أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 50 - صـ 1290

جلسة 21 من ديسمبر سنة 1999

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح علي أحمد السعيد - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ عبد المنعم الشهاوي، علي عبد الرحمن بدوي، د. فتحي المصري ومحمد برهام عجيز - نواب رئيس المحكمة.

(255)
الطعن رقم 320 لسنة 65 القضائية "أحوال شخصية"

(1) أحوال شخصية. نقض "ميعاد الطعن بالنقض".
ميعاد الطعن بالنقض في مسائل الأحوال الشخصية ستون يوماً. م 252، 213 مرافعات. استثناء. عدم سريان هذا الميعاد بالنسبة للأحكام الغيابية إلا من تاريخ إعلانها.
(2) نقض "أسباب الطعن: النعي الوارد على غير محل".
النعي الذي لا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه. غير مقبول.
(3) إثبات "البينة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير أقوال الشهود". نقض.
استقلال قاضي الموضوع بتقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات. شرطه. ألا يخرج عما يؤدي إليه مدلولها ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيه الرد الضمني لكل حجة مخالفة. النعي عليه في ذلك. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(4) أحوال شخصية "طاعة: اختلاف دعوى الطاعة عن دعوى التطليق".
دعوى الطاعة. اختلافها موضوعاً وسبباً عن دعوى التطليق للضرر. علة ذلك. الحكم برفض الاعتراض على دعوة الزوج لزوجته للدخول في طاعته. لا ينفي بذاته ادعاء الزوجة المضارة في دعوى التطليق. مؤدى ذلك. النعي على الحكم المطعون فيه بأنه لم يعول على دلالة الحكم في دعوى الطاعة. على غير أساس.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض في مواد الأحوال الشخصية يخضع للقواعد العامة من قانون المرافعات، وكان ميعاد الطعن فيه ستين يوماً تبدأ بحسب الأصل من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي به المادتان 252 و213 من القانون المذكور، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل الأحكام التي افترض عدم علم المحكوم عليه بصدورها فجعل مواعيد الطعن فيها لا تسري إلا من تاريخ إعلانها. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً فيبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ إعلانه، وكان الطاعن قد أعلن به لشخصه بتاريخ 4/ 5/ 1995 فقرر بالطعن عليه بالنقض لدى قلم كتاب محكمة استئناف طنطا في 25/ 5/ 1995 ووردت أوراق الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض بتاريخ 29/ 5/ 1995، ومن ثم يكون الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً ويكون الدفع على غير أساس.
2 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النعي الذي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه يكون غير مقبول.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عما يؤدي إليه مدلولها، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في قضائه بالتطليق على أقوال شاهدي المطعون ضدها السماعية أمام محكمة أول درجة بشأن إيذاء الطاعن لها بالسب والضرب، بل أقام قضاءه على سند مما استخلصه من شهادة الرؤية لهما بأن الطاعن طردها من منزل الزوجية قاصداً هجرها واستولى على منقولاتها وأنها تتضرر من ذلك بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وكان هذا استخلاصاً موضوعياً سائغاً له معينه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم فإن النعي علاوة على أنه لا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون على غير أساس.
4 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم فإن الحكم برفض الاعتراض على دعوة الزوج زوجته للدخول في طاعته لا يكون بذاته حاسماً في نفي ما تدعيه الزوجة من مضارة في دعوى التطليق للضرر تبعاً لتغاير الموضوع في الدعويين. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت الضرر على نحو ما سلف فإنه لا يعيبه الالتفات عن دلالة الحكم الصادر في دعوى الطاعة، إذ أن فيما أورده بأسبابه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن في هذا الصدد، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1071 لسنة 1994 كلي أحوال شخصية طنطا ضد الطاعن للحكم بتطليقها عليه طلقة بائنة. وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له ودخل بها فتبينت أنه مصاب بمرض نفسي وعصبي، وقد دأب على الاعتداء عليها بالسب والضرب، وطردها من منزل الزوجية واستولى على منقولاتها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم فقد أقامت الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق. وبعد أن استمعت إلى شهود الطرفين حكمت بتاريخ 20/ 12/ 1994 برفض الدعوى. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم بالاستئناف رقم 17 لسنة 45 ق طنطا. وبتاريخ 22/ 3/ 1995 قضت المحكمة غيابياً بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون ضدها على الطاعن طلقة بائنة للضرر. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الطعن. عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة أن الطعن جاء لاحقاً للميعاد المقرر بعد إضافة ميعاد المسافة بما يبطله.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الطعن بالنقض في مواد الأحوال الشخصية يخضع للقواعد العامة في قانون المرافعات، وكان ميعاد الطعن فيه ستين يوماً تبدأ بحسب الأصل من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي به المادتان 252 و213 من القانون المذكور، إلا أن المشرع استثنى من هذا الأصل الأحكام التي افترض عدم علم المحكوم عليه بصدورها فجعل مواعيد الطعن فيها لا تسري إلا من تاريخ إعلانها. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الحكم المطعون فيه قد صدر غيابياً فيبدأ ميعاد الطعن فيه من تاريخ إعلانه، وكان الطاعن قد أُعلن به لشخصه بتاريخ 4/ 5/ 1995 فقرر بالطعن عليه بالنقض لدى قلم كتاب محكمة استئناف طنطا في 25/ 5/ 1995 ووردت أوراق الطعن إلى قلم كتاب محكمة النقض بتاريخ 29/ 5/ 1995، ومن ثم يكون الطعن قد أقيم في الميعاد المقرر قانوناً ويكون الدفع على غير أساس.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن محكمة الاستئناف طرحت أقوال شاهديه رغم صدقها في نفي ضروب الضرر التي ادعتها المطعون ضدها في صحيفة دعواها، وعولت في حكمها بالتطليق على أقوال شاهديها رغم ما شهدا به من عدم رؤيتهما لواقعة اعتداء الطاعن على المطعون ضدها، ومن وجود منقولاتها بمنزل الزوجية، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النعي الذي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه يكون غير مقبول، وأن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها والترجيح بين البينات مما يستقل به قاضي الموضوع طالما لم يخرج عما يؤدي إليه مدلولها، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في قضائه بالتطليق على أقوال شاهدي المطعون ضدها السماعية أمام محكمة أول درجة بشأن إيذاء الطاعن لها بالسب والضرب، بل أقام قضاءه على سند مما استخلصه من شهادة الرؤية لهما بأن الطاعن طردها من منزل الزوجية قاصداً هجرها واستولى على منقولاتها وأنها تتضرر من ذلك بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، وكان هذا استخلاصاً موضوعياً سائغاً له معينه من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وفيه الرد الضمني المسقط لكل حجة مخالفة، ومن ثم فإن النعي علاوة على أنه لا يصادف محلاً في قضاء الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الأدلة مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الاستئنافي استند في قضائه بالتطليق على أن الطاعن طرد المطعون ضدها من منزل الزوجية رغم مخالفة ذلك للثابت بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1071 لسنة 1994 كلي أحوال شخصية طنطا برفض اعتراضها على دعوته لها للدخول في طاعته المؤيد بالحكم الاستئنافي رقم 17 لسنة 44 ق طنطا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ما ثبت بحكم قضائي نهائي فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن دعوى الطاعة تختلف في موضوعها وسببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما، ومن ثم فإن الحكم برفض الاعتراض على دعوة الزوج زوجته للدخول في طاعته لا يكون بذاته حاسماً في نفي ما تدعيه الزوجة من مضارة في دعوى التطليق للضرر تبعاً لتغاير الموضوع في الدعويين.
وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى ثبوت الضرر على نحو ما سلف، فإنه لا يعيبه الالتفات عن دلالة الحكم الصادر في دعوى الطاعة إذ أن فيما أورده بأسبابه الرد الضمني المسقط لما أثاره الطاعن في هذا الصدد، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.