أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 356

جلسة 30 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، فهمي الخياط نائبي رئيس المحكمة، كمال نافع ويحيى عارف.

(68)
الطعن رقم 1631 لسنة 51 القضائية

(1) حكم "الطعن في الحكم" "ميعاد الطعن". نقض "إجراءات الطعن". "ميعاد الطعن".
بدء ميعاد الطعن بالنقض كأصل من تاريخ صدور الحكم. الاستثناء. بدئه من تاريخ إعلانه. م 213 مرافعات. تخلف الطاعن عن حضور جميع الجلسات المحددة لنظر الاستئناف دون أن يقدم مذكرة بدفاعه. أثره.
(2) إعلان "تغيير الموطن". موطن.
إلغاء الخصم موطنه الأصلي أو المختار دون إخطار خصمه. أثره. صحة إعلانه فيه. م 12/ 2 مرافعات.
(3 - 5) إيجار "إيجار الأماكن" "الإخلاء للتغيير في استعمال العين المؤجرة". إثبات "قواعد الإثبات" "عبء الإثبات". نظام عام. نقض "أسباب الطعن".
3 - حق المؤجر في إخلاء المستأجر للتغيير في وجه استعمال العين المؤجرة. م 23/ ج ق 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 31 ج ق 49 لسنة 1977. رهين بتحقق الضرر. عبء إثباته. وقوعه على عاتق المؤجر.
4 - قواعد الإثبات. عدم تعلقها بالنظام العام. سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء. اعتباره قبولاً ضمنياً له. شرطه. أن يكون في مكنته إبداء الاعتراض عليه.
5 - تخلف الطاعن عن حضور جميع الجلسات أمام محكمة الاستئناف وعدم تمكنه من الاعتراض على إجراءات التحقيق وتكليفه بإثبات انتفاء حصول ضرر بالمؤجر من تغييره استعمال العين المؤجرة حالة كون الأخير هو المكلف بإثبات الضرر. أثره. حقه في إبداء هذا الاعتراض لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - إذ كان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ سريانه إعمالاً للمادة 213 من قانون المرافعات من تاريخ صدور الحكم محل الطعن إلا أن هذا الميعاد يبدأ سريانه من تاريخ إعلان الحكم في أحوال معينة وردت على سبيل الحصر منها تخلف المحكوم عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الاستئناف دون أن يقدم مذكرة بدفاعه. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الاستئناف دون أن يقدم مذكرة بدفاعه فإن ميعاد الطعن يظل مفتوحاً أمامه رغم انقضاء مدة تزيد على ستين يوماً على تاريخ صدور الحكم.
2 - النص في الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون المرافعات على أنه "إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه" يدل على أن أي تغيير في الموطن ينبغي الإفصاح عنه وإخطار الخصم الآخر به وإلا صح إعلانه فيه.
3 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حق المؤجر في طلب الإخلاء وفقاً لحكم المادة 23 ج من القانون 52 لسنة 1969 الواجب التطبيق على موضوع الدعوى - والمقابلة للمادة 31/ ج من القانون 49 لسنة 1977 - لا يقوم بمجرد الاستعمال المحظور على المستأجر بل يشترط أن يقع عنه ضرر بالمؤجر بحيث إذا انتفى الضرر امتنع الحكم بالإخلاء ويقع عبء إثبات الضرر وفقاً للقواعد العامة على عاتق مدعيه المؤجر.
4 - المقرر أن قواعد الإثبات لا تتعلق بالنظام العام مما يجيز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً ولئن كان سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء يعد قبولاً ضمنياً له إلا أن شرط ذلك أن يكون في مكنته إبداء الاعتراض عليه.
5 - إذ كان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخلف عن حضور جميع الجلسات أمام محكمة الاستئناف ولم يقدم مذكرة بدفاعه. ومن ثم لم يكن في مكنته الاعتراض على إجراءات التحقيق التي أمرت بها ليثبت انتفاء حصول ضرر بالمؤجر من تغييره استعمال العين المؤجرة إلى مكتب لتعليم قيادة السيارات ويحق له من ثم الاعتراض عليها - ولو لأول مرة - أمام هذه المحكمة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء استناداً إلى افتراض وقوع ضرر بالمؤجر من مجرد عجز الطاعن - المستأجر - عن إثبات انتفاء حصول الضرر حال أن المؤجر - وهو المكلف بإثبات الضرر - لم يقدم دليلاً على حصوله فإنه يكون قد خالف القانون بنقله عبء الإثبات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 4078 سنة 75 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء العين المؤجرة للطاعن بالعقد المؤرخ 4/ 2/ 1969 لتأجيره وإياها مفروشة من الباطن إلى المطعون ضده الثاني وتغييره الغرض من استعمالها من مسكن إلى مكتب لتعليم قيادة السيارات بالمخالفة لعنصري عقد الإيجار. قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول بالاستئناف رقم 1632 سنة 94 ق القاهرة، وبتاريخ 14/ 1/ 1981 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن