أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 11 - صـ 242

جلسة 15 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، وعادل يونس المستشارين.

(51)
الطعن رقم 1003 لسنة 29 القضائية

(أ، ب) تحقيق. التصرف فيه.
الإحالة في جنايات المادة 214/ 3 أ. ج المضافة بق 113 لسنة 1957: خضوعها لقواعد الجنح فيما يتعلق بإحالتها مباشرة إلى محاكم الجنايات. معنى كلمة ارتباط المشار إليها في النص: هو المعنى المشار إليه بنص المادة 32 ع.
سلطة النيابة في رفع الجناية إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة بالنسبة للجنايات المنصوص عنها في المادة 214/ 3 أ. ج والجرائم الأخرى المرتبطة بها طبقاً لنص المادة 32 ع.
قانون. تفسيره.
محله: لا محل للتفسير في حالة وضوح النص.
طرق التفسير: المعنى المستفاد من عبارة النص. وجوب العمل بالنص المطلق على إطلاقه. قصد الشارع. مثال.
(جـ) وصف التهمة. ما لا يستدعي تنبيه الدفاع عند تعديلها
حصول التعديل في حدود عناصر الوصف السابق الذي شمله التحقيق ودارت عليه المرافعة نتيجة استبعاد أحد عناصره: تعديل وصف التهمة المسندة إلى المتهمين من القتل العمد مع سبق الإصرار إلى الاشتراك مع أحدهم بطريقي الاتفاق والمساعدة.
(د - و) نقض. حكم. محكمة الجنايات. عقوبة. قتل عمد. المصلحة في الطعن: العقوبة المبررة بالنسبة للحكم الصادر في تهمة واحدة. ثبوت سبق الإصرار في القتل العمد يكفي لتوقيع عقوبة الإعدام بالنسبة للفاعل أو الشريك عدم جدوى التمسك ببطلان الحكم لإضافة ظرفي الترصد والاقتران في غير تنبيه للدفاع.
أوجه الطعن: ما لا يبطل الحكم وما لا يعيب تسبيبه. الخطأ المادي. الإشارة خطأ إلى وجود أحد المتهمين في مكان الحادث رغم تقرير براءته. الإجراءات الخاصة أمام محكمة الجنايات: عقوبة الإعدام. ضمانات تطبيقها. أخذ رأي المفتي قبل إصدار الحكم بها. عدم لزوم بيان رأي المفتي في الدعوى. الم 381/ 2 أ. ج.
ظروف الرأفة: تقديرها. العبرة في ذلك بالواقعة الجنائية ذاتها. دلالة عدم النزول بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه المحكمة في حدود الم 17 ع.
(ز) إثبات.
شهادة. تقديرها: متى يجوز الاعتماد على شهادة منقولة عن آخر؟
(ح) اشتراك.
ماهيته ومتى يقع؟ عدم اشتراط مضي وقت معين. جواز وقوع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة.
1 - استحدث الشارع فيما أورده في الفقرة الثالثة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 لاعتبارات تتعلق بالأمن والنظام العام استثناءً من الأصل العام المبين في الفقرة الثانية من المادة المذكورة حكماً آخر - فأجاز للنيابة العامة رفع الجنايات المنصوص عليها في هذه المادة وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى شملها التحقيق بأمر تكليف واحد أمام محكمة الجنايات رأساً.
