أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 894

جلسة 21 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، وإبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.

(122)
الطعن رقم 244 لسنة 32 القضائية

( أ ) إجازة. "التزامات المستأجر". "دفع الأجرة". عقد. "عقود المدة".
الأجرة تقابل الانتفاع. دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً ما لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة أو عرف في شأن تعيينها. قاعدة موضوعية قررتها المادة 380 من القانون المدني الملغي. لم تتضمن هذه المادة قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة.
(ب) إجازة. "التزامات المستأجر". "دفع الأجرة". عرف. نقض. "أحوال الطعن". "مخالفة القانون".
تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار. قضاء الحكم على أساس وجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة قبل تاريخ الإيجار. عدم تثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو بيان مصدره. مخالفة للقانون.
1 - وإن كانت المادة 380 من القانون المدني الملغي تنص على أنه "يستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" إلا أن المشرع لم يقصد بإيراد هذا النص إلا أن يكون دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً إذا لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة ولم يوجد عرف في شأن تعيينها بل إن ما جاء بهذا النص لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقاعدة التي تقضي بأن الأجرة تقابل الانتفاع وهو حكم خاص بعقد الإيجار لولاه لكانت الأجرة واجبة الدفع بمجرد إبرام العقد طبقاً لما تقضي به القواعد العامة وبالتالي فإن نص المادة 380 المشار إليه لم يتضمن قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة بل تضمن قاعدة موضوعية على النحو السابق تقريره.
2 - متى أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على وجود عرف يقضي بأن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار دون أن تتثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو تبين مصدره وذلك على الرغم من تمسك الطاعن بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار وبعد جمع المحصول فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً مما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه في يوم أول أغسطس سنة 1936 رفعت وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف أبو بكر راتب على المرحوم بلتاجي مصطفى زعير مورث المطعون ضدهم من الثاني إلى السابع وعلى المطعون ضده العاشر الدعوى رقم 11 سنة 1949 أمام محكمة المنصورة الابتدائية طلبت فيها الحكم بإلزام المورث المذكور بأن يدفع لها 421 ج و77 م وهو قيمة الإيجار المستحق عن أرض زراعية مساحتها 16 ف و21 ط و20 س كان قد استأجرها من الوقف المشار إليه لمدة تنتهي في 30 من سبتمبر سنة 31 كما طلب الحكم بإلزام المطعون ضده العاشر باعتباره الناظر السابق على الوقف والذي أجر الأرض المذكورة بأن يقدم لها المستندات والبيانات التي تؤيد دعواها - وبجلسة 5 من مايو سنة 1938 تدخل المطعون ضده الأول في الدعوى بصفته حارساً جديداً على الوقف المذكور بدل وزارة الأوقاف وطالب بنفس الطلبات التي رفعت بها الدعوى - وكان المورث المستأجر قد توفى فحل ورثته محله في الدعوى ودفعوا بسقوط الإيجار المطالب به بالتقادم فوجه المطعون ضده الأول إلى وزارة الأوقاف دعوى ضمان طلب فيها الحكم بإلزامها بتعويض يعادل الإيجار المستحق إذا ما قضى بقبول الدفع وذلك تأسيساً على أنها عينت حارسة على الوقف بتاريخ 27 من يناير سنة 1932 وظلت قاعدة عن رفع الدعوى بالإيجار حتى أول أغسطس سنة 1936 فرفعت وزارة الأوقاف بدورها في 22 من ديسمبر سنة 1946 دعوى ضمان وجهتها إلى السيد/ علي راتب مورث المطعون ضدهما الثامن والتاسعة وآخر غير ممثل في الطعن بصفتهما حارسين سابقين على الوقف طلبت فيها الحكم أصلياً بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول المبلغ المطالب به في الدعوى واحتياطياً بإلزامهما بأن يدفعا لها ما عساه أن يحكم به عليها - ومحكمة المنصورة الابتدائية قضت في 25 من يناير سنة 1955 (أولاً) برفض دعوى الإيجار (ثانياً) وفي دعوى الضمان بإلزام وزارة الأوقاف بأن تدفع للبنك السويسري (المطعون ضده الأول) مبلغ 421 ج و77 م (ثالثاً) برفض دعوى الضمان الموجهة من وزارة الأوقاف إلى النظار السابقين. استأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم بالاستئناف رقم 224 سنة 9 قضائية - ومحكمة استئناف المنصورة قضت في 8 من إبريل سنة 1962 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها بطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين وبقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن دفع النيابة ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهم الثلاثة الأخيرين يقوم على خلو تقرير الطعن من الأسباب بالنسبة للحكم الصادر في دعوى الضمان التي كان الطاعن قد وجهها إليهم وقضى الحكم المطعون فيه برفضها.
