أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 124

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم  نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عزت عمران ورجب أبو زهرة.

(29)
الطعن رقم 1484 لسنة 51 القضائية

(1) مؤسسات. شركات. "شركات القطاع العام". إيجار. "إيجار الأماكن". "بيع الجدك".
حق وزير المالية في إحلال إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة في إيجار الأماكن التي تشغلها اختلافه عن الحق المقرر له في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات والشركات الخاضعة لقوانين استثمار - المال العربي والأجنبي ق 111 لسنة 1975. وجوب تحديد المقصود ببيع الجدك وفقاً لنص المادة 594/ 2 مدني. علة ذلك.
(2 - 4) إيجار. "إيجار الأماكن". "بيع الجدك". حكم. "تسبيب الحكم".
(2) بيع المتجر أو المصنع. هو استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار. شرطه. توافر الصفة التجارية في المكان المؤجر. م 594/ 2 مدني.
(3) المتجر في معنى المادة 594 مدني. مقوماته. تخلف عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية. أثره. انتفاء فكرة المتجر.
(4) القضاء بإخلاء المؤجر لتنازل المستأجر عن الإجارة بغير إذن كتابي صريح من المالك. صحيح. لا يغير من ذلك بيع المنقولات المادية وتجهيزات المخزن إلى المتنازل إليه أو أن يكون للمستأجر نشاط صناعي أو تجاري في مكان آخر. علة ذلك.
1 - النص في المادة الثامنة في القانون 111 لسنة 1975 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام والمعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 على أن "تلغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطاً بذاتها.... ولوزير المالية أن يحل إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي تشغلها - كما يكون لوزير المالية الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي......" يدل على أن المشرع أجاز لوزير المالية إحلال إحدى الجهات المشار إليها بالنص محل المؤسسات الملغاة، في حق إيجار الأماكن التي كانت تشغلها، كما خوله أيضاً الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات والشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي، وإذ كانت عبارة "بيع هذه الأماكن بالجدك" الواردة بالفقرة الثالثة من النص لها مدلول قانوني معين يختلف عن مجرد التنازل عن إجارة العين أو تأجيرها من الباطن والذي عبر عنه النص في فقرته الثانية بحق وزير المالية في إحلال إحدى الهيئات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسة الملغاة في حق إيجار الأماكن، مما مفاده أن المشرع قصد التفرقة بين حكم هذه الحالة وبين الحالة التي صرح فيها ببيع المكان بالجدك في الفقرة الثالثة ورأى أن يكون التصرف فيها بطريق البيع بالجدك، إذ كان يلغيه - لو أراد أن يسوي بين الحالتين - أن يصرح بإحلال الغير محل المؤسسة الملغاة في حق إيجار المكان في جميع الحالات ومقتضى ذلك هو وجوب الرجوع في تحديد المقصود ببيع الجدك إلى ما نصت عليه المادة 594/ 2 من القانون المدني طالما أن النص الوارد بالقانون الخاص لم يحدد شروطاً للجدك تختلف عن تلك الواردة بالقانون العام.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه ".... إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار....." إنما هو استثناء من الأصل المقرر وهو التزام المستأجر باحترام الحظر من المتنازل عن الإيجار، وإذا كان الدافع إلى تقرير هذا الاستثناء هو حرص المشرع على استبقاء الرواج التجاري متمثلاً في عدم توقف الاستثمار الصناعي والتجاري في حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه، فإن هذا الحكم يكون مقصوراً على الأماكن التي تمارس فيها الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها.
3 - المتجر - في معنى المادة 594/ 2 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع عناصره من ثابت - ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية وهذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره، وإن كان لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه إلا أن العنصر المعنوي الرئيسي والذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى فيترتب على انتفائه انتفاء فكرة المتجر ذاتها.
