أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 42 - صـ 2017

جلسة 30 من ديسمبر سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ زكي إبراهيم المصري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور رفعت عبد المجيد، عبد الرحيم صالح نائبي رئيس المحكمة، علي محمد علي وحسين السيد متولي.

(318)
الطعن رقم 2136 لسنة 55 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في استنباط القرائن وتقديرها". تحصيل فهم الواقع وتفسير إقرارات الخصوم وتقدير القرائن التي لم يحدد القانون حجيتها. من سلطة محكمة الموضوع ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه من تلك القرائن متى كان استنباطها سائغاً.
(2) نقل "نقل بحري".
الإشارة في سند الشحن إلى إعفاء الناقل من المسئولية عن البضاعة المتفق على شحنها على سطح السفينة. غير كاف لإبراء ذمته. وجوب إثبات الناقل توافر شروط سبب إعفائه من المسئولية وأنه بذل العناية الواجبة عليه في المحافظة على البضاعة باعتباره المدين في تنفيذ الالتزام بالنقل.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير إقرارات الخصوم وتقدير ما إذا كان يمكن اعتبارها اعترافاً ببعض وقائع الدعوى أم لا وفي تقدير القرائن التي لم يحدد القانون حجيتها ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه من تلك القرائن متى كان استنباطها سائغاً.
2 - الناقل باعتباره المدين في تنفيذ الالتزام بالنقل يقع على عاتقه رص البضاعة بطريقة تجنبها خطر الهلاك أو التلف وتحافظ على السفينة وحمولتها، يكون عليه إثبات توافر شروط السبب الذي يعفيه من المسئولية، ولا يكفي في هذا الصدد مجرد الإشارة في سند الشحن إلى إعفاء الناقل من المسئولية عن البضاعة المتفق على شحنها على سطح السفينة بل يتعين عليه إثبات أن الضرر الذي يحدث لها يرجع إلى الشحن بهذه الطريقة وإنه بذل العناية الواجبة عليه في المحافظة على هذه البضاعة سواءً بإحكام ربطها وتستيفها ووضع الفواصل بينها أو بتغطيتها تغطية كافية تقيها السقوط في البحر من السطح كما تقيها البلل من مياهه حالة عوامل الجو العادية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 198 لسنة 1981 تجاري كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها بصفتها بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 15248.919 مليمجـ والفوائد القانونية، وقالت بياناً لذلك إنها استوردت رسالة أخشاب من يوغسلافيا شحنت على السفينة (يوتيرنا) التابعة للمطعون ضدها بموجب سندي شحن، وعند تفريغ السفينة في ميناء الإسكندرية تبين وجود عجز وتلف في البضاعة المشحونة بها تقدر قيمته بالمبلغ المطالب به - ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 7/ 11/ 1984 بإلزام المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعنة مبلغ 223.027 مليمجـ. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 981 لسنة 40 ق الإسكندرية، وبتاريخ 11/ 5/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق إذ خلص إلى أن قطع الخشب المطالب بالتعويض عن تلفها والبالغ عددها 17986 قطعة كانت مشحونة على سطح السفينة استناداً إلى أنها تقل عدداً عن تلك التي شحنت بهذه الطريقة على النحو الثابت بسندي الشحن، واعتبار ما تضمنه خطاب احتجاجها إقراراً منها بما سلف، وهو مجرد افتراض لم يقم عليه دليل لأن الثابت بالسندين أيضاً أن جزءاً آخر من الرسالة قد شحن بالعنابر.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتفسير إقرارات الخصوم وتقدير ما إذا كان يمكن اعتبارها اعترافاً ببعض وقائع أم لا، وفي تقدير القرائن التي لم يحدد القانون حجيتها ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه من تلك القرائن متى كان استنباطها سائغاً، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف في نطاق سلطتها الموضوعية قد استخلصت من موافقة الشاحن بسندي الشحن على شحن الأخشاب على ظهر السفينة ومن زيادة عدد قطع الخشب المثبتة بهما وجملتها 51690 قطعة عن تلك المطالب بالتعويض عن تلفها وعددها 17986 قطعة ومما تضمنه خطاب الاحتجاج المرسل من الطاعنة إلى المطعون ضدها من وجود بعض الربط مفككه على السطح وبشكل غير منتظم مع وجود مياه على سطح الباخرة وإصابة الأخشاب بالبلل، أن تلك القطع كانت بالفعل مشحونة على سطح السفينة، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه الصحيح من الأوراق، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي برفض طلبها التعويض عن تلف قطع الخشب المبينة بالسبب الأول على مجرد شرط ورد بسندي الشحن بإعفاء الناقل من المسئولية عن البضاعة المشحونة على سطح السفينة في حين لا يكفي ثبوت شحن هذه البضاعة أو جزء منها على السطح لإعفائه من المسئولية عما يلحقها من تلف بل يتعين عليه إثبات أن الضرر يرجع سببه إلى الشحن بهذه الطريقة وهو ما لم تقم الشركة المطعون ضدها بصفتها بإثباته.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الناقل باعتباره المدين في تنفيذ الالتزام بالنقل ويقع على عاتقه رص البضاعة بطريقة تجنبها خطر الهلاك أو التلف وتحافظ على السفينة وحمولتها، يكون عليه إثبات توافر شروط السبب الذي يعفيه من المسئولية، ولا يكفي في هذا الصدد مجرد الإشارة في سند الشحن إلى إعفاء الناقل من المسئولية عن البضاعة المتفق على شحنها على سطح السفينة بل يتعين عليه إثبات أن الضرر الذي يحدث لها يرجع إلى الشحن بهذه الطريقة وإنه بذل العناية الواجبة عليه في المحافظة على هذه البضاعة سواءً بأحكام ربطها وتستيفها ووضع الفواصل بينها أو بتغطيتها تغطية كافية تقيها السقوط في البحر من السطح كما تقيها البلل من مياهه حالة عوامل الجو العادية، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى إعفاء الشركة المطعون ضدها بصفتها من المسئولية عن التلف الحاصل لعدد 17986 قطعة خشب أصيبت بالبلل، من مجرد الاتفاق بسندي الشحن على إعفاء الناقل من المسئولية عن البضاعة المشحونة على سطح السفينة، ورغم تمسك الطاعنة أمام محكمة الموضوع بإهماله بعدم تغطيتها بمشمعات لتقيها من البلل بمياه البحر، ودون أن تثبت الشركة المطعون ضدها - الوكيلة عن الناقل - أن التلف الذي حدث لتلك الأخشاب يرجع سببه إلى الشحن على سطح السفينة وأنه بذل العناية الواجبة عليه في المحافظة على هذه البضاعة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.