2 - [(1)] القاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها - فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، ولما كان التعبير بكلمة "الارتباط" وإيراد هذه الكلمة بذاتها مطلقة من كل قيد في الفقرة الثالثة من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 - والمقام مقام تطبيق القانون الجنائي - لا يمكن أن ينصرف إلى غير المعنى الذي قصده الشارع وأرشد عنه في المادة 32 من قانون العقوبات - ولم تشر مذكرة القانون الإيضاحية بكلمة ما يمكن أن تجعل لها معنى جديداً يخالف المعنى الذي يتلاءم مع هذه القاعدة العامة، مما مفاده أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة، أو وقعت عدة جرائم مرتبطة ببعضها لغرض واحد وكانت إحدى تلك الجرائم جناية داخلة في الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثالثة أياً كانت العقوبة المقررة لها بالقياس إلى الجرائم الأخرى - جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم الحضور أمامها مباشرة - هذا هو المعنى الذي قصدت إليه المادة 214 وهو المستفاد من سياق النص وعبارته وهو الذي كان قائماً في ذهن الشارع حين أجرى هذا التعديل وما يجب أن يجرى عليه العمل باعتباره التفسير الصحيح للقانون، ويكون ما خاض فيه المتهم وما سماه بالجريمة التابعة والجريمة المتبوعة - واعتبار الجريمة الخادمة تابعة إذا كانت عقوبتها أخف من عقوبة الجريمة الأصلية أو مساوية لها - واعتبارها متبوعة إذا كانت عقوبتها أشد - ما خاض فيه المتهم من ذلك لا يستقيم مع عبارة النص ولا غرض واضعه - فإذا كان الحكم قد أثبت أن إحراز السلاح كان بقصد ارتكاب جريمتي القتل وأن الارتباط بالمعنى المفهوم قانوناً قائم بين الجرائم وبعضها، فإن النيابة إذ رفعت الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات مباشرة بطريق التكليف بالحضور تكون قد تصرفت في حدود حقها ولم تتجاوز الحد المقرر لها في القانون.
3 - إذا كان المتهمون الثلاثة قد قدموا إلى المحاكمة بتهمة أنهم والمتهم الرابع قتلوا المجني عليه عمداً ومع سبق الإصرار بأن أطلقوا عليه عيارين ناريين واعتدوا عليه بالضرب بالعصا قاصدين قتله - ثم تبينت المحكمة من التحقيق الذي أجرته أن المتهم الرابع أطلق أحد العيارين ولم توصل التحقيقات إلى معرفة من من المتهمين الآخرين هو الذي ساهم في الاعتداء بالبندقية الأخرى أو بالعصا فاعتبرتهم جميعاً شركاء المتهم الرابع بالاتفاق والمساعدة على أساس ما تضمنه الوصف الأصلي وما شمله التحقيق ودارت عليه المرافعة من أن إطلاق العيارين والضرب بالعصا كان بناءً على اتفاق سابق بين المتهمين، فإن هذا الذي أجرته المحكمة لا يعدو أن يكون تعديلاً لوصف التهمة لا للتهمة ذاتها، إذ هي لم تزد شيئاً على الواقعة المعروضة عليها، بل أنها استبعدت جزءاً منها لعدم ثبوته - فلا تثريب عليها إذا هي لم تلفت نظر الدفاع إلى ذلك.
4 - لا يفيد المتهمون في طلب نقض الحكم - أن المحكمة أضافت من تلقاء نفسها إلى وصف التهمة ظرف الترصد، أو أنها عاملتهم بالمادة 234 من قانون العقوبات في فقرتها الثانية باعتبار أن الجنايتين مقترنتان ببعضهما برابطة الزمنية وأنهما وقعتا تحت تأثير ثورة نفسية إجرامية واحدة - ما دام أن ظرف سبق الإصرار التي رفعت به الدعوى - وأثبت الحكم توافره - ولم يتناوله المتهمون بأي مطعن - يكفي لتوقيع عقوبة الإعدام سواء بالنسبة إلى الفاعل الأصلي أو الشريك.
5 - إذا كان الحكم بعد أن جزم بإدانة الطاعن في الجرائم المنسوبة إليه - اعتماداً على ما أورده من أدلة سائغة عاد - وهو في صدد سياق إثبات الاتفاق بين الطاعنين جميعاً - وأخطأ بذكر اسم المتهم الخامس - وأشار إلى وجوده في محل الحادث باعتباره فاعلاً في الجريمة - مع أنه قضي ببراءته - ولم يكن لهذه الواقعة غير الصحيحة أي أثر في منطق الحكم، ولم يدع الطاعن أن ضرراً لحق به من جراء ذلك، فإن ذلك لا يضير الحكم ولا يعيبه.