وحيث إن هذا الدفع صحيح ذلك أن الطاعن لم يبين في تقرير الطعن الأسباب التي يعيب بها قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى الضمان التي كان قد وجهها إلى المطعون ضدهم المذكورين ومن ثم يكون الطعن باطلاً بالنسبة إليهم عملاً بنص المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 ويتعين لذلك الحكم ببطلانه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية بالنسبة لباقي المطعون ضدهم.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه أقام قضاءه بسقوط الحق في المطالبة بدين الإيجار على ما اعتمد عليه من أسباب الحكم الابتدائي والتي مؤداها أن الطاعنة وقد عجزت عن إقامة الدليل على أن تاريخ انتهاء عقد الإيجار في 30 من سبتمبر سنة 1931 هو بذاته تاريخ استحقاق الأجرة فإن العرف قد جرى على أن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار وملازماً لوقت ظهور المحصول مما يكون معه تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار بشهر أو نصف شهر على الأقل وعلى هذا الأساس يكون قد مضى أكثر من خمس سنوات هلالية على تاريخ استحقاق الأجرة ويكون الحق في المطالبة بها قد سقط عملاً بنص المادة 275 من القانون المدني المختلط وترى الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد خالف بذلك القانون إذ أن المادة 380 من القانون المدني الوطني والتي تقابل المادة 464 من القانون المدني المختلط تنص على أنه "تستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" ومفاد هذا أن تاريخ انقضاء مدة الإيجار يعتبر كقاعدة عامة تاريخاً لاستحقاق الأجرة ما لم يوجد في عقد الإيجار نص على خلاف ذلك - وما على المؤجر إلا أن يثبت تاريخ انتهاء مدة الإيجار حتى يعتبر قرينة على أنه تاريخ استحقاق الأجرة وهي قرينة لا يقبل إثبات عكسها إلا إذا قام الدليل على أن المؤجر والمستأجر قد اتفقا على ميعاد آخر لاستحقاق الأجرة وإذ كان تاريخ انتهاء الإيجار هو 30 من سبتمبر سنة 1931 فإن ذلك التاريخ يعتبر قرينة في جانب الطاعن على أنه تاريخ استحقاق الأجرة وإذ ألزم الحكم الطاعنة بإثبات تاريخ استحقاق الأجرة على الرغم من قيام القرينة في جانبها فإنه يكون قد خالف قاعدة أصيلة من قواعد الإثبات - هذا إلى قول الحكم المطعون فيه بوجود عرف يقضي بأن يكون استحقاق الأجرة سابقاً على انتهاء عقد الإيجار بشهر أو بنصف شهر يتعارض ونص المادة 380 المشار إليها ويصطدم مع الواقع الذي جرى بأن يوفي المستأجرون دين الإيجار من ثمن محاصيلهم التي يبيعونها في ميعاد يتجاوز في العادة تاريخ انتهاء الإيجار وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مخالفاً للقانون.
وحيث إنه وإن كانت المادة 380 من القانون المدني الملغي الذي يحكم هذا النزاع كانت تنص على أنه "تستحق أجرة كل مدة من مدد الانتفاع عند انقضائها ما لم يوجد شرط بخلاف ذلك" إلا أن المشرع لم يقصد بإيراد هذا النص إلا أن يكون دفع الأجرة مؤخراً لا مقدماً إذا لم يوجد اتفاق على مواعيد دفع الأجرة ولم يوجد عرف في شأن تعيينها بل إن ما جاء بالنص لا يعدو أن يكون تطبيقاً للقاعدة التي تقضي بأن الأجرة تقابل الانتفاع وهو حكم خاص بعقد الإيجار لولاه لكانت الأجرة واجبة الدفع بمجرد إبرام العقد طبقاً لما تقضي به القواعد العامة وبالتالي فلم يتضمن نص المادة 380 المشار إليها قرينة على تحديد تاريخ استحقاق الأجرة بل تضمن قاعدة موضوعية على النحو السابق تقريره. على أنه من ناحية أخرى فإنه وقد تأسس قضاء الحكم المطعون فيه على وجود عرف يقضي بأن يكون تاريخ استحقاق الأجرة سابقاً على تاريخ انتهاء الإيجار بشهر أو نصف شهر على الأقل وعلى هذا الأساس قضى الحكم بسقوط الحق في المطالبة بالأجرة دون أن تتثبت المحكمة من قيام ذلك العرف أو تبين مصدره وذلك على الرغم من تمسك الطاعن بوجود عرف يقضي باستحقاق الأجرة عند انتهاء الإيجار وبعد جني المحصول - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه وذلك دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.