أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 17 - صـ 163

جلسة 19 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

(22)
الطعن رقم 33 لسنة 31 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب) وقف. "الاستحقاق في الوقف".
جعل ريع الوقف جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئونه - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدهم به. عدم انطباق أحكام المادة 36 من القانون 48 لسنة 1946 على هذا الوقف.
زيادة الغلة عن الوظائف والمرتبات المشروطة. حكمها. أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة. إعطاء كل مستحق ما سمي له وقسمة ما بقي بينهم على عدد الرءوس.
1 - إذا كانت الواقعة قد جعلت ريع وقفها جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئون الوقف - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدتهم به، منها ما هو أجر ومنها ما هو صدقة ومنها ما هو صلة، فإن الوقف بهذه الصورة لا تطبق في شأنه أحكام المادة 36 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 فيما نصت عليه من أنه "لا تزيد المرتبات عما شرطه الواقف" إذ هي لا تطبق إلا "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها" بأن جعلها للموقوف عليهم وشرط أن يصرف منها خيرات ومرتبات لغيرهم، بل تحكمه أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة.
2 - فقه الحنفية على أنه لو جعل الواقف وقفه على جماعة سماهم وسمي لكل إنسان منهم شيئاً معلوماً فزادت الغلة، أعطي كل منهم ما سمي له وكان ما بقي بينهم على عدد الرءوس ولا يصرف هذا الباقي إلى الفقراء كما لا يقسم بينهم بنسبة ما سمي لكل منهم لأنه جمعهم في الغلة وجعلها لهم جميعاً في أول كلامه ثم فصل ما لكل واحد منهم وسكت عن الباقي، وبجعل ريعه لهم وحصره فيهم لا يصرف شيء منه للمساكين ماداموا موجودين، وبسكوته عن بيان نصيب كل منهم في الزيادة، تقسم بينهم بالسوية لعدم شرط التفضيل فيها - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد استيفاء أصحاب المرتبات مرتباتهم المقررة وأن أصحاب هذه المرتبات ليس لهم سوى استحقاقاتهم ولا يزاد لهم شيء ورتب على ذلك الحكم بعدم تعرضهم لوزارة الأوقاف فيما زاد عن مرتباتهم المقررة، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الأوقاف أقامت الدعوى رقم 412 سنة 1958 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد محمد فهمي أبو بكر وآخرين طلبت فيها الحكم بمنع تعرضهم لها في وقف المرحومة خديجة غلبون فيما زاد عن مرتباتهم، وقالت شرحاً لدعواها إنه بموجب الإشهاد الصادر من محكمة منفلوط الشرعية بتاريخ 21/ 3/ 1885 وقفت المرحومة خديجة أحمد أبو بكر غلبون ما هو 314 فداناً و10 قراريط و8 أسهم مبينة الحدود والمعالم في الإشهاد وأنها أنشأت وقفها هذا على نفسها أيام حياتها ومن بعدها على جهات بر لا تنقطع وعينت هذه الجهات مرتبات للموظفين بمسجد والدها ومرتبات لأشخاص آخرين ومن بعدهم لذريتهم على أن من مات منهم عقيماً أو انقطعت ذريته وانقرضت يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الحاجة إليه، وقد توفيت الواقفة مصرة على وقفها وآل النظر عليه للوزارة بمقتضى القانون رقم 347 لسنة 1952 ووضعت يدها على أعيانه لتديره وتصرف ريعه طبقاً لما فهمته من شروط الواقفة، وإذ نازعها أصحاب المرتبات زاعمين أن ليس للمسجد والخيرات سوى المرتبات المشروطة لهم في إشهادات الوقف والتغيير، وهو زعم باطل يخالف شرط الواقفة التي جعلت فائض ريع الوقف يصرف في شئون المسجد ويخالف ما نص عليه في قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 من أنه ليس لأصحاب المرتبات سوى المرتبات المشروطة لهم وإن زاد ريعه، فقد انتهت إلى طلب الحكم بمنع تعرضهم لها فيما زاد عن مرتباتهم المقررة في إشهاد الوقف، ودفع المدعى عليهم بعدم سماع الدعوى وطلبوا رفضها لمخالفتها شرط الواقفة وقانون الوقف، إذ أن غلة الوقف كانت معلومة وقت صدوره وقدرت في إشهاد التغيير المؤرخ 31/ 8/ 1895 بمبلغ 34284 ج و20 م فإن زادت الغلة اختصت الخيرات بما شرط لها منسوباً إلى غلة الوقف المعلومة بدون زيادة وليس للوزارة إلا ما شرط لموظفي المسجد ولا شأن لها بما وراء ذلك، وإذ لا فرق بين مرتب ومرتب، وأثناء نظرها أقام بعض المدعى عليهم الدعوى رقم 618 سنة 1959 والدعوى رقم 22 سنة 1960 القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الوزارة طالبين الحكم باستحقاق كل منهم لنصيبه في الزيادة مستندين إلى إشهاد الوقف وإشهادات التغيير المؤرخة 21/ 3/ 1885 و23/ 5/ 1886 و14/ 3/ 1891 و31/ 8/ 1895 وجرى النزاع في دعوى الوزارة حول شرط الإنشاء بالنسبة لأصحاب المرتبات حيث ذهبت الوزارة إلى عدم زيادة مرتباتهم عند زيادة الغلة وذهب المدعى عليهم إلى زيادة هذه المرتبات، ولم يختلف الطرفان في أن غلة الوقف كانت معلومة ومحددة وقت صدوره. وبتاريخ 27/ 2/ 1960 حكمت المحكمة (أولاً) في الدفع بعدم السماع لعدم انطباق الدعوى على شرط الواقفة برفضه وبسماعها (ثانياً) وفي الموضوع بمنع تعرض المدعى عليهم لوزارة الأوقاف في ريع الوقف سوى مرتباتهم المقررة لهم بإشهادات الوقف وألزمتهم بالمصروفات. واستأنف محمد فهمي ومن معه هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم سماع دعوى الوزارة والحكم باستحقاقهم طبقاً لما ورد في الدعوى المستأنف حكمها مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد استئنافهم برقم 69 سنة 77 قضائية، وكذلك استأنفه علي حسن رسمي ومن معه وقيد استئنافهم برقم 68 سنة 77 قضائية كما استأنفته فاطمة محمد الزهري ومن معها وقيد استئنافهم برقم 70 سنة 77 قضائية واستأنفه علم الدين عبد الخير ومن معه وقيد استئنافهم برقم 71 سنة 77 قضائية، وقررت المحكمة ضم هذه الاستئنافات. وبتاريخ 20 إبريل سنة 1961 حكمت حضورياً بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الذي ضمنته مذكرتيها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في سببي الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى بمنع تعرضهما وباقي المستحقين للوزارة فيما زاد عن مرتباتهم المقررة بحجة أن الواقفة أفصحت في إشهادات الوقف والتغيير عن غرضها في أن تكون الزيادة في ريع الوقف للمسجد والخيرات وذلك بقولها في إشهاد الوقف "إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الاحتياج" وفي إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 أنها "جعلت للمشرف على الوقف تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف المذكور وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية" والمصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه، وأنها جعلت وقفها ابتداء على المسجد، وأن صاحب المرتب لا يزاد له شيء عما رتبه له الواقف - وهذا الذي استند إليه الحكم وأقام قضاءه عليه خطأ ومخالفة للقانون من وجهين (أولهما) مخالفة أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ومقتضاها أنه لو وقف على مستحقين من أي نوع وبين لكل منهم مرتباً معلوماً وكانت مصارف الريع كلها من ذوي المرتبات ثم جعلت الغلة أكثر من المرتبات التي بينها كانت الغلة كلها للموقوف عليهم وتقسم بينهم بنسبة ما سمى الواقف