أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 17 - صـ 388

جلسة 23 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.

(54)
الطعن رقم 438 لسنة 31 القضائية

( أ ) استئناف. "رفع الاستئناف". "طريقة رفع الاستئناف". نقض. "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
استئناف الحكم الصادر في أصل الدعوى بطريقين أحدهما بورقة تكليف بالحضور والآخر بعريضة. الحكم بقبول الاستئناف الأخير. صيرورته نهائياً. الحكم ببطلان الاستئناف الأول. النعي عليه بمخالفة القانون. غير منتج.
(ب) عمل. "عناصر عقد العمل". "الأجر". "المنح".
الأصل في المنحة أنها تبرع. صيرورتها جزء من الأجر. شرطه. التزام صاحب العمل بدفعها في عقد العمل أو لائحة المنشأة.
1 - متى كان الطاعن قد استأنف الحكمين الصادرين في أصل الدعوى بطريقين أحدهما بورقة تكليف بالحضور والآخر بطريق الإيداع في قلم الكتاب وقضى الحكم المطعون فيه بقبول هذا الاستئناف الأخير، وكان قضاء الحكم في الاستئناف المرفوع بهذا الطريق قد أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه من جانب المطعون عليه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فيما قضى به من بطلان الاستئناف الأول يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
2 - الأصل في المنحة أنها تبرع وليست لها صفة الإلزام، إلا أنه يرتفع عنها هذا الوصف وتصبح جزءاً من الأجر متى التزم صاحب العمل بدفعها في عقد العمل أو لائحة المنشأة [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن السيد/ الفريد أنطونيوس أقام الدعوى رقم 837 سنة 1959 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة ومدير فرعه بالإسكندرية طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 621 ج و331 م والفوائد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لها إنه كان يشغل وظيفة رئيس الخزانة ببنك الخصم الأهلي الباريسي الذي آلت ملكيته إلى بنك القاهرة وفي سنة 1957 بلغ سن التقاعد وصرف له البنك مكافأة مخصوماً منها مبلغ 621 ج و331 م قال إنه ضريبة أرباح تجارية مستحقة عليها، وإذ كانت المكافأة لا تخضع لأية ضريبة لأنها بمثابة رأسمال للموظف عند اعتزاله الخدمة وصرف البنك المكافأة لزملائه كاملة دون خصم شيء منها لحساب مصلحة الضرائب فقد انتهى إلى طلب الحكم له بهذا المبلغ. ودفع البنك بسقوط الدعوى بالتقادم طبقاً للمادة 698 من القانون المدني وطلب من باب الاحتياط رفضها لوجود مخالصة مبرئة لذمته من كافة حقوق المدعي وبتاريخ 23/ 1/ 1960 حكمت المحكمة حضورياً برفض الدفع بسقوط الدعوى وبإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يقدما البيان التفصيلي لحساب استحقاقات المدعي المختلفة عند بلوغه سن التقاعد والذي سويت حالته على أساسه عند انتهاء مدة خدمته مؤيداً بالمستندات في مدى أسبوعين من تاريخ إعلانهما بهذا الحكم وإلا اعتبرت صورة هذا البيان المقدمة من المدعي مطابقة لأصلها. وبعد أن قدم البنك هذا البيان عادت وبتاريخ 19/ 3/ 1960 فحكمت حضورياً بإلزام المدعى عليهما بصفتهما الممثلين لبنك القاهرة بأن يدفعا للمدعي مبلغ 621 ج و308 م والمصروفات وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف البنك هذين الحكمين بورقة تكليف بالحضور طالباً إلغاءهما والحكم برفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 208 سنة 16 قضائية استئناف الإسكندرية ثم عاد فرفع عنهما استئنافاً آخر بعريضة قدمت إلى قلم الكتاب وقيد هذا الاستئناف برقم 313، كما استأنف السيد/ الفريد أنطونيوس الحكم الأخير طالباً تعديله والحكم له بالفوائد وقيد هذا الاستئناف برقم 341. وبتاريخ 26/ 11/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) ببطلان الاستئناف رقم 208 سنة 16 قضائية وبإلزام رافعيه بصفتهما مصروفاته ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) بقبول الاستئناف رقم 313 سنة 16 قضائية شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين فيه بصفتهما مصروفاته ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثالثاً) بعدم قبول الاستئناف رقم 341 سنة 16 قضائية وبإلزام رافعه مصروفاته ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطعن البنك في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث لم يحضر الطاعن ولم يبد دفاعاً وطلب المطعون عليه رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الاستئناف رقم 208 سنة 16 قضائية استناداً إلى أن