أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 11 - صـ 212

جلسة 8 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(43)
الطعن رقم 1404 لسنة 29 القضائية

(أ - جـ) اختلاس أشياء محجوزة. نقض.
أشياء محجوزة. حساب الأجل الذي يجب أن يحصل البيع خلاله عملاً بالمادة 519 مرافعات.
احتسابه من تاريخ توقيع الحجز إلى تمام البيع. إعلان المدين أو تحديد يوم للبيع خلال الستة الأشهر لا شأن لأيهما في انقطاع المدة.
خطأ الحكم في حساب الحد الذي تنتهي به مدة الستة الأشهر. متى لا يكون مؤثراً في سلامة النتيجة التي انتهى إليها الحكم؟
حق المدين في بيع المحصول المحجوز إدارياً نظير الأموال الأميرية. متى ينعدم؟
بالحجز على ذات المحصول حجزاً قضائياً. علة ذلك.
المصلحة في الطعن. انتفاؤها. مثال.
(د) إثبات. محكمة الموضوع.
سلطة محكمة الموضوع في التعويل في إدانة المتهم على إقراره في محضر ضبط الواقعة بارتكابه الجريمة ولو لم تسمعه بالجلسة.
1 - يبين من نص المادة 519 من قانون المرافعات المدنية والتجارية أن إعلان المدين أو تحديد يوم للبيع في خلال الميعاد لا شأن لأيهما في انقطاع المدة - وإنما مراد الشارع أن يتم البيع فعلاً في خلال الستة الأشهر محسوبة من تاريخ توقيع الحجز إلى تمام البيع اللهم إلا أن تقف الإجراءات لسبب من الأسباب التي أشار إليها النص.
2 - لا يجدي المتهم تمسكه بما ذهب إليه الحكم في حساب الحد الذي تنتهي به مدة الستة الأشهر، ذلك بأن الواقع من الأمر أن الفترة الداخلة بين تاريخ اتفاق الطرفين على وقف البيع وبين اليوم الذي تحدد لإيقاع البيع فيه - هذه الفترة لا تجاوز الميعاد الذي نصت عليه المادة 519 من قانون المرافعات المدنية والتجارية محسوبة على مقتضى المادة 20 منه، فيكون ما وقع فيه الحكم من خطأ حساب المدة غير مؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها ولا فيما رتبه الحكم من آثار قانونية.
3 - من المقرر قانوناً أن حق المدين في بيع المحصول المحجوز إدارياً نظير الأموال الأميرية ينعدم بالحجز على ذات المحصول حجزاً قضائياً، ذلك لأن هذا الحجز الأخير يقتضي من الحارس ألا يتصرف في المحجوز احتراماً لأمر القضاء - فيكون ما ذهب إليه الحكم من أن بيع المتهم للحاصلات المحجوزة وسداد ثمنها للصراف لا يعفيه من المسئولية الجنائية صحيح في القانون.
4 - لا يعيب الحكم أنه عول في إدانة المتهم على إقراره في محضر ضبط الواقعة بالتصرف في المحجوز دون أن تسمعه المحكمة، ذلك لأنه من حقها أن تتزود لحكمها من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه ما دام أن الدليل له أصله الثابت في الأوراق وكان مطروحاً على بساط البحث بالجلسة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد إضراراً بالدائن الحاجز الأشياء المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائياً حالة كونه مالكاً لها وحارساً عليها، وطلبت عقابه عملاً بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات والمحكمة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس الطاعن شهراً واحداً مع الشغل مع كفالة. فاستأنف الطاعن هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الوجه الأول هو بطلان الإجراءات بطلاناً أثر في الحكم المطعون فيه، إذ عول في إدانة الطاعن على أقواله بمحضر ضبط الواقعة دون أن تسمعه محكمتا الدرجة الأولى والثانية - فقال الحكم إن الطاعن اعترف بمحضر البوليس أنه باع الذرة المحجوز عليها قضائياً ودفع ثمنها للمحضر، كما باع القطن المحجوز عليه ودفع ثمنه للصراف وأن البيع الاختياري لا يعفيه من مسئولية التبديد، خاصة وأن الأوراق خالية مما يثبت قيام الصراف ببيع المحصول المحجوز عليه.
