أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 71

جلسة 5 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(18)
الطعن رقم 240 لسنة 56 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية: المسئولية الشيئية".
مسئولية حارس الأشياء. م 178 مدني. مناطها.
(2) مسئولية. مرافق عامة. قانون.
مسئولية وحدات الحكم المحلي عن حراسة شبكات الإنارة العامة في المدن والقرى. أساسها. مجال تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 380 لسنة 1976 اقتصاره على نطاق سريان القانون رقم 52 لسنة 1975 الذي صدر في ظله. دون القانون رقم 43 لسنة 1979 المتعارض مع أحكامه.
1 - الحراسة الموجبة للمسئولية طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه.
2 - مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 43 لسنة 1979 - الذي يحكم واقعة الدعوى - بعد تعديلها بالقانون رقم 50 لسنة 1981 والمادة التاسعة عشر من اللائحة التنفيذية لهذا القانون أنه أصبح بصدور القانون رقم 43 لسنة 1979 منوطاً بوحدات الحكم المحلي تولي أعمال إنشاء وصيانة شبكات الإنارة العامة في مختلف المدن والقرى. فتكون هذه الوحدات في مدلول حكم المادة 178 من القانون المدني حارسة على هذه الشبكات باعتبارها الجهة ذات الهيمنة والسيطرة عليها بما أُسند إليها قانوناً مهام إنشائها واستعمالها وصيانتها والرقابة على ما يتصل باستهلاك طاقة الكهرباء، ولا يغير من ذلك ما تضمنه قرار رئيس الجمهورية رقم 380 لسنة 1976 من اعتبار مرفق الكهرباء من المرافق ذات الطبيعة الخاصة في تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بنظام الحكم المحلي، إذ أن مجال تطبيق هذا القرار يقتصر على نطاق سريان هذا القانون الذي صدر في ظله دون القانون رقم 43 لسنة 1979 المتعارض مع أحكامه، ولا يسوغ انصراف الحراسة إلى الشركة المطعون ضدها الثانية إذ يبين من استقراء القرار رقم 223 لسنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء بتأسيسها أن الغرض من إنشائها هو توزيع وبيع الطاقة الكهربائية بمحافظات الدلتا فلا يعتبر قيامها بهذا العمل من شأنه أن يخرج شبكات الإنارة العامة من السلطة الفعلية لوحدات الحكم المحلي وفقاً لما استهدفه القانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 541 سنة 83 مدني طنطا الابتدائية على الطاعن والمطعون ضده الثاني بصفتيهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يؤديا إليه مبلغ ألفي جنيه، وقال بياناً لهما أنه بتاريخ 8 من نوفمبر سنة 1982 بمدينة كفر الزيات سقط سلك كهربائي على دابة يملكها "حصان" أدى إلى صعقها ونفقها وأجري عن الحادث تحقيق في المحضر رقم 3933 سنة 82 إداري كفر الزيات، وإذ حاق به ضرر من جراء نفق دابته التي كانت مصدر رزقه وكانت حراسة سلك الكهرباء محدث الضرر هي للطاعن والمطعون ضده الثاني عملاً بالمادة 178 من القانون المدني فإنهما يكونا مسئولين عن التعويض بالمبلغ الذي يطلبه في دعواه، وبتاريخ 27 من ديسمبر سنة 1984 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضده الأول مبلغ ثمانمائة جنيه استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 141 سنة 35 قضائية طالباً إلغاءه ورفض الدعوى، وبتاريخ 26 من نوفمبر سنة 1985 حكمت محكمة الاستئناف برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، طعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإن عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلزامه بالتعويض على سند من أن الأسلاك الكهربائية التي سبب إحداها الضرر محل المطالبة بالتعويض عنه تقع في حراسته وفقاً لأحكام قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979، إلا أنه وإن كان هذا القانون قد منح الوحدات المحلية اختصاص إنشاء وإدارة جميع المرافق، إلا أنه عاد واستثنى من ذلك المرافق القومية والمرافق ذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، ولقد صدر من رئيس الجمهورية قبل صدور القانون المذكور القرار رقم 380 سنة 1976 باعتبار مرفق الكهرباء من المرافق ذات الطبيعة الخاصة وهو قرار يسري في ظل العمل بالقانون المشار إليه لعدم تعارضه مع أحكامه، ويصبح عمل وحدات الحكم المحلي قاصراً على إعداد المبنى اللازم لشبكة الإنارة والأدوات اللازمة لتشغيلها ولا علاقة لها بالتيار الكهربائي الذي تتولى الشركة المطعون ضدها الثانية مدة إلى المنازل والمنشآت واستغلاله لحسابها عن طريق تحصيل القيمة النقدية للاستهلاك، وأنها بذلك يكون لها السيطرة الفعلية في استعمال الشبكة ولحساب نفسها وتعد هي الحارسة عليها والمسئولة عما يقع منها من ضرر دون الطاعن، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الحراسة الموجبة للمسئولية طبقاً لنص المادة 178 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، وإذ كان الشارع قد أصدر قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 - الذي يحكم واقعة الدعوى - فأورد بالمادة الثانية - بعد تعديلها بالقانون رقم 50 لسنة 1981 نصاً على أن "تتولى وحدات الحكم المحلي في حدود السياسة العامة والخطة العامة للدولة إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة في دائرتها. كما تتولى هذه الوحدات كل في نطاق اختصاصها جميع الاختصاصات التي تتولاها الوزارات بمقتضى القوانين واللوائح المعمول بها. وذلك فيما عدا المرافق القومية وذات الطبيعة الخاصة التي يصدر بها قرار من رئيس الجمهورية، وتحدد اللائحة التنفيذية المرافق التي تتولى المحافظات إنشاءها وإدارتها، والمرافق التي تتولى إنشاءها وإدارتها الوحدات الأخرى للحكم المحلى......."، ثم جاء بالمادة التاسعة عشرة من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 سنة 1979 النص على أن "تتولى الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصه وفي حدود السياسة العامة في مجال الطاقة الكهربائية الأمور الآتية
المحافظات:
1 - الموافقة على خطط مشروعات توزيع الكهرباء بالمحافظة.
2 - اعتماد برامج إنارة القرى.
3 - الإشراف على فروع توزيع الكهرباء.
الوحدات المحلية الأخرى:
1 - الموافقة على خطة توزيع الطاقة الكهربائية.
2 - الموافقة على خطة إنشاء وصيانة منشآت توزيع الطاقة الكهربائية.
3 - إنشاء وصيانة شبكات الإنارة العامة والعمل على مدها إلى مختلف المناطق.
4 - إحكام الرقابة على تحصيل قيمة استهلاك الكهرباء والتأكد من قانونية وسلامة التركيبات" ومؤدى ذلك أنه أصبح بصدور القانون رقم 43 لسنة 1979 منوطاً بوحدات الحكم المحلي تولي أعمال إنشاء وصيانة شبكات الإنارة العامة في مختلف المدن والقرى فتكون هذه الوحدات في مدلول حكم المادة 178 من القانون المدني حارسة على هذه الشبكات باعتبارها الجهة ذات الهيمنة والسيطرة عليها بما أسند إليها قانوناً مهام إنشائها واستعمالها وصيانتها والرقابة على ما يتصل باستهلاك طاقة الكهرباء ولا يغير من ذلك ما تضمنه قرار رئيس الجمهورية رقم 380 لسنة 1976 من اعتبار مرفق الكهرباء من المرافق ذات الطبيعة الخاصة في تطبيق أحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 بنظام الحكم المحلي، إذ أن مجال تطبيق هذا القرار يقتصر على نطاق سريان هذا القانون الذي صدر في ظله دون القانون رقم 43 لسنة 1979 المتعارض مع أحكامه، ولا يسوغ انصراف الحراسة إلى الشركة المطعون ضدها الثانية إذ يبين من استقراء القرار رقم 223 سنة 1978 الصادر من رئيس مجلس الوزراء بتأسيسها أن الغرض من إنشائها هو توزيع وبيع الطاقة الكهربائية بمحافظات الدلتا فلا يعتبر قيامها بهذا العمل من شأنه أن يخرج شبكات الإنارة العامة من السلطة الفعلية لوحدات الحكم المحلي وفقاً لما استهدفه القانون 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية، لما كان ذلك وكان الثابت من واقع الدعوى أن الحادث الذي نشأ عنه الضرر محل المطالبة بالتعويض نتج عن سقوط سلك كهربائي من أعمدة الإنارة بمدينة كفر الزيات يوم 8 من نوفمبر سنة 1982 في ظل سريان أحكام القانون آنف الذكر فإن وحدة الحكم المحلي التي يمثلها الطاعن تعتبر هي المتولية حراسة ذلك الشيء محدث الضرر وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.