أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1082

جلسة 11 من نوفمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ كمال نافع - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، لطف الله يس جزر، ماجد قطب - نواب رئيس المحكمة، وسمير فايزي.

(213)
الطعن رقم 3843 لسنة 64 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن" "الأسباب المتعلقة بالنظام العام". نظام عام.
أسباب الطعن المتعلقة بالنظام العام. لمحكمة النقض من تلقاء نفسها وللخصوم وللنيابة العامة إثارتها. شرطه. أن تكون عناصرها الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع وواردة على الجزء المطعون فيه من الحكم.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار". دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون".
(2) الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. المادتان 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بقانون 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(3) قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية م 29 ق 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر. مؤداه. عدم امتداد عقد الإيجار لشريك المستأجر الأصلي. شرطه.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله.
2 - النص في المادتين 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون 168 لسنة 1998 يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير الضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب صاحب النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها.
3 - وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 4 لسنة 15 ق دستورية بجلسة 6/ 7/ 1996 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 سنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاط تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً في ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المستأجر عنها وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة لهؤلاء الشركاء. مما مؤداه أن عقد إيجار العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي لا يمتد إلى شريك المستأجر الأصلي إذا تخلى عنها المستأجر الأصلي لشريكه. ولما كان الطاعن يتمسك في دفاعه في دعوى الإخلاء وفي طلب تحرير عقد إيجار له عن عين النزاع بامتداد عقد الإيجار إليه بعد أن تخارج المطعون ضده الثاني - المستأجر الأصلي - من الشركة التي كانت قائمة بينهما طبقاً للمادة 29/ 2 من القانون 49/ 1977. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد حكم محكمة الدرجة الأولى بالإخلاء وبرفض دعوى ثبوت العلاقة الإيجارية استناداً إلى ثبوت تخلي المطعون ضده الثاني للطاعن نهائياً عن العين المؤجرة وعدم صلاحية ما قدم فيها من أوراق للتدليل على موافقة المطعون ضدها الأولى على تأجير العين محل النزاع للطاعن وهو قضاء يوافق حكم المحكمة الدستورية العليا على ما سلف بيانه، فإن النعي على الحكم بأسباب الطعن أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت على الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 59 لسنة 1990 أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية "مأمورية دسوق" بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 18/ 11/ 1967 والإخلاء والتسليم. وقالت بياناً لذلك: إنه استأجر منها عين النزاع المبينة بالصحيفة إلا أنه تركها نهائياً إلى الطاعن وتنازل عنها دون الحصول منها على تصريح كتابي، ومن ثم أقامت الدعوى. كما أقام الطاعن الدعوى رقم 43 لسنة 1991 - أمام ذات المحكمة - على المطعون ضدها الأولى بطلب الحكم بإثبات العلاقة الإيجارية بينهما مع إلزامها بتحرير عقد إيجار له عن عين النزاع وقال بياناً لذلك: أنه شغلها بموجب عقد شركة تضامن محرر بتاريخ 29/ 4/ 1974 بينه وبين المطعون ضده الثاني - وقد تركها له الأخير وتخارج من الشركة منذ أول يناير 1975 - واستمر شاغلاً لها منذ ذلك التاريخ فأقام الدعوى. ضمت المحكمة الدعويين وأحالتهما إلى التحقيق وبعد سماع الشهود حكمت في الدعوى الأولى بفسخ العقد والإخلاء والتسليم وفي الثانية برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 113 لسنة 26 ق طنطا "مأمورية كفر الشيخ" وبتاريخ 6/ 4/ 1994 قضت بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعن الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بتأييد الحكم المستأنف استناداً إلى عدة قرائن مجتمعة منها خلو عقد الإيجار من اسمه وعدم الاطمئنان إلى أقوال شاهده رغم فساد هذه القرينة لتعارضها مع الثابت بهذا العقد، وأنه شريك للمطعون ضده الثاني منذ إبرام عقد الشركة بينهما في 29/ 4/ 1974 واستمر شاغلاً للعين المؤجرة بعد تخارج المطعون ضده الثاني في 26/ 2/ 1975 مما يستفيد معه من أحكام المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وأن استمرار شغله العين بعد ترك المطعون ضده الثاني لها منذ سنة 1975 وقبض الهيئة الأجرة بمناولته دون استعمال حقها في طلب الإخلاء يعد موافقة ضمنية على اعتباره مستأجراً أصلياً مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة النقض من تلقاء نفسها كما يجوز للخصوم وللنيابة العامة إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكان النص في المادتين 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بالقانون 168 لسنة 1998 يدل على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير الضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب صاحب النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشره ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله المحكمة من تلقاء نفسها - لما كان ذلك وكانت المحكمة الدستورية العليا قد حكمت في القضية رقم 4 لسنة 15 ق دستورية بجلسة 6/ 7/ 1996 بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 سنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر وذلك فيما نصت عليه من استمرار شركاء المستأجر الأصلي للعين التي كان يزاول فيها نشاط تجارياً أو صناعياً أو مهنياً أو حرفياً في ذات النشاط بها بعد تخلي هذا المستأجر عنها وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة لهؤلاء الشركاء. مما مؤداه أن عقد إيجار العين المؤجرة لمزاول نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي لا يمتد إلى شريك المستأجر الأصلي إذا تخلى عنها المستأجر الأصلي لشريكه. ولما كان الطاعن يتمسك في دفاعه في دعوى الإخلاء وفي طلب تحرير عقد إيجار له عن عين النزاع بامتداد عقد الإيجار إليه بعد أن تخارج المطعون ضده الثاني - المستأجر الأصلي - من الشركة التي كانت قائمة بينهما طبقاً للمادة 29/ 2 من القانون 49 لسنة 1977. وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد حكم محكمة الدرجة الأولى بالإخلاء وبرفض دعوى ثبوت العلاقة الإيجارية استناداً إلى ثبوت تخلي المطعون ضده الثاني للطاعن نهائياً عن العين المؤجرة وعدم صلاحية ما قدم فيها من أوراق للتدليل على موافقة المطعون ضدها الأولى على تأجير العين محل النزاع للطاعن وهو قضاء يوافق حكم المحكمة الدستورية العليا على ما سلف بيانه، فإن النعي على الحكم بأسباب الطعن أياً كان وجه الرأي فيها يكون غير منتج وبالتالي غير مقبول إذ تلتزم محكمة الاستئناف بإعمال حكم المحكمة الدستورية إذ ما عرض عليها النزاع من جديد.