لتقديمه بعد الميعاد، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون ضده الأول أن صحيفة الطعن أودعت بعد أكثر من ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أنه وإعمالاً للمادة 213 من قانون المرافعات فإنه وإن كان ميعاد الطعن في الحكم يبدأ سريانه من تاريخ صدور الحكم محل الطعن، إلا أن هذا الميعاد يبدأ سريانه من تاريخ إعلان الحكم في حالات معينة وردت على سبيل الحصر منها تخلف المحكوم عليه عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه دون أن يقدم مذكرة بدفاعه، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخلف عن الحضور في جميع الجلسات المحددة لنظر الاستئناف دون أن يقدم مذكرة بدفاعه، فإن ميعاد الطعن بالنقض يظل مفتوحاً أمامه رغم انقضاء مدة تزيد على ستين يوماً على تاريخ صدور الحكم.
وحيث إنه - ولما تقدم - يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيانهما يقول أن المطعون ضده الأول "المؤجر" تعمد توجيه إعلانه بصحيفة الاستئناف وإعادة الإعلان وإعلاني الحكمين التمهيدين وإعلان تجديد الدعوى من الشطب في الاستئناف على شقة النزاع رغم علمه اليقيني بغلق الشقة وأن أحداً لا يقيم فيها منذ صدور الحكم الابتدائي وإقامته في مدينة الرياض حيث يعمل بها. ومن ثم تكون جميع هذه الإعلانات باطلة ويكون الحكم الذي أستند إليها باطلاً بطلاناً يصل إلى حد الانعدام فضلاً عن أنه يترتب على عدم إعلانه بصحيفة الاستئناف إعلاناً صحيحاً اعتبار الاستئناف كأن لم يكن وفقاً للمادة 70 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 12 من قانون المرافعات على أنه "إذا ألغى الخصم موطنه الأصلي أو المختار ولم يخبر خصمه بذلك صح إعلانه فيه" يدل على أن أي تغيير للموطن ينبغي الإفصاح عنه وإخطار الخصم الآخر به وإلا صح إعلانه فيه، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن أعلن لشخصه بصحيفة افتتاح الدعوى بموطنه الكائن بشقة النزاع، وكان لم يتحد بأنه أخطر المطعون ضده بتغيير موطنه هذا بعد صدور الحكم الابتدائي، ومن ثم يصح إعلانه فيه إبان تداول الدعوى أمام محكمة الاستئناف، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بصحة الإعلانات الموجهة إلى الطاعن بذات الموطن سواء بصحيفة الاستئناف أو بإعادة الإعلان وبالحكمين التمهيديين وبتجديد الاستئناف من الشطب، فإنه لا يكون قد خالف القانون أو الخطأ في تطبيقه ويكون النعي ببطلان الحكم لابتنائه على إجراء باطل على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تفسير القانون وتأويله ويقول في بيانه أن الحكم افترض وقوع الضرر بالمطعون ضده المؤجر من مجرد تغيير الغرض من استعمال العين المؤجرة إلى مكتب لتعليم قيادة السيارات وكلفت المحكمة الاستئنافية الطاعن - المستأجر - بإثبات انتفاء حصول الضرر بالمطعون ضده - المؤجر - حال أن عبء إثبات حصول الضرر بالمؤجر يقع حتماً على عاتق الأخير ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - وقد استند إلى هذا الافتراض الخاطئ معيباً بالبطلان بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه ولما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن حق المؤجر في طلب الإخلاء وفقاً لحكم المادة 23 ج من القانون 52 سنة 1969 الواجب التطبيق على موضوع الدعوى - والمقابلة للمادة 31 ج من القانون 49 سنة 1977 - لا يقوم بمجرد الاستعمال المحظور على المستأجر بل يشترط أن يقع عنه ضرر للمؤجر بحيث إذا انتفى الضرر امتنع الحكم بالإخلاء ويقع عبء إثبات الضرر وفقاً للقواعد العامة - على عاتق مدعية المؤجر وكان من المقرر أيضاً أن قواعد الإثبات لا تتعلق بالنظام العام مما يجيز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً، ولئن كان سكوت الخصم عن الاعتراض على الإجراء يعد قبولاً ضمنياً له إلا أن شرط ذلك أن يكون في مكنته إبداء الاعتراض عليه، لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن تخلف عن حضور جميع الجلسات أمام محكمة الاستئناف ولم يقدم مذكرة بدفاعه ومن ثم لم يكن في مكنته الاعتراض على إجراءات التحقيق التي أمرت بها ليثبت انتفاء حصول ضرر بالمؤجر من تغييره استعمال العين المؤجرة إلى مكتب لتعليم قيادة السيارات ويحق له من ثم الاعتراض عليها - ولو لأول مرة - أمام هذه المحكمة، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالإخلاء استناداً إلى افتراض وقوع ضرر بالمؤجر من مجرد عجز الطاعن - المستأجر عن إثبات انتفاء حصول الضرر حال أن المؤجر - وهو المكلف بإثبات الضرر. لم يقدم دليلاً على حصوله، فإنه يكون قد خالف القانون بنقله عبء الإثبات. مما يعيبه ويوجب نقضه، على أن يكون مع النقض الإحالة.