب نظره في غرفة مشورة بما يعيب الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية يتعين نظرها في غير علانية على أن يصدر الحكم فيها علناً وذلك إعمالاً لنص المادتين 871 و878 من قانون المرافعات وكان البين من الأوراق أن محضر جلسة 7/ 4/ 1986 وهي الجلسة الأولى التي نظرت فيها الدعوى أمام محكمة الاستئناف وأن تضمن ما يفيد عقدها في علانية إلا أنه لم تجر فيها مرافعة كانت محاضر الجلسات التالية التي أجلت المحكمة نظر الاستئناف إليها ودارت فيها المرافعة بين الطرفين قد خلت من الإشارة إلى انعقادها في علانية مما مفاده أن الدعوى نظرت بها في غرفة مشورة فإن الحكم لا يكون قد أخل بالسرية المطلوب توافرها في نظر الدعوى ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كانت المطعون ضدها أردنية الجنسية وهي بذلك تعتبر أجنبية مما كان يتعين معه أن يقيم استئنافها الماثل بتقرير في قلم كتاب المحكمة طبقاً لنص المادة 877 من قانون المرافعات وإذ لم تلتزم هذا الطريق وإقامته بصحيفة فإنه يكون غير مقبول لرفعه بغير الطريق الذي رسمه القانون وإذ لم يلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بقبول الاستئناف فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع القانوني الذي يخالطه واقع ولم يسبق طرحه على محكمة الموضوع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعنين لم يتمسكا أمام محكمة الدرجة الثانية أن المطعون ضدها أجنبية بما يجعل النزاع المطروح يتعلق بمسألة من مسائل الأحوال الشخصية للأجانب وهو دفاع قانوني يخالطه واقع فإنه لا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت بالأوراق وفي بيان يقولان إن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد بالشهادة المقدمة من الطاعن الأول بانضمامه إلى طائفة الأدفنتست وهي إحدى طوائف البروتستانت والتي لها رئاستها الدينية المستقلة لعدم تقديمه ما يفيد قبول المجلس الملي الإنجيلي العام لانضمامه إليها وبالتالي فإن الانضمام يكون عديم الأثر ورتب على ذلك عدم جواز إيقاع الطلاق على المطعون ضدها بإدارته المنفردة فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر أن تغيير الطائفة أو الملة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أمراً يتصل بحرية العقيدة إلا أنه عمل إرادي من جانب الجهة الدينية المختصة، ومن ثم فهو لا يتم ولا ينتج أثره بمجرد الطلب وإبداء الرغبة في الانضمام ولكن بعد الدخول في الطائفة والملة الجديدة وإتمام طقوسها ومظاهرها الخارجية الرسمية وقبول طلب الانضمام إليها وأن المجلس الملي العام لطائفة الإنجيليين طبقاً للمادة 20 من الأمر العالي الصادر في 1/ 3/ 1902 هو صاحب الاختصاص الوحيد بالفصل في طلبات الانضمام إلى الطائفة بكافة شيعها وفرقها وكنائسها فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يعتد في إثبات تغيير الطاعن الأول لطائفته بالشهادة الصادرة من طائفة الأقباط الأدفنتست لعدم اعتمادها من المجلس الملي العام لهذه الطائفة ورتب على ذلك قضاءه برفض دعوى الطاعن الثاني طلاقه الثاني للمطعون ضدها بإدارته المنفردة إعمالاً لأحكام الشريعة الإسلامية فإنه لا يكون قد خالف القانون أو الثابت بالأوراق ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر في الاستئناف رقم 42 لسنة 17 ق أقيم عل سببين ينعى الطاعنان بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان سماع رأى النيابة في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية هو من الإجراءات الجوهرية التي يترتب على إغفالها البطلان وكانا قد تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف لعدم إبداء النيابة الرأي في الدعوى بما لازمه أن تقف محكمة الاستئناف وقد قضت ببطلانه عند حد تقرير البطلان فحسب أما وقد تصدت لموضوع الدعوى دون أن يكون مطروحاً عليها وقضت ببطلان عقد زواج الطاعن الأول من الطاعنة الثانية فإن حكمها يكون معيباً بالبطلان لقضائه بما لم يطلبه الخصوم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا استنفدت محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى ورأت محكمة الاستئناف أن الحكم المستأنف باطل لعيب شابه أو شاب الإجراءات التي بني عليها دون أن يمتد إلى صحيفة الدعوى فإنه يتعين على محكمة الاستئناف ألا تقف عند حد تقرير البطلان والقضاء به بل يجب عليها أن تفصل في الموضوع بحكم جديد تراعي فيه الإجراء الصحيح الواجب الاتباع. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن قضى ببطلان الحكم الابتدائي واجه النزاع بقضاء في موضوعه راعى فيه الإجراءات الصحيحة الواجبة الاتباع فإنه يكون قد التزم الصحيح في القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنه لما كان حق طلب بطلان أو صحة عقد الزواج قاصر على عاقديه دون ما سواهما وأن الجهة الدنية وحدها هي المنوط بها الفصل في تقرير صحة أو بطلان الإجراءات الكنسية المتعلقة بعقود الزواج بما لا ولاية معه لمحكمة الاستئناف في القضاء ببطلان عقد زواج الطاعن الأول بالطاعنة الثانية لعدم طرحه عليها من أيهما وليس للمطعون ضدها من حق سوى طلب تطليقها من الطاعن الأول لزواجه عليها بأخرى وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى ببطلان عقد زواج الطاعنة الثانية المطروح على المحكمة من المطعون ضدها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لما كان مبدأ حظر تعدد الزوجات يعتبر من القواعد الأصلية في المسيحية على اختلاف مللها وطوائفها المتعلقة بصحيح العقيدة الدينية والواجبة الاحترام والخليقة بالانصياع فيما بين المسيحيين بحيث يعتبر الزواج الثاني المعقود حال قيام الزوجية الأولى باطلاً ولو رضى به الزوجان ويكون لهما ولكل ذي شأن حق الطعن فيه. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن أطراف الدعوى ممن يدينون بالمسيحية وكانت المطعون ضدها هي الزوجة الأولى للطاعن الأول فإن من حقها رفع دعواها ببطلان عقد زواجه الثاني بالطاعنة الثانية وإذ قضى ببطلانه الحكم المطعون فيه فإنه لا يكون قد تنكب الجادة ولا أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.