مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 13

(5)
جلسة 27 من ديسمبر سنة 1975

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريدة - المستشارين.

القضية رقم 282 لسنة 19 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - إعلان العامل للحضور أمام المحكمة التأديبية - بطلان إجراءات المحاكمة التأديبية - قانون المرافعات المدنية والتجارية.
إعلان العامل المقدم للمحكمة التأديبية بقرار الإحالة وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته، إجراء جوهري - إغفال هذا الإجراء أو إجراؤه بالمخالفة لحكم القانون من شأنه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه - مقتضى ذلك بطلان إعلان العامل بقرار الإحالة في مواجهة النيابة العامة طبقاً لحكم الفقرة العاشرة من المادة 13 من قانون المرافعات المدنية والتجارية ما دام الثابت أنه لم يتم التقصي عن موطن العامل المذكور أو محل عمله لإعلانه فيما قبل إعلانه للنيابة العامة.
المادة 34 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تقضي بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامة المعلن إليه أو في عمله وحكمة هذا النص واضحة، وهى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه، وذلك بإحاطته علماً بأمر محاكمته بإعلانه بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية المتضمنة بياناً بالمخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو بوكيل عنه للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها، وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع ويرتبط بمصلحة جوهرية لذي الشأن. وإذ كان إعلان العامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته إجراء جوهرياً، فإن إغفال هذا الإجراء أو إجراءه بالمخالفة لحكم القانون على وجه لا تتحقق معه الغاية منه، من شأنه وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية وإن كان قد أجاز في الفقرة العاشرة من المادة 13 منه إعلان الأوراق القضائية في النيابة العامة إذا كان موطن المعلن إليه غير معلوم، إذ أن ذلك ورد استثناء من الأصل العام الذي رددته المادة 34 من قانون مجلس الدولة سالفة الذكر وهي أن يكون إعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامتهم أو في محل عملهم، ومن ثم فإن الإعلان في مواجهة النيابة والأمر كذلك - لا يصح اللجوء إليه إلا بعد القيام بتحريات كافية دقيقة للتقصي عن محل إقامة ذوي الشأن أو محل عملهم وعدم الاهتداء إليها. ويترتب على مخالفة هذا الإجراء وقوع عيب شكلي في إجراءات المحاكمة يؤثر على الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إن الثابت - على ما سلف بيانه - أن الطاعن لم يعلن إعلاناً قانونياً للحضور أمام المحكمة التأديبية بجلستيها المنعقدتين في 22 من أكتوبر و15 من نوفمبر سنة 1972 وأثبتت المحكمة ذلك صراحة بمحضري الجلستين المذكورتين.
وبما أن الطاعن قد أعلن بقرار الإحالة وبالحضور لجلسة 16 من ديسمبر سنة 1972 في مواجهة النيابة العامة بناء على ما قرره السيد رئيس النيابة الإدارية بمحضر جلسة 25 من نوفمبر سنة 1972 من أنه لم يستدل على المتهم. وإذ كان ما قرره السيد رئيس النيابة لا يعني بذاته أنه قد تم البحث والتقصي عن موطن العامل المذكور أو محل عمله لإعلانه فيهما قبل إعلانه للنيابة العامة، فضلاً عن أن الواقع ينفيه بمراعاة أن محل عمل هذا العامل معروف وموضح بالأوراق وبقرار الاتهام وكان من الجائز قانوناً إعلانه فيه، كما أن التحري عن الجهة الإدارية التي كان يعمل بها كان من شأنه ولا ريب الكشف عن محل إقامته الصحيح، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق، فإن إعلان العامل بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته في النيابة العامة يكون والأمر كذلك قد وقع باطلاً ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد شابه عيب في الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق هذا العامل في إبداء ذلك في الاتهام الموجه إليه، على وجه يؤثر في الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم، وكان الطاعن - على ما سلف بيانه - لم يعلن بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية ولم يخطر بالجلسات المحددة لمحاكمته، ومن ثم لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه، وكانت الدعوى بذلك لم تتهيأ أمام المحكمة التأديبية للفصل فيها، فإنه يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لإعادة محاكمته والفصل فيما نسب إليه مجدداً من هيئة أخرى.