أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 723

جلسة 24 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

(98)
الطعن رقم 190 لسنة 32 القضائية

( أ ) تسجيل. "تسجيل صحيفة دعوى إثبات التعاقد". دعوى. "دعوى صحة التعاقد".
تسجيل صحيفة دعوى المشتري قبل البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما بشأن بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة. من شأن ذلك أن يجعل حق المشتري - الذي تقرر بالحكم - حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى. تسجيل الطاعن عقده الصادر إليه عن ذات العقار من نفس البائع لا يحاج به المشتري الآخر الذي سجل صحيفة دعواه قبل تسجيل الطاعن ولا يحول هذا التسجيل الأخير دون الحكم للمشتري بصحة ونفاذ عقده.
(ب) شيوع. "تصرف الشريك على الشيوع".
تصرف الشريك في حصة شائعة نافذ في مواجهة شركائه دون حاجة لموافقتهم.
(ج) صورية. "صورية تاريخ العقد". "أثرها".
صورية تاريخ العقد صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته. مثال لعدم جدوى الطعن بصورية تاريخ عقد.
(د) تسجيل. "المفاضلة بين المشترين المتزاحمين".
مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل. الأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير.
1 - مفاد نصوص المادتين 15 و17 من القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما بشأن بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري الذي - تقرر بالحكم - حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى فإذا كانت المطعون ضدها الأولى قد سجلت صحيفة دعواها بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر لها من المطعون ضده الثاني قبل تسجيل عقد الطاعن الصادر إليه من ذات البائع فإنها لا تحاج بهذا التسجيل الأخير ومن ثم فلم تنتقل الملكية به إلى الطاعن بالنسبة لها ولا يحول هذا التسجيل دون أن يحكم لها بصحة ونفاذ عقدها حتى إذا ما أشر بهذا الحكم وفق القانون كان حجة على الطاعن.
2 - تصرف الشريك في حصة شائعة نافذ في مواجهة شركائه دون حاجة إلى موافقتهم طبقاً لنص المادة 826/ 1 من القانون المدني.
3 - صورية تاريخ العقد صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته. فإذا كان الحكم قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد على أسبقية تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى على تاريخ تسجيل عقد الطاعن ولم يعول على تاريخ عقد المدعي فإن صورية تاريخ هذا العقد لا أثر لها في الدعوى.
4 - مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل فالأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدها الأولى رفعت على المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 453 سنة 1956 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية طالبة الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المبرم بينهما في 12 من أغسطس سنة 1956 قائلة في تبيان دعواها إنه بموجب العقد المذكور باع لها المطعون ضده الثاني 5 ط و6 س شيوعاً في 24 قيراطاً في أرض ومباني العقار البالغ مساحته 1530 متراً والمبين الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد نظير ثمن قدره ثمانمائة جنيه قبض منه مبلغ ستمائة وخمسين جنيهاً عند تحرير العقد الابتدائي والباقي وقدره مائة وخمسون جنيهاً اتفق على أن تقوم المشترية بدفعه عند التوقيع على العقد النهائي ولما لم يقم المطعون ضده الثاني بتقديم المستندات اللازمة لتحرير العقد النهائي فقد اضطرت المطعون ضدها الأولى إلى رفع هذه الدعوى طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها وسجلت صحيفة هذه الدعوى في 4 من سبتمبر سنة 1956 ثم أودعت خزانة المحكمة بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1956 باقي الثمن وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1956 تدخل الطاعن في الدعوى طالباً قبوله خصماً ثالثاً مؤسساً طلبه على أنه بموجب عقد مؤرخ 24 من أكتوبر سنة 1956 ومسجل في 8 من نوفمبر سنة 1956 تحت رقم 8618 اشترى من السيدة اجلال أحمد عبد المجيد وأحمد جلال علي وآخرين 18 ط و18 س من 24 قيراطاً شيوعاً في أرض وبناء العقار الوارد بعقد المطعون ضدها الأولى نظير ثمن قدره ثلاثة آلاف وستمائة جنيه وأن القدر المبيع للمطعون ضدها الأولى يدخل في المساحة الواردة بعقد الطاعن وانتهى إلى طلب عدم قبول دعوى المطعون ضدها الأولى لانعدام مصلحتها فيها. ومحكمة الزقازيق الابتدائية قضت في 15 من نوفمبر سنة 1960:
