أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 1954

جلسة 23 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ زكي إبراهيم المصري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور رفعت عبد المجيد، عبد الرحيم صالح نائبي رئيس المحكمة، الدكتور/ حسن بسيوني وحسين السيد متولي.

(308)
الطعن رقم 547 لسنة 51 القضائية

(1، 2) تحكيم. نظام عام. قانون "القانون الأجنبي".
(1) التحكيم في الخارج. شروط صحته وفقاً للاتفاقية الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها المنعقدة في نيويورك سنة 1950.
(2) استبعاد أحكام القانون الأجنبي الواجب التطبيق. مناطه. مخالفتها للنظام العام في مصر. مخالفة ما أوجبته المادة 502/ 3 مرافعات من بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم أو في اتفاق مستقل. عدم تعلقه بالنظام العام. أثره. لا يعيب الحكم المطعون فيه إغفاله الرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن الالتجاء للتحكيم في الخارج يتطلب نفقات باهظة. علة ذلك.
1 - لما كان الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن قد نص على إلغاء الاختصاص القضائي الوارد بالسند والإحالة إلى ثلاثة محكمين في "جوتبرج" وكان المشرع المصري قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج بانضمامه إلى الاتفاقية الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها المنعقدة في نيويورك سنة 1950 والتي أصبحت بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 171 لسنة 1959 واجبة التطبيق في مصر اعتباراً من 8 يونيو 1959 - ولم تتضمن مواد الباب الثالث "الخاص بالتحكيم" الوارد بقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 تعديلاً أو إلغاءً لذلك التشريع الخاص - وإذ أوجبت المادتان 2، 5/ 2 من تلك الاتفاقية على محاكم الدول المنضمة إليها إحالة الموضوع محل الاتفاق على التحكيم وذلك ما لم يكن الاتفاق عليه باطلاً أو غير قابل للتنفيذ، أو كان موضوعه من المسائل التي لا تجوز تسويتها عن طريق التحكيم، أو تمس النظام العام، وكان المرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون السويدي باعتبار البلد التي اتفق على إجراء التحكيم فيها شريطة ألا يكون موضوع التحكيم مخالفاً للنظام العام أو مما لا يجوز تسويته عن طريق التحكيم في مصر طبقاً لما تقضي به المادتان 2، 5، 2 سالفتا الذكر والمادة 22 من القانون المدني، وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على القانون السويدي المشار إليه حتى يتبين للمحكمة مدى ما ادعته من بطلان شرط التحكيم.
2 - مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي مخالفته للنظام العام في مصر أو تعارضه مع الأسس الاجتماعية أو السياسة أو الاقتصادية، أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا للمجتمع بما لا يكفي معه أن يتعارض مع نص قانوني آخر، وكانت المادة 502/ 3 من قانون المرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم، أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام، فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعتبر شرط التحكيم صحيحاً منتجاً لأثاره فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يعيبه عدم إيراد سند القانون الصحيح إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما تقومه، كما لا يعيبه من بعد إغفاله الرد على ما تمسكت به الطاعنة من عدم تناسب نفقات الالتجاء إلى التحكيم بالخارج مع قيمة الحق المطالب به ذلك بأنه - على فرض صحته - ليس من الأسباب التي يقرها القانون لنقض شرط التحكيم ومن ثم يعد دفاعاً ظاهر الفساد لا يستأهل رداً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 3747 لسنة 77 تجاري الإسكندرية الابتدائية انتهت فيها إلى طلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي إليها مبلغ 965.650 مليمجـ، وقالت بياناً لها إن شركة النصر للاستيراد والتصدير شحنت على السفينة "ساميلاند" التابعة للشركة المطعون ضدها رسالة ورق "سلوفنت" ولدى الرسالة بميناء الإسكندرية تبين وجود عجز وتلف قدرت قيمته بالمبلغ المطالب به تسأل عنه الشركة المطعون ضدها، وإذ أحالت الشركة المستوردة كافة حقوقها قبل المسئول عن الضرر إلى الشركة الطاعنة فقد أقامت الدعوى بطلبها آنف البيان. وبتاريخ 30 يونيه سنة 1979 قضت محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لسبق الاتفاق على التحكيم. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 921 لسنة 35 قضائية، وفي 27 ديسمبر سنة 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب تنعى بها الشركة الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وبياناً لذلك تقول إنه لما كانت قواعد الاختصاص وجميع المسائل المتعلقة بالإجراءات يسري عليها قانون البلد الذي تقام فيه الدعوى أو تباشر فيه الإجراءات عملاً بنص المادة 22 من القانون المدني وكان الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الاتفاق على التحكيم هو في حقيقته دفع بعدم الاختصاص، فإن شرط التحكيم يخضع لما نصت عليه المادة 502/ 3 من قانون المرافعات التي توجب تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل حتى ولو اتفق على إجراء التحكيم في الخارج وإلا كان الشرط باطلاً عديم الأثر في سلب اختصاص القضاء المصري لتعلق ذلك بالنظام العام فضلاً عن أن المادة 28 من القانون المدني لا تجيز تطبيق أحكام القانون الأجنبي إذا كانت مخالفة للنظام العام أو الآداب، كما تختص المحاكم المصرية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة، ولا يجوز سلب اختصاصها وفقاً لأحكام قانون أجنبي، وإذا أيد الحكم المطعون فيه قضاء محكمة أول درجة بعد قبول الدعوى رغم خلو شرط التحكيم من تعيين أسماء المحكمين وتمسك الطاعنة بتعذر الالتجاء إلى التحكيم في الخارج لارتفاع نفقاته على نحو لا يتناسب وقيمة الدعوى وهو ما يجعل الاختصاص منعقداً للقضاء الوطني فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان الثابت أن شرط التحكيم المدرج في سند الشحن قد نص على إلغاء شرط الاختصاص القضائي الوارد بالسند والإحالة إلى ثلاثة محكمين في "جوتبرج" وكان المشرع المصري قد أقر الاتفاق على إجراء التحكيم في الخارج بانضمامه إلى الاتفاقية الخاصة بأحكام المحكمين الأجنبية وتنفيذها المنعقدة في نيويورك سنة 1950 والتي أصبحت بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 171 سنة 1959 واجبة التطبيق في مصر اعتباراً من 8 يونيو 1959 - ولم تتضمن مواد الباب الثالث "الخاص بالتحكيم" الوارد بقانون المرافعات المدنية والتجارية رقم 13 لسنة 1968 تعديلاً أو إلغاءً لذلك التشريع الخاص - وإذ أوجبت المادتان 2، 5/ 2 من تلك الاتفاقية على محاكم الدول المنضمة إليها، إحالة الموضوع محل الاتفاق على التحكيم، وذلك ما لم يكن الاتفاق عليه باطلاً أو غير قابل للتنفيذ، أو كان موضوعه من المسائل التي لا تجوز تسويتها عن طريق التحكيم، أو تمس النظام العام، وكان المرجع في شأن تقرير صحة شرط التحكيم وترتيبه لآثاره إلى قواعد القانون السويدي باعتبار البلد التي أتفق على إجراء التحكيم فيها شريطة ألا يكون موضوع التحكيم مخالفاً للنظام العام أو مما لا يجوز تسويته عن طريق التحكيم في مصر طبقاً لما تقضي به المادتان 2، 5/ 1 - أ، 2 سالفتا الذكر والمادة 22 من القانون المدني وكانت الطاعنة لم تقدم الدليل على القانون السويدي المشار إليه حتى يتبين للمحكمة مدى ما ادعته من بطلان شرط التحكيم، وكان مناط استبعاد أحكام القانون الأجنبي مخالفته للنظام العام في مصر أو تعارضه مع الأسس الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية في الدولة مما يتعلق بالمصلحة العليا بما لا يكفي معه أن يتعارض مع نص قانوني آخر، وكانت المادة 502/ 3 من قانون المرافعات بما اشترطته من وجوب بيان أسماء المحكمين في مشارطة التحكيم، أو في اتفاق مستقل لا تتعلق بالنظام العام، فإن مخالفتها لا تنهض مبرراً لاستبعاد تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعتبر شرط التحكيم صحيحاً منتجاً لأثاره فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ولا يعيبه عدم إيراد سنده القانوني الصحيح إذ لمحكمة النقض أن تستكمل أسبابه القانونية بما تقومه، كما لا يعيبه من بعد إغفاله الرد على ما تمسكت به الطاعنة من عدم تناسب نفقات الالتجاء إلى التحكيم بالخارج مع قيمة الحق المطالب به ذلك بأنه - على فرض صحته - ليس من الأسباب التي يقرها القانون لنقض شرط التحكيم ومن ثم يعد دفاعاً ظاهر الفساد. لا يستأهل رداً.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.