أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 216

جلسة 19 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(46)
الطلب رقم 1389 لسنة 53 القضائية

(1) حكم "بياناته". "تسبيب الأحكام".
بيانات الحكم الجوهرية. ماهيتها. إغفال المحكمة إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها. لا بطلان. م 178 مرافعات -شرط ذلك.
(2، 3) قضاة. "رد القضاة". دعوى. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(2) طلب الرد. الأصل تقديمه قبل أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه. م 151/ 1 مرافعات. الاستثناء أن تكون الأسباب التي قام عليها طلبه قد حدثت بعد إبداء طالب الرد لدفاعه أو حدثت قبله واستطاع أن يثبت أنه لم يعلم بها إلا عند تقديم الطلب. م 152/ 1 مرافعات. محكمة الموضوع سلطتها في تقدير توافر هذه الأسباب. شرطه.
(3) إهابة المحكمة بالمشرع إلى معالجة نصوص مواد القانون المتصلة برد القضاة لا يعد إفصاحاً عن عقيدة المحكمة. شرط ذلك.
1 - أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيانات معينة من بينها "عرض مجمل لواقع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزه لدفوعهم ودفاعهم الجوهري" إلا أنه يتعين لاعتبار هذا البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون الحكم قد فصل في النزاع بوقائعه التي قدمت بصددها أوجه الدفاع والدفوع، أما إذا اقتصر الحكم على قضاء ينصرف إلى بحث مدى توافر شروط معينة يوجبها القانون في الطلب المتداعى بشأنه فلا على المحكمة إن هي أغفلت إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسبباً تسبيباً كافياً لتسويغ ما حكمت به.
2 - مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون المرافعات والفقرة الأولى من المادة 152 من ذات القانون أن خصومة رد القاضي ذات طبيعة خاصة يتعين فيها على طالب الرد أن يقدم طلبه قبل إبداء أي دفع أو دفاع في الخصومة الأصلية التي يطلب رد القاضي عن نظرها والفصل فيها، ما لم تكن الأسباب التي قام عليها طلبه قد حدثت بعد إبداء دفاعه أو حدثت قبله واستطاع أن يثبت أنه لم يعلم بها إلا عند تقديم الطلب فإذا لم يتحقق أي من هذين الاستثناءين وجب إعمال جزاء سقوط الحق في طلب الرد، وتقدير توافرهما من مسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع يستقيها من الواقع المطروح دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
3 - ما دونه الحكم المطعون فيه بختام أسبابه من الإهابة بالمشرع إلى معالجة نصوص مواد القانون المتصلة برد القضاة لا يعد إفصاحاً عن عقيدة المحكمة سلفاً في عدم جدية الطلب المطروح عليها طالما أن ما أشار إليه في هذا الصدد جاء من بعد قضائها الصحيح بسقوط الحق في طلب الرد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن تقدم في 16 من نوفمبر سنة 1982 بطلب للسيد المستشار رئيس محكمة استئناف القاهرة قيد برقم 6297 لسنة 99 قضائية لرد - السيدين المستشارين المطعون ضدهما عن النظر والفصل في الاستئنافين رقمي 6 لسنة 87 قضائية، 7 لسنة 90 قضائية أحوال شخصية، وقال شرحاً لطلبه أنه تسلم في اليوم السابق على تقديمه الطلب خطاباً ممن يدعى...... تضمن أنه سمع من محامي خصومه في تلك الدعوى أنه قريب وصديق للمستشارين المطعون ضدهما وأن الحكم في الدعوى سيصدر لصالح موكليه وهو ما أكده رفض المحكمة إجابته لطلب الطعن بتزوير بعض أوراق الدعوى، ولذا فقد تقدم بطلب ردهما. قدم كل من المستشارين المطعون ضدهما مذكرة تضمنت نفي صحة الادعاء الذي اتخذه الطاعن أساساً لطلب الرد. وبتاريخ 29 من مارس سنة 1983 قضت محكمة الاستئناف بسقوط حق الطاعن في طلب الرد وتغريمه أربعمائة جنيه ومصادرة الكفالة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم لم يورد في أسبابه المبررات التي ساقها الطاعن وتولد من جرائها الشك في نفسه حول قدرة المستشارين المطعون ضدهما على الفصل في الاستئنافين بغير ميل، وخلت هذه الأسباب من بحث ومناقشة ما أُقيم عليه طلب الرد من أسانيد الأمر الذي يخالف ما توجبه المادة 178 من