(أولاً) بقبول فتحي عبد الهادي الضاحي (الطاعن) خصماً ثالثاً في الدعوى. (ثانياً) برفض الدفع المبدى من الخصم الثالث بعدم قبول دعوى المدعية (المطعون ضدها الأولى) لانعدام المصلحة. (ثالثاً) بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المدعى عليه (المطعون ضده الثاني) للمدعية (المطعون ضدها الأولى) والمؤرخ 12 من أغسطس سنة 1956 عن بيع الـ 5 ط 6 س من 24 قيراطاً شيوعاً في كامل أرض وبناء العقار الكائن ببندر الزقازيق البالغ مساحته 1530 متراً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى والعقد نظير ثمن قدره ثمانمائة جنيه - مؤسسة قضاءها على أن الطاعنة وقد سجلت صحيفة دعواها قبل تسجيل عقد الطاعن فإنها لا تحاج بهذا العقد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 52 سنة 4 قضائية ومحكمة استئناف الزقازيق قضت في 12 من مارس سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها برفض الطعن.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه رتب على تسجيل صحيفة دعوى صحة التعاقد أثراً لا يترتب على ذلك التسجيل إلا بعد تسجيل الحكم الصادر في تلك الدعوى بصحة التعاقد إذ أن تسجيل هذا الحكم الأخير هو الذي ينسحب به أثره إلى تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى - وإذ لم يكن قد صدر حكم بصحة عقد البيع الصادر للمطعون ضدها الأولى من نفس البائع للطاعن حين تقدم الطاعن بعقده المسجل فإنه كان يجب إعمال أثر تسجيل هذا العقد الأخير إذ بهذا التسجيل قد انتقلت الملكية إلى الطاعن فلم يعد للبائع له ملكية ينقلها إلى المطعون ضدها الأولى حتى يحكم لها بصحة عقدها ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحة ونفاذ عقد المطعون ضدها الأولى قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن القانون رقم 114 لسنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري بعد أن بين في المادة الخامسة عشرة منه الدعاوى التي يجب تسجيلها ومن بينها دعاوى صحة التعاقد نص في المادة السابعة عشرة منه على أنه "يترتب على تسجيل الدعاوى المذكورة بالمادة الخامسة عشرة أو التأشير بها أن حق المدعي إذا تقرر بحكم مؤشر به طبق القانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الدعوى أو التأشير بها" ومفاد ذلك أن تسجيل صحيفة الدعوى التي يرفعها المشتري على البائع بإثبات صحة التعاقد الحاصل بينهما على بيع عقار ثم التأشير بمنطوق الحكم الصادر بصحة التعاقد على هامش تسجيل الصحيفة من شأنه أن يجعل حق المشتري حجة على من ترتبت له حقوق عينية على العقار ابتداء من تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد سجلت صحيفة دعواها بتاريخ 4 من سبتمبر سنة 1956 قبل تسجيل عقد الطاعن في 8 من نوفمبر سنة 1956 والصادر من ذات البائع فإنها لا تحاج بهذا التسجيل الأخير ومن ثم فلم تنتقل الملكية به إلى الطاعن بالنسبة للمطعون ضدها الأولى وبذلك فلا يحول هذا التسجيل دون أن تحكم للمطعون ضدها بصحة ونفاذ عقدها حتى إذا أشر بهذا الحكم وفق القانون يكون حجة على الطاعن وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى للمطعون ضدها الأولى بصحة ونفاذ عقدها لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب لعدم تمحيصه دفاعه والرد عليه ذلك أن الطاعن تمسك في صحيفة استئنافه بصورية عقد بيع المطعون ضدها الأولى مطلقة وساق في الأسباب الرابع والخامس والسادس من أسباب الاستئناف الأدلة على تلك الصورية مظهراً استعداده لإثباتها بكافة طرق الإثبات لكن الحكم المطعون فيه اكتفى في الرد على هذا الدفاع بأنه من قبيل القول المرسل غير المؤيد بدليل فجاء بذلك مشوباً بالقصور ومخلاً بدفاع الطاعن - كما أن الحكم إذ لم يجب طلب الطاعن إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات تلك الصورية يكون قد أغفل دفاعه مما يجعله باطلاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الطاعن في سبيل تأييد ما ادعاه من صورية عقد المطعون ضدها الأولى قرر في السبب الرابع من أسباب الاستئناف أن المطعون ضدها الأولى لم تضع يدها على القدر المبيع منذ شرائها وقد رد الحكم على ذلك مقرراً أن عدم وضع يدها على فرض صحته لا يحول دون الحكم لها بصحة ونفاذ عقدها وبذلك يكون الحكم قد رد رداً سليماً على دفاع الطاعن ويكون ما جاء بسبب النعي في هذا الخصوص غير صحيح - أما ما جاء بالسبب الخامس من أسباب الاستئناف عن الصورية وهو أن عقد بيع المطعون ضدها الأولى قد وقع عليه المطعون ضده الثاني البائع لها دون بقية المالكين معه على الشيوع بينما عقده قد وقع عليه المطعون ضده الثاني مع بقية الورثة مما يجعل عقده ذا أثر قانوني دون عقد المطعون ضدها الأولى كما أن أحداً من الشهود لم يوقع على عقد المطعون ضدها الأولى مما يؤكد أن تاريخه صوري - فإنه لما كانت المادة 826/ 1 من القانون المدني تنص على أن "كل شريك على الشيوع يملك حصته ملكاً تاماً وله أن يتصرف فيها" مما مفاده أن تصرف الشريك في حصة شائعة نافذة في مواجهة شركائه دون حاجة إلى موافقتهم وكانت صورية تاريخ عقد المطعون ضدها الأولى بفرض ثبوتها لا أثر لها في هذه الدعوى ما دام الحكم قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ العقد على أسبقية تاريخ تسجيل صحيفة الدعوى على تاريخ تسجيل عقد الطاعن ولم يعول على تاريخ عقد المطعون ضدها الأولى. هذا إلى أن صورية تاريخ العقد إنما هي صورية نسبية تنصب على التاريخ وحده فلا تتعداه إلى العقد ذاته - لما كان ذلك، فإن هذا الذي ساقه الطاعن بالسبب الخامس من أسباب الاستئناف يكون دفاعاً غير منتج وبالتالي فإن إغفال الحكم المطعون فيه الرد عليه لا يبطله - كذلك فإن ما جاء بالسبب السادس من أسباب الاستئناف وهو أن التأشير على هامش الدعوى حصل بطريق التواطؤ بين المطعون ضده الثاني البائع والمطعون ضدها الأولى بقصد ضياع حقه فإنه دفاع غير منتج أيضاً وذلك لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن مناط المفاضلة بين المشترين في حالة تزاحمهم هو السبق في التسجيل وأن الأسبق تسجيلاً يفضل على سائر المشترين ولو كان متواطئاً مع البائع على الإضرار بحقوق الغير - أما ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله ما طلبه بهذا السبب من أسباب الاستئناف من إحالة الدعوى إلى التحقيق فمردود بأن الطاعن لم يطلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الصورية بل كل ما قرره أنه على استعداد لإثبات الصورية بكافة طرق الإثبات القانونية وهذا لا يعتبر منه طلباً صريحاً جازماً بإحالة الدعوى إلى التحقيق حتى تلتزم المحكمة بإجابته أو بتسبيب قضائها فيه عند رفضه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن محكمة الدرجة الأولى كانت قد ضمت بعض القضايا بناء على طلب الطاعن إلا أنه تبين عند نظر الاستئناف أن تلك القضايا قد سلخت من ملف القضية مما حدا بمحكمة الاستئناف إلى إصدار قرار بضم هذه القضايا لكن هذا القرار لم ينفذ وقد ترتب على ذلك أن فصلت محكمة الاستئناف في الدعوى دون الاطلاع على هذه القضايا، ولما كان لهذه القضايا دلالتها في إثبات ما تمسك به الطاعن أمام تلك المحكمة من صورية عقد المطعون ضدها الأولى صورية مطلقة بحيث لو كانت هذه القضايا تحت نظر المحكمة عند إصدار الحكم المطعون فيه لتغير وجه الرأي في الدعوى مما يعتبر معه عدم ضم هذه القضايا بعد التقرير بضمها إجراء باطلاً أثر في الحكم المطعون فيه. هذا إلى أن محكمة الاستئناف قد استبعدت الحافظة التي قدمها الطاعن والتي كانت تضم صور الأحكام الصادرة في تلك القضايا.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الطاعن لم يقدم إلى هذه المحكمة ما يدل على أن محكمة الاستئناف أصدرت قراراً بضم القضايا التي كان قد طلب ضمها ومن ثم يكون النعي بهذا الشق عارياً عن الدليل ومردود في شقه الثاني بما هو ثابت على الحافظة التي كانت تضم صور تلك الأحكام من أن محكمة الاستئناف استبعدتها لعدم ترخيصها للخصوم بتقديم مستندات في فترة حجز القضية للحكم ومتى كان الأمر كذلك فلا يكون في ذلك الاستبعاد إخلالاً بحق الدفاع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.