أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 17 - صـ 938

جلسة 28 من إبريل سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة: وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وإبراهيم علام، وسليم راشد أبو زيد.

(129)
الطعن رقم 274 لسنة 32 القضائية

( أ ) نقض. "الحكم في الطعن". أثره.
نقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الموضوع. حريتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولو من غير الطرق التي كانت قد حصلته منها من قبل. لها أن تخالف رأيها الأول. وجوب اتباعها حكم النقض في المسألة القانونية التي فصل فيها.
(ب) حيازة. إثبات. "الوقائع المادية".
وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات.
(ج) حكم. "إصداره". "أسباب الحكم".
جواز أن يرد بعض المقضى به في أسباب الحكم دون المنطوق.
(د) حكم. "حجز الدعوى للحكم". محكمة الموضوع.
حجز القضية للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات في ميعاد محدد. عدم تقديم المذكرة في الميعاد. محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب مدّ أجل الحكم لتقديم مذكرة.
1 - بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية تسترد المحكمة المحال إليها حريتها في تحصيل فهم الواقع في الدعوى ولو كان ذلك من غير الطرق التي كانت قد حصلته منها من قبل بل إن لها أن تخالف رأيها الأول فيما تحصله من فهم الواقع في الدعوى ولا يقيدها في ذلك إلا أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها [(1)].
2 - وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومن ثم فإن المحكمة لا تتقيد في إثباتها بطريق معين من طرق الإثبات.
3 - متى قضى الحكم المطعون فيه في أسبابه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فإنه لا يعيبه أن جاء منطوقه خلواً من هذا القضاء إذ ليس ما يمنع من أن يكون بعض المقضى به في أسباب الحكم.
4 - متى كانت الدعوى قد حجزت للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يريد في ميعاد محدد ولم يقدم أحد الخصوم مذكرة في الميعاد المضروب له وطلب مد أجل الحكم لتقديم المذكرة فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب بعد انتهاء الأجل الذي حددته لتقديم المذكرة فيه، وإنما إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته وتقدير العذر الذي منع من تقديم المذكرة في الميعاد كل ذلك من إطلاقات محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 2919 سنة 1946 أمام محكمة مصر الابتدائية طلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم إلى نصف المنزل المبين بصحيفة الدعوى وبتسليمه إليهم قائلين في تبيان دعواهم إن مورثهم المرحوم حسن علي الصباغ كان قد استحكر الأرض المقام عليها هذا المنزل من وزارة الأوقاف بعقد مؤرخ مارس سنة 1895 ثم أقام بناء المنزل بعد ذلك وبموجب عقد محرر في 16 من يوليه سنة 1911 وثابت التاريخ في 17 من هذا الشهر باع لهم مورثهم النصف الغربي من مباني الدور الأول والنصف الشرقي من مباني الدور الثاني - وكان المورث قبل ذلك وبموجب عقد محرر في 17 من يناير سنة 1910 قد باع لابنه سيد مورث الطاعنين النصف الآخر من بناء ذلك المنزل وأضاف المطعون ضدهم أنهم وضعوا يدهم على ما آل إليهم بموجب العقد المؤرخ 16 من يوليو سنة 1911 كما وضع الطاعنون ومورثهم من قبلهم يدهم على ما آل إليهم بموجب العقد المؤرخ 17 من يناير سنة 1910 واستمر الحال على ذلك حتى أول سبتمبر سنة 1938 حيث وضع الطاعنون يدهم على المنزل كله فرفع عليهم المطعون ضدهم الدعوى رقم 3354 سنة 1938 مدني أمام محكمة الوايلي الجزئية طلبوا فيها الحكم بإلزامهم بريع حصتهم في المنزل وإذ رأت المحكمة المذكورة أن منازعة الطاعنين في الملكية غير جدية فقد قضت بندب خبير لتقدير الريع فلما استأنف الطاعنون هذا الحكم قضت المحكمة الاستئنافية بوقف السير في الدعوى حتى يفصل في الملكية - فرفع المطعون ضدهم هذه الدعوى بطلباتهم المنوه عنها. وفي 20 من نوفمبر سنة 1948 قضت محكمة مصر الابتدائية بندب خبير لفحص مستندات الطرفين وتطبيقها على الطبيعة وسماع شهودهما بدون