أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 17 - صـ 425

جلسة 24 من فبراير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

(59)
الطعن رقم 93 لسنة 31 القضائية

( أ ) تقادم "بدء التقادم" ضرائب. رسوم. التزام "استرداد ما دفع بغير حق".
تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم المدفوعة بغير حق. بدؤه من يوم الدفع دون توقف على علم الممول بحقه في الرد. ذلك استثناء من القاعدة العامة المقررة في المادة 187 من القانون المدني.
(ب) تقادم. التقادم المسقط. "وقف التقادم".
الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم ولا يترتب عليه وقفه.
(ج) قانون "تنازع القوانين من حيث الزمان" تقادم. "بدء التقادم".
النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم. عدم سريانها على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة. اكتمال مدة التقادم المنصوص عليه في المادة 377 مدني بالنسبة للمبالغ المطالب بردها قبل تاريخ العمل بالقانون 646 لسنة 1953 عدم سريان القانون المذكور على هذا التقادم.
(د) رسوم. "استحقاق الرسم". تقادم. "بدء التقادم".
رسم. استحقاقه على أساس الإنتاج الفعلي. عدم اعتباره من الرسوم السنوية. رسم حلج القطن. استقلال الرسم المستحق على كمية عن الرسم المستحق على كمية أخرى. المطالبة برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا يقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع على الكمية الأخرى.
1 - تقضي المادة 377 من القانون المدني بأنه "يتقادم بثلاث سنوات الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها" ومؤدى صريح هذا النص أن التقادم في هذه الحالة يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها ودون توقف على علم الممول بحقه في الرد. وحكم هذه المادة يعتبر استثناء وارداً على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني والتي تقضي بأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بثلاث سنوات يبدأ من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد.
2 - الجهل بالحق في استرداد ما دفع بغير حق لا يمنع من سريان التقادم ومن ثم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقاً للمادة 382 من القانون المدني.
3 - القاعدة بحسب مفهوم المادة 7 من القانون المدني أن النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم لا تسري على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة فإذا كانت مدة التقادم - وفقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني قد اكتملت بالنسبة لجميع المبالغ المطالب بردها قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 فلا يسري القانون المذكور على هذا التقادم وبالتالي فلا محل للاستناد إلى الحكم المستحدث الوارد في عجز المادة الثانية منه والذي يقضي ببدء التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد إذا ظهر هذا الحق بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل.
4 - الرسم المفروض على أساس الإنتاج الفعلي يستحق للمجلس البلدي - وفقاً لقرار وزارة الصحة الصادر في 5 إبريل سنة 1949 - بمجرد حلج أية كمية من القطن وفي اليوم الذي يتم فيه حلجها ومن ثم فلا يعتبر هذا الرسم من الرسوم السنوية التي يبدأ سريان التقادم بالنسبة لها من نهاية السنة التي تستحق فيها طبقاً لما تنص عليه المادة 377 من القانون المدني. وإذ كان الرسم يستحق بمجرد حلج القطن فإن دين الرسم المستحق على حلج أية كمية من القطن يكون ديناً مستقلاً عن الرسم المستحق على كمية أخرى حلجت في يوم تال ومن ثم فإن المطالبة القضائية برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا تقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع عن الكمية الأخرى إذ ولو أن مصدر الرسم في الحالين هو القرار الوزاري القاضي بفرضه إلا أنهما لا يعتبران ديناً واحداً حتى يقال بأن المطالبة بجزء من هذا الدين تقطع التقادم بالنسبة لباقي المستحق منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنين بصفتهما حارسين قضائيين على محلج المرحوم جرجس عبد الشهيد أقاما في 30 من أكتوبر سنة 1955 الدعوى رقم 5168 سنة 1955 كلي القاهرة ضد المطعون ضدهما وطلبا فيها إلزامهما بأن يدفعا لهما مبلغ 1357 ج و280 م مع فوائده القانونية وقالا بياناً لدعواهما