4 - إذ كان لا خلاف بين طرف الخصومة على أن العين المؤجرة محل النزاع عبارة عن جراج استأجرته مؤسسة المصانع الحربية (الملغاة) لاستعماله مخزناً إلى أن يتم التصرف فيه بمقتضى "عقد بيع جدك" مؤرخ (.....) صادر من الطاعن بصفته إلى المطعون ضده الثاني وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المستأجر الأصلي أقام بالعين متجراً مستوفياً الشروط اللازمة لقيام المحل التجاري - على النحو السالف بيانه - فإن التصرف الصادر للمطعون ضده الثاني يكون بحسب تكييفه القانوني الصحيح تنازلاً عن إيجار المكان وليس بيعاً بالجدك بالمعنى المقصود في المادة 594/ 2 من القانون المدني ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل عن الإجارة شاملاً بيع المنقولات المادية والتجهيزات التي أقامها المستأجر الأصلي للمكان المؤجر لتسهيل الانتفاع به بحسب الغرض الذي أجرت العين من أجلها كمخزن أو أن يكون للمستأجر نشاط صناعي أو تجاري في مكان آخر بما يضفي عليه صفة التاجر طالما أن مقومات المتجر لم تتوافر في المكان المؤجر وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بتأييد الحكم المستأنف بإخلاء العين المؤجرة تطبيقاً لأحكام قانون إيجار الأماكن 49 سنة 1977 على سند من أن التنازل عن الإيجار قد تم بغير إذن كتابي صريح من المالك فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الطاعن والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 2154 لسنة 1979 مدني جنوب القاهرة بطلب الحكم بإخلاء المخزن المبين بعقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1953 وبصحيفة الدعوى وقال بياناً لدعواه أنه بموجب العقد سالف الذكر استأجر منه مدير التموين والمخازن بالمصانع الحربية، العين محل النزاع بغرض استعمالها "مخزناً"، ثم حل محله الطاعن بصفته رئيساً لتصفية المؤسسات الملغاة وإذ تنازل هذا الأخير عن العين المؤجرة وتركها للمطعون ضده الثاني بغير إذن منه فقد أقام الدعوى. وبتاريخ 17/ 2/ 1980 قضت المحكمة بإخلاء العين محل النزاع، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2020 لسنة 97 ق وبتاريخ 30/ 3/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أن القانون رقم 112 لسنة 1976 بتعديل أحكام القانون رقم 111 لسنة 1975 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام قد أباح لوزير المالية الحق في أن يبيع بالجدك الأماكن المؤجرة للمؤسسات العامة الملغاة إلى إحدى الهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي ونفاذاً لهذا القانون تم التصرف في العين المؤجرة إلى المطعون ضده الثاني بمقتضى عقد بيع بالجدك مؤرخ 20/ 8/ 1978 إذ اشتمل البيع على كافة ما يوجد بالمخزن المؤجر من تركيبات وتجهيزات ثابتة ومنقولة، ولما كانت المؤسسة العامة للمصانع الحربية المستأجرة الأصلية للعين لها صفة التاجر، فإن الأماكن المؤجرة لها تكون معدة لمزاولة نشاطها التجاري فضلاً عن أن القانون المشار إليه قد افترض توافر شروط الجدك في كافة الأماكن المؤجرة للمؤسسات العامة الملغاة إلا أن الحكم المطعون فيه اشترط لصحة البيع توافر صفة الجدك بالعين المؤجرة وفقاً لما تقضي به المادة 594/ 2 من القانون المدني، وهي تحقق هذه الصفة عن العين محل النزاع ولم تعتبرها متجراً لتخلف العنصر المعنوي من عملاء وسمعة تجارية واسم تجاري، وإذ لم يعن الحكم ببحث الظروف الملابسة للعقد وهي تصفية المؤسسات العامة الملغاة والتصرف في كافة موجداتها والأماكن التي كانت تشغلها والتي صدر من أجلها القانون سالف الذكر، وكان البيع قد شمل التجهيزات بالعين التي تقتضيها حاجة الانتفاع بها، بما يؤيد استعمالها لأغراض تجارية، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإخلاء العين المؤجرة لثبوت تنازل الطاعن عن الإجارة دون إذن صريح من المالك، يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة الثامنة من القانون رقم 111 لسنة 1975 بشأن بعض الأحكام الخاصة بشركات القطاع العام والمعدل بالقانون رقم 112 لسنة 1976 على أن "تلغى المؤسسات العامة التي لا تمارس نشاطاً بذاتها.... ولوزير