حلف يمين وذلك لتحقيق دفاع كل منهما لمعرفة ما إذا كانت ملكية مباني المنزل جميعها لمورث الطاعنين أم أن المطعون ضدهم يملكون فيها النصف وقدم الخبير تقريراً ذكر فيه أنه تبين من فحص مستندات الطرفين وتطبيقها أن المطعون ضدهم يملكون النصف الغربي من مباني الدور الأول والنصف الشرقي من مباني الدور العلوي طبقاً لعقد ملكيتهم المؤرخ 16 من يوليه سنة 1911 وأن الطاعنين يملكون النصف الشرقي من مباني الدور الأول والنصف الغربي من مباني الدور العلوي طبقاً لعقد ملكية مورثهم المؤرخ في 17 من يناير سنة 1910 وأن الطرفين مشتركان في الانتفاع بباب المنزل والمدخل والسلم. ولكن هذه الحال تغيرت وأصبحت مظاهر وضع اليد للطاعنين - وفي 17 من ديسمبر سنة 1951 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضدهم هذا الحكم وقيد استئنافهم برقم 129 سنة 69 استئناف مصر. وفي 31 من أكتوبر سنة 1953 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - فطعن المطعون ضدهم في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 5 من ديسمبر سنة 1957 قضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة القضية إلى محكمة استئناف القاهرة وبتاريخ 18 من فبراير سنة 1958 عجل المطعون ضدهم الاستئناف وبتاريخ 29 من إبريل سنة 1962 قضت محكمة استئناف القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى وبتثبيت ملكية المستأنفين (المطعون ضدهم) إلى نصف مباني منزل النزاع وبمنع المنازعة وبالتسليم. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن ولدى نظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم القانون وتأويله وتطبيقه ذلك أن حكم محكمة النقض الصادر في 5 من ديسمبر سنة 1957 قد نقض حكم محكمة الاستئناف الصادر في 31 من أكتوبر سنة 1953 لقصوره في الرد على المستندات التي قدمها المطعون ضدهم فتوهم الحكم المطعون فيه أن منحى حكم النقض المشار إليه أن تلغي محكمة الاستئناف بعد الإحالة الحكم المستأنف استناداً إلى المستندات التي قدمها المطعون ضدهم دون تحميصها أو بحث مدى الاستدلال بها على وضع اليد مع أن حكم النقض المذكور لم يقصد ذلك بل كل ما عناه هو أن تبحث محكمة الاستئناف هذه المستندات وترد عليها إن رأت عدم الأخذ بها - وأما مدى حجية هذه المستندات في إثبات وضع يد المطعون ضدهم فهو ما لم يتعرض له حكم النقض وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مخطئاً في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه ينقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية تسترد محكمة الإحالة حريتها في تحصيل فهو الواقع في الدعوى ولو كان ذلك من غير الطرق التي كانت قد حصلته منها من قبل بل إن لها أن تخالف رأيها الأول فيما تحصله من فهم الواقع في الدعوى ولا يقيدها في ذلك إلا أن تتبع حكم النقض في المسألة القانونية التي فصلت فيها - ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بملكية المطعون ضدهم لنصف المنزل محل النزاع إلى العقد المؤرخ 16 من يوليه سنة 1911 والصادر إليهم من مورثهم المرحوم حسن علي الصباغ ببيعه لهم أجزاء ذلك المنزل المبينة بالعقد المذكور ثم نفى تملك الطاعنين لهذه الأجزاء بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية لما ثبت لديه من عدم اكتمال مدة وضع اليد بعد أن انقطع التقادم برفع المطعون ضدهم في سنة 1938 دعوى بطلب ريع نصيبهم في المنزل وتمسكوا فيها بحق ملكيتهم في ذلك المنزل - وقد أكد الحكم ذلك بما ارتآه - بعد بحثه لمستندات المطعون ضدهم - من أن سدادهم نصيبهم في أجرة الحكر لمورث الطاعنين أحياناً ولوزارة الأوقاف أحياناً أخرى وسدادهم كذلك عوائد المباني يؤيد حقهم في الملكية وينفي عن الطاعنين أنهم وضعوا اليد على العين المتنازع عليها دون المطعون ضدهم - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد فهم حكم النقض على وجهه الصحيح ولم يخطئ في القانون ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تأويل القانون وتطبيقه - وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن وضع اليد - بعكس الملكية - واقعة يقطع في إثباتها البينة دون