أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1263

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ كمال محمد مراد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد الجواد هاشم فراج، أحمد عبد الكريم - نائبي رئيس المحكمة، محمد محمد زكي وأحمد سعيد حسين.

(249)
الطعن رقم 2944 لسنة 64 القضائية

(1) دستور "دستورية القوانين". قانون "سريان القانون". نظام عام.
الحكم بعدم دستورية نص قانوني غير ضريبي أو لائحة. أثره. عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. انسحاب هذا الأثر على الوقائع والمراكز القانونية السابقة على صدوره حتى ولو أدرك الدعوى أمام محكمة النقض. المادتان 175، 178 من الدستور والمادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا المعدل بقرار بق 168 لسنة 1998. تعلق ذلك بالنظام العام. لمحكمة النقض إعماله من تلقاء نفسها. علة ذلك.
(2) حكم. "عيوب التدليل: الخطأ في تطبيق القانون".
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الطاعن بإخلاء المحل موضوع النزاع إعمالاً لنص المادة 29/ 2 ق 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها. خطأ في تطبيق القانون.
1 - النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون" والنص في المادة 178 منه على أن "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار" والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة...... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر......." يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها.
2 - إذا كانت المحكمة الدستورية قد قضت في حكمها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 6/ 7/ 1996 بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنه من استمرار عقد إيجار العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي لصالح ورثة المستأجر وشركائه، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة للشركاء، وقد أدرك هذا الحكم الدعوى الماثلة قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ ألغى قضاء الحكم الابتدائي بإخلاء المحل موضوع النزاع وقضى برفض دعوى الطاعن بالإخلاء استناداً إلى استمرار عقد إيجار العين لشركاء المستأجرة مورثة المطعون ضدهم الثلاثة الأول إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على مورثة المطعون ضده الثلاثة الأول والأخير الدعوى رقم 9465 لسنة 1988 مدني شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء المحل المبين بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 29/ 7/ 1950 والتسليم، وبإلزام المورثة المذكورة بالأجرة من 1/ 1/ 1988 حتى تاريخ رفع الدعوى. وقال بياناً لذلك إن زوجها كان يستأجر هذا المحل بموجب ذلك العقد لاستعماله "مقهى"، ثم توفى، وامتد العقد إليها، وإذ أجرته من الباطن للمطعون ضده الأخير، وتنازلت له عنه، فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبعد سماع الشهود حكمت بالفسخ والإخلاء والتسليم، استأنف المطعون ضده الأخير هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" بالاستئناف رقم 1225 لسنة 24 قضائية وبتاريخ 24 من يناير سنة 1994 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم جواز تطبيق نص المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977، وأبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع النيابة بعدم جواز تطبيق نص المادة 29/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977، الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 6/ 7/ 1996 بعدم دستورية هذا النص، وبسقوط الفقرة الثالثة من المادة 29 المشار إليها في مجال تطبيقها بالنسبة للشركاء.
وحيث إن هذا الدفع سديد، ذلك بأن النص في المادة 175 من الدستور على أنه "تتولى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية وذلك كله على الوجه المبين في القانون" والنص في المادة 178 منه على أن "تنشر في الجريدة الرسمية الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية والقرارات الصادرة بتفسير النصوص التشريعية، وينظم القانون ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص تشريعي من آثار" والنص في المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 168 لسنة 1998 على أنه "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم ما لم يحدد الحكم لذلك تاريخاً آخر، على أن الحكم بعدم دستورية نص ضريبي لا يكون له في جميع الأحوال إلا أثر مباشر......" يدل - وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - على أنه يترتب على صدور الحكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص في القانون غير ضريبي أو لائحة عدم جواز تطبيقه اعتباراً من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية، وهذا الحكم ملزم لجميع سلطات الدولة وللكافة ويتعين على المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها أن تمتنع عن تطبيقه على الوقائع والمراكز القانونية المطروحة عليها حتى ولو كانت سابقة على صدور هذا الحكم بعدم الدستورية باعتباره قضاءً كاشفاً عن عيب لحق النص منذ نشأته بما ينفي صلاحيته لترتيب أي أثر من تاريخ نفاذ النص، ولازم ذلك أن الحكم بعدم دستورية نص في القانون من اليوم التالي لنشره لا يجوز تطبيقه ما دام قد أدرك الدعوى أثناء نظر الطعن أمام محكمة النقض، وهو أمر متعلق بالنظام العام تعمله محكمة النقض من تلقاء نفسها. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية قد قضت في حكمها المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ 6/ 7/ 1996 بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 فيما تضمنه من استمرار عقد إيجار العين المؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي لصالح ورثة المستأجر وشركائه، وبسقوط فقرتها الثالثة في مجال تطبيقها بالنسبة للشركاء، وقد أدرك هذا الحكم الدعوى الماثلة قبل أن يصير الحكم الصادر فيها باتاً، فإن الحكم المطعون فيه إذ ألغى قضاء الحكم الابتدائي بإخلاء المحل موضوع النزاع وقضى برفض دعوى الطاعن بالإخلاء استناداً إلى استمرار عقد إيجار العين لشركاء المستأجرة مورثة المطعون ضدهم الثلاثة الأول إعمالاً لحكم الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المقضي بعدم دستوريتها، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالإخلاء والتسليم.