المالية أن يحل إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي تشغلها - كما يكون لوزير المالية الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات أو الشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي...." يدل على أن المشرع أجاز لوزير المالية إحلال إحدى الجهات المشار إليها بالنص محل المؤسسات الملغاة في حق إيجار الأماكن التي كانت تشغلها، كما خوله أيضاً الحق في بيع هذه الأماكن بالجدك للهيئات والشركات الخاضعة لقوانين استثمار المال العربي والأجنبي، وإذا كانت عبارة "بيع هذه الأماكن بالجدك" الواردة بالفقرة الثالثة من النص، لها مدلول قانوني معين يختلف عن مجرد التنازل عن إجارة العين أو تأجيرها من الباطن الذي عبر عنه النص في فقرته الثانية بحق وزير المالية في إحلال إحدى الجهات الحكومية أو الهيئات العامة أو شركات القطاع العام محل المؤسسة الملغاة في حق إيجار الأماكن وكان مفاده أن المشرع قصد التفرقة بين حكم هذه الحالة وبين الحالة التي صرح فيها ببيع المكان بالجدك في الفقرة الثالثة ورأى أن يكون التصرف فيها بطريق البيع بالجدك، إذ كان يكفيه لو أراد أن يسوي بين الحالتين أن يصرح بإحلال الغير محل المؤسسة الملغاة في حق إيجار المكان في جميع الحالات، ومقتضى ذلك هو وجوب الرجوع في تحديد المقصود ببيع للجدك إلى ما نصت عليه المادة 594/ 2 من القانون المدني طالما أن النص الوارد بالقانون الخاص لم يحدد شروطاً للجدك تختلف عن تلك الواردة بالقانون العام. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "....... إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار......." إنما هو استثناء من الأصل المقرر هو التزام المستأجر باحترام الحظر من التنازل عن الإيجار، وإذا كان الدافع إلى تقرير هذا الاستثناء هو حرص المشرع على استبقاء الرواج التجاري متمثلاً في عدم توقف الاستثمار الصناعي والتجاري في حالة اضطرار صاحبه إلى التوقف عنه، فإن هذا الحكم يكون مقصوراً على الأماكن التي تمارس فيها الأعمال ذات الصفة التجارية والتي ينطبق عليها وصف المصنع أو المتجر دون سواها، والمتجر في معنى تلك المادة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يشمل جميع عناصره من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية وهذه المقومات المعنوية هي عماد فكرته وأهم عناصره، وإذا كان لا يلزم توافرها جميعاً لتكوينه إلا أن العنصر المعنوي الرئيسي والذي لا غنى عن توافره لوجود المحل التجاري، والذي لا يختلف باختلاف نوع التجارة هو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية باعتباره المحور الذي تدور حوله العناصر الأخرى فيترتب على انتفائه، انتقاء فكرة المتجر ذاتها لما كان ذلك وكان لا خلاف بين طرفي الخصومة على أن العين المؤجرة محل النزاع عبارة عن جراج استأجرته مؤسسة المصانع الحربية (الملغاة) لاستعماله مخزناً إلى أن تم التصرف فيه بمقتضى "عقد بيع بالجدك" مؤرخ 30/ 8/ 1987 صادر من الطاعن بصفته إلى المطعون ضده الثاني، وإذ خلت الأوراق مما يفيد أن المستأجر الأصلي أقام بالعين متجراً مستوفياً الشروط اللازمة لقيام المحل التجاري على النحو السالف بيانه، فإن التصرف الصادر للمطعون ضده الثاني يكون بحسب تكييفه القانوني الصحيح تنازلاً عن إيجار المكان وليس بيعاً بالجدك بالمعنى المقصود في المادة 594/ 2 من القانون المدني، ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل عن الإجارة شاملاً بيع المنقولات المادية والتجهيزات التي أقامها المستأجر الأصلي بالمكان المؤجر لتسهيل الانتفاع به بحسب الغرض الذي أجرت العين من أجلها كمخزن، أو أن يكون للمستأجر نشاط صناعي أو تجاري في مكان آخر بما يضفي عليه صفة التاجر طالما أن مقومات المتجر لم تتوافر في المكان المؤجر، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بتأييد الحكم المستأنف بإخلاء العين المؤجرة تطبيقاً لأحكام قانون إيجار الأماكن رقم 49 لسنة 1977 على سند من أن التنازل عن الإيجار قد تم بغير إذن كتابي صريح من المالك، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.