المستندات، وقد خلص الخبير المنتدب في الدعوى من أقوال الشهود الذين صرحت له المحكمة بسماع شهادتهم أن وضع اليد قد ثبت للطاعنين دون المطعون ضدهم مما كان يتعين معه القضاء للطاعنين بالملكية ولا يؤثر في ذلك ما قدمه المطعون ضدهم من مستندات دالة على ملكيتهم إذ أن تملك الطاعنين بوضع اليد ينفي الملكية عن المطعون ضدهم مهما كانت مستنداتهم وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه بملكية المطعون ضدهم على ما قدموه من مستندات دون نظر إلى وضع يد الطاعنين فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن وضع اليد واقعة مادية يجوز إثباتها بكافة طرق الإثبات ومن ثم فإن المحكمة لا تتقيد في إثباتها - بطريق معين من طرق الإثبات - ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى عدم اكتمال وضع يد الطاعنين وبالتالي نفى الملك عنهم بناء على ذلك السبب وأثبته للمطعون ضدهم تأسيساً على ما قدموه من مستندات تفيد ملكيتهم - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التدليل ذلك أنهم قدموا لمحكمة الموضوع بدرجتيها اتفاقات بينهم وبين عديد من المقاولين عن أعمال الهدم والترميم والتنكيس التي فرضتها مصلحة التنظيم صيانة للعقار موضوع النزاع - كما قدموا إيصالات دالة على سداد أجر هؤلاء المقاولين وقالوا إن جميع الدعاوى التي كانت مرددة بين الطاعنة الأولى ووزارة الأوقاف من أجل الهدم وزيادة أجرة الحكر وغير ذلك من الأنزعة التي قامت بخصوص ذلك المنزل كانت الطاعنة الأولى هي التي تباشر الخصومة فيها باعتبارها واضعة اليد وحدها عليه - كما قدم الطاعنون أيضاً لمحكمة الموضوع الحكمين الصادرين في الدعويين رقمي 2637، 1359 سنة 26 مدني الوايلي والتي كان قد رفعهما مورث الطاعنين على مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول يطالب في أولاهما بملكيته للمنزل موضوع النزاع وفي ثانيهما بإيجار عن هذا المنزل - وعلى الرغم من أن الطاعنين قد قدموا كل هذه المستندات للتدليل على أنهم ومورثهم هو الواضعوا اليد على منزل النزاع وعلى الرغم من استناد محكمة الدرجة الأولى إلى دلالة تلك المستندات العديدة على إثبات وضع اليد للطاعنين دون المطعون ضدهم فإن الحكم المطعون فيه قد أطرحها دون أن يناقشها أو يرد عليها مكتفياً بالقول بأنها لا تنفي ملكية المطعون ضدهم وبذلك شاب الحكم قصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد خالف قضاء محكمة الدرجة الأولى وأقام قضاءه على عدم اكتمال مدة وضع اليد المكسبة للملكية للطاعنين - ولما كانت الدعامة التي أقام عليها الحكم المطعون فيه قضاءه كافية لحمل هذا القضاء ومن شأنها أن تسوغ مخالفته لقضاء محكمة الدرجة الأولى فإنه لا جناح عليه في ذلك - أما باقي ما يثيره الطاعنون فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في حق محكمة الموضوع في تقدير الدليل وفي الموازنة بين المستندات المقدمة لها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداها ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتخاذل والتناقض في الإسناد ذلك أنه على الرغم من أن ملكية الطاعنين مقضى لهم بها نهائياً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 2637 سنة 1926 مدني الوايلي والذي قضى بملكية مورثهم إلى الدور الثاني جميعه من منزل النزاع وهو ما كان ينكره عليه مورث المطعون ضدهم الأربعة الأول إلا أن الحكم المطعون فيه قرر أن ذلك الحكم المشار إليه إنما قصد تثبيت ملكية مورث الطاعنين لنصف الدور الثاني من المنزل وهو النصف الذي لم ينكر المطعون ضدهم ملكية الطاعنين له.