6 - لا يوجد في القانون عند الحكم بالإعدام بعد أخذ رأي المفتي أن تبين المحكمة هذا الرأي في حكمها، وكل ما أوجبته المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الثانية هو أن تأخذ رأيه قبل إصدار الحكم بالإعدام.
7 - تقدير ظروف الرأفة من محكمة الموضوع إنما يكون بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم - فإذا اعتبرت المحكمة المتهمين الثاني والثالث شريكين في جريمتي القتل مع سبق الإصرار وعاملتهما بالمادة 17 من قانون العقوبات وأوقعت عليهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة - فهذا مفاده أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 235 من قانون العقوبات وهي الإعدام ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً، وكان في وسع المحكمة - لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاً للحدود المرسومة بالمادة 17 من قانون العقوبات، وما دامت لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها.
8 - ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى.
9 - الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المشتركين فيه ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين فمن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم في ليلة 8 من يونيه سنة 1958 قتلوا محمد عطا الله عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وعصياً واستدرجه الطاعن الأول إلى الخلاء وأطلق عليه الطاعن الرابع والمتهم الأخير عيارين ناريين وانهال عليه الباقون بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. والطاعن الرابع أيضاً قتل زوجة المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار إذ بعد ارتكابه مع باقي المتهمين الجناية الأولى اتفق معهم على قتل المجني عليها وذهب معه الطاعن الأول ونادى على المجني عليها ولما خرجت من باب منزلها أطلق عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. والطاعنون الأول والثاني والثالث والمتهم الأخير أيضاً اشتركوا مع الطاعن الرابع في ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بطريقي الاتفاق والمساعدة بأن اتفقوا معه على قتلها وذهب معه الطاعن الأول ونادى عليها من منزلها (الطاعن الرابع) حتى إذا ما خرجت من باب منزلها أطلق عليها الأخير العيار الناري الذي قتلها فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة - والطاعن الرابع أيضاً - حاز سلاحاً نارياً (بندقية لي أنفيلد 303 بوصة مقروطة) بدون ترخيص، كما حاز ذخائر (طلقات لي أنفيلد) مما تستعمل في السلاح سالف الذكر بدون ترخيص. والمتهم الأخير أيضاً - حاز سلاحاًً نارياًً (بندقية لي أنفيلد 303) بدون ترخيص، كما حاز ذخائر (طلقات لي أنفيلد) مما تستعمل في السلاح سالف الذكر بدون ترخيص. وأحالت النيابة العامة المتهمين مباشرة إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم طبقاً لنص المواد 230 و231 و40 و41 من قانون العقوبات والمواد 1 و6 و26/ 2 و4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 لسنة 1954 والبند "ب" من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 17 و32 و230 و231 و232 و234/ 2 و235 و40 و 41 من قانون العقوبات والمواد 1، 6، 26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون 546 سنة 1954 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 المرفق - بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والرابع بالإعدام وبمعاقبة كل من الطاعنين الثاني والمتهم الأخير بالأشغال الشاقة المؤبدة وببراءة المتهم الأخير مما أسند إليه. وبمصادرة البندقيتين والذخيرة المضبوطة فطعن المتهمون الأربعة الأول هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
وقدمت النيابة في الميعاد مذكرة تطلب فيها موافقتها على الحكم الصادر بالإعدام.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والقصور والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إن الدعوى الجنائية رفعت عليهم والمتهم الخامس بأنهم قتلوا محمد عطا الله عمداً مع سبق الإصرار كما أنهم اشتركوا مع المتهم المذكور في قتل نجفة عبد السلام إلا أن المحكمة عدلت الوصف واعتبرتهم شركاء مع المتهم الرابع في جريمة قتل محمد عطا الله واعتبرت التهمة الثانية جناية اقترنت بها الجناية الأولى ثم أضافت إلى وصف التهمة الأولى ظرف الترصد ولم تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى ذلك كله وهي تعديلات تستلزم أسلوباً من الدفاع يغاير أسلوب الدفاع في الوصف الأول. كما أنها تنطوي على عناصر جديدة لم تكن مطروحة للبحث. هذا وقد قضى الحكم باعتبار الطاعنين الثلاثة شركاء في الجريمتين الأولى والثانية وقرر إعمال حكم المادة 17 من قانون العقوبات في حق الطاعنين الثاني والثالث (سعيد السيد فرج ورشاد السيد فرج) وقضى في الوقت نفسه بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة في حين أن حالتهما تنطبق على المادة (235) من قانون العقوبات التي أشار إليها الحكم فاستعمال المادة 17 عقوبات في حقهما كان يقتضي بالضرورة النزول من عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وهي العقوبة المقررة قانوناً في المادة (235) للشريك إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وإذا صح جدلاً القول بأن المادة 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات تنطبق على الشريك في جنايتين مقترنتين كما هو الحال بالنسبة للفاعل الأصلي فإنه كان يتعين على المحكمة أن تنبه الدفاع إلى هذا التعديل حتى تتاح له فرصة مناقشة توافر أو عدم توافر الاقتران خصوصاً وأن الجنايتين قد وقعتا فعلاً في زمانين ومكانين مختلفين. هذا وقد قضى الحكم بمعاقبة الطاعن الأول بعقوبة الإعدام - واكتفى بالإشارة إلى أن المفتي قد أخذ رأيه قبل الحكم دون أن يعني بتسجيل هذا الرأي وما انتهى إليه في شأن هذا المتهم بالذات حتى كان يمكن القول بأن الحكم استعرض جميع العناصر التي أوجب القانون استكمالها، كما استدل الحكم على توافر الاشتراك في حق الطاعنين الثاني والثالث بوقائع لا تؤدي في ذاتها إلى ذلك وهي لا تفيد شيئاً سوى أن الطاعنين الثاني والثالث حضرا الاتفاق بين المتهمين الأول والثاني وسكنا عليه وأنهما اشتركا في إخفاء جثة المجني عليه بعد وقوع القتل في حين أن القانون لا يعاقب إلا على الاشتراك الايجابي الذي يظهر بأعمال مادية أو بأقوال معبرة عن النية في حالة الاتفاق والتحريض أما الاشتراك اللاحق بإخفاء الجثة فهو غير معروف في القانون المصري ولا يعاقب عليه باعتباره اشتراكاً في جريمة وقعت من قبل وإنما يعاقب عليه كجريمة خاصة.
وحيث إن النيابة العامة اتهمت الطاعنين فؤاد السيد فرج وسعيد السيد فرج ورشاد السيد فرج وعبد الهادي فرج حسان وآخر يدعى لبيب عبد السلام محمد بأنهم في ليلة 8 يونيه سنة 1959 بناحية مركز أشمون أولاً - قتلوا محمد عطا الله عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية وعصياً واستدرجه المتهم الأول (الطاعن الأول) إلى الخلاء وأطلق عليه الرابع والخامس لبيب عبد السلام محمد (وقد حكم ببراءته) عيارين ناريين وانهال عليه الباقون بالعصي قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً - الطاعن الرابع أيضاً قتل نجفه عبد السلام محمد زوجة المجني عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار إذ بعد ارتكابه مع باقي المتهمين الجناية الأولى اتفق معهم على قتل المجني عليها وذهب معه الطاعن الأول ونادى على المجني عليها ولما خرجت من باب منزلها أطلق عليها عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها ثالثاً - والطاعنون الأول والثاني والثالث والمتهم الخامس أيضاً اشتركوا مع الطاعن الرابع في ارتكاب الجريمة السالفة الذكر بطريق الاتفاق والمساعدة بأن اتفقوا معه على قتلها وذهب معه الطاعن الأول ونادى عليها من منزلها الطاعن الرابع حتى إذا ما خرجت من باب المنزل أطلق عليها الأخير العيار الناري الذي قتلها فوقعت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. رابعاً - والطاعن الرابع أيضاً أحرز سلاحاً نارياً (بندقية لي انفيلد) بدون ترخيص. خامساً - والطاعن الرابع أيضاً حاز ذخائر (طلقات لي انفيلد) مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون ترخيص. سادساً - المتهم الخامس حاز سلاحاً نارياً (بندقية لي انفيلد) بدون ترخيص. سابعاً - والمتهم الخامس أيضاً حاز ذخائر وطلقات لي انفيلد مما تستعمل في السلاح سالف الذكر دون ترخيص. وأحالت النيابة العامة القضية مباشرة إلى محكمة الجنايات دون أن تقدمها إلى غرفة الاتهام وطلبت عقابهم بالمواد 230 و231 و40 و41 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثلاثة الأولين والمواد 230 و231 و40 و41 عقوبات والمواد 1/ 1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 والجدول رقم 3 القسم الأول بالنسبة للمتهمين الرابع والخامس فقضى الحكم المطعون فيه بمعاقبة كل من الطاعنين الأول والرابع بالإعدام ومعاقبة كل من الثاني والثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة وبراءة المتهم الخامس مما أسند إليه ومصادرة البندقيتين والذخيرة المضبوطة عملاً بالمواد 230 و231 و232 و234/ 2 و235 و40 و41 من قانون العقوبات و1 و6 و26/ 2 - 4 و30 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 546 سنة 1954 بالنسبة للمتهم الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث (الطاعنين الثاني والثالث)، وقد حصل الحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله: "إن المتهمين الثلاثة الأول (الطاعنين الثلاثة الأول) أخوة أشقاء يزرعون أرضاً على الضفة الغربية من فرع دمياط بزمام ناحية ساقية أبو شقرة من أعمال مركز أشمون وهذه الأرض في جهة منعزلة موحشة على مسيرة نصف ساعة من الجهة القبلية من مساكن الناحية وهم إلى جانب ذلك يحترفون صيد الأسماك ويملكون لهذا الغرض قارباً يرابط على صفحة المياه بجوار الأرض التي يفلحونها من ثلاث سنوات خلت وفي الأيام الأخيرة التي سبقت مباشرة حوادث هذه الدعوى أتلفت زراعة ذرة وقطعت أشجار توت ومانجو للمتهمين واعتقدوا أن المجني عليه محمد عطا الله هو الفاعل فاشتعلت قلوبهم بنار الحقد وعولوا على الانتقام والتشفي منه. واتفقوا على قتله والتخلص منه في زراعتهم هذه البعيدة عن العمران ولذلك لم يبلغوا عن حوادث الإتلاف ولم يوجهوا اتهاماً له حتى لا يثيروا الشكوك نحوهم وحتى لا يستشعر المجني عليه خيفة من ناحيتهم وأخذوا يتحينوا الفرصة المناسبة لتنفيذ ما أجمعوا العزم عليه حتى واتتهم الظروف بها حين دب الخلاف أخيراً بين المجني عليه والمتهم الرابع (الطاعن الرابع) صفيه وصديقه ورفيقه في غدواته وروحاته بسبب نزاع على مبلغ جنيهين سلمهما المجني عليه له ليشتري بهما فأساً له فلم يفعل ولم يرد إليه المبلغ فأخذ المجني عليه منه ساعته كرهاً في الطريق مقابل مبلغه وأوغر ذلك قلب المتهم الرابع من ناحيته وحملها له في نفسه غير أنه لم يجاهر بالعداء له ولم يقطع حبل صلاته به واستمرت علاقتهما على ما كانت عليه وانتهز