النزاع المطروح لا يتصل بتطبيق قانون عقد العمل وبالتالي لا يدخل في نطاق الدعاوى المنصوص عليها في المواد 5 من المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 و7 من القانون رقم 91 لسنة 1959 و118 من قانون المرافعات واستئناف الحكم الصادر فيه يكون بعريضة تقدم إلى قلم كتاب المحكمة لا بورقة تكليف بالحضور، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون لأن النزاع في الدعوى يتعلق بمكافأة نهاية الخدمة ويتصل بصميم عقد العمل والعلاقة العقدية بين المطعون عليه وبنك الخصم الأهلي الباريسي - الذي حل الطاعن محله - ومنشور البنك بخصوص المكافأة وهل يجوز لرب العمل أن يقيدها متى كانت تزيد عن الحد الأدنى المقرر في قانون عقد العمل وهي أمور تتعلق بعقد العمل وبتطبيق المرسوم بقانون رقم 317 لسنة 1952 الذي يوجب النظر في الدعاوى القائمة بشأنه على وجه الاستعجال واستئناف الأحكام الصادرة فيها يكون بتكليف بالحضور لا بطريق الإيداع في قلم الكتاب وفقاً للمادتين 118 و405 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه متى كان الطاعن - وعلى ما يبين من الأوراق قد استأنف الحكمين الصادرين في أصل الدعوى بطريقين أحدهما بورقة تكليف بالحضور والآخر بطريق الإيداع في قلم الكتاب وقضى الحكم المطعون فيه بقبول هذا الاستئناف الأخير، وكان قضاء الحكم في الاستئناف المرفوع بهذا الطريق قد أصبح نهائياً بعدم الطعن فيه من جانب المطعون عليه، فإن النعي عليه بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه فيما قضى به من بطلان الاستئناف الأول يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن المبلغ المحدد لتكملة المعاش ليس "إعانة استثنائية" أو "منحة تبرعية" بل "مكافأة تقديرية" تعهد بنك الكنتوار بدفعها لموظفيه تكملة للمعاش الذي ضمنه لهم بنسب معينة أوردها بالأمر الإداري رقم 241 ثم رفعها بالأمر الإداري رقم 249 ورتب على ذلك التزام بنك القاهرة. الذي حل محله بدفعها، وهو مخالفة للثابت في الأوراق، إذ الثابت في الأمر رقم 241 أنها منح تبرعية استثنائية (allocations bienveillantes exceptionelles) أسندها البنك إلى محض إرادته ولا تنطوي على تعهد من جانبه وليست لها صفة الإلزام وعلى فرض أنها ملزمة فقد حدد البنك مقدارها وشرط أن ينقص منها ما يعادل ما أداه عنها من ضريبة الأرباح التجارية والصناعية ومن حقه أن يستقطع منها ما يشاء طالما أن مجموع ما يتقاضاه الموظف لا يقل عن الحد الأدنى لمكافأة نهاية الخدمة.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه (الأول) منه ذلك أنه وإن كان الأصل في المنحة أنها تبرع وليست لها صفة الإلزام إلا أنه يرتفع عنها هذا الوصف وتصبح جزء من الأجر متى التزم صاحب العمل بدفعها في عقد العمل أو في لائحة المنشأة والثابت في الدعوى أن بنك الخصم الأهلي الباريسي التزم بموجب الأمر رقم 214 ومن بعده الأمر رقم 249 بأن يدفع لموظفيه مبالغ بنسب معينة لتكملة معاشاتهم "عندما تكون العناصر المكونة للمعاش السنوي أقل من المبالغ الموضحة فيه" ومن ثم فإن النعي على الحكم بالخطأ إذ اعتبر هذه المبالغ "مكافأة" لا "منحة" يكون غير منتج ولا جدوى فيه. ومردود في الوجه (الثاني) بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في خصوص "راجعية الضريبة" ونقل عبء الالتزام بها - في الصورة المعروضة - على أن "شرط تحمل موظفي البنك بالضريبة على المكافأة بدعوى أن هذه المكافأة مقتطعة من أرباح البنك الخاضعة لضريبة الأرباح التجارية والصناعية هو شرط فاسد الأساس ولا يتسم بحسن النية في المعاملات الهدف منه الانتقاص من حقوق الموظفين وهو في معناه يربط المكافأة بتحقيق المنشأة لأرباح ذلك لأن القول بأن المكافأة إنما تقتطع من الأرباح الخاضعة للضريبة إنما يعني أنه إذا لم تحقق المنشأة أرباحاً لا تؤدي تلك المكافأة وهو ما لا يصح فهو إذن شرط يشوبه غلط جوهري يبلغ حد الجسامة في الاعتبار مما يحق للمتعاقد إبطاله وفقاً للمادتين 120، 121 من القانون المدني" وهذه الاعتبارات من الحكم ومؤداها بطلان شرط استقطاع ما يعادل ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستحقة على البنك من المبالغ التي تعهد بدفعها لتكملة معاشات موظفيه أياً كان وجه الرأي فيها - لم تكن محل نعي من الطاعن.


[(1)] نقض 8/ 1/ 1964. الطعن رقم 438 لسنة 30 ق. السنة 15 ص 38.
ونقض 12/ 6/ 1963. الطعن رقم 347 لسنة 29 ق. السنة 14 ص 804.
وقد تضمن هذا المبدأ الحكمان الصادران بجلسة 16/ 2/ 1966 في الطعنين رقمي 436، 437 لسنة 31 ق.