مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الحادية والعشرون - (من أول أكتوبر سنة 1975 إلى أخر سبتمبر سنة 1976) - صـ 55

(22)
جلسة 14 من فبراير سنة 1976

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة: الدكتور أحمد ثابت عضويه، محمد صلاح الدين السعيد، عباس فهمي بدر، جمال الدين إبراهيم وريده - المستشارين.

القضية رقم 458 لسنة 19 القضائية

عاملون بالقطاع العام - تأديب - اختصاص - اختصاص المحاكم التأديبية.
أنه ولئن كان قرار الفصل المطعون فيه قد صدر قبل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين بالقطاع العام الذي أنشأ نظام الطعن في جزاءات الفصل أمام المحاكم التأديبية فإنه ليس ثمة ما يمنع المحكمة التأديبية من التصدي للفصل فيه - لا وجه للقول بأن قرار الفصل هذا وقد ولد محصناً غير قابل للطعن بالإلغاء باعتباره صادراً قبل إنشاء هذا النظام قياساً على حالة عدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية التي صدرت قبل العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة - أساس ذلك أن هذا القانون إنما استحدث لأول مرة طلب إلغاء القرارات الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري وكان مقتضى ذلك أن لا ينعطف هذا الحق المستحدث على ما صدر من قرارات إدارية نهائية قبل تاريخ العمل بهذا القانون في حين أن القانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه أسند بعض الاختصاصات التي كانت منوطة بالمحاكم العادية إلى المحاكم التأديبية وهو بهذه المثابة يعد من القوانين المعدلة للاختصاص ومن ثم يسري حكمه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إعمالاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
إن عناصر هذه المنازعة تخلص - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أنه بموجب عريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بتاريخ 6 من مارس 1967، أقام السيد/ ....... الدعوى رقم 345 لسنة 14 قضائية، طالباً الحكم بإلغاء القرار الصادر من الجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية في 27 من نوفمبر 1966 بفصله من عمله وما يترتب على ذلك من آثار، وقال - في بيان دعواه أنه كان يعمل مساعد بقال بالجمعية التعاونية الاستهلاكية المركزية بأجر شهري قدره 12 جنيهاً، وظل يباشر عمله حتى فوجئ بصدور قرار من الشركة بفصله بتاريخ 27 من نوفمبر 1966 بدون مبرر يستوجب هذا الفصل.
وبجلسة 5 من يناير 1970 حكمت المحكمة الإدارية "بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية للاختصاص" حيث قيدت الدعوى لديها برقم 2832 لسنة 1971 عمال جنوب القاهرة، وبجلسة 29 من مايو 1972 قضت المحكمة الأخيرة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وبإحالتها إلى المحكمة التأديبية المختصة حيث قيدت بجدول المحكمة التأديبية لوزارة التموين برقم 56 لسنة 6 قضائية، وبجلسة 5 من فبراير 1973 حكمت المحكمة التأديبية بعدم اختصاصها بنظر الطعن.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم الاختصاص على أن المحكمة العليا سبق وأن قضت في الدعوى رقم 4 لسنة 1971 بعدم دستورية المادة 60 من لائحة نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بها القرار الجمهوري رقم 3390 لسنة 1966، وأنه لما كان يبين من الأوراق أن قرار الفصل المطعون فيه صدر في 27 من نوفمبر 1966 أي قبل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 الخاص بنظام العاملين بالقطاع العام، والذي أنشأ نظام الطعن في جزاءات الفصل أمام المحاكم التأديبية، فإن قرار الفصل هذا يعتبر قد ولد محصناً غير قابل للطعن فيه بالإلغاء باعتباره صادراً قبل إنشاء هذا النظام، مثله في ذلك مثل القرارات الإدارية الصادرة قبل العمل بقانون إنشاء مجلس الدولة، وأنه لما كانت المحاكم العمالية لا تختص بنظر دعاوى إلغاء القرارات التأديبية ومن ثم فإنه لا يجوز إحالة الدعوى إليها في حالة الحكم بعدم الاختصاص.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة تعني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، ذلك أنه ولئن كان القرار المطعون فيه قد صدر قبل العمل بالقانون رقم 61 لسنة 1971 المشار إليه إلا أنه ليس ثمة ما يمنع المحكمة التأديبية من التصدي للفصل فيه باعتبار أن القواعد المعدلة للاختصاص هي من قواعد الإجراءات التي تسري بأثر مباشر على ما لم يكن قد فصل فيه من المنازعات.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن القانون رقم 61 لسنة 1971 بنظام العاملين في القطاع العام يعتبر فيما نعى عليه من اختصاص المحاكم التأديبية بالفصل في الطعون في القرارات التأديبية التي توقعها السلطات الرئاسية على العاملين، ومنها قرارات فصل العاملين شاغلي الوظائف من المستوى الثالث - شأن المدعي - يعتبر من القوانين المعدلة للاختصاص لا المستحدثة له، إذ كان هذا الاختصاص قبل العمل بهذا القانون معقوداً للمحاكم العادية بموجب أحكام قانون العمل رقم 91 لسنة 1959.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكان نص المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية يقضى بسريان القوانين المعدلة للاختصاص على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى قبل تاريخ العمل بها، فإنه كان من المتعين على المحكمة التأديبية أن تقضي برفض الدفع بعدم الاختصاص وأن تفصل في موضوعها.
ومن حيث إنه لا وجه للقياس على حالة عدم اختصاص القضاء الإداري بالفصل في طلبات إلغاء القرارات الإدارية التي صدرت قبل العمل بالقانون رقم 112 لسنة 1946 بإنشاء مجلس الدولة، ذلك أن هذا القانون إنما استحدث لأول مرة طلب إلغاء القرارات الإدارية أمام محكمة القضاء الإداري وكان مقتضى ذلك أن لا ينعطف هذا الحق المستحدث على ما صدر من القرارات الإدارية النهائية قبل تاريخ العمل بهذا القانون في حين أن القانون 61 لسنة 1971 أسند بعض الاختصاصات التي كانت منوطة بالمحاكم العادية إلى المحاكم التأديبية، وهو بهذه المثابة يعد من القوانين المعدلة للاختصاص، ومن ثم يسري حكمه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إعمالاً لحكم المادة الأولى من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص المحكمة التأديبية لوزارة التموين بنظر الدعوى وبإعادتها إليها للفصل فيها.