أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 118

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.

(28)
الطعن رقم 952 لسنة 52 القضائية

(1 - 3) قانون "سريان القانون". إيجار. "إيجار الأماكن". "إخلاء الوحدات غير السكنية لإعادة البناء". حكم. " تسبيب الحكم".
(1) المراكز القانونية التي نشأت واكتملت في ظل القانون القديم. خضوعها له من حيث آثارها وانقضائها، أحكام القانون الجديد. وجوب إعمالها بأثر فوري على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز. العبرة بوقت حصول الواقعة المنشئة أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليس بوقت المطالبة به.
(2) الأحكام العامة لعقد الإيجار في القانون المدني وقواعد المسئولية المدنية المقررة فيه. وجوب تطبيقها على الوقائع أو العقود التي تتم في ظلها ما لم يرد في التشريعات الاستثنائية نص يتعارض معها. علة ذلك.
(3) اتفاق المؤجر والمستأجر - إبان العمل بالقانون 52 لسنة 1969 - وعلى إخلاء العين المؤجرة لإعادة بنائها مقابل التعهد بتأجيره إحدى وحدات العقار الجديد. إعمال الحكم القواعد المستحدثة في هذا الخصوص بالقانون 49 لسنة 1977 الذي رفعت الدعوى في ظله. خطأ. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما ينطبق بأثر فوري مباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز وأن العبرة في هذا الصدد هو بوقت حصول الواقعة المنشئة، أو التي اكتمل بها المركز القانوني وليست المطالبة به.
2 - إذا كان المشرع قد نظم في القانون المدني الأحكام العامة لعقد الإيجار ووضع القواعد المقررة للمسئولية المدنية فإن هذه القواعد وتلك الأحكام تكون هي الواجبة التطبيق على الوقائع أو العقود التي تتم في ظلها ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص آخر يتعارض مع أحكامها فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني.
3 - إذا كان البين من الأوراق أن طرفي النزاع اتفقا بتاريخ (.........) على نحو ما هو ثابت بالصورة الرسمية للشكوى رقم (........) إداري دمنهور على اتخاذ المطعون ضده للدكان استئجاره من الطاعنة بالعقد المؤرخ (....) وتمكين الأخيرة من هدمه وإعادة بناء العقار مقابل تعهدها بأن تؤجره إحدى وحدات هذا العقار الذي سيقوم ببنائه لاستعماله ورشة وهو ما يعد تفاسخاً برضاء الطرفين عن عقد الإيجار المبرم بينهما، وإذا تمت هذه الواقعة واكتملت المراكز القانونية للطرفين قبل صدور قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977 وكان الفصل الأول من الباب الثاني من القانون المذكور بشأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع هو فصل مستحدث تضمن أحكاماً لا نظير لها في القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 - الذي أبرم هذا الاتفاق ونفذ بإخلاء العين المؤجرة في ظله - وهو ما لا نزاع فيه بين الطرفين - ومن ثم فإنه يتعين الرجوع في شأن الآثار المترتبة على هذا الاتفاق إلى القواعد العامة في القانون المدني، ولا يغير من ذلك إقامة الدعوى بعد تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 أو أن يكون هدم العقار وإعادة بنائه قد تم بعد هذا التاريخ، إذ لا أثر لهذه الواقعة على اكتمال المراكز القانونية للطرفين قبل العمل بأحكام هذا القانون، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بالتعويض المقضي به على سند مما استحدثه القانون رقم 49 لسنة 1977 من أحكام دون اتباع القواعد العامة الواردة في القانون المدني. الواجب التطبيق فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الطاعنة وآخر الدعوى رقم 2572 سنة 1979 مدني دمنهور الابتدائية طالباً الحكم - بحسب طلباته المعدلة - بتمكينه أصلياً من شغل واستلام الدكان الجديد الذي حل محل دكانه المهدوم وإلزام الطاعنة والمدعى عليه الثاني - بأن يدفعا له مبلغ أربعة آلاف جنيه على سبيل التعويض وفقاً لنص المادتين 49، 52 من القانون رقم 49 لسنة 1977، واحتياطياً بتمكينه من شغل واستلام أحد الدكاكين السبعة بالعقار الذي أقامته الطاعنة وإلزامها بأن تدفع له مبلغ الأربعة آلاف جنيه ومن باب الاحتياط الكلي إلزامها بأن تدفع مبلغ ستة آلاف جنيه وفقاً لأحكام القانون المشار إليه، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1975 