أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 17 - صـ 257

جلسة 8 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار الدكتور/ عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله؛ وعثمان زكريا.

(34)
الطعن رقم 299 لسنة 31 القضائية

رسوم قضائية. "الإعفاء من الرسوم". عمل. "الدعوى العمالية".
إعفاء العمال من الرسوم القضائية المفروضة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 على الدعاوى التي يرفعونها في المطالبة بحقوقهم في جميع مراحل التقاضي. لا يشترط في هذا الإعفاء ما تشترطه المادة 23 من هذا القانون من احتمال كسب الدعوى. جواز الحكم على العامل في حالة رفض الدعوى وتحقق خسارتها - بالمصروفات كلها أو بعضها. اشتمال هذه المصروفات الرسوم القضائية - المعفاة أصلاً - والتي لا تقتصر على رسوم الدعوى.
مفاد نص المادة السابعة من القانون رقم 91 لسنة 1959 أن المشرع إنما قصد إعفاء العمال من الرسوم القضائية المفروضة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 على الدعاوى التي يرفعونها بالمطالبة بحقوقهم المقررة في قانون العمل في جميع مراحل التقاضي وإذ لم يستلزم المشرع في هذا الإعفاء ما تشترطه المادة 23 من قانون الرسوم القضائية في المواد المدنية رقم 90 لسنة 1944 في حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى من احتمال كسبها فإنه خول المحكمة في حالة رفض الدعوى وتحقق خسارتها رخصة الحكم على العامل الذي رفعها بالمصروفات كلها أو بعضها حتى يرجع عليه بالرسوم التي قد كان أعفي منها ذلك لأن الإعفاء إنما شرع لييسر على العامل السبيل للمطالبة بما يعتقده حقاً له. ولا يصح القول بأن هذه المصروفات لا تشمل الرسوم القضائية المعفاة أصلاً لأن المشرع إذ أورد المصروفات في ذات المادة السابعة من القانون رقم 91 لسنة 1959 التي نص فيها على حكم الإعفاء من الرسوم فقد قصد بذلك اتصال المصروفات بهذا الإعفاء لتنصب عليه تحقيقاً للغرض منه ويؤكد ذلك أن مفهوم الإعفاء من الرسوم القضائية لا يقتصر على رسم الدعوى وإنما يشمل طبقاً لما ورد بنص المادة 23/ 1 من القانون رقم 90 لسنة 1944 ونص المادة 25/ 3 من القانون رقم 91 لسنة 1944 "رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من رسوم الأوراق القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وأجر نشر الإعلانات القضائية والمصاريف الأخرى التي يتحملها الخصوم" مما مفاده أن الرسوم القضائية في صدد الإعفاء منها لا يختلف معناها في نظر الشارع عن المعنى الذي قصده من المصروفات القضائية عند الحرمان من الإعفاء.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 2247 تجاري عمال القاهرة بطلب الحكم بالتعويض عما لحقه من أضرار بسبب فصله من عمله بغير مبرر - وقضت محكمة أول درجة برفض الدعوى وألزمته بالمصروفات. فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 746 لسنة 77 ق القاهرة وقضت محكمة الاستئناف في 25/ 12/ 1960 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المطعون عليه بالمصروفات. فاستصدر قلم الكتاب قائمة الرسوم المستحقة على الاستئناف بمبلغ 19 ج منه 18 ج قيمة الرسم النسبي وجنيه قيمة الرسم الإضافي لدور المحاكم وأعلن بها المطعون عليه في 12/ 3/ 1961 وقرر هذا الأخير بالمعارضة في 16/ 3/ 1961، ومحكمة الاستئناف قضت في 30/ 4/ 1961 بقبول المعارضة وبإلغاء قائمة الرسوم المعارض فيها - طعن قلم الكتاب في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16/ 2/ 1965 وفيها صممت النيابة على ما أبدته في مذكرتها بطلب نقض الحكم - وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه - ذلك أنه أقام قضاءه بإلغاء قائمة الرسوم المعارض فيها على أن الفقرة الأولى من المادة السابعة من القانون رقم 91 لسنة 1959 إذ تنص على إعفاء العمال