لكل منهم ولا يعتبر شيء منها خارجاً عنهم، وإنشاء الواقفة صريح في أنها أنشأت وقفها على نفسها أيام حياتها ثم من بعدها "يكون على جهات بر لا تنقطع يصرف ريعه وأجوره وغلاته حسب البيان الآتي" وهو قاطع في أن أرباب المرتبات جميعاً وهم المسجد وأصحاب المرتبات الأهلية موقوف عليهم غلة الوقف جميعها - إذ باحتساب المرتبات المقدرة للمسجد وذوي القرابة ينتج أن مجموعها هو مجموع غلة الوقف، وأنهم والمسجد على قدم المساواة في الاستحقاق فإذا ما ارتفعت الغلة عن وقت الوقف فهي حق للموقوف عليهم لا يخرج شيء منها عنهم لأنهم جميعاً موقوف عليهم كل الريع وقد جمعت الواقفة بينهم في صدر الإنشاء، وليس لأحد أن يتحلل من هذا الحكم بحجة تلمس أغراض للواقفة لا يسلم بها أحد وتعتبر اجتهاداً في مقابلة النص وهو اجتهاد مردود لا يمكن أن يكون غرضاً لأي واقف إذ من غير المفهوم أن يكون من غرض الواقفة أن تعطي المسجد ريعاً يزيد على ستة آلاف جنيه في السنة وهو لا يعدو أن يكون زاوية من زوايا القرى وحالته واضحة من صنيع الواقفة وقد شرطت له مبلغاً لا يتجاوز خمس ريع الوقف عند صدوره، أو بحجة أن للواقفة شرطاً خاصاً في نصيب من يموت عقيماً من أصحاب المرتبات وأيلولته إلى أصل الوقف يحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد مع أنها نصت في إشهاد التغيير الصادر في 23 مايو سنة 1886 على أن ما يفضل من الريع يرجع للوقف، والاستدلال بما ورد في هذه الحجة وزعم الحكم أن المصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه خاصة وأنها جعلت الوقف ابتداء على المسجد، لا يوافقه عليه أحد لأن المصلحة الشرعية وإن قضت بالإبقاء على المسجد فهي قاضية كذلك بالإبقاء على قوام معيشة الموقوف عليهم من ذوي قرابتها وقد خصتهم بالنظر على الوقف وجعلته فيهم وفي ذريتهم، والقول بأن الواقفة قدمت المسجد على غيره بأن جعلت الوقف عليه ابتداء مردود بأنها جعلت الوقف ابتداء على نفسها ومن بعدها على المستحقين الذين عينتهم وسوت بينهم جميعاً ولم تفضل أية جهة على الأخرى وذكر المسجد أولاً لا يدل على أفضليته عمن عداه. (وثانيهما) أنه استند في قضائه إلى أحكام خاصة بأرباب المرتبات الذين شرطت لهم مرتباتهم نظير عمل يؤدونه لجهة الوقف وهي لا علاقة لها بمرتبات أريد بها البر والصلة والأمر مختلف بين مرتبات أرباب الأعمال والمرتبات التي أريد بها الصلة فمرتبات أصحاب الأعمال لا تزيد ضرورة أن أجرهم في مقابل أعمالهم أما مرتبات الصلة فموقوف عليها أصل الغلة وزيادتها والنصوص صريحة في أن الزيادة تعود عليهم، هذا ومع ما قرره الحكم من أن المواد 36 و37 و38 من قانون الوقف لا تنطبق على واقعة الدعوى ضرورة أن الموقوف عليهم جميعاً من أرباب المرتبات وأحكام هذه المواد خاصة بأوقاف اشترط فيها سهام لبعض المستحقين ومرتبات للبعض الآخر إلا أنه عاد فقرر أنها تدل على أن المرتبات لا تزاد وهو خطأ في فهم القانون، وقول الحكم إن الواقفة لم تسكت عن بيان من يؤول إليه متجمد الغلة خطأ ومخالفة للثابت في كتاب الوقف من أنها سكتت عن بيان مصيره واكتفت بالنص على أن يحفظ في خزانة الوقف تحت يد المشرف، أما إلى من يؤول هذا الفاضل فمسكوت عنه والمقرر فقهاً وما اضطرد عليه القضاء أن المسكوت عنه يرجع إلى أصل الغلة ويعتبر زيادة فيها ويصرف مصرفها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه بالرجوع إلى إشهاد الوقف المؤرخ 21/ 3/ 1885 يبين أن الواقفة أنشأت وقفها "على نفسها أيام حياتها" ثم من بعدها "يكون على جهات بر لا تنقطع يصرف ريعه وأجوره وغلاته حسب البيان الآتي.. فيصرف منه على خدم مسجد والدها الكائن بمنفلوط من إمام ومؤذنين