أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1258

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ لطفي عبد العزيز - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد العال السمان محمد، فتحي محمد حنضل، جرجس عدلي والسيد عبد الحكيم السيد - نواب رئيس المحكمة.

(248)
الطعن رقم 1667 لسنة 61 القضائية

(1، 2) نقض "ترك الخصومة في الطعن". دعوى "ما يعترض سير الخصومة فيها: ترك الخصومة". تجزئة.
(1) ترك الخصومة. عدم امتداد أثره إلا للخصم الذي أبداه والخصم الذي وجه إليه دون بقية الخصوم متى كان موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة.
(2) نزول التارك عن الدعوى برمتها دون تحديد لخصم يرغب في الترك بالنسبة له. اعتباره نزول عن الدعوى قبل جميع المدعى عليهم. عدم الاعتداد بالرجوع عن الترك بعد أن قبله الخصم الآخر.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير المستندات: مسائل الواقع".
لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتفسير المستندات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين. لا سلطان لمحكمة النقض عليها متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته.
(4، 5) نقض "أسباب الطعن: السبب الوارد على غير محل". "ترك الخصومة في الطعن". دعوى "ما يعترض سير الخصومة فيها: ترك الخصومة". وكالة. حكم "عيوب التدليل: ما يُعد مخالفة للقانون".
(4) إقرار الطاعنة الثالثة أمام محكمة أول درجة بتوقيعها على إقرار ترك الدعوى. اعتداد محكمة الاستئناف به. النعي بانتفاء صفة الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنها على إقرار الترك. وروده على غير محل من الحكم المطعون فيه.
(5) عدم تفويض الطاعن الأول الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنه على إقرار ترك الدعوى أو توكيله في ذلك. تعويل الحكم المطعون فيه على هذا الإقرار وقضاؤه بإثبات ترك الطاعن الأول للدعوى. مخالفة للقانون.
1 - إذ كان ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا بالنسبة للخصم الذي أبدى طلب الترك والخصم الذي وجه إليه هذا الطلب دون بقية الخصوم، وذلك في حالة قابلية موضوع الدعوى للتجزئة.
2 - إذ كان الإقرار الصادر من التارك يفيد نزوله عن الدعوى برمتها دون تحديد لخصم يرغب في الترك بالنسبة له، فإن الإقرار يُرتب بالضرورة النزول عن الدعوى قبل جميع المدعى عليهم فيها.
3 - إذ كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم لها من أدلة، وتفسير المستندات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين، ولا سلطان لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته منها محكمة الموضوع.
4 - إذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعنة الثالثة قد أقرت أمام محكمة أول درجة بجلسة 13/ 11/ 1984 بأنها وقعت على إقرار ترك الدعوى المؤرخ 25/ 6/ 1984، وكانت محكمة الاستئناف قد رتبت على ذلك قيامها بالتعبير عن إرادتها بنفسها في ترك الدعوى، فإن النعي بانتفاء صفة الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنها على إقرار الترك يكون وارداً على غير محل من قضاء المطعون فيه، ومن ثم غير مقبول.
5 - إذ كان من غير الثابت بالأوراق أن الطاعن الأول قد فوض الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنه على إقرار ترك الدعوى المؤرخ 25/ 6/ 1984، أو أنه وكله في ذلك، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ عول على هذا الإقرار وقضى بإثبات ترك الطاعن الأول للدعوى فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا على المطعون ضدها الأولى الدعوى 3375 سنة 1984 مدني سوهاج الابتدائية، ثم أدخلوا فيها المطعون ضده الثاني، وطلبوا الحكم عليهما بتثبيت ملكيتهم لحصتهم الميراثية في المنزل المبين بالصحيفة والمخلف عن مورثهم، قدمت المطعون ضدها الأولى للمحكمة بجلسة 13/ 11/ 1984 إقراراً مؤرخاً في 25/ 6/ 1984 نوهت بأنه يتضمن ترك الطاعنين للخصومة في الدعوى، أقر الطاعن الثاني بتوقيعه على هذا الإقرار، والطاعنة الثالثة ببصمة إصبعها عليه، وقدم الطاعنون بجلسة 22/ 1/ 1985 إقراراً منسوباً صدوره من الورثة في ذات تاريخ الإقرار بالترك السالف ذكره، ويفيد سدادهم لديون المورث وعدم الاعتراف بأية ديون أو أوراق أخرى قد تُنسب إليه، وبعد أن قدم الخبير الذي ندبته المحكمة تقريره، قضت للطاعنين بطلباتهم، استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف 197 سنة 65 ق أسيوط "مأمورية