أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 329

جلسة 29 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، خلف فتح الباب وحسام الدين الحناوي.

(64)
الطعن رقم 735 لسنة 54 القضائية

(1) قانون "نطاق سريانه". إيجار "إيجار الأماكن".
لوزير الإسكان والتعمير اختصاص دون غيره بإصدار القرار بمد نطاق سريان "أحكام الباب الأول من القانون رقم 49 لسنة 1977 على بعض القرى". صدور القرار من رئيس الوحدة المحلية. مخالف للقانون.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". "انتهاء العقد"
التنبيه بالإخلاء الصادر من أحد طرفي عقد الإيجار للآخر. أثره. انحلال الرابطة العقدية بعد مدة معينة. م 563 مدني عدم مراعاة مواعيد التنبيه. أثره. تجدد العقد.
(3) قضاء مستعجل.
الأحكام المستعجلة. وقتية لا تحوز قوة الأمر المقضي ولا تلزم محكمة الموضوع عند الفصل في أصل الحق.
1 - لئن كان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد حدد في بعض نصوصه الأحكام التي يتوقف تنفيذها على صدور قرار من وزير الإسكان، ومن بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته الأولى من أنه يجوز بقرار من وزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام الباب الأول منه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلي للمحافظة بما لازمه أن وزير الإسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القانون ومن ثم فإن قرار رئيس الوحدة المحلية بمركز شبين القناطر رقم 22 لسنة 1980 إذ نص على مد نطاق سريان أحكام الباب الأول من القانون المشار إليه على عزبة اليمن الكائنة بها العين محل النزاع يكون عديم الأثر لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره مما يكون معه قضاء الحكم المطعون فيه بأن العلاقة التأجيرية بين الطاعن والمطعون ضده الثاني بموجب العقد المؤرخ 1/ 5/ 1972 في وقت رفع الدعوى المطعون في حكمها قد خضعت للامتداد القانوني الذي ينص عليه القانون سالف الذكر استناداً إلى ذلك القرار المشار إليه قد جاء مخالفاً للقانون.
2 - التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استناداً إلى إرادته في انتهاء الإيجار ويتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن هذه الإرادة في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر فتنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما بعد فترة معينة. وكانت مواعيد التنبيه بالإخلاء كما أوردتها المادة 563 من القانون المدني ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على خلافها في عقد الإيجار، وكان تحديد هذه المدة مقرراً لمصلحة الطرف الموجه إليه التنبيه حتى لا يفاجأ بما لم يكن في حسبانه قبل أن يتهيأ لمواجهة ما يترتب على ذلك من وضع جديد فإن عدم التزام المؤجر بالمهلة المتفق عليها في العقد للتنبيه بالإخلاء يترتب عليه ألا ينتج هذا التنبيه أثره ويتجدد العقد.
3 - الأحكام المستعجلة وقتية لا تمس أصل الحق فلا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في أساس الحق المتنازع عليه وبالتالي فإنها لا تتقيد بما انتهى إليه قاضي الأمور المستعجلة في قضائه الوقتي القائم على مجرد تلمس الظاهر من الأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما دعوى صار قيدها برقم 598 سنة 82 أمام محكمة بنها الابتدائية بعد إحالتها إلى هذه المحكمة طلب فيها الحكم بطرد المطعون ضدها الأولى من العين الموضحة بالصحيفة وذلك في مواجهة المطعون ضده الثاني، وقال في بيان دعواه أنه صدر لصالحه حكم في الدعوى رقم 407 لسنة 1989 مستعجل مستأنف بنها ضد هذا الأخير قضي بطرده من الشقة موضوع عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1972 والكائنة بقرية اليمن مركز شبين القناطر، وقد استشكلت المطعون ضدها الأولى في تنفيذ هذا الحكم بالإشكال رقم 179 سنة 1981 شبين القناطر على أساس أنها مطلقة المحكوم عليه وحاضنة أولاده فقضى لها بوقف التنفيذ، باعتبارها من الغير وتعلق حقها بالعين محل التنفيذ، وأضاف الطاعن أنه لما كان وضع يده هذه المطعون ضدها على عين النزاع وضع يد غاصب فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. أقامت المطعون ضدها الأولى دعوى فرعية على الطاعن طلبت فيها إلزامه بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة محل النزاع. حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وفي الدعوى الفرعية بإثبات العلاقة الإيجارية بين الطاعن والمطعون ضدها الأولى عن الشقة محل النزاع. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا - مأمورية بنها - بالاستئنافين رقمي 471، 477 لسنة 15 قضائية وبتاريخ 19/ 1/ 1984 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لما قضي به في الدعوى الأصلية، وبإلغائه فيما قضي به في الدعوى الفرعية وبرفضها. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الأول والثاني والرابع منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب في قضائه إلى سريان القانون رقم 49 لسنة 1977 على عزبة اليمن الكائنة بها الشقة محل النزاع استناداً إلى القرار رقم 22 لسنة 1980 الصادر من رئيس الوحدة المحلية لمركز شبين القناطر الذي مد نطاق سريان ذلك القانون على العزبة المذكورة دون أن يطلع على هذا القرار مكتفياً بالإشارة إليه في أسباب الحكم رقم 407 سنة 1980 مستأنف مستعجل بنها حال أن القانون المشار إليه لا يسري على تلك القرية لعدم صدور قرار بذلك من وزير الإسكان طبقاً للمادة الأولى من القانون المذكور، كما ذهب إلى أن العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدها الأولى كانت قائمة وقت رفع الدعوى المطعون في حكمها كأثر لامتداد سريان القانون سالف الذكر على الناحية الكائنة بها عين النزاع في حين أن هذه العلاقة كانت قد انتهت من 1/ 5/ 1980 بناء على التنبيه الموجه منه إلى المطعون ضده الثاني في 6/ 4/ 1980 بعدم رغبته في تجديد عقد الإيجار، واعتبر الحكم أن هذا التنبيه حابط الأثر لعدم حصوله في الميعاد المتفق عليه في العقد حال أنه صحيح قانوناً لتمامه في الموعد المنصوص عليه في المادة 563 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر قد حدد في بعض نصوصه الأحكام التي يتوقف تنفيذها على صدور قرار من وزير الإسكان، ومن بينها ما نصت عليه الفقرة الثانية من مادته الأولى من أنه يجوز بقرار من وزير الإسكان والتعمير مد نطاق سريان أحكام الباب الأول منه كلها أو بعضها على القرى بناء على اقتراح المجلس المحلي للمحافظة بما لازمه أن وزير الإسكان والتعمير هو المختص دون غيره بإصدار القرارات المنفذة للفقرة الثانية من المادة الأولى من هذا القانون، ومن ثم فإن قرار رئيس الوحدة المحلية بمركز شبين القناطر رقم 22 سنة 1980 إذ نص على مد نطاق سريان أحكام الباب الأول من القانون المشار إليه على عزبة اليمن الكائنة بها العين محل النزاع يكون عديم الأثر لصدوره من سلطة غير مختصة بإصداره، مما يكون معه قضاء الحكم المطعون فيه بأن العلاقة التأجيرية بين الطاعن والمطعون ضده الثاني بموجب العقد المؤرخ 1/ 5/ 1972 في وقت رفع الدعوى المطعون في حكمها قد خضعت للامتداد القانوني الذي ينص عليه القانون سالف الذكر استناداً إلى ذلك القرار المشار إليه قد جاء مخالف للقانون، إلا أنه لما كان هذا الحكم قد ذهب في قضائه إلى أن البين من بنود عقد الإيجار المشار إليه وجود شرط بأنه إذا لم يحصل تنبيه من أحد الطرفين على الآخر قبل انقضاء مدة الإجارة بشهرين فيعتبر أنها قد تجددت وأن الطاعن لم يلتزم بهذا الشرط في الإنذار الذي وجهه إلى المطعون ضده الثاني (المستأجر) حيث أنذره في 6/ 4/ 1980 وطلب إليه الإخلاء في 1/ 5/ 1980 الأمر الذي يكون معه هذا الإنذار حابط الأثر ولا قيمة له، وإذا كان التنبيه بالإخلاء هو تصرف قانوني صادر من جانب واحد يتضمن رغبة صاحبه استناداً إلى إرادته في إنهاء الإيجار ويتحقق أثره بمجرد أن يعلن عن هذه الإرادة في انتهاء العقد إلى المتعاقد الآخر فتنحل تبعاً لذلك الرابطة العقدية التي كانت قائمة بينهما بعد فترة معينة، وكانت مواعيد التنبيه بالإخلاء كما أوردتها المادة 563 من القانون ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على خلافها في عقد الإيجار، وكان تحديد هذه المدة مقرراً لمصلحة الطرف الموجه إليه التنبيه حتى لا يفاجأ بما لم يكن في حسبانه قبل أن يتهيأ لمواجهة ما يترتب على ذلك من وضع جديد فإن عدم التزام المؤجر بالمهلة المتفق عليها العقد للتنبيه بالإخلاء يترتب عليه ألا ينتج هذا التنبيه أثره ويتجدد العقد. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في هذا الشأن صحيحاً في القانون وكافياً لحمل قضائه بالنسبة لبقاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1972 قائماً وقت رفع الدعوى المطعون في حكمها فإن تعييبه في الدعامة الأخرى التي قام عليها قضاؤه يضحى غير منتج، ومن ثم يكون النعي في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه بطلانه لتهاتر أسبابه وفساده في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أن الحكم المستعجل ليست له حجية أمام قاضي الموضوع وخلط بذلك بين الحكم الصادر في الدعوى رقم 407 سنة 80 مستأنف مستعجل بنها بطرد المطعون ضده الثاني - زوج المطعون ضدها الأولى - وبين الدعوى الموضوعية التي أقامها الطاعن ضد هذين الاثنين بعد أن حصلت المطعن ضدها الأولى على الحكم لصالحها بوقف تنفيذ ذلك الحكم المستعجل ضدها باعتبارها من الغير إذ لو صح الاستشهاد بقاعدة أن الحكم المستعجل ليست له حجية أمام قاضي الموضوع فإن مجال تطبيق هذه القاعدة إنما يكون بصدد عدم جواز الاحتجاج على الطاعن بالحكم الصادر في الإشكال المقام من المطعون ضدها الأولى وعلى العكس... لا يصح الاستشهاد بهذه القاعدة ضد الطاعن لأن الحكم المستعجل قد أصبح غير ذي جدوى بالنسبة له بعد صدور الحكم في الإشكال لصالح المطعون ضدها الأولى بوقف تنفيذه. لإمكان حماية حقه بطرد المطعون ضدهما من العقار المملوك والذي يتضرر من استمرارهما شاغلين له بغير حق وعلى خلاف مقتضى القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الأحكام المستعجلة وقتية لا تمس أصل الحق فلا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع التي تفصل في أساس الحق المتنازع عليه، وبالتالي فإنها لا تتقيد بما انتهى إليه قاضي الأمور المستعجلة في قضائه الوقتي القائم على مجرد تلمس الظاهر من الأوراق، وكان الطاعن في معرض دفاعه بانتهاء العلاقة الإيجارية بينه وبين المطعون ضدهما قد تمسك بحجية الحكم الصادر لصالحه قبل هذا الأخير في الدعوى رقم 407 سنة 1980 مستعجل مستأنف بنها باعتبار أن المطعون ضدها الأولى تعتبر ممثلة في هذه الدعوى لأنها كانت وقتذاك زوجاً للمحكوم عليه، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على هذا الدفاع من الطاعن مقرراً أن ذلك الحكم المستعجل ليست له حجية أمام قضاء الموضوع فإنه لا يكون قد خلط بين الحكم الصادر في تلك الدعوى المستعجلة وبين الدعوى الموضوعية المطعون في حكمها، ومن ثم يضحى النعي عليه بما جاء في سبب الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب والخطأ في تطبيق القانون وتأويله والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضدها الأولى تعتبر مستأجرة بالمشاركة مع زوجها المطعون ضده الثاني الذي قضى بطرده بالحكم رقم 407 سنة 80 مستعجل مستأنف بنها وترك الشقة محل النزاع جبراً وليس اختياراً ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه ذهب إلى أن حق المطعون ضدها الأولى في البقاء بشقة النزاع مستمد من المادة 4 من القانون 44 لسنة 1979
باعتبارها حاضنة حتى تنتهي الحضانة أو تتزوج وهو ما يعني أن الحكم يعتبرها مستأجرة بالمشاركة مع زوجها على خلاف حكم القانون, فضلاً عن أن ذلك لا يتفق مع قضاء الحكم المطعون فيه في الاستئناف رقم 477 لسنة 15 ق بنها برفض الدعوى الفرعية المقامة من الزوجة المطعون ضدها الأولى باعتبارها مستأجرة أصلية وشريكة لزوجها والذي امتنع عليه الطعن فيه لصدور الحكم في صالحه.
وحيث إن هذا النعي مردود, ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1972 بين الطاعن والمطعون ضده الثاني عن شقة النزاع قد تجدد لعدم التزام المؤجر في التنبيه بالإخلاء الموجه منه إلى هذا الأخير بالمهلة المتفق عليها في العقد, وكان الحكم قد أقام قضاءه بحق المطعون ضدها الأولى في البقاء بالشقة محل النزاع على أنها قد طلقت من زوجها وثبتت حضانتها لولديها منه فإنه يكون من حقها أن تستقل بالشقة بعد ترك المطعون ضده الثاني لها نفاذاً لحكم الطرد المستعجل الصادر قبلة وذلك استناداً للمادة 4 من القانون رقم 44 لسنة 1979 بتعديل بعض أحكام قوانين الأحوال الشخصية حتى تنتهي أو تتزوج وهو ما يتفق وصحيح القانون - لما كان ذلك وكان الحكم اتساقاً منه مع قضائه باستمرار سريان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1972 قد قضى برفض الدعوى الفرعية المقامة من المطعون ضدها الأولى بطلب إثبات العلاقة الإيجارية بينهما وبين الطاعن وإلزامه بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة محل النزاع فإن النعي عليه بالتناقض في التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.