إنهما يديران محلج قطن لورثة المرحوم جرجس عبد الشهيد ببندر ببا وكانا منذ ديسمبر سنة 1946 يدفعان رسماً على المحلج على أساس المظهر الخارج قدره 220 جنيهاً سنوياً بواقع أربعة جنيهات عن كل دولاب إلا أنه صدر قرار من وزير الصحة في 5 من إبريل سنة 1949 بتحصيل الرسوم على المحالج على أساس الإنتاج الفعلي بواقع عشرة مليمات عن كل قنطار من القطن المحلوج وخمسة مليمات عن كل أردب من البذرة وقد نشر هذا القرار بالجريدة الرسمية في 28 من إبريل سنة 1949 ونص فيه على سريانه اعتباراً من أول مارس سنة 1949. وما أن نشر هذا القرار حتى بادر المطعون ضده الأول بتنفيذه بأثر رجعي ابتداء من أول مارس سنة 1949 فاعترض الطاعنان على ذلك ولما لم يجد اعتراضهما نفعاً فقد رفعا في 19 من إبريل سنة 1950 الدعوى رقم 1439 سنة 1950 كلي مصر ضد مجلس بلدي ببا وقالا فيها إن هذا المجلس اقتضى من المحلج رسمين أولهما الرسم القديم المقدر على أساس المظهر الخارجي وثانيهما الرسم الجديد المقدر على أساس الإنتاج الفعلي وتمسكا ببطلان الأثر الرجعي للقرار الصادر في 5 من إبريل سنة 1949 وطلبا نتيجة لذلك رد المبلغ المحصل بغير وجه حق وقدره عن شهور مارس وإبريل ومايو سنة 1949 - 457 ج و400 م وقد قضي لصالحهما نهائياً باسترداد مبلغ 237 ج و400 م وهو ما حصله المجلس البلدي منهما بغير حق في تلك الشهور الثلاثة وقد قطعت محكمة الاستئناف في أسباب حكمها الصادر في تلك الدعوى بتاريخ 6 إبريل سنة 1954 بأن الطاعنين لا يلزمان في السنة المالية الممتدة من أول مارس سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 إلا بالرسوم على الأساس القديم وهو المظهر الخارجي المحدد على الدولاب وقدر هذه الرسوم 220 ج - ومضى الطاعنان في دعواهما قائلين أنهما لما كان المجلس قد حصل منهما رسوماً أخرى عن المدة من أول يونيه سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 على أساس الإنتاج الفعلي وهو الأساس الذي قطعت محكمة الاستئناف في حكمها السابق بعدم انطباقه عليهما إلا اعتباراً من أول مارس سنة 1950 فقد رفعا هذه الدعوى بطلب رد هذه الرسوم التي دفعت منهما بغير حق والتي بلغ مجموعها 1357 ج و280 م - وبتاريخ 30 من يونيو سنة 1959 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام المدعى عليهما (المطعون ضدهما) بأن يدفعا للطاعنين مبلغ 1357 ج و181 م مع فوائده بواقع 4 % من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 30/ 10/ 1955 حتى تمام السداد - استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 1150 سنة 77 ق وتمسكاً منه بتقادم حق الطاعنين في المطالبة برد الرسوم التي دفعت منهما بغير حق بمضي ثلاث سنوات من تاريخ دفعها طبقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني وقالا إن الطاعنين قد سددا الرسوم المطالب بردها بإيصالات آخرها بتاريخ 29/ 8/ 1950 ولم ترفع الدعوى المطالبة بها إلا في 30/ 10/ 1955 أي بعد فوات مدة التقادم المنصوص عليها قانوناً. وفي 19 من يناير سنة 1961 قضت محكمة استئناف القاهرة بقبول الدفع بالتقادم وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى المستأنف ضدهما - فطعن الأخيران في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك قالا إنهما قد ردا أمام محكمة الاستئناف على دفاع المطعون ضدهما المؤسس على تقادم حقهما في المطالبة برد الرسوم المدفوعة بغير حق بمضي ثلاث سنوات طبقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني - بأن هذه المادة قد عدلت بالقانون رقم 646 سنة 1953 الذي نصت المادة الثانية منه على أن يبدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها إلا إذا ظهر الحق في طلب الرد بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل فيبدأ التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد بموجب كتاب موصى عليه - وأن هذا النص قد جاء تطبيقاً للقواعد العامة الواردة في المادة 187 من القانون المدني التي تقضي بأن تقادم دعوى استرداد ما دفع بغير حق حتى لا يبدأ إلا من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد - وأنه لذلك فإن حق الطاعنين في استرداد ما دفعاه من الرسوم بغير حق لا يبدأ تقادمه إلا من وقت علمهما بهذا الحق وهو تاريخ الحكم الصادر لصالحهما في 6 من إبريل سنة 1954 في الاستئنافين رقمي 700 و711 سنة 70 ق وأنهما وقد رفعا دعواهما الحالية