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه حين قرر أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 2637 سنة 1926 مدني الوايلي إنما قضى لمورث الطاعنين بنصف الدور الثاني من منزل النزاع قد استقى ذلك من تقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى بعد أن اطمأنت إليه المحكمة وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه في تفسير الحكم المشار إليه لا يتعارض مع الثابت فيه ذلك أن هذا الحكم الأخير قد بين في أسبابه المرتبطة بمنطوقه والتي تعتبر متممة لهذا المنطوق سند قضائه لمورث الطاعنين بالملكية وهو عقد البيع المؤرخ 17 من يناير سنة 1910 ذلك العقد الذي تضمن ملكية مورث الطاعنين لنصف مباني منزل النزاع بطريق الشراء من والده ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التدليل ذلك أنه قد أيد في أسبابه الحكم المستأنف في خصوص قضائه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها دون أن يبرر هذا القضاء في منطوقه مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وقد قضى الحكم المطعون فيه في أسبابه برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فإنه لا يعيبه أن جاء منطوقه خلواً من هذا القضاء إذ ليس ما يمنع من أن يكون بعض المقضى به في أسباب الحكم.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه التجهيل ذلك أنه قضى للمطعون ضدهم بتثبيت ملكيتهم إلى نصف مبان منزل النزاع مع أن مستندات التمليك التي استند إليها في قضائه تشير إلى ملكية المطعون ضدهم لجزء من مباني الدور الأرضي وجزء من مباني الدور العلوي ومن الجائز أن يكون هذان الجزءان ينقصان عن النصف أو يزيدان عليه وفي هذا تجهيل من الحكم يعيبه بالبطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من منطوق الحكم المطعون فيه أنه قضى للمطعون ضدهم بتثبيت ملكيتهم إلى نصف مباني المنزل المبين بصحيفة الدعوى وذلك حسب البيان والتوزيع الواردين بتلك الصحيفة وبتقرير الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى - ولما كان الطاعنون لم يتمسكوا أمام محكمة الموضوع بما يثيرونه في سبب الطعن من أن الجزء المطالب بتثبيت ملكيته حسبما جاء بصحيفة الدعوى وتقرير الخبير يزيد على النصف فإن ذلك منهم يكون دفاعاً موضوعياً جديداً لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ذلك أنهم قدموا لمحكمة الاستئناف العديد من المستندات الدالة على أنهم ومورثهم من قبلهم كانوا يضعون اليد على المنزل محل النزاع منذ سنة 1918 - تاريخ تغيير عقد الحكر باسم مورثهم - حتى تاريخ رفع هذه الدعوى في سنة 1946 - وإذا كان المطعون ضدهم قد قدموا بعض الإيصالات الدالة على سداد العوائد وشهادات الميلاد والوفاة فإن تلك المستندات لا تقطع في وضع يدهم إذ أن إيصالات العوائد من الجائز أنهم اختلسوها أثناء زيارتهم لأخيهم مورث الطاعنين أما شهادات الميلاد والوفاة فإنها من صنعهم ولذلك لا تصلح دليلاً لهم وبذلك يكون الحكم قد أخطأ في الاستناد إلى هذه المستندات مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جاء في الرد على الأسباب الأول والثاني والثالث من أن الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه بالملكية للمطعون ضدهم إلى عقد ملكيتهم الصادر لهم من مورثهم في 16 من يوليه سنة 1911 والسابق الإشارة إليه وإلى عدم اكتمال مدة وضع اليد المكسب للملكية بالنسبة للطاعنين وهو ما يكفي لحمل قضاء الحكم - وغير صحيح ما ورد بالنعي من أن الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات وضع يد المطعون ضدهم إلى شهادات الميلاد والوفاة - أما استناد الحكم إلى قسائم العوائد فإن الحكم قد اعتمد عليها كمجرد قرينة تؤيد ما انتهى إليه من ملكية المطعون ضدهم في منزل النزاع وقول الطاعنين عن هذه القسائم بأنه من الجائز أن يكون المطعون ضدهم قد اختلسوها فإنه قول لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يقبل منهم لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثامن على الحكم المطعون فيه القصور في التدليل والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المطعون ضدهم قدموا للتدليل على دعواهم ثلاثة عشر إيصالاً موقعاً عليها بتوقيع مورث الطاعنين تفيد سدادهم إليه نصيبهم في متأخر الحكر المستحق لوزارة الأوقاف فما كان من الطاعنين إلا أن طعنوا على هذه الإيصالات أمام محكمة الدرجة الأولى بأنها مزورة لأنها تحمل ختم المورث مع أنه كان يوقع دائماً بإمضائه كما تمسكوا بذلك أمام محكمة الاستئناف لكن هذه المحكمة لم تمكنهم من اتخاذ طريق الطعن بالتزوير ولم تتناول دفاعهم هذا بالرد مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع يكفي وحده لإبطال الحكم.