قانون المرافعات وتعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأنه وإن أوجبت المادة 178 من قانون المرافعات أن يتضمن الحكم بيانات معينه من بينها عرض مجمل لواقع الدعوى ثم طلبات الخصوم وخلاصة موجزة لدفوعهم ودفاعهم الجوهري إلا أنه يتعين لاعتبار هذا البيان جوهرياً يترتب على إغفاله البطلان أن يكون الحكم قد فصل في النزاع بوقائعه التي قدمت بصددها أوجه الدفاع والدفوع، أما إذا اقتصر الحكم على قضاء ينصرف إلى بحث مدى توافر شروط معينة يوجبها القانون في الطلب المتداعى بشأنه فلا على المحكمة إن هي أغفلت إيراد أوجه دفاع الخصوم التي لا تتصل بقضائها طالما كان حكمها مسبباً تسبيباً كافياً لتسويغ ما حكمت به، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بسقوط حق الطاعن في طلب رد المستشارين المطعون ضدهما، وهو قضاء يقتصر على تطبيق جزاء أوجبه القانون عند عدم تقديم طلب الرد على الصورة التي حددها، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن لم يورد بياناً مفصلاً لأسباب الرد ولم يعرض لمناقشتها وتفنيدها لتعلق ذلك بأمور لا يقتضيها مقام الجزاء التي انتهى إلى تطبيقه مما يكون معه النعي الذي يثيره الطاعن في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال إذ قضى بسقوط حقه في طلب الرد مع أنه لم يثبت علمه بسبب الرد قبل جلسة المرافعة الأخيرة، وإنما علم به إثر وصول الخطاب المرفق بالأوراق بعد حجز الدعوى للحكم بفترة، وما ساقه الحكم من تعليل لعدم اطمئنانه إلى هذا الخطاب من سبق تقديم الطاعن لطلبات رد للمستشارين الذين كانوا ينظرون الدعوى وإن هذه الطلبات كانت تقدم عند تهنئة الدعوى للحكم والفصل فيها لا يصلح أن يكون دعامة تسوغ ما انتهى إليه الحكم في قضائه بل أن فيما تحدث به الحكم من وجوب تدخل المشرع لتعديل نصوص طلب الرد في قانون المرافعات ما يفصح عن عقيدة المحكمة سلفاً في عدم جدية الطلب المعروض عليها مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن النص في الفقرة الأولى من المادة 151 من قانون المرافعات على أنه يجب تقديم طلب الرد قبل تقديم أي دفع أو دفاع وإلا سقط الحق فيه. وفي الفقرة الأولى من المادة 152 من ذات القانون على أنه يجوز طلب الرد إذا حدثت أسبابه بعد المواعيد المقررة أو إذا أثبت طالب الرد أنه لم يعلم بها إلا بعد مضي تلك المواعيد. مؤداه أن خصومه رد القاضي ذات طبيعة خاصة يتعين فيها على طالب الرد أن يقدم طلبه قبل إبداء أي دفع أو دفاع في الخصومة الأصلية التي يطلب رد القاضي عن نظرها والفصل فيها، ما لم تكن الأسباب التي قام عليها طلبه قد حدثت بعد إبداء دفاعه أو حدثت قبله واستطاع أن يثبت أنه لم يعلم بها إلا عند تقديم الطلب فإذا لم يتحقق أي من هذين الاستثناءين وجب إعمال جزاء سقوط الحق في طلب الرد، وتقدير توافرهما من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة قاضي الموضوع يستقيها من الواقع المطروح دون رقابة من محكمة النقض متى أقام قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المظروف المرفق به الخطاب المقدم من الطاعن للتدليل على عدم عمله بسبب الرد إلا بعد فوات الميعاد المقرر لتقديم طلبه، خلا مما يفيد وصوله للطاعن حاوياً هذا الخطاب بذاته فإنه حسب المحكمة أن تقرر عدم اطمئنانها له ويسوغ لها أن تسترشد في سبيل ذلك بما كان عليه مسلك الطاعن من سبق إبداء طلب رد اثنين من المستشارين أسند إليهما رئاسة الدائرة المنظورة أمامها الدعوى، وذلك من بعد إتمام المرافعة فيها وحجزها للحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من نعي ينحل إلى جدل موضوعي فيما تملك محكمة الموضوع تقديره وتنحسر عنه رقابة محكمة النقض، وكان ما دونه الحكم المطعون فيه بختام أسبابه من الإهابة بالمشرع إلى معالجة نصوص مواد القانون المتصلة برد القضاة لا يعد إفصاحاً عن عقيدة المحكمة سلفاً في عدم جدية الطلب المطروح عليها طالما أن ما أشار إليه في هذا الصدد جاء من بعد قضائها الصحيح بسقوط الحق في طلب الرد مما يضحى معه النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.