من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي فهي تنصرف بذلك إلى الجعل الذي تتقاضاه الدولة - أما ما ورد بالفقرة الثانية من جواز الحكم بالمصروفات كلها أو بعضها في حالة رفض الدعوى إنما ينصرف إلى ما ينفق على الدعوى من مصروفات عدا الرسوم القضائية. واختلاف عبارة الفقرتين يجعل كلاً منهما منصرفاً إلى غير ما تنصرف إليه الأخرى حتى لا يقوم التناقض بينهما في المادة الواحدة، هذا في حين أن الإعفاء وارد بصدر المادة المذكورة عن الرسوم القضائية، وأن ما أريد الحرمان منه بالنص في ذيلها على جواز الإلزام بالمصروفات هو عدم التمتع بهذا الإعفاء، وأنه لا تناقض في أن ينص المشرع على إعفاء القضايا العمالية من الرسوم باعتبار أنه هو الأصل وأن ينص بعد ذلك على الحرمان من هذا الإعفاء باعتباره استثناء من الأصل - وبعد النص على الحرمان من الإعفاء - شأنه شأن الإعفاء نفسه، منصباً على المصاريف بالمعنى الذي قصده المشرع في قانون المرافعات والذي يشمل كافة النفقات التي تتطلبها الدعوى بما في ذلك الرسوم.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 91 لسنة 1959 إذ نصت على أن "تعفى من الرسوم القضائية في جميع مراحل التقاضي الدعاوى التي يرفعها العمال... طبقاً لأحكام هذا القانون" إنما قصدت إعفاء العمال من الرسوم القضائية المفروضة بالقانون رقم 90 لسنة 1944 على الدعاوى التي يرفعونها بالمطالبة بحقوقهم المقررة في قانون العمل، كما قصدت بسط نطاق الإعفاء على مختلف مراحل التقاضي والذي كان مقصوراً على المرحلة الابتدائية في حكم القانون رقم 317 لسنة 1952 - وإذ جرت باقي عبارات المادة السابعة المشار إليها بأن "للمحكمة... في حالة رفض الدعوى أن تحكم على رافعها بالمصروفات كلها أو بعضها" فقد أراد المشرع بذلك أن يعطي للمحكمة - عند رفض الدعوى - رخصة الحكم على العامل الذي رفعها بالمصروفات كلها أو بعضها حتى يرجع عليه بالرسوم التي كان قد أعفي منها - لأن الإعفاء إنما شرح لييسر على العامل السبيل للمطالبة بما يعتقده حقاً له - وإذا كان المشرع لا يستلزم في هذا الإعفاء ما تشترطه المادة 23 من قانون الرسوم القضائية في المواد المدنية رقم 90 لسنة 1944 في حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى من احتمال كسبها - فإنه خول المحكمة - في حالة رفض دعوى العامل وتحقق خسارتها - تقدير دواعي المطالبة بها وموقف العامل منها لحرمانه من الإعفاء إذا كان قد سلك سبيل العبث أو الكيد - وذلك باستعمال الرخصة الممنوحة لها والحكم عليه بالمصروفات كلها أو بعضها - ولا يصح القول بأن هذه المصروفات لا تشمل الرسوم القضائية المعفاة أصلاً وأن لكل من الكلمتين معنى لا ينصرف إليه معنى الكلمة الأخرى - ذلك أن المشرع إذ أورد المصروفات في ذات المادة السابعة من القانون 91 لسنة 1959 التي نص فيها على حكم الإعفاء من الرسوم - فقد قصد بذلك اتصال المصروفات بهذا الإعفاء لتنصيب عليه تحقيقاً للغرض منه - يؤكد هذا القصد أن مفهوم الإعفاء من الرسوم القضائية لا يقتصر على رسم الدعوى وإنما يشمل طبقاً لما ورد بنص المادة 23/ 1 من القانون رقم 90 سنة 1944 ونص المادة 25/ 3 من القانون رقم 91 لسنة 1944 "رسوم الصور والشهادات والملخصات وغير ذلك من رسوم الأوراق القضائية والإدارية ورسوم التنفيذ وأجر نشر الإعلانات القضائية والمصاريف الأخرى التي يتحملها الخصوم" مما مفاده أن الرسوم القضائية في صدد الإعفاء منها لا يختلف معناها في نظر الشارع عن المعنى الذي قصده من المصروفات القضائية عند الحرمان من الإعفاء - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأول نص المادة السابعة من القانون رقم 91 لسنة 1959 بما يخرج مدلول الرسوم القضائية في الإعفاء عن المصروفات محل الرخصة الواردة فيه - ورتب على ذلك قضاءه بإلغاء قائمة الرسوم - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين تأييد قائمة الرسوم المعارض فيها.