وحيث إنه لما كان الطاعنون لم يقدموا إلى هذه المحكمة ما يثبت طعنهم على هذه الإيصالات بأنها مزورة وأنهم طلبوا إلى محكمة الموضوع تمكينهم من اتخاذ طريق الادعاء بالتزوير فيها - كما لا يوجد بيانات الحكمين الابتدائي والمطعون فيه ما يدل على ذلك فإن النعي بهذا السبب يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب التاسع على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد والاستناد ذلك أنه قد استند في إثبات وضع يد المطعون ضدهم على منزل النزاع على المستندات التي قدموها مع أنهم في دعوى الريع رقم 3354 سنة 1938 مدني الوايلي قرروا أن الطاعنة الأولى استأثرت بحيازة المنزل منذ سنة 1937 ثم عادوا في الدعوى الحالية واستندوا إلى تلك المستندات لإثبات حيازتهم ولعل هذه المستندات تشير إلى إقامتهم بمنزل آخر بنفس الشارع الذي به المنزل محل النزاع.
وحيث إن هذا النعي مرود بما جاء في الرد على السبب السابع من أنه غير صحيح استناد الحكم في قضائه إلى بعض هذه المستندات وهو شهادات الميلاد والوفاة ومن أن استناده على البعض الآخر من قسائم العوائد كان مجرد إضافة قرينة لتأييد ما انتهى إليه من ملكية المطعون ضدهم لمنزل النزاع أما قول الطاعنين بأن هذه المستندات قد تكون خاصة بمنزل آخر غير منزل النزاع فهو أيضاً قول غير مقبول منهم لعدم سبق التمسك به أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب العاشر على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع ذلك أن القضية قد تداولت بالجلسات أمام محكمة الاستئناف عدة جلسات حتى كانت جلسة 11 من مارس سنة 1962 وفيها قررت المحكمة حجز القضية للحكم لجلسة 29 من إبريل سنة 1962 وصرحت بتقديم مذكرات لمن يشاء على أن يبدأ بها المطعون ضدهم في العشرة الأيام الأولى ويعقب الطاعنون في العشرة الأيام التالية إلا أن محامي الطاعنين قد مرض في الفترة المحددة لتقديم مذكرة بدفاعهم فلم يتمكن من تقديم تلك المذكرة وقد للمحكمة طلباً مرفقاً به شهادة مرضية طالباً مد أجل الحكم لتقديم مذكرة بدفاعه لكن المحكمة لم تلتفت إلى ذلك - وحكمت في الدعوى دون سماع دفاعهم مما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع يبطل الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه متى كانت الدعوى قم حجزت للحكم مع التصريح بتقديم مذكرات لمن يريد في ميعاد محدد ولم يقدم أحد الخصوم فيها مذكرة في الميعاد المضروب له وطلب مد أجل الحكم لتقديم المذكرة فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة مثل هذا الطلب بعد انتهاء الأجل الذي حددته لتقديم المذكرة فيه - وإنما إجابة هذا الطلب أو عدم إجابته وتقدير العذر الذي منع من تقديم المذكرة في الميعاد كل ذلك من إطلاقاتها.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] راجع نقض 3 مايو سنة 1962 في الطعن رقم 328 لسنة 26 ق والطعن رقم 427 لسنة 26 ق بمجموعة المكتب الفني س 13 ص 571 وص 591 ونقض 26/ 4/ 1956 ص 7 رقم 76.