أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1835

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري حسين، فتيحه قره ومحمد الجابري.

(288)
الطعن رقم 700 لسنة 56 القضائية

(1 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "عقد الإيجار" "التزامات المؤجر". إثبات "طرق الإثبات" "البينة". نظام عام. استئناف. حكم "تسبيب الحكم". نقض "أسباب الطعن" "السبب غير المنتج" "أثر نقض الحكم". قوة الأمر المقضي.
(1) عقد إيجار الأماكن. وجوب إفراغه كتابة. م 16 ق 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 24 ق 49 لسنة 1977. تعلق ذلك بالنظام العام. مخالفة المؤجر أو احتياله لستر التعاقد أو أحد شروطه. أثره. للمستأجر إثبات حقيقة التعاقد بكافة طرق الإثبات.
(2) الحكم الصادر بثبوت العلاقة الإيجارية بين المؤجر - الطاعن - والمستأجر - المطعون ضده - قيامه مقام العقد المكتوب في إثبات هذه العلاقة. قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن بالإخلاء لعدم وجود عقد إيجار مكتوب. خطأ في القانون.
(3) نقض الحكم. أثره. التزام محكمة الإحالة بألا تعيد النظر فيما لم تتناوله أسباب النقض المقبولة. مثال بصدد دعوى فرعية بتحديد القيمة الإيجارية.
(4) إغفال الرد على دفاع مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم. يعد قصوراً.
(5) الحكم الصادر بثبوت العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر. غير مانع من طلب الحكم بإلزام الأول بتحرير عقد إيجار. إغفال الحكم المطعون فيه الرد على دفاع الطاعن بعدم وجود محل لطلب إلزامه عقد إيجار طالما قضى بثبوت العلاقة الإيجارية. لا عيب.
1 - مفاد النص في المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المقابلة للمادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 - والنص في المادة 44 من ذات القانون على معاقبة من يخالف حكم المادة سالفة البيان، يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار كتابة من مسائل النظام العام وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو حالة الاحتيال على شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد وشروطه بجميع طرق الإثبات القانونية.
2 - إذ كانت مسألة ثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعن والمطعون ضده قد حسمها الحكم الصادر في الدعوى رقم (....) لسنة 1981 مدني دمياط الابتدائية وإذ لم ينازع المطعون ضده - المستأجر - في ذلك بل أقام دعوى فرعية بطلب إلزام الطاعن - المؤجر - بتحرير عقد إيجار له عن العين محل النزاع فإن الحكم الصادر في الدعوى سالفة الذكر يقوم مقام العقد المكتوب في إثبات العلاقة الإيجارية، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن لعدم وجود عقد إيجار مكتوب يكون مخالفاً للقانون.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - إن النقض لا يتناول من الحكم إلا ما تناولته أسباب النقض المقبولة أما ما عدا ذلك منه، فإنه يحوز قوة الأمر المقضي ويتعين على محكمة الإحالة ألا تعيد النظر فيه.
4 - إن إغفال ذكر وجه الدفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا كان دفاعاً جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم بمعنى أن المحكمة لو كانت قد بحثته لما انتهت إلى هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصوراً في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان طبقاً للفقرة الثانية من المادة 178 من قانون المرافعات.
5 - إذ كان الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية لا يغنى عن الحكم بإلزام المؤجر - الطاعن بتحرير عقد إيجار موضحاً به القيمة الإيجارية وباقي شروط العقد، فإن دفاع الطاعن بعدم وجود محل لطلب إلزامه بتحرير عقد إيجار طالما قضى بثبوت العلاقة الإيجارية غير جوهري ولا يعيب الحكم إغفاله الرد عليه ويكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطاعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 1682 لسنة 1982 مدني دمياط الابتدائية بطلب الحكم بفسخ العلاقة الإيجارية وإخلاء العين المبينة بالصحيفة والتسليم وقال بياناً لها إن المطعون ضده استأجر منه العين محل النزاع بقصد استعمالها ورشة نجارة بأجرة شهرية قدرها خمسة عشر جنيهاً، إلا انه تأخر عن سدادها في المدة من 1/ 7/ 1977 حتى 1/ 9/ 1982 وقدرها مبلغ 1020 جـ رغم تكليفه بالوفاء بها فأقام الدعوى. وجه المطعون ضده طلباً فرعياً بتحرير عقد إيجار له عن العين محل النزاع بإيجار شهري قدره خمسة جنيهات. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى الأصلية لعدم وجود عقد إيجار مكتوب، وفي الدعوى الفرعية بإجابة المطعون ضده لطلبه. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 291 لسنة 16 ق المنصورة "مأمورية دمياط". وبتاريخ 5/ 2/ 1986 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول، إن المشرع وإن استلزم من المؤجر عند مطالبة المستأجر بحقوقه أن تكون العلاقة الإيجارية ثابتة كتابه، إلا أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 127 لسنة 1981 مدني دمياط الابتدائية - بثبوت هذه العلاقة وصيرورته نهائياً - يجعل هذا الحكم يقوم مقام العقد المكتوب في إثبات العلاقة الإيجارية وتتحقق به الحكمة التي تغياها المشرع من وجوب استناد المؤجر إلى عقد إيجار مكتوب وإذ لم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا القضاء السابق واستلزم تقديم عقد إيجار مكتوب ورتب على ذلك قضاءه بعدم قبول الدعوى فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان النص في المادة 16 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المقابلة للمادة 24 من القانون 49 لسنة 1977 على أن "اعتباراً من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون تبرم عقود الإيجار كتابة.... ويجوز للمستأجر عند المخالفة إثبات واقعة التأجير وجميع شروط العقد بكافة طرق الإثبات" والنص في المادة 44 من ذات القانون على معاقبة من يخالف حكم المادة سالفة البيان، يدل على أن المشرع اعتبر الالتزام بإفراغ التعاقد على الإيجار كتابة من مسائل النظام العام وأجاز للمستأجر في حالة مخالفة المؤجر لهذا الالتزام أو حالة الاحتيال على شرط من شروطه في صورة مخالفة، إثبات حقيقة التعاقد وشروطه جميع طرق الإثبات القانونية. لما كان ذلك وكانت مسألة ثبوت العلاقة الإيجارية بين الطاعن والمطعون ضده قد حسمها الحكم الصادر في الدعوى رقم 127 لسنة 1981 مدني دمياط الابتدائية وإذ لم ينازع المطعون ضده - المستأجر - في ذلك بل أقام دعوى فرعية بطلب إلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار له عن العين محل النزاع فإن الحكم الصادر في الدعوى سالفة الذكر يقوم مقام العقد المكتوب في إثبات العلاقة الإيجارية، ومن ثم فإن قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول دعوى الطاعن لعدم وجود عقد إيجار مكتوب يكون مخالفاً للقانون، إلا أنه وقد أقام الطاعن دعواه بطلب الإخلاء لتأخر المستأجر المطعون ضده في سداد الأجرة بعد أن كلفه بالوفاء بها على أن قيمتها الشهرية خمسة عشر جنيهاً، وكان الحكم الصادر في الدعوى الفرعية قد قضى بتحديد أجرة المحل عين النزاع بمبلغ خمسة جنيهات شهرية - على خلاف القيمة الإيجارية الواردة بتكليف الوفاء -وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن النقض لا يتناول من الحكم إلا ما تناولته أسباب النقض المقبولة أما ما عدا ذلك منه، فإنه يحوز قوة الأمر المقضي ويتعين على محكمة الإحالة ألا تعيد النظر فيه، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى في الدعوى الفرعية بإلزام الطاعن بتحرير عقد إيجار للمطعون ضده بأجره شهرية قدرها خمسة جنيهات وكان الطعن بالنقض لم يتناول ما قضى الحكم بخصوص تحديد القيمة الإيجارية، ومن ثم يقتصر نطاق الطعن على ما أثاره الطاعن بأسباب الطعن، ويكون قضاء الحكم المطعون فيه في الدعوى الفرعية بتحديد القيمة الإيجارية قد أصبح نهائياً وباتاً وحائزاً لقوة الأمر المقضي، بحيث إذا نقض الحكم فلا يجوز لمحكمة الإحالة أن تعيد النظر في هذه المسألة فلا يكون للطاعن من نقض الحكم سوى مصلحة نظرية بحتة لا يعتد بها إذ لو صح واقتضى الأمر نقض الحكم المطعون فيه وطرحت دعوى الطاعن بها بالإخلاء فسيكون مآل الحكم فيها حتماً الرفض - لبطلان التكليف بالوفاء وهو مسألة متعلقة بالنظام العام لتضمنه المطالبة بأجرة غير قانونية - ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما ورد بهذا السبب غير منتج وغير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يرد على ما أثاره من دفاع مفاده أنه لا محل لطلب إلزامه بتحرير عقد إيجار طالما قد قضى بثبوت العلاقة الإيجارية مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن إغفال ذكر وجه الدفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه بطلان الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا إذا كان دفاعاً جوهرياً ومؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها الحكم بمعنى أن المحكمة لو كانت قد بحثته لما انتهت إلى هذه النتيجة إذ يعتبر عدم بحث مثل هذا الدفاع قصوراً في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان طبقاً للفقرة الثانية من المادة 178 من قانون المرافعات لما كان ذلك وكان الحكم بثبوت العلاقة الإيجارية لا يغني عن الحكم بإلزام المؤجر - الطاعن - بتحرير عقد إيجار موضحاً به القيمة الإيجارية وباقي شروط العقد، فإن دفاع الطاعن - بعدم وجود محل لطلب إلزامه بتحرير عقد إيجار طالما قضى بثبوت العلاقة الإيجارية - غير جوهري ولا يعيب الحكم إغفاله الرد عليه ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.