أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 368

جلسة 30 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى زعزوع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، فهمي الخياط نائبي رئيس المحكمة، يحيى عارف وكمال محمد مراد.

(70)
الطعن رقم 473 لسنة 52 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار".
الإقامة التي يترتب عليها امتداد عقد الإيجار لصالح المستفيدين من حكم المادة 29/ 1 ق 49 لسنة 1977 - المقابلة للمادة 21 ق 52 لسنة 1969 - بعد وفاة المستأجر أو تركه العين. المقصود بها. الإقامة المستقرة حتى الوفاة أو الترك دون اشتراط الإقامة اللاحقة. علة ذلك.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "ترك العين المؤجرة".
2 - تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن العين المؤجرة. جواز أن يكون صريحاً أو ضمنياً.
(3) مغادرة المستأجر البلاد - ولو كانت نهائية - لا تعد بذاتها تركاً للعين المؤجرة ما لم يفصح عن إرادته في إنهاء العلاقة الإيجارية. علة ذلك.
(4) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي.
حجية الحكم. مناطها. اتحاد الخصوم والمحل والسبب في الدعويين. م 101 إثبات.
(5) إثبات "إجراءات الإثبات، الاستجواب". محكمة الموضوع.
طلب استجواب الخصوم. عدم التزام محكمة الموضوع بإجابته.
1 - مفاد نص المادة 29/ 1 من القانون 49 لسنة 1977 - المقابلة للمادة 21 من القانون 52 لسنة 1969 - يدل على أن الإقامة التي يعتد بها لامتداد العقد لصالح المذكورين من أقارب المستأجر هي الإقامة المستقرة مع المستأجر والممتدة لحين وفاته أو تركه السكن دون اشتراط إقامة لاحقه، فإذا ما توافرت الإقامة بشروطها على النحو المتقدم أضحى من امتد إليه العقد مستأجراًًًًًًً أصلياً بحكم القانون الذي أوجب على المؤجر في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تحرير عقد إيجار له ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين المؤجرة إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجباً عليه.
2 - تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين المؤجرة، كما يصح أن يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ المستأجر موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف مقصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني.
3 - إذ كانت مغادرة المستأجر للبلاد - ولو كانت مغادرة نهائية - لا تعد بذاتها تركاً للعين المؤجرة تنهي العلاقة الإيجارية ما دام لم يفصح عن إرادته في إنهاء العقد إذ يقوم الترك بمعناه القانوني على عنصرين أولهما عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي وثانيهما عنصر معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة منه عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مغادرة المطعون ضدها البلاد وإقامتها مع ابنها في ألمانيا حتى يتم دراسته لا يدل بذاته على اتجاه إرادتها في التخلي عن العين المؤجرة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 تشترط لكي يكون للحكم حجية أن يكون قد صدر في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق محلاً وسبباً.
