أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 11 - صـ 117

جلسة أول فبراير سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(23)
الطعن رقم 1461 سنة 29 القضائية

قانون العقوبات.
أحكامه العامة. سريانها على الجرائم التي وردت في نصوص خاصة إلا إذا وجد فيها نص مخالف. الم 8 ع. أثر ذلك.
اشتراك. سلاح.
المسئولية والعقاب عن إحراز السلاح. معاقبة الشريك في الجرائم الواردة بق 394 لسنة 1954.
قواعد الاشتراك المنصوص عليها في قانون العقوبات تسري أيضاً - بناءً على المادة الثامنة من هذا القانون - على الجرائم التي تقع بالمخالفة لنصوص القوانين الجنائية الخاصة إلا إذا وجد في هذه القوانين نص على غير ذلك، ولما كان القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن إحراز الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة لا تمنع نصوصه من معاقبة الشريك في الجرائم الواردة فيه، فيكون ما يثيره المتهم من أن القانون لا يعرف الاشتراك في إحراز السلاح غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول - حاز وأحرز سلاحاً نارياً وذخيرة له بدون ترخيص والثاني حاز السلاح المذكور بدون ترخيص. وطلبت إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 1 و6 و26/ 2 و3 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 والجدول رقم 3 المحلق، فقررت بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وبمصادرة البندقية المضبوطة، وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس بالنسبة للمتهمين، فطعن المتهمان في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن محصل الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في تحديد وقائع الدعوى، ذلك أنه لم يصل إلى رأي قاطع بالنسبة للطاعن الثاني، وما إذا كان اشترى السلاح بنفسه أو أنه اشترك في شرائه، كما أنه لم يكشف في أسبابه عمن أمر بشراء السلاح، مع أن هذه الواقعة حاسمة في طلب عدم مصادرته.
حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد واقعة الدعوى بما تتوافر فيه العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها، عرض لما جاء بوجه الطعن فقال "وبما أنه فيما يختص بالمتهم الثاني (الطاعن الثاني) فقد اعترف أولاً في التحقيقات بأنه اشترى بنفسه البندقية وسلمها للمتهم الأول (الطاعن الأول) وهو يعلم أنه غير مرخص له بإحرازها، ثم عدل عن ذلك وقرر أنه إنما كلفه بشرائها بناءً على أمر صاحب العزبة، وترى المحكمة أن أقوال المتهم الأولى هي الصحيحة لأنها تتفق مع طبيعة عمله كناظر للعزبة، على أنه بفرض صحة أقواله الأخيرة وأنه كلف المتهم الأول شراء البندقية فإنه يكون في القليل قد حرضه على ارتكاب الجريمة التي وقعت بناءً على هذا التحريض، وبذا يكون على أي حال مسئولاً سواء باعتباره فاعلاً أصلياً أو باعتباره شريكاً بطريق التحريض، ولا جدوى بعد ذلك من إنكاره للتهمة في الجلسة" لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تأخذ بقول للمتهم دون قول آخر متى اطمأنت إليه، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الطاعن الثاني الأولى في التحقيق من أنه اشترى بنفسه البندقية وسلمها للطاعن الأول وهو يعلم أنه غير مرخص له بإحرازها، أما ما قاله الحكم بعد ذلك من اعتبار الطاعن الثاني محرضاً على ارتكاب الجريمة فقد جاء على سبيل الفرض الجدلي بعد أن استوفى الحكم الدليل الذي أقام عليه قضاءه بالإدانة. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد تعرض لطلب عدم مصادرة البندقية المضبوطة وفنده بما مؤداه أنه وإن كان قد تبين من التحقيق أن صاحب العزبة مرخص له بإحراز أسلحة أخرى، إلا أن الثابت من أقواله وأقوال المتهمين في التحقيق أن هذا الترخيص لا يشمل البندقية المضبوطة، ولا يخرج الأمر بعد ذلك عن أحد فرضين: أن يكون الطاعنان اشترياها بغير علم صاحب العزبة فتكون المصادرة واجبة كعقوبة تكميلية طبقاً لنص المادة 30 من القانون رقم 394 لسنة 1954، أو أن يكون صاحب العزبة هو الذي أمر المتهمين أو أحدهما بشرائها، وبذا لا يعتبر من الغير حسني النية المشار إليهم في المادة 30 من قانون العقوبات والتي تقضي بألا تخل المصادرة بحقوق الغير حسني النية، ولما كان ما قاله الحكم صحيحاً في القانون ولا يعيبه أنه لم يقطع برأي فيمن اشترى السلاح ما دامت المصادرة واجبة قانوناً في كلا الفرضين اللذين أشار إليهما، ومن ثم يكون ما جاء بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم أخل بحق الطاعن في الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المحكمة دانت الطاعن الثاني بتهمة الاشتراك بالتحريض وهي تغاير التهمة التي قدم بها للمحاكمة دون أن توجه نظره أو تسمع دفاعه عن هذه التهمة الجديدة، هذا فضلاً عن أن القانون لا يعرف الاشتراك في إحراز السلاح إذ الجريمة تتم بمجرد الإحراز المادي.
وحيث إن ما جاء بهذا الوجه مردود بأن للمحكمة وهي تحكم في الدعوى أن تعد المتهم شريكاً لا فاعلاً في الجريمة المرفوعة بها الدعوى ما دامت لم تعتمد في ذلك إلا على الوقائع التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى ودارت على أساسها المرافعة دون أن تتقيد بالوصف الذي وصفت به النيابة العامة الفعل المنسوب إلى المتهم، لما كان ذلك، وكانت قواعد الاشتراك المنصوص عليها في قانون العقوبات تسري أيضاً - بناءً على المادة الثامنة من هذا القانون - على الجرائم التي تقع بالمخالفة لنصوص القوانين الجنائية الخاصة إلا إذا وجد في هذه القوانين نص على غير ذلك، ولما كان القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن إحراز الأسلحة والذخائر والقوانين المعدلة لا تمنع نصوصه من معاقبة الشريك في الجرائم الواردة به فإن ما جاء بهذا الوجه يكون غير سديد.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.