بطلب رد هذه الرسوم في 10 أكتوبر سنة 1955 فإن الدفع بالتقادم يكون على غير أساس - لكن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر بمقولة إنه لا محل للاستناد إلى نص المادة 187 من القانون المدني مع وجود قانون استثنائي خاص هو القانون رقم 646 سنة 1953 الذي يجب إعمال أحكامه دون سواها ومن بينها حكم المادة الثانية منه الذي يقضي بأن يبدأ سريان تقادم الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق من يوم دفعها - ويرى الطاعنان أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون إذ اعتبر القانون رقم 646 سنة 1953 قانوناً استثنائياً وأن الشارع خرج به على القواعد العامة المقررة في المادة 187 مدني فجعل بدء التقادم فيه من يوم دفع الرسوم أو الضرائب بصفة مطلقة وبغير قيد مع أن عجز المادة الثانية من ذلك القانون صريح في أن التقادم لا يبدأ إلا من تاريخ علم الدافع بحقه في الاسترداد وبعد إخطاره من الجهة التي قامت بالتحصيل بهذا الحق بخطاب موصى عليه وهذا الشطر من النص أهدره الحكم المطعون فيه وتغاضى عنه ولم يعن بالرد عليه مع ما له من أثر في الدعوى ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه علاوة على خطئه في القانون معيباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان القانون رقم 646 لسنة 1953 قد نص على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وقد تم هذا النشر في 26 من ديسمبر سنة 1953 - وكانت القاعدة بحسب مفهوم المادة 7 من القانون المدني أن النصوص الجديدة المتعلقة بالتقادم لا تسري على ما اكتمل من التقادم وفقاً للنصوص القديمة قبل العمل بالنصوص الجديدة، وكانت المادة 377 من القانون المدني تقضي بأن "يتقادم بثلاث سنوات الحق في المطالبة برد الضرائب والرسوم التي دفعت بغير حق ويبدأ سريان التقادم من يوم دفعها" وهذا النص صريح بما لا يدع مجالاً للشك في أن التقادم في هذه الحالة يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها ودون توقف على علم الممول بحقه في الرد، وحكم هذه المادة يعتبر استثناء وارداً على القاعدة العامة المنصوص عليها في المادة 187 من القانون المدني والتي تقضي بأن سقوط دعوى استرداد ما دفع بغير حق بثلاث سنوات يبدأ من اليوم الذي يعلم فيه من دفع غير المستحق بحقه في الاسترداد - لما كان ما تقدم، وكان آخر مبلغ من المبالغ المطالب بردها قد دفعه الطاعنان في 29 من أغسطس سنة 1950 فتكون مدة التقادم وفقاً للمادة 377/ 2 من القانون المدني قد اكتملت بالنسبة لجميع المبالغ المطالب بردها في 29 من أغسطس سنة 1953 قبل تاريخ العمل بالقانون رقم 646 لسنة 1953 ومن ثم فلا يسري القانون المذكور على هذا التقادم وبالتالي فلا محل للاستناد إلى الحكم المستحدث الوارد في عجز المادة الثانية منه والذي يقضي ببدء التقادم من تاريخ إخطار الممول بحقه في الرد إذا ظهر هذا الحق بعد إجراءات اتخذتها الجهة التي قامت بالتحصيل - لما كان ما تقدم، وكان الطاعنان لم يرفعا دعواهما الحالية إلا في 30 من أكتوبر سنة 1955 فإن حقهما في المطالبة برد المبالغ التي دفعاها بغير حق يكون قد سقط بالتقادم ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة وبنى على ذلك قضاءه برفض الدعوى غير مخالف للقانون ويكون النعي على ما ورد في أسبابه في شأن القانون رقم 646 لسنة 1953 الذي لا ينطبق على النزاع غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون أيضاً والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بنص المادة 382 من القانون المدني التي تقضي بأن التقادم لا يسري طالما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولو كان المانع أدبياً - وقالا بأنهما كانا يجهلان حق المحلج في استرداد بقية الرسوم المدفوعة منهما بغير حق وأن هذا الجهل موقف للتقادم إذ لم ينكشف لهما الحق في الاسترداد إلا بالحكم الاستئنافي الصادر لصالحهما في 6 من إبريل سنة 1954 فلا يجوز أن يسري التقادم في حقهما إلا من هذا التاريخ ولما كانت دعواهما باسترداد ما دفع بغير حق قد رفعت في 30 من أكتوبر سنة 1955 فإن مدة التقادم لم تكتمل وقت رفع الدعوى - لكن الحكم المطعون فيه رد على ذلك بأن الجهل بحق الرد ليس من الأسباب المانعة قانوناً من المطالبة والموقفة لسريان مدة التقادم - وهذا من الحكم خطأ في القانون ذلك أن نص المادة 382 مدني جاء عاماً شاملاً وهو يقضي بوقف