5 - محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست ملزمة بإجابة طلب الاستجواب إذا رأت أن الدعوى ليست في حاجة إليه وكانت المحكمة في النزاع المطروح قد خلصت إلى أحقية المطعون ضدها في امتداد عقد الإيجار إليها بعد ثبوت إقامتها مع زوجها المستأجر الأصلي حتى تاريخ وفاته وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله فلا عليها إن رفضت هذا الطلب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث الطاعنين أقام الدعوى رقم 3620 سنة 1978 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 3/ 1963 وإخلاء المطعون ضدها من العين المؤجرة والتسليم، تأسيساً على أن العقد لا يمتد إليها لعدم إقامتها بها بعد وفاة زوجها المستأجر الأصلي ومغادرتها البلاد نهائياً ولأنها لم تسدد الأجرة المستحقة عنها، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنف الطاعنون بالاستئناف رقم 3077 سنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 27/ 12/ 81 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى بالنسبة لطلب الإخلاء المؤسس على انتهاء العقد بوفاة المستأجر الأصلي لعدم قبولها بالنسبة لطلب الإخلاء وعدم الوفاء بالأجرة طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثاني والشق الثاني من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وبياناً لذلك يقولون أن الحكم أقام قضاءه على أن الطاعنين عجزوا عن تقديم الدليل على مغادرة المطعون ضدها البلاد نهائياً وعن إثبات عدم إقامتها في شقة النزاع مع زوجها وقت الوفاة وهو قول يخالف الصحيح الثابت في الأوراق، ذلك أنهم قدموا شهادة رسمية صادرة من مصلحة وثائق السفر تفيد سفر المطعون ضدها ومغادرتها البلاد نهائياً وهو ما تأيد بأقوال الشهود الذين سمعوا في الدعوى رقم 3167 سنة 75 مدني شمال القاهرة الابتدائية وبما تضمنه المحضر رقم 808 سنة 1981 إداري مصر الجديدة، كما أنه يشترط لإعمال نص المادة 29 من القانون رقم 49 سنة 1977 الذي استند إليه الحكم أن لا تكون الزوجة مقيمة مع زوجها وقت الوفاة فحسب بل يشترط كذلك استمرار إقامتها في العين بعد الوفاة فإن غادرتها إلى مكان آخر انتفى حقها في الامتداد القانوني، ومتى كان الثابت أن المطعون ضدها قد غادرت البلاد بعد أيام معدودات من وفاة زوجها سنة 1972 وأقامت مع ولدها....... في ألمانيا مدة عشر سنوات متتالية فلا يكون لها حق في الإقامة بالعين لانتفاء العلة من إيراد هذا النص الاستثنائي، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن النص في المادة 29/ 1 من القانون 49 سنة 1977 المقابلة للمادة 21 من القانون 52 سنة 1969 - على أنه "مع عدم الإخلال بحكم المادة (8) من هذا القانون لا ينتهي عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه العين إذا بقي فيها زوجه وأولاده أو أي من والديه الذين كانوا يقيمون معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة يشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم في المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل يدل على أن الإقامة التي يعتد بها لامتداد العقد لصالح المذكورين من أقارب المستأجر هي الإقامة المستقرة مع المستأجر والممتدة لحين وفاته أو تركه المسكن دون اشتراط إقامة لاحقة فإذا توافرت الإقامة بشروطها على النحو المتقدم أضحى من امتد إليه العقد مستأجراً أصلياً بحكم القانون الذي أوجب على المؤجر في الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة تحرير عقد إيجار له، ولا إلزام عليه من بعد أن يقيم بالعين المؤجرة إذ أن انتفاعه بها حق له وليس واجباً عليه، لما كان ذلك، وكان الطاعنون لا ينكرون بأن المطعون ضدها لم تغادر البلاد إلا في تاريخ لاحق لوفاة زوجها المستأجر الأصلي وكانت مستندات الدعوى المتمثلة فيما تضمنته الدعوى المستعجلة رقم 313 سنة 1977 مستعجل القاهرة وعقد زواج المطعون ضدها من المستأجر الأصلي الموثق بتاريخ 10/ 2/ 1968 وشهادة قيد ميلاد ابنها........ وكتاب فندق........ محل عمل الزوج المؤرخ 13/ 9/ 1972 تقطع بتوافر إقامتها مع المستأجر إلى وقت الوفاة فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى امتداد العقد إليها يكون قد صادف صحيح القانون، وإذ كانت المستندات المقدمة من الطاعنين تشير إلى مغادرة الزوجة البلاد بعد الوفاة فلا على الحكم إن سجل عليهم عجزهم عن إثبات عدم الوفاة فلا على الحكم إن سجل عليهم عجزهم عن إثبات عدم إقامتها بشقة النزاع قبل الوفاة، هذا إلى أنه ولئن كان تعبير المستأجر عن إرادته في التخلي عن إجارة العين المؤجرة كما يصح أن يكون صريحاً يصح أن يكون ضمنياً بأن يتخذ المستأجر موقفاً لا تدع ظروف الحال شكاً في انصراف قصده إلى إحداث هذا الأثر القانوني إلا أنه لما كانت مغادرة المستأجر للبلاد - ولو كانت مغادرة نهائية - لا تعد بذاتها تركاً للعين المؤجرة تنهي العلاقة الإيجارية ما دام لم يفصح عن إراداته في إنهاء العقد إذ يقوم الترك بمعناه القانوني على عنصرين أولهما عنصر مادي يتمثل في هجر الإقامة في العين على وجه نهائي وثانيهما عنصر معنوي بأن يصاحب هجر الإقامة منه عنصر التخلي عن العلاقة الإيجارية، فإن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن مغادرة المطعون ضدها البلاد وإقامتها مع ابنها في ألمانيا حتى تتم دراسته لا يدل بذاته على اتجاه إرادتها في التخلي عن العين المؤجرة فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أحقية المطعون ضدها في الإقامة خارج البلاد مع ولدها.......... حتى يتم تعليمه دون أن يعتبر ذلك منها تخلياً عن العين المؤجرة إنما يخالف حجية الحكم الصادر في الدعوى رقم 3167 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد شقيق المستأجر الأصلي عن نفسه وبصفته وصياً على القاصر.......... إذ كان في ذات الوقت وكيلاً عن المطعون ضدها بالتوكيل رقم 1487 لسنة 1972 توثيق مصر الجديدة، كما وإن الحكم المستعجل بوقف التنفيذ لا يقيد محكمة الموضوع والتي كان عليها أن تحترم القضاء الموضوعي الصادر ضد القاصر المذكور والذي يمتلك حصة قدرها 7/ 8 من شقة النزاع بينما لا تملك المطعون ضدها سوى الثمن فقط، وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن المادة 101 من قانون الإثبات رقم 25 سنة 1968 تشترط لكي يكون للحكم حجية أن يكون قد صدر في نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم ويتعلق بذات الحق محلاً وسبباً، لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الدعوى رقم 3167 سنة 1975 مدني شمال القاهرة الابتدائية قد أقيمت من مورث الطاعنين ضد........... عن نفسه وبصفته وصياً على القاصر.......، بينما أقيمت الدعوى الراهنة على المطعون ضدها، وإذ كان المدعى عليه المذكور - ورغم وكالته للمطعون ضدها قد اختصم في تلك الدعوى بصفته وصياً على ابن شقيقة القاصر...... فقط وبالتالي فإن المطعون ضدها لم تكن ممثلة في الدعوى ولا تحاج بالحكم الصادر فيها من ثم لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع الطاعنين المؤسس على مخالفة قواعد الحجية لافتقاره الأساس القانوني الصحيح، أما ما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه من أنه التزم بالقضاء الصادر في الدعوى المستعجلة والتفت عن الحكم الموضوعي الصادر بإخلاء القاصر فهو نعي لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه، إذ البين أن الحكم أقام قضاءه على امتداد عقد إيجار المستأجر الأصلي إلى زوجته المطعون ضدها والتي كانت تقيم معه بالعين حتى تاريخ وفاته وليس استناداً إلى الحكم المستعجل سالف الإشارة ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالشق الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن محكمة الموضوع وإن كانت غير ملزمة بإجابة طلب الاستجواب إلا أن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها برفض الطلب على أسباب سائغة وإن تذكر هذه الأسباب، وإذ كان ما أورده الحكم من أسباب رداً على طلب الاستجواب غير سائغة ومخالفة للقانون على نحو ما سطر في أسباب الطعن السالفة فإن الحكم وقد رفض هذا الطلب يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست ملزمة بإجابة طلب الاستجواب إذا رأت أن الدعوى ليست في حاجة إليه، وكانت المحكمة في النزاع المطروح قد خلصت إلى أحقية المطعون ضدها في امتداد عقد الإيجار إليها بعد ثبوت إقامتها مع زوجها المستأجر الأصلي حتى تاريخ وفاته وأقام الحكم المطعون فيه قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله فلا عليها أن رفضت هذا الطلب.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.