وحيث إنه لما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها حكم محكمة أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه تتحصل في أنه بتاريخ 11/ 9/ 1956 أوقعت شركة خوريمي حجزاً تنفيذياً على محصول ذرة وقطن للطاعن الذي عين حارساً وذلك وفاءً لمبلغ 467 جنيهاً وتحدد للبيع في أول الأمر يوم 15/ 10/ 1956 ثم يوم 14/ 4/ 1957، وفيه أثبت المحضر أنه بحث عن المحصول المحجوز عليه فلم يجده فأبلغ عن التبديد، وقد عرض الحكم المطعون فيه لما يثيره الطاعن في هذا الوجه بقوله "وحيث إن الأوراق خالية من قيام الصراف ببيع هذه المحجوزات إدارياً، كما وأن المتهم معترف بأنه باع الذرة ودفع ثمنها للمحضر وباع القطن ودفع ثمنه للصراف، وحيث إن البيع الاختياري من جانب المتهم لا يعفيه من المسئولية بل يجب عليه أن يترك أحد الحاجزين هو الذي يبيع...". لما كان ذلك، وكان من المقرر قانوناً أن حق المدين في بيع المحصول المحجوز إدارياً نظير الأموال الأميرية ينعدم بالحجز على ذات المحصول حجزاً قضائياً، ذلك لأن هذا الحجز الأخير يقتضي من الحارس ألا يتصرف في المحجوز احتراماً لأمر القضاء. لما كان ذلك، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن بيع الطاعن للحاصلات المحجوزة وسداد ثمنها للصراف لا يعفيه من المسئولية الجنائية صحيح في القانون، وكان لا يعيب الحكم أنه عول في إدانة الطاعن على إقراره بمحضر ضبط الواقعة بالتصرف في المحجوزات دون أن تسمعه المحكمة، ذلك لأنه من حقها أن تتزود لحكمها من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه ما دام أن الدليل له أصله الثابت في الأوراق وكان مطروحاً على بساط البحث بالجلسة. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه يكون لا محل له.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن دفع التهمة المسندة إليه بأنه لم يعلن بيوم البيع، واستند في ذلك إلى أن الإجراءات أوقفت في 15 أكتوبر سنة 1956 ولم يتخذ الدائن الحاجز أي إجراء بعد ذلك وأن البيع الذي حدد له يوم 14 أبريل سنة 1957 عن حجز آخر وقع على حاصلات أخرى في 2 من أبريل سنة 1957 ولم يقدم الدائن هذا المحضر حتى أقفل باب المرافعة ولكن المحكمة الاستئنافية ضمت محضر الحجز المشار إليه والتوكيل بالتنفيذ بعد حجز الدعوى للحكم واعتمدت عليهما في حكمها دون أن يطلع عليهما الطاعن أو محاميه مما يعد إخلالاً بحقه في الدفاع.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن في هذين الوجهين بقوله "إن الثابت بمحضر الحجز المؤرخ 2/ 4/ 1957 والذي تحدد فيه يوم 14/ 4/ 1957 لبيع المحجوزات الواردة به والواردة بمحضر الحجز المؤرخ 11/ 9/ 1956 مخاطبة المتهم به شخصياً وموقع منه بإمضائه، كما وأنه ثابت بمحضر التبديد المؤرخ 14/ 4/ 1957 أن المتهم مخاطب به شخصياً الأمر الذي يكذب ما يزعمه..."، ولما كان لا يجدي الطاعن أن تكون الأوراق التي أشار إليها في وجه الطعن قد قدمت بعد انتهاء المرافعة ما دام فحواها ليس بجديد في الدعوى وهو لا يدعي أن له دفاعاً يستفيد منه بشأن ما احتوته هذه الأوراق التي أثبت الحكم علمه به، وفضلاً عن ذلك فإن الطاعن على ما أثبته الحكم كذلك قد اعترف ببيع المحجوزات، كما أن الدفع بالجهل بيوم البيع محله أن تكون المحجوزات موجودة لم تبدد، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذين الوجهين يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين الرابع والسادس هو القصور، ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه بأنه سدد ثمن الحاصلات المحجوز عليها وفاء للحجز الإداري، وقد شهد الصراف بما يؤيد ذلك غير أن الحكم لم يعرض لأقواله، كما أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً - ولم يتحدث استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة التبديد التي دان الطاعن بها.