التقادم كلما وجد مانع يتعذر معه على الدائن أن يطالب بحقه ولا جدال في أن جهل الدائن بحقه يتعذر معه مطالبته به خصوصاً إذا لم يكن هذا الجهل ناشئاً عن إهمال أو تقصير منه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان مقتضى المادة 377/ 2 من القانون المدني التي تحكم التقادم في هذا النزاع أن سريان التقادم - كما تقدم ذكره - يبدأ من يوم دفع الرسوم المطالب بردها سواء كان الممول يعلم بحقه في الاسترداد أو لا يعلم، بمعنى أن الجهل بالحق في الاسترداد لا يمنع من سريان التقادم فإن هذا الجهل لا يمكن أن يكون بالتالي من الموانع التي يترتب عليها وقف التقادم بعد سريانه طبقاً للمادة 382 من القانون المدني ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر ورد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بأن جهلهما بحقهما في الرد ليس من الأسباب الموقفة لسريان مدة التقادم لأنه ليس من الأسباب المانعة قانوناً فإن النعي عليه في هذا السبب بمخالفة القانون والقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون ومسخ الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا في ردهما على الدفع بتقادم الحق بأنهما وقد رفعا الدعوى الأولى رقم 1439 سنة 1950 كلي مصر بتاريخ 19 من إبريل سنة 1950 باسترداد بعض دينهما وهو الرسوم المسددة منهما بغير حق خلال شهور مارس وإبريل ومايو سنة 1949 فإن المطالبة القضائية برد بعض الرسوم المدفوعة بغير حق يعتبر قاطعاً لسريان التقادم بالنسبة لكامل هذه الرسوم المسددة خلال العام من مارس سنة 1949 حتى فبراير سنة 1950 لكن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع تأسيساً على أنه لا صلة بين ما دفع في الفترة الأولى وما دفع في الفترة الثانية وإن كلا الدينين مستقل بذاته ولا ارتباط بينهما - وهذا الذي ذكره الحكم المطعون فيه من عدم وجود ارتباط بين الدينين ينطوي على مسخ للثابت بالأوراق ومخالفة للقانون إذ أن الارتباط وثيق بينهما بل هما في حقيقتهما دين واحد وهو دين الرسم المقرر على المحلج وفق قرار وزير الصحة القاضي بفرض رسم على المحلج على أساس الإنتاج الفعلي دون المظهر الخارجي وسواء تم دفع الرسم المذكور عن العام الممتد من أول مارس سنة 1949 حتى آخر فبراير سنة 1950 على دفعات كما حدث فعلاً أو دفع كله مرة واحدة فإن مجموع هذا الرسم دين واحد ومصدره واحد هو قرار وزير الصحة الصادر في 5/ 4/ 1949 وبذلك يكون رفع الدعوى باسترداد بعض الرسم المدفوع في عام 1949/ 1950 قاطعاً للتقادم بالنسبة لباقي الرسوم المدفوعة خلال هذا العام ولا يغير من وحدة هذا الرسم الذي مصدره قرار إداري واحد خاطئ أن يكون الاستحقاق متتابعاً أو أن يكون المحلج قد سدد الرسم على دفعات متلاحقة أو متعاقبة وإذ لم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ورفض الدفع بانقطاع التقادم لهذا السبب فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت المبالغ المطالب بردها قد حصلت من الطاعنين باعتبار أنها الرسم البلدي المستحق بمقتضى القرار الوزاري الصادر في 5 من إبريل سنة 1949 الذي يقضي بأن الرسم يحصل على أساس الإنتاج الفعلي بواقع عشرة مليمات عن قنطار القطن المحلوج وخمسة مليمات عن أردب البذرة فإن مؤدى ذلك أن هذا الرسم المفروض على أساس الإنتاج الفعلي يستحق للمجلس البلدي بمجرد حلج أية كمية من القطن وفي اليوم الذي يتم فيه حلجها وبواقع عشرة مليمات عن كل قنطار منها وخمسة مليمات عن كل أردب من البذرة ينتج عن عملية الحليج ومن ثم فلا يعتبر هذا الرسم من الرسوم السنوية التي يبدأ سريان التقادم بالنسبة لها من نهاية السنة التي تستحق فيها طبقاً لما تنص عليه المادة 377 من القانون المدني وإذ كان الرسم يستحق بمجرد حلج القطن فإن دين الرسم المستحق على حلج أية كمية من القطن يكون ديناً مستقلاً عن الرسم المستحق على كمية أخرى حلجت في يوم تال ومن ثم فإن المطالبة القضائية برد الرسم المدفوع عن إحدى الكميتين لا يقطع التقادم بالنسبة للرسم المدفوع عن الكمية الأخرى إذ ولو أن مصدر الرسم في الحالين هو القرار الوزاري القاضي بفرضه إلا إنهما لا يعتبران ديناً واحداً حتى يقال بأن المطالبة بجزء من هذا الدين تقطع التقادم بالنسبة لباقي المستحق منه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ولا مسخ الثابت في الأوراق.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه.