أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 180

جلسة 18 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين نائب رئيس المحكمة، حمدي محمد علي، عبد الحميد سليمان ورجب أبو زهرة.

(39)
الطعن رقم 1878 لسنة 52 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار" "حظر احتجاز أكثر من مسكن".
امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29 ق 49 لسنة 1977 بعد وفاة المستأجر. شرطه. إقامتهم معه بالعين المؤجرة قبل الوفاة وألا يكون المستفيد محتجزاً لمسكن آخر. مناط الاحتجاز. انفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على أكثر من مسكن.
(2) إثبات "عبء الإثبات". حكم "عيوب التدليل" "ما لا يعد قصوراً". إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
حظر احتجاز المستفيد من الامتداد القانوني لعقد الإيجار لمسكن آخر. إثبات مخالفة هذا الحظر. وقوعه على عاتق من يدعيه وخلو الأوراق من دليل على استمرار إقامته بمسكن آخر بعد ثبوت حقه في امتداد العقد لصالحه. القضاء برفض إخلاء العين المؤجرة لا خطأ. إغفال الحكم الرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله. لا قصور.
(3) نقض "سلطة محكمة النقض". حكم "تسبيب الحكم" إيجار. "إيجار الأماكن".
انتهاء الحكم إلى النتيجة الصحيحة بأحقية المطعون ضده في امتداد عقد إيجار عين النزاع لصالحه. لا يعيبه القصور في أسبابه القانونية. لمحكمة النقض استكمالها.
1 - النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 46 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى" والنص في المادة 29 من ذات القانون على أنه مع عدم الإخلال بحكم المادة 8 من هذا القانون ولا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.... "يدل على أن المشرع اشترط لامتداد عقد الإيجار للمستفيدين من حكم المادة 29 المشار إليها بعد وفاة المستأجر أن تثبت إقامتهم معه بالعين المؤجرة قبل الوفاة أو الترك وألا يكون المستفيد من الامتداد محتجزاً لمسكن آخر ومناط الاحتجاز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو إنفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على أكثر من مسكن في آن واحد.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بامتداد عقد إيجار العين محل النزاع لصالح المطعون ضده على سند من ثبوت إقامته بالعين إقامة مستقرة مع والدته المستأجرة الأصلية لها حتى تاريخ وفاتها وأنه لم يتخل عن إقامته فيها حتى بعد زواجه واستئجاره مسكناً آخر لأسرته وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم - في حدود سلطته الموضوعية في تقدير الدليل ليس محل النزاع من جانب الطاعن، وكان عبء إثبات واقعة إقامة المطعون ضده - بعد وفاة والدته - بالمسكن الآخر الذي كان قد استأجره لإقامته وأسرته بعد زواجه من أجنبية في حياة والدته - يقع على عاتق من يدعيه بعد أن أفصح المطعون ضده أمام محكمة الموضوع عن تركه لهذا المسكن فور وفاتها واحتفاظه فحسب بالشقة محل النزاع ولما كانت الأوراق قد خلت من دليل يقيد احتجازه لكل من المسكنين وأنه كان مقيماً بالمسكن الآخر بعد ثبوت حقه في امتداد إجارة العين لصالحه وبوفاة المستأجرة الأصلية وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه القصور لإغفاله الرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله ولم يطلب تمكينه من إقامة الدليل عليه بطرق الإثبات المقررة قانوناً.
3 - النعي على ما ورد بأسباب - الحكم المطعون فيه - من تقريرات بشأن توافر المقتضى لاستئجار المطعون ضده مسكناً آخر لأسرته - أيا كان وجه الرأي فيها غير منتج - طالما خلص الحكم إلى النتيجة الصحيحة بأحقيته في امتداد عقد إيجار العين محل النزاع لصالحه إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من أسباب قانونية مستمدة من ذات الوقائع المطروحة على محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن وآخر الدعوى رقم 6322 لسنة 1980 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بتحرير عقد إيجار له عن الشقة محل النزاع وقال شرحاً لدعواه أنه موجب عقد إيجار مؤرخ 1/ 2/ 1959 استأجرت والدته هذه الشقة وكان يقيم معها في ذات - العين بصفة دائمة حتى توفيت بتاريخ 3/ 5/ 1980 واستمرت إقامته فيها بعد وفاتها وإذ امتنع الطاعن عن تحرير عقد إيجار له فقد أقام الدعوى كما أقام الطاعن والخصوم المدخلين في الطعن على المطعون ضده الدعوى رقم 10711 لسنة 1980 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 2/ 1959 وإخلاء العين محل النزاع وتسليمها إليهم وقالوا شرحاً لدعواهم أن المستأجرة الأصلية للشقة كانت تقيم فيها بمفردها حتى توفيت بتاريخ 3/ 5/ 1980 وإذ امتنع ابنها المطعون ضده عن إخلائها رغم عدم إقامته فيها مع والدته قبل وفاتها فضلاً عن احتجازه مسكناً آخر يقيم فيه مع زوجته وأولاده بذات المدينة فقد أقاموا الدعوى. وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين قضت بتاريخ 26/ 3/ 1981 برفض دعوى المطعون ضده وبانتهاء عقد الإيجار وإخلاء العين محل النزاع. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 3579 لسنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 24/ 4/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن والخصوم المدخلين وإلزامهم بأن يحرروا للمطعون ضده عقد إيجار باسمه عن شقة النزاع وفق شروط العقد السابق المؤرخ 1/ 2/ 1959. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأته جديراً بالنظر وحددت جلسة لنظره - وفيها التزمت النيابة رأيها،
كما تم اختصام باقي المحكوم عليهم في الطعن وفقاً لنص المادة 218 من قانون المرافعات.