استأجر من زوج الطاعنة بصفته وكيلاً عنها دكاناً بالعقار المملوك لها لاستعماله ورشة للسمكرة وأعمال السيارات وبتاريخ 8/ 5/ 1977 أنذرته الطاعنة بإخلاء هذا الدكان حتى تتمكن من هدمه وإقامة بناء جديد على قطعة الأرض المقام هذا الدكان على جزء منها، وحرر عن هذه الواقعة المحضر رقم 1632 سنة 1977 إداري قسم دمنهور وفيه اتفق الطرفان على التزام المطعون ضده بإخلاء الدكان استئجاره مقابل التزام الطاعنة بتسليمه دكاناً آخر في العقار الذي ستقوم ببنائه في موعد أقصاه ستة أشهر من تاريخ الإخلاء، وإذ أقامت الطاعنة عقاراً من دورين الأول يحتوي على سبعة دكاكين والثاني عبارة عن وحدات سكنية وامتنعت عن تسليمه الدكان الجديد رغم إنذارها بذلك، فقد أقام الدعوى وبتاريخ 27/ 4/ 1980 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون ضده مبلغ أربعة آلاف جنيه استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 400 سنة 36 ق الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 9/ 1/ 1982 حكمت بتأييد الحكم المستأنف, طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول أن الاتفاق المؤرخ 29/ 6/ 1977 المبرم بينها وبين المطعون ضده المتضمن إخلاء الدكان المؤجر والعودة إلى وحدة مماثلة في العقار الذي يتم إنشاؤه يخضع في شروط انعقاده وترتيب آثاره للقانون رقم 52 لسنة 1969 دون القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه أحكام القانون الأخير بأثر رجعي على واقعة الدعوى - رغم عدم انطباقه وقضى للمطعون ضده بالتعويض على هذا الأساس، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المراكز القانونية التي نشأت واكتملت وأصبحت حقاً مكتسباً في ظل قانون معين تخضع كأصل من حيث آثارها وانقضائها لأحكام هذا القانون، وأن ما يرد من قواعد في قانون لاحق إنما يطبق بأثر فوري مباشر في هذا الشأن على ما لم يكن قد اكتمل من هذه المراكز، وأن العبرة في هذا الصدد هو بوقت حصول الواقعة المنشئة، أو التي اكتمل بها المراكز القانوني وليست بوقت المطالبة به، وإذ نظم المشرع في القانون المدني الأحكام العامة لعقد الإيجار، ووضع القواعد المقررة للمسئولية المدنية فإن هذه القواعد وتلك الأحكام تكون هي الواجبة التطبيق على الوقائع أو العقود التي تتم في ظلها ما لم يرد في تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص آخر يتعارض مع أحكامها، فإذا خلا التشريع الاستثنائي من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون المدني، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن طرفي النزاع قد اتفقا بتاريخ 29/ 6/ 1977 على نحو ما هو ثابت بالصورة الرسمية للشكوى رقم..... إداري دمنهور على إخلاء المطعون ضده للدكان استئجاره من الطاعنة بالعقد المؤرخ 1/ 2/ 1975 وتمكين الأخيرة من هدمه وإعادة بناء العقار مقابل تعهدها بأن تؤجره إحدى وحدات هذا العقار الذي ستقوم ببنائه لاستعماله ورشة وهو ما يعد تفاسخاً برضاء الطرفين في عقد الإيجار المبرم بينهما، وإذ تمت هذه الواقعة واكتملت المراكز القانونية للطرفين قبل صدور قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 والذي عمل به اعتباراً من 9/ 9/ 1977، وكان الفصل الأول من الباب الثاني من القانون المذكور بشأن هدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع هو فصل مستحدث تضمن أحكاماً لا نظير لا في القانون السابق رقم 52 لسنة 1969 الذي أبرم هذا الاتفاق ونفذ بإخلاء العين المؤجرة في ظله - وهو ما لا نزاع فيه بين الطرفين - ومن ثم فإنه يتعين الرجوع في شأن إعمال الآثار المترتبة على هذا الاتفاق إلى القواعد العامة في القانون المدني، ولا يغير من ذلك إقامة الدعوى بعد تاريخ العمل بأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 أو أن يكون هدم العقار وإعادة بنائه قد تم بعد هذا التاريخ، إذ لا أثر لهذه الوقائع على اكتمال المراكز القانونية للطرفين من قبل العمل بأحكام هذا القانون، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بالتعويض المقضي به على سند مما استحدثه القانون رقم 49 لسنة 1977 من أحكام دون اتباع القواعد العامة الواردة في القانون المدني الواجبة التطبيق، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.