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن وفنده بقوله "إن الأوراق خالية مما يفيد قيام الصراف ببيع المحجوزات إدارياً فضلاً عن اعتراف الطاعن ببيعه للمحصول المحجوز عليه وسداد ثمنه للصراف وللمحضر". وهذا التصرف بفرض صحته لا يعفيه من المسئولية الجنائية كما أثبته الحكم المطعون فيه بحق. لما كان ذلك، وكان فيما أورده الحكم من عدم تقديم الطاعن للمحجوزات في يوم البيع مع علمه بالحجز ما يكفي لإثبات توافر نية التبديد لديه دون حاجة إلى أن يتحدث عنها الحكم استقلالاً. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذين الوجهين يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس هو الخطأ في تطبيق القانون إذ دفع الطاعن بسقوط الحجز لانقضاء أكثر من ستة شهور من تاريخ توقيع الحجز في 11/ 9/ 1956 حتى التاريخ الذي حدد للبيع في 14/ 4/ 1957 وذلك طبقاًً لنص المادة 519 من قانون المرافعات، فرد الحكم المطعون فيه بأن البيع أوقف باتفاق الطرفين في 15/ 10/ 1956 وأن محضر الحجز المؤرخ 2/ 4/ 1957 يعتبر قاطعاً للمدة، وما ذهب إليه الحكم مخالف للقانون، إذ لا عبرة بتوقيع الحجز الأخير والحكمة من نص القانون هو أن يتم البيع في خلال ستة أشهر من تاريخ توقيع الحجز وإلا اعتبر كأن لم يكن.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه بقوله "وحيث إن المادة 519 مرافعات نصت على اعتبار الحجز كأن لم يكن إذا مضت ستة شهور من تاريخه دون أن يقع البيع أو من تاريخ وقف البيع لسبب من الأسباب المبينة بالمادة المذكورة أو باتفاق الطرفين", ثم استطرد الحكم يقول: "إن البيع أوقف باتفاق الطرفين في 15/ 10/ 1956 كما هو ثابت بمحضر التحصيل المرفق بأوراق التنفيذ وأنه بحساب المدة الواقعة بين 15/ 10/ 1956 و2/ 4/ 1957 وهو يوم إعلان المتهم بتحديد يوم 14/ 4/ 1957 لبيع المحجوزات الواردة بمحضر الحجز المؤرخ في 11/ 9/ 1956 أقل من ستة شهور فإن دفعه هذا يكون على غير أساس". لما كان ذلك وكانت المادة 519 من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه "يعتبر الحجز كأن لم يكن إذا لم يتم البيع خلال ستة أشهر من تاريخ توقيعه إلا إذا كان البيع قد وقف باتفاق الخصوم أو بحكم المحكمة أو بمقتضى القانون..."، ومن هذا النص يبين أن إعلان المدين أو تحديد يوم للبيع في خلال الميعاد لا شأن لأيهما في انقطاع المدة وإنما مراد الشارع أن يتم البيع فعلاً في خلال الستة الأشهر محسوبة من تاريخ توقيع الحجز إلى تمام البيع اللهم إلا أن تقف الإجراءات لسبب من الأسباب التي أشار إليها النص، ولما كان لا يجدي الطاعن تمسكه بما ذهب إليه الحكم في حساب الحد الذي تنتهي به مدة الستة الأشهر، ذلك بأن الواقع من الأمر أن الفترة الداخلة بين تاريخ اتفاق الطرفين على وقف البيع في 15/ 10/ 1956 وبين يوم 14/ 4/ 1957 الذي تحدد لإيقاع البيع فيه، هذه الفترة لا تجاوز الميعاد الذي نصت عليه المادة 519 المذكورة محسوبة على مقتضى المادة 20 من قانون المرافعات، ومن ثم يكون ما وقع فيه الحكم من خطأ حساب المدة الذي يشير إليه الطاعن غير مؤثر في سلامة النتيجة التي انتهى إليها ولا فيما رتبه الحكم من آثار قانونية. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون مقبولاً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.