وحيث إن الطعن أُقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده أقر في المحضر رقم 2442 لسنة 1980 إداري قصر النيل وأمام محكمة الموضوع أنه انتقل بعد زواجه إلى فيلا استأجرها بشارع المنيا بمصر الجديدة منذ 1/ 4/ 1975 ثم عاد وأسرته بعد وفاة والدته المستأجرة الأصلية إلى عين النزاع وإذ استخلص الحكم في حدود سلطته في تقدير الدليل أن المطعون ضده كان يقيم مع والدته في عين النزاع وأنه كان يقيم أيضاً في المسكن الآخر فإن إجارة عين النزاع لا تمتد إليه إعمالاً لنص المادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لأنه يعتبر محتجزاً لمسكنين في المدينة الواحدة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأغفل الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص واكتفى بقوله إن إقامة المطعون ضده في مسكنين كان له مقتضى هو استحالة العشرة بين والدته وزوجته في حين أنه لا محل لبحث المقتضى إلا إذا كان المسكنان مؤجرين للمطعون ضده، ولما كان المقتضى قد زال بوفاة والدته فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة الثامنة من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن على أنه "لا يجوز للشخص أن يحتجز في البلد الواحد أكثر من مسكن دون مقتضى" والنص في المادة 29 من ذات القانون على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقى فيها زوجه أو أولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك.." يدل على أن المشرع اشترط لامتداد عقد الإيجار للمستفيدين من حكم المادة 29 المشار إليها بعد وفاة المستأجر أن تثبيت إقامتهم معه بالعين المؤجرة قبل الوفاة أو الترك وألا يكون المستفيد من الامتداد محتجزاً لمسكن آخر ومناط الاحتجاز - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو إنفراد المستأجر بالسيطرة المادية والقانونية على أكثر من مسكن في آن واحد، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بامتداد عقد إيجار العين محل النزاع لصالح المطعون ضده على سند من ثبوت إقامته بالعين إقامة مستقرة مع والدته المستأجرة الأصلية لها حتى وفاتها، وأنه لم يتخل عن إقامته فيها حتى بعد زواجه واستئجاره مسكناً آخر لأسرته، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم في حدود سلطته الموضوعية في تقدير الدليل - ليس محل نزاع من جانب الطاعن وكان عبء إثبات واقعة إقامة المطعون ضده - بعد وفاة والدته بالمسكن الآخر الذي كان قد استأجره - لإقامته وأسرته بعد زواجه من أجنبية في حياة والدته يقع على عاتق من يدعيه بعد أن أفصح المطعون ضده أمام محكمة الموضوع عن تركه لهذا المسكن فور وفاتها واحتفاظه فحسب بالشقة محل النزاع، ولما كانت الأوراق قد خلت من دليل يفيد احتجازه لكل من المسكنين وأنه ظل مقيماً بالمسكن الآخر بعد ثبوت حقه في امتداد إجارة العين لصالحه بوفاة المستأجرة الأصلية، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتكليف الخصم بتقديم الدليل على دفاعه ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد شابه القصور لإغفاله الرد على دفاع لم يقدم الخصم دليله ولم يطلب تمكينه من إقامة الدليل عليه بطرق الإثبات المقررة قانوناً ويكون النعي على ما ورد بأسبابه من تقريرات بشأن توافر المقتضى لاستئجار المطعون ضده مسكناً آخر لأسرته - أياً كان وجه الرأي فيها - غير منتج - طالما خلص الحكم إلى النتيجة الصحيحة بأحقيته في امتداد إيجار العين محل النزاع لصالحه إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من أسباب قانونية مستمدة من ذات الوقائع المطروحة على محكمة الموضوع، لما كان ذلك فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.