أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1045

جلسة 26 من أكتوبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعله، عبد الباسط أبو سريع - نواب رئيس المحكمة، وعبد المنعم محمود.

(205)
الطعن رقم 548 لسنة 69 القضائية

(1، 2) حكم "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية". قوة الأمر المقضي. دعوى "وقف الدعوى". محكمة الموضوع.
(1) تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي. شرطه. أن يكون أساس الدعوى المدنية هو الفعل ذاته الذي تفصل فيه المحكمة الجنائية. لازمه. وجوب وقف الدعوى المدنية. م 265 أ. ج. علة ذلك.
(2) تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي. شرطه. أن يكون باتاً.
(3) نقض "الحكم في الطعن وأثره: نسبية أثر الطعن الجنائي".
الأصل. نسبية أثر الطعن الجنائي. الاستثناء. امتداد أثر الحكم الناقض إلى غير المتهم الطاعن ممن كانوا أطرافاً في الحكم المطعون فيه. شرطه. اتصال أوجه الطعن بهم وعدم نقض الحكم لسبب خاص بالطعن. م 42 ق 57 لسنة 1959.
(4) حكم "حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم الجنائية". قوة الأمر المقضي. دعوى "وقف الدعوى". محكمة الموضوع.
قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين بالتعويض تأسيساً على أن الحكم الجنائي صار باتاً. ثبوت أن الطاعن الأول قرر بالنقض في الحكم الجنائي الذي أدان كليهما. وجود ارتباط وثيق بين ما وقع من كل من الطاعنين. أثره. وجوب وقف الدعوى المدنية لحين صدور حكم جنائي بات. علة ذلك. المادتان 265 أ. ج، 42 ق 57 لسنة 1959.
1 - النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية القائمة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها" يدل على أن المشرع ارتأى - كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة، وبوصفها القانوني، ونسبتها إلى فاعلها - أنه يتعين على المحكمة المدنية - إذا كان أساس الدعوى المدنية هو الفعل ذاته الذي فصلت فيه المحكمة الجنائية - أن توقف السير في الدعوى المطروحة عليها درءً لما قد يقع من تناقض بين الحكمين الجنائي والمدني في المسألة الواحدة.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي لا يقيد القاضي المدني إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض، أو لاستنفاد طرق الطعن فيه، أو لفوات مواعيد هذا الطعن.
3 - النص في المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أن "لا ينقض من الحكم إلا ما كان متعلقاً بالأوجه التي بني عليها النقض ما لم تكن التجزئة غير ممكنة، وإذا لم يكن الطعن مقدماً من النيابة العامة فلا ينقض الحكم إلا بالنسبة إلى من قدم الطعن، ما لم تكن الأوجه التي بني عليها النقض تتصل بغيره من المتهمين معه. وفي هذه الحالة يحكم بنقض الحكم بالنسبة إليهم أيضاً ولو لم يقدموا طعناً" يدل على أنه خروجاً على الأصل العام وهو نسبية أثر الطعن ارتأى المشرع تحقيقاً لحسن سير العدالة أن يمتد أثر الحكم الناقض إلى غير المتهم الطاعن ممن كانوا أطرافاً في الحكم المطعون فيه إذا اتصلت بهم أوجه الطعن ولم ينقض الحكم لسبب خاص بمن رفع الطعن.
4 - إذ كان الثابت من الشهادة الصادرة من نيابة شرق القاهرة الكلية - المقدمة من الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بجلسة..... - أن الطاعن الأول قرر بالطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده في الجنحة رقم..... لسنة....... مدينة نصر، وإذ كانت الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم والمكونة للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والتي دين عليها الطاعنان كلاهما هي تعديهما بالسب على المطعون ضدهما وإتلافهما عمداً منقولات مملوكة لهما، مما قد ينبئ عن وجود ارتباط وثيق بين ما وقع من كل منهما فإن واجب محكمة الموضوع كان يقتضيها أن توقف السير في الدعوى المطروحة عليها لحين صدور حكم جنائي بات في الجنحة المشار إليها تحقيقاً لحسن سير العدالة وإعمالاً لحكم المادتين 265 إجراءات جنائية، 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى 68 لسنة 1998 مدني شمال القاهرة الابتدائية على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليهما مبلغ خمسة وستين ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما من جراء التعدي عليهما بالسب والقذف وإتلاف مسكنهما. ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول، وبإلزام الطاعنين بأن يؤديا إلى المطعون ضدها الثانية مبلغ خمسة آلاف وتسعة وتسعين جنيهاً، استأنف الطاعنان بالاستئناف رقم 5256 لسنة 2 ق القاهرة. وبتاريخ 17/ 1/ 1999 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول دعوى المطعون ضده الأول وبقبولها، وباعتبار مبلغ التعويض المقضى به مناصفة بينه والمطعون ضدها الثانية. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالسببين الثالث والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والثابت في الأوراق، وبياناً لذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى بإلزامهما بتعويض المطعون ضدهما على سند من أن الحكم الصادر ضدهما في الجنحة رقم...... لسنة..... مدينة نصر صار باتاً، في حين أن هذا الحكم مطعون عليه بالنقض وفقاً لما هو ثابت بالشهادة الصادرة من نيابة شرق القاهرة الكلية المقدمة منهما إلى محكمة الاستئناف في جلسة 20/ 9/ 1998، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 265 من قانون الإجراءات الجنائية على أن "إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، يجب وقف الفصل فيها حتى يحكم نهائياً في الدعوى الجنائية القائمة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها" يدل على أن المشرع ارتأى - كنتيجة لازمة لمبدأ تقيد القاضي المدني بالحكم الجنائي فيما يتعلق بوقوع الجريمة، وبوصفها القانوني، ونسبتها إلى فاعلها - أنه يتعين على المحكمة المدنية - إذا كان أساس الدعوى المدنية هو الفعل ذاته الذي فصلت فيه المحكمة الجنائية - أن توقف السير في الدعوى المطروحة عليها درءً لما قد يقع من تناقض بين الحكمين الجنائي والمدني في المسألة الواحدة. والمقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحكم الجنائي لا يقيد القاضي المدني إلا إذا كان باتاً لا يجوز الطعن فيه بالاستئناف أو بالنقض، أو لاستنفاد طرق الطعن فيه، أو لفوات مواعيد هذا الطعن. كذلك فإن النص في المادة 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أن "لا ينقض من الحكم إلا ما كان متعلقاً بالأوجه التي بُني عليها النقض ما لم تكن التجزئة غير ممكنة، وإذا لم يكن الطعن مقدماً من النيابة العامة فلا ينقض الحكم إلا بالنسبة إلى من قدم الطعن، ما لم تكن الأوجه التي بني عليها النقض تتصل بغيره من المتهمين معه. وفي هذه الحالة يحكم بنقض الحكم بالنسبة إليهم أيضاً ولو لم يقدموا طعناً" - يدل على أنه خروجاً على الأصل العام وهو نسبية أثر الطعن ارتأى المشرع تحقيقاً لحسن سير العدالة أن يمتد أثر الحكم الناقض إلى غير المتهم الطاعن ممن كانوا أطرافاً في الحكم المطعون فيه إذا اتصلت بهم أوجه الطعن ولم ينقض الحكم لسبب خاص بمن رفع الطعن. لما كان ذلك وكان الثابت من الشهادة الصادرة من نيابة شرق القاهرة الكلية - المقدمة من الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بجلسة 20/ 9/ 1998 - أن الطاعن الأول قرر بالطعن بالنقض في الحكم الصادر ضده في الجنحة رقم..... لسنة...... مدينة نصر، وإذ كانت الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم والمكونة للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية والتي دين عنها الطاعنان كلاهما هي تعديهما بالسب على المطعون ضدهما وإتلافهما عمداً منقولات مملوكة لهما، مما قد ينبئ عن وجود ارتباط وثيق بين ما وقع من كل منهما فإن واجب محكمة الموضوع كان يقتضيها أن توقف السير في الدعوى المطروحة عليها لحين صدور حكم جنائي بات في الجنحة المشار إليها تحقيقاً لحسن سير العدالة وإعمالاً لحكم المادتين 265 إجراءات جنائية، 42 من القانون رقم 57 لسنة 1959 سالفتي الذكر. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعنين بأن يؤديا للمطعون ضدهما التعويض الذي قدره على سند من أن الحكم في الجنحة المشار إليها والمقضي فيها استئنافياً بإدانة الطاعنين قد صار باتاً، فإنه يكون قد خالف القانون والثابت في الأوراق مما يعيبه ويوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.