أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1286

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ رفعت محمد عبد المجيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ علي محمد علي، عبد المنعم دسوقي، أحمد الحسيني - نواب رئيس المحكمة، وعبد العزيز الطنطاوي.

(254)
الطعن رقم 963 لسنة 62 القضائية

(1) بنوك "التزام البنك الوكيل". التزام "أنواع الالتزام" "أوصاف الالتزام". أوراق تجارية.
التزام البنك بتحصيل حقوق العميل لدى الغير الثابتة في مستندات أو أوراق مالية. التزام ببذل عناية. م 704/ 2 مدني. كيفية ذلك. اتخاذ إجراءات قبض قيمتها وإخطار العميل بها. علة ذلك.
(2) نقض "السبب الجديد".
الدفاع القانوني المختلط بواقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "سلطتها في تقدير الأدلة". مسئولية.
محكمة الموضوع. سلطتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات وتقارير أهل الخبرة المقدمة إليها والأخذ بما تطمئن إليه منها واستخلاص الخطأ الموجب للمسئولية متى كان استخلاصها سائغاً.
(4) بنوك "القيد العكسي".
استناد الحكم المطعون فيه إلى انتفاء خطأ البنك استناداً إلى عدم تقديم الطاعن الدليل على سبق إخطاره البنك له بتمام التحصيل. إجراء البنك القيد بقيمة الشيك لحساب الطاعن وربط وديعة باسمه. لا أثر له على تلك القيمة. علة ذلك. حق البنك في إجراء القيد العكسي واسترداد قيمة الوديعة عند تعذر تحصيل قيمة الشيك بسبب لا يرجع إليه. مؤدى ذلك. حق البنك في الرجوع على ساحب الشيك بقيمته. (مثال لاستخلاص سائغ).
1 - لئن كان على البنك الذي يعهد إليه عميله بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق مالية أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة 704/ 2 من القانون المدني، وذلك لاتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمتها خلال آجال مناسبة وإخطار العميل بها حتى يتسنى له اتخاذ ما يراه مناسباً من الإجراءات للمحافظة على حقوقه لدى الغير.
2 - إذ كان البين من الأوراق أن الطاعن لم يسبق له التمسك بأن البنك لم يبذل عناية الرجل المعتاد أمام محكمة الموضوع، ومن ثم يعد دفاعاً قانونياً يخالطه واقع لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها ومنها تقارير أهل الخبرة والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليها منها وإطراح ما عداها، وكذلك استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق.
4 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى انتفاء خطأ البنك المطعون ضده استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم الدليل على سبق إخطار البنك له بتمام التحصيل، وخلت أوراق الدعوى مما يرشح ثبوت هذا الفعل، وإن كان إجراء القيد بقيمة الشيك بحساب الطاعن وربط وديعة باسمه ليس من شأنه أن ينال من تلك القيمة إذ يحق له إجراء القيد العكسي واسترداد قيمة الوديعة حينما يتعذر عليه تحصيل قيمة الشيك لسبب غير راجع إليه سيما وأن للمطعون ضده الحق في الرجوع على ساحب الشيك بقيمته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فلا عليه إن أيد الحكم الابتدائي الذي أطرح ما انتهت إليه تقارير الخبراء المودعة في الدعوى أو أن يورد أسباباً خاصة لقضائه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 771/ 84 تجاري جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإلزام البنك المطعون ضده بأن يؤدي له مبلغ 15 ألف دولار أمريكي، وقال بياناً لذلك إنه عهد إلى هذا البنك بتحصيل قيمة شيك مسحوب على بنك رووالاند بمبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي الصادر له من أحد عملائه مقابل بضائع اتفق على الاحتفاظ بها إلى حين تحصيل قيمة الشيك وبتاريخ 29/ 12/ 83 أخطره المطعون ضده بتحصيل القيمة وخصم العمولة وفتح له حساب جار وربط باسمه وديعة بذات القيمة، إلا أنه فوجئ بالمطعون ضده يخطره بتاريخ 25/ 1/ 1984 بتعذر تحصيل قيمة ذلك الشيك طالباً منه سداد قيمة الوديعة، مما يعد ذلك خطأ من جانب البنك ألحق بالطاعن ضرراً يقدره بالمبلغ المطالب به، ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره النهائي حكمت بتاريخ 30 من مايو سنة 1989 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2454/ 106 ق القاهرة. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1992 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عُرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاث أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، إذ أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من خلو الأوراق مما يفيد سبق إخطار البنك المطعون ضده للطاعن بتمام تحصيل قيمة الشيك، وأن إجراء القيد بقيمة الشيك في حساب الطاعن وربط وديعة باسمه بها قبل تمام التحصيل لا يعد خطأ من المطعون ضده الذي له حق إجراء القيد العكسي بذات المبلغ متى تعذر عليه صرف قيمة الشيك، في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده وقد سبق له أن أخطره بتاريخ 29/ 12/ 83 بتحصيل قيمة الشيك من البنك المسحوب عليه، وقام على إثر ذلك بفتح حساب جاري بقيمة وربط وديعة باسمه بذات المبلغ، فإنه يكون قد قطع بتحصيل قيمته وهو الأمر الذي أكدته تقارير الخبراء المودعة في الدعوى وأطرحه الحكم المطعون فيه وعلى ذلك فلا يتعين للبنك المطعون فيه من بعد أن يعود ويخطره بتاريخ 25/ 1/ 1984 بتعذر تحصيل قيمة الشيك مما يعد ذلك إخلالاً منه في تنفيذ التزاماته التعاقدية بتقاعسه عن اتخاذ الإجراءات اللازمة للمطالبة بحقوق عميله في الآجال المناسبة، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اكتفى بتأييد الحكم الابتدائي لأسبابه دون أن يورد أسباباً سنته لقضائه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي برمته في غير محله، ذلك أنه ولئن كان على البنك الذي يعهد إليه عميله بتحصيل حقوقه لدى الغير والثابتة في مستندات أو أوراق مالية أن يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد حسبما تنص عليه المادة 704/ 2 من القانون المدني، وذلك باتخاذ الإجراءات اللازمة لقبض قيمتها خلال آجال مناسبة وإخطار العميل بها حتى يتسنى له اتخاذ ما يراه مناسباً من الإجراءات للمحافظة على حقوقه لدى الغير، إلا أن البين من الأوراق أن الطاعن لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع ومن ثم يعد دفاعاً قانونياً يخالطه واقع لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها ومنها تقارير أهل الخبرة والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليها منها وإطراح ما عداها، وكذلك استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية متى كان استخلاصها سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى انتفاء خطأ البنك المطعون ضده استناداً إلى أن الطاعن لم يقدم الدليل على سبق إخطار البنك له بتمام التحصيل وخلت أوراق الدعوى مما يرشح ثبوت هذا الفعل، وإن كان إجراء القيد بقيمة الشيك بحساب الطاعن وربط وديعة باسمه ليس من شأنه أن ينال من تلك القيمة إذ يحق له إجراء القيد العكسي واسترداد قيمة الوديعة حينما يتعذر عليه تحصيل قيمة الشيك لسبب غير راجع إليه سيما وأن للمطعون ضده الحق في الرجوع على ساحب الشيك بقيمته، وكان هذا الاستخلاص سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فلا عليه إن أيد الحكم الابتدائي الذي أطرح ما انتهت إليه تقارير الخبراء المودعة في الدعوى أو أن يورد أسباباً خاصة لقضائه، ومن ثم يضحى النعي برمته على غير أساس.