وبوابين وغيرهم". فيصرف (للإمام بالمسجد في كل سنة خمسمائة قرش على أن يتولى القيام بوظيفة الإمامة والخطبة، ولأربعة أنفار مؤذنين منهم واحد رئيس عليهم في السنة أربعمائة وخمسون قرشاً لكل واحد منهم مائة قرش وتزاد للرئيس خمسون قرشاً على أن يتولى كل منهم وظيفة التأذين) ويصرف منه "في كل سنة مائة وثلاثون قرشاً لرجل قوي أمين يكون بواباً للمسجد والجبانة؛ ومائتا قرش تحفظ بخزينة الوقف إلى أن تتجمد ويشترى بها حصر وسجاد لفرشه داخل المسجد وخارجه عند الاحتياج، وثمانون قرشاً لرجل سقا على أن يتولى القيام بملء السبيل الموجود بالمسجد". ويصرف منه "لمن يتولى إدارة الساقية في كل سنة خمسمائة قرش، ومائتان وخمسون قرشاً لرجل قوي أمين على أن يقوم بوظيفة كنس المسجد وتنظيفه، وستمائة وخمسون قرشاً يشتري بها زيت لوقود المسجد والجبانة، وستمائة قرش سوية لاثنين من أهل العلم يدرسان العلم الشريف بالمسجد من فقه وتوحيد وحديث، ومائة قرش لفقيه يجلس عنده أولاد المسلمين ليعلمهم القرآن وكيفية الكتابة والصلاة، وتسعمائة قرش لثمانية أشخاص من الفقهاء على أن يقرأ كل واحد منهم كل يوم جزء من القرآن الشريف بجبانة والدها وأربعمائة قرش لاثنين من أهل العلم على أن يقرأ كل يوم بمنزل الواقفة حصة من متن حديث البخاري، وستمائة قرش لثلاثة من الفقهاء على أن يقرءوا القرآن العظيم في ليالي شهر رمضان بمنزل الواقفة، ومائتا قرش لفقيه يقرأ عدية يس كل يوم بمنزل الواقفة، ومائة قرش لامرأة فقيهة على أن تتلو القرآن الشريف في شهر رمضان بمنزل الواقفة" ويصرف منه "في كل سنة في شهر رمضان تسعمائة قرش على أن يشتري منها بمائة قرش غاز لوقود منزل الواقفة وبمائتي قرش بن قهوة يشرب بمنزلها للعتقاء والمترددين، وبثلاثمائة قرش لحمة للفقراء والمترددين وبمائة قرش سمن وبمائتي قرش قمح، وفي كل شهر مائتي قرش على أن يشترى بها قمح وسمن ويصنع كعكاً ويطعم بها الفقراء وأهل المنزل والفقراء يوم عيد الفطر، وفي كل سنة ثلاثمائة قرش على أن يشترى بها قمح ولحمة وسمن ويطعم ذلك لأهل منزلها والفقهاء والفقراء يوم عيد الأضحى، وستمائة قرش على أن يشترى بها لحوم وقمح وسمن وتصنع طعاماً وتطعم على التساوي لأهل منزلها والفقهاء والفقراء يوم مولد النبي وليلة المعراج والنصف من شهر شعبان ويوم عاشوراء، وفي شهر محرم أول كل سنة مائتا قرش على أن يشترى بها قماش مصبوغ يعطى للنسوة الأرامل المساكين، وفي كل سنة مائة قرش لرجل يتولى السقاية بمنزل الواقفة، وخمسمائة قرش لرجل يتولى القيام بوظيفة كونه بواباً بمنزل الواقفة" ويصرف منه "في كل سنة ألف وثمانمائة قرش لرجل أمين يتولى القيام بكتابة أجور الوقف وغلاته، وأربعة عشر ألف قرش لكل من يتولى نظارة الوقف..." ويصرف منه "في كل سنة ألفان وأربعمائة قرش للشيخ مصطفى محمد الشماع وثلاثة آلاف قرش لحسن أفندي رسمي الجركس معتوق الواقفة، وثلاثة آلاف قرش لأبي بكر منصور وألف وثمانمائة قرش لعبد الخير الأسود، وألفان وأربعمائة قرش لسعيد الأسود بن عبد الله وعبد الله الأسود بن عبد الله لكل منهم ألف ومائتي قرش وستة آلاف وثلاثمائة قرش لعائشة ومعززة وسعيدة السودا وفضل الكريم السودا وأم الخير السودا وقدم الخير السودا وفضل واسع السودا وسليمة السودا لكل واحدة منهن تسعمائة قرش" ويصرف ما ذكر لكل من الشيخ مصطفى وما ذكر معه مدة حياتهم ومن بعد موت كل منهم يصرف استحقاقه لذريته وذرية ذريته وذرية ذرية ذريته نسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل للذكر سهمان وللأنثى سهم واحد ثم إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت انقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد" وشرطت في وقفها شروطاً منها أنها جعلت لنفسها الإدخال والإخراج والإعطاء والحرمان والزيادة والنقصان وجعلت النظر لنفسها ومن بعدها للشيخ محمد خليل غلبون، وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 يبين أنها جعلت النظر من بعدها لبنت أخيها الست هانم ومن بعدها للأرشد فالأرشد من بنات أخيها الباقيات وهن الست نفيسه والست آمنه والست زبيده، وجعلت على وقفها مشرفاً هو العلامة محمد محمد حسن لطفي ومشيراً هو الحاج مصطفى بن محمد علي الشماع، وجعلت للمشرف "تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف المذكور وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية. ونصت على أن "يصرف من ريع الوقف المذكور في كل سنة ستمائة قرش لرجل قوي أمين على أن يتولى القيام بخدمة الواردين والمترددين والفقهاء بمنزل الواقفة ويساعده في ذلك عبد الخير الأسود، وشرطت على سعيد الأسود أن يقوم بخدمة مواشي الوقف من جمال وأبقار وحمير وغير ذلك في مقابلة ما هو مرتب له، ولوفاة فضل الكريم السوداء جعلت نصيبها المرتب لها سنوياً البالغ قدره ستمائة قرش لزعفران السوداء، وشرطت على النسوة أرباب المرتبات أن يقمن بخدمة ما شرطته الواقفة ويعملن في أيام المواسم من شهر رمضان وأيام الأعياد وغيرها المنصوص عليها في كتاب الوقف" وجعلت "لمن يتولى النظر بعدها ستة آلاف قرش وللمشرف عشرة آلاف قرش" وجعلت "لكل من حسن أفندي رسمي الجركس وأبي بكر بن منصور ستمائة قرش سنوياً زيادة على مرتبه" "وشرطت أن جميع ما يبقى من إيراد الوقف بعد صرف اللازم صرفه على جهات الوقف وأصحاب الوظائف والمرتبات يحفظ في خزانة الوقف تحت يد المشرف" وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 14 مارس سنة 1891 يبين أنها أخرجت من وقفها "الشيخ محمد محمد حسن لطفي هو وذريته وذرية عتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى بن محمد ابن علي الشماع" وبما لها من شرط النقصان "نقصت الثلث مما شرط صرفه لعتيقها عبد الخير الأسود وجعلته مستحقاً من بعدها لثلثي نصيبه مدة حياته ثم من بعده يكون نصيبه لأولاده وذريته" وبما لها من شرط الإدخال "أدخلت في وقفها بنتي أخيها المرحوم الشيخ محمد وهما الست أمينه والست زبيده وجعلتهما مستحقين من بعدها سوية بينهما لمبلغ قدره أربعة آلاف قرش يصرف في كل سنة لهما من ريع وقفها المذكور لكل واحدة منهما في كل سنة ألفي قرش مدة حياتهما ثم من بعدهما لأولادهما ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم ثم لأولاد أولادهما" وما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد حسن لطفي وعتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى المذكورين والثلث الذي نقصته المذكور أعلاه "يصرف في إقامة شعائر مسجد والدها". وبالرجوع إلى إشهاد التغيير المؤرخ 31 أغسطس سنة 1895 يبين أنها أخرجت من وقفها ذرية المرحومة الست هانم وعينت كلاً من الست آمنة والست زبيدة ناظرتين على وقفها "وجعلت لهما في نظير النظر المذكور مبلغاً قدره ثلاثة آلاف قرش من أصل مبلغ الستين جنيهاً التي كانت مجعولة للست هانم والباقي وهو مبلغ ثلاثون جنيهاً مصرياً يضاف على أصل الوقف" وجرى ذلك "بعد أن جرى تقدير ريع الأطيان المذكورة بمعرفة عمدة منفلوط ومحمد منصور والشيخ أحمد عوض أهل الخبرة في ذلك بمبلغ 34284 ج و20 م كما علم ذلك من إفادة مركز منفلوط نمرة 845 بمعنى أن ريع الفدان الخراجي 120 قرشاً والعشورى 100 مائة قرش". وظاهر هذا الإنشاء والتغييرات التي أدخلت عليه يدل على أن الواقفة جعلت ريع وقفها جميعه - فيما عدا ما يلزم لشئون الوقف - وظائف