سوهاج"، حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإثبات ترك الطاعنين للخصومة في الدعوى، طعن الآخرون في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعنون بالثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، حين قضى بإثبات تركهم للخصومة إعمالاً للإقرار بالترك المؤرخ 25/ 6/ 1984، في حين أن نطاق الخصومة قد تغير بعد هذا التاريخ بإدخال المطعون ضده الثاني فيها، وهو ما كان يتعين معه على المحكمة ألا تقضي بإثبات الترك لانقضائه، وإذ خالف الحكم هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه وإن كان ترك الخصومة لا يمتد أثره إلا بالنسبة للخصم الذي أبدى طلب الترك والخصم الذي وجه إليه هذا الطلب بدون بقية الخصوم، وذلك في حالة قابلية موضوع الدعوى للتجزئة، إلا أنه إذا كان الإقرار الصادر من التارك يفيد نزوله عن الدعوى برمتها دون تحديد لخصم يرغب في الترك بالنسبة له، فإن الإقرار يرتب بالضرورة النزول عن الدعوى قبل جميع المدعى عليهم فيها. لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق أن المطعون ضدها الأولى قدمت لمحكمة أول درجة بجلسة 13/ 11/ 1984 - إقرار ترك الطاعنين الثاني والثالثة - المؤرخ 25/ 6/ 1984 - للدعوى برمتها، وكان ذلك في حضور المطعون ضده الثاني - بعد إدخاله - الذي قرر بعدم وجود طلبات له في الدعوى وكان لا يعتد برجوع الطاعنين السالف ذكرهما عن تنازلهما بعد أن قبلته المطعون ضدها الأولى وقدمته للمحكمة، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بإثبات ترك الطاعنين المشار إليهما للخصومة يكون قد أصاب صحيح القانون، وبالتالي يضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وشابه الفساد في الاستدلال، حين أعمل أثر الترك طبقاً للإقرار به المؤرخ 25/ 6/ 1984 والذي كان سببه الصلح في الدعوى، دون أن يعتد بالإقرار المرتبط به الصادر من الورثة في ذات التاريخ والخاص بسدادهم لجميع ديون المورث وعدم الاعتراف بأية مستندات تنسب له بعد ذلك والذي يترتب عليه انقضاء الترك بعد ظهور عقد بيع منزل النزاع بين المطعون ضدهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإثبات ترك الخصومة في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - سلطة فهم الواقع في الدعوى، وتقدير ما يقدم لها من أدلة، وتفسير المستندات والشروط المختلف عليها بما تراه أوفى بمقصود المتعاقدين، ولا سلطان لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كانت عبارة الورقة تحتمل المعنى الذي حصلته منها محكمة الموضوع، وكانت محكمة الاستئناف قد خلصت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أن إقرار الطاعنين الثاني والثالث بترك الدعوى المؤرخ 25/ 6/ 1984 غير مقيد بأي شرط، وأنه لا يرتبط بالإقرار الآخر الصادر من الورثة في ذات التاريخ والخاص بسدادهم ديون المورث، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله معينه من الإقرارين المشار إليهما، فإن ما يثيره الطاعنون بسبب النعي لا يعدو إلا أن يكون جدلاً في تقدير محكمة الموضوع للأدلة لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، حين اعتد بتوقيع الطاعن الثاني على الإقرار بالترك المؤرخ 25/ 6/ 1984 نيابة عن الطاعنين الأول والثالثة دون أن يكون مفوضاً منهما في التوقيع على هذا الإقرار أو يحمل توكيلاً خاصاً بذلك، وإذ قضى الحكم - رغم ذلك - بإثبات ترك الطاعنين المشار إليهما للخصومة في الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي - بالنسبة للطاعنة الثالثة - في غير محله، ذلك أنه لما كان الثابت في الأوراق أنها قد أقرت أمام محكمة أول درجة بجلسة 13/ 11/ 1984 بأنها وقعت على إقرار ترك الدعوى المؤرخ 25/ 6/ 1984، وكانت محكمة الاستئناف قد رتبت على ذلك قيامها بالتعبير عن إرادتها بنفسها في ترك الدعوى، فإن النعي بانتفاء صفة الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنها على إقرار الترك، يكون وارداً على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن النعي بالنسبة للطاعن الأول في محله، ذلك أنه من غير الثابت في الأوراق أن الأخير قد فوض الطاعن الثاني في التوقيع نيابة عنه على إقرار ترك الدعوى المؤرخ 25/ 6/ 1984، أو أنه وكله في ذلك، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ عول على هذا الإقرار وقضى بإثبات ترك الطاعن الأول للدعوى فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون مما يوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص.