مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 32

(13)
جلسة 24 من يناير سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ أحمد ثابت عويضة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، محمود طلعت الغزالي، جمال الدين إبراهيم وريده المستشارين.

القضية رقم 920 لسنة 14 القضائية

عقد الصلح - دعوى.
إذا كان ثابت من استظهار الأوراق ما يقطع في تلاقي إرادتي طرفي الدعوى أثناء نظرها أمام محكمة القضاء الإداري في حسم النزاع صلحاً وذلك بنزول كلاً منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه بأن تنازلت الجهة الإدارية عن تمسكها بتطبيق البند الثامن من كراسة شروط التوريد وسلمت بمحاسبة المتعهد على أساس الفقرة السابعة من البند العشرين وبالتفسير الذي ارتآه المتعهد لهذه الفقرة وتنازل المتعهد عن دعواه وعن الفوائد المطالب بها وتحمل مصروفات الدعوى فإن عقد الصلح يكون قد تحقق وجوده وتوافرت أركانه طبقاً لحكم المادة 549 من القانون المدني - يترتب على ذلك وفقاً لحكم المادة 553 من القانون المدني انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها كل من المتعاقدين نزولاً نهائياً - لا يجوز لأي من طرفي الصلح أن يمضي في دعواه ويثير النزاع بمحاولة نقض الصلح أو الرجوع فيه بدعوى الغلط في تفسير الفقرة السابعة من البند العشرين من الشروط.
إن جوهر المنازعة ينحصر في بيان ما إذا كان تنازل المدعي عن الدعوى رقم 150 لسنة 13 القضائية سالفة الذكر ينطوي على عقد صلح بين طرفي الدعوى لحسم النزاع يمتنع معه إثارته هذا النزاع من جديد أمام القضاء.
ومن حيث إن الصلح وفقاً لحكم المادة 549 من القانون المدني هو "عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه" ومفهوم ذلك أن عقد الصلح تتوافر فيه مقوماته عندما تتجه نية طرفي النزاع إلى حسم النزاع بينهما إما بإنهائه إذا كان قائماً وإما بتوقيه إذا كان محتملاً، وذلك بنزول كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه، فإذا ما تحققت هذه المقومات وقام العقد على أركانه القانونية وهى التراضي والمحل والسبب انعقد الصلح باعتباره من عقود التراضي. وإذا كان القانون المدني قد نص في المادة 552 منه على أن "لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمي "فهذه الكتابة لازمة للإثبات لا للانعقاد، وتبعاً لذلك يجوز الإثبات بالبينة أو بالقرائن إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة ولما كان الأمر كذلك وكان الثابت من استظهار الأوراق على الوجه السالف البيان ما يقطع في تلاقى إرادتي طرفي الدعوى رقم 150 لسنة 13 القضائية أثناء نظرها أمام محكمة القضاء الإداري في حسم هذا النزاع صلحاً وذلك بنزول كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه فقد طلب الحاضر عن الحكومة تأجيل نظر الدعوى للصلح وبعثت إدارة قضايا الحكومة إلى الجهة الإدارية طالبة سرعة محاسبة المدعي على الأساس الذي يطالب به وأخذ التعهد اللازم عليه بالتنازل عن الدعوى وملحقاتها من مصاريف قضائية وأتعاب محاماة وخلافه. وقد استجابت الجهة الإدارية والمتعهد لهذا الطلب وسوي حساب المتعهد وفقاً لما طلبه وتنازل عن الفوائد المطالب بها والمصاريف القضائية وأتعاب المحاماة وبناء على ذلك ترك المتعهد الخصومة في الدعوى وتحمل مصروفاتها. ومؤدى ذلك انعقاد الصلح فعلاً بين طرفي النزاع بعد تلاقي إرادتيهما على حسم النزاع وذلك بنزول كل من طرفي النزاع على وجه التقابل عن جزء من ادعائه فتنازلت الجهة الإدارية عن تمسكها بتطبيق البند الثامن من كراسة شروط التوريد وسلمت بمحاسبة المتعهد على أساس الفقرة السابعة من البند العشرين وبالتفسير الذي ارتآه المتعهد لهذه الفقرة، وتنازل المتعهد عن دعواه وعن الفوائد المطالب بها وتحمل مصروفات الدعوى. وإذ كان الأمر كذلك وكان مؤدى المكاتبات المتبادلة بين طرفي النزاع على الوجه آنف الذكر قيام هذا الصلح كتابة طبقاً لحكم القانون، فإن عقد الصلح يكون قد تحقق وجوده وتوافرت خصائصه وأركانه. ولا غناء في القول بأن عقد الصلح أجراه من لا يملكه من صغار الموظفين، ذلك أن الثابت أن مدير عام المنطقة التعليمية هو الذي اعتمد هذه التسوية بناء على توجيه من إدارة قضايا الحكومة وبعد استطلاع رأي الجهات القانونية صاحبة الشأن.
ومن حيث إن النزاع وقد انحسم صلحاً على ما سلف بيانه، فإنه يترتب عليه وفقاً لحكم المادة 553 من القانون المدني انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولاً نهائياً. ولا يجوز من ثم لأي من طرفي الصلح أن يمضي في دعواه إذ يثير النزاع بمحاولة نقض الصلح أو الرجوع فيه بدعوى الغلط في تفسير الفقرة السابعة من البند العشرين من الشروط. وبناء عليه فإن الدعوى مثار الطعن الماثل وقد رفعت متجاهلة الصلح الذي سبق أن حسم موضوع الخصومة تكون جديرة بالرفض، ويكون الحكم المطعون فيه والأمر كذلك قد صادف الصواب فيما انتهى إليه من رفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات.
ومن حيث إنه بالبناء على ما تقدم يتعين الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.