ومرتبات جارية على المذكورين فيه وقصدتهم به، منها ما هو أجر ومنها ما هو صدقة ومنها ما هو صلة، والوقف بهذه الصورة لا تطبق في شأنه أحكام المادة 36 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 فيما نصت عليه من أنه (لا تزيد المرتبات عما شرطه الواقف) إذ هي لا تطبق إلا "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها" بأن جعلها للموقوف عليهم وشرط أن يصرف منها خيرات ومرتبات لغيرهم، بل تحكمه أرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة، وفقه الحنفية على أنه لو جعل وقفه على جماعة سماهم وسمى لكل إنسان منهم شيئاً معلوماً فزادت الغلة أعطى كل منهم ما سمى له وكان ما بقي بينهم على عدد الرءوس ولا يصرف هذا الباقي إلى الفقراء كما لا يقسم بينهم بنسبة ما سمي لكل منهم، لأنه جمعهم في الغلة وجعلها لهم جميعاً في أول كلامه ثم فصل ما لكل واحد منهم وسكت عن الباقي وبجعل ريعه لهم وحصره فيهم لا يصرف شيء منه للمساكين ما داموا موجودين وبسكوته عن بيان نصيب كل منهم في الزيادة تقسم بينهم بالسوية لعدم شرط التفضيل فيها - والقول من الحكم بأن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد المرتبات المشروطة مستنداً في ذلك إلى قولها في إشهاد الوقف "إن مات أحد منهم ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت ولم يبق منهم أحد يرجع استحقاقه للوقف ويحفظ بخزينته ويصرف في لوازم المسجد عند الاحتياج" وقولها في إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 5/ 1886 "أنها جعلت للمشرف على الوقف تنفيذ ما يتعلق بشئون الوقف فيما هو منصوص عليه بكتاب الوقف وبما يراه في ذلك من المصلحة الشرعية". والمصلحة الشرعية تقضي بالإبقاء على المسجد والصرف على ما يحتاج إليه، مردود (أولاً) بأن الواقفة لم تصرح بذلك وكان يسعها التصريح به، ومردود (ثانياً) بأن رجوع الاستحقاق للوقف وصرفه في لوازم المسجد عند الاحتياج لا يتعدى نصيب من يموت من ذوي المرتبات ولم يكن له ذرية أو كانت وانقرضت، كما لا يتعدى ما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد محمد حسن لطفي وعتيقها عبد الله الأسود والشيخ مصطفى بن محمد علي الشماع والثلث الذي أنقصته من مرتب عتيقها عبد الخير الأسود وهو ما نصت عليه في إشهاد الوقف وفي إشهاد التغيير المؤرخ 14/ 3/ 1891، ومردود (ثالثاً) بأنه لو كانت الواقفة قد أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف لما نصت في إشهاد التغيير المؤرخ 23/ 3/ 1886 - وهو لاحق لإشهاد الوقف - على أن "جميع ما يبقى من إيراد الوقف بعد صرف اللازم صرفه على جهات الوقف وأصحاب الوظائف والمرتبات يحفظ في خزانة الوقف" وفي إشهاد التغيير المؤرخ 31 أغسطس سنة 1895 على أن الباقي من أصل مبلغ الستين جنيهاً التي كانت مجعولة للست هانم "وهو مبلغ ثلاثون جنيهاً مصرياً يضاف إلى أصل الوقف" ولما نصت في إشهاد التغيير المؤرخ 14 مارس سنة 1891 على أن "ما فضل مما كانت شرطت صرفه للشيخ محمد محمد حسن لطفي وعتيقها المرحوم عبد الله الأسود والمرحوم الشيخ مصطفى والمرتب الذي نقصته المذكور أعلاه - مرتب عبد الخير الأسود - يصرف في إقامة شعائر مسجد والدها" - وإذا كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وجرى في قضائه على أن الواقفة أرادت أن تخص المسجد والخيرات بفائض ريع الوقف بعد استيفاء أصحاب المرتبات مرتباتهم المقررة وأن أصحاب هذه المرتبات ليس لهم سوى استحقاقاتهم ولا يزاد لهم شيء ورتب على ذلك الحكم "بعدم تعرضهم لوزارة الأوقاف فيما زاد عن مرتباتهم المقررة" فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.