المتهمون الثلاثة الأول الفرصة السانحة وسعوا إلى المتهم الرابع حيث تلاقت رغبتهم الملحة في الثأر من المجني عليه والتشفي منه مع رغبة المتهم المذكور في الانتقام منه أيضاً واتفق الجميع على قتل المجني عليه واختاروا لتنفيذ ما اتفقوا عليه يوم السبت الموافق 8 من شهر يونيو سنة 1958 واجتمعوا في الزراعة سالفة الذكر وأعدوا بندقيتين من نوع "لي انفيلد" محشوتين بعديد من الطلقات وقبل الغروب أرسلوا المتهم الأول إلى المجني عليه في منزله يستدعيه بمقولة إن المتهمين الرابع والخامس (لبيب عبد السلام محمد المحكوم ببراءته) يريدان مقابلته في زراعتهم وقد زعموا وجود المتهم الخامس معهم ليطمئن المجني عليه لأنه شقيق زوجته ولبى المجني عليه الدعوة وخرج مع المتهم الأول على مسمع ومرأى من زوجته المجني عليها الثانية نجفة عبد السلام محمد وعاد المتهم الأول ومعه المجني عليه حيث كان المتهمون الباقون في انتظاره وجلسوا معه فترة من الزمن حتى بدأ الظلام يخيم على المكان وانتهزوا فرصة نزول المجني عليه لقضاء حاجته في سفح جرف النيل واستعد المتهم الرابع ومجهول من المتهمين الآخرين لقتله بأن حمل كل منهما بندقية وما أن استدار المجني عليه ليعود إلى الكوخ حتى أطلق عليه كل منهما عياراً نارياً فسقط على الأرض ثم ضربه مجهول من المتهمين بعصا للإجهاز عليه حتى أسلم الروح وتقدم المتهم الأول فربط قدمي الجثة بحبل أحضره من زراعته ثم تعاون مع المتهم الرابع في جر الجثة إلى المياه اللصيقة بالزراعة حيث ربطاها بالحبال بعد أن أثقلاها بالحجارة حتى لا تطفو على سطح الماء وبعد ذلك عقد المتهمون الأربعة اجتماعاً في كوخ بالحقل حيث دار بينهم الحديث وعلموا من المتهم الأول أن نجفه عبد السلام محمد زوجة القتيل كانت موجودة بالمنزل ورأته عندما استدعى زوجها لمقابلة المتهمين الرابع والخامس ورأته عندما خرج معه وخشي المتهمون أن تفضح المذكورة أمرهم إذا ما تكشف غياب زوجها وطال هذا الغياب فاتفقوا فيما بينهم على قتلها أيضاً وانبرى المتهم الرابع يأخذ على عاتقه مهمة قتلها وذهب ومعه المتهم الأول يشد أزره إلى منزل المجني عليها حوالي الساعة 3 صباحاً وتوارى المتهم الأول خلف غاب قريب من المنزل ووقف المتهم الرابع على مقربة من منزلها ونادى باسم زوجها فردت المجني عليها مستفسرة عن المنادي فأجابها بأنه عبد الهادي فرج حسان وأنه يحمل شيئاً إلى زوجها فبرزت إليه وأفهمته بأن يستبقي ما معه إلى الصباح فبادر بإطلاق النار عليها من بندقية حملها معه لهذا الغرض فأصابها في بطنها على مسافة تقل عن المتر ثم انصرف إلى منزله بعد أن سلم البندقية للمتهم الأول الذي عاد بها إلى الحقل وأخفاها وقابل شقيقيه المتهمين الثاني والثالث اللذين كانا في انتظاره فأخبرهما بما تم وهرب المتهم الثالث إلى القاهرة - وعقب إطلاق النار على المجني عليها هرع إليها من الأهالي صابحة محمد عقل والذكير محمد عقل وغيرهم من رجال الحفظ وخفير الدرك عبد ربه عبد الغفار وشيخ الناحية منشاوي عقل وذكرت لهم أن المتهم الرابع أطلق النار عليها عقب أن دار بينهما حديث على النحو الذي سلف ذكره، كما قالت عندما سئلت عن زوجها أن المتهم الأول حضر إليه وخرج معه قبل الغروب ثم فاضت روحها وعندما باشرت النيابة التحقيق تقدم إليها محضر محرر بمعرفة ضابط مباحث المركز ذكر فيه أنه علم من تحرياته أن قتلة محمد عطا الله ونجفه هم المتهمون الأول والثالث والرابع وأنه قام بالبحث عن المتهمين فوجد المتهم الأول وعلم منه أن المتهم الثالث عبر النيل إلى البر الشرقي في مديرية القليوبية وأنه واجه المتهم الأول بما أسفرت عنه تحرياته فاعترف بأن المتهم الخامس شقيق المجني عليها حضر إليه والمتهم الرابع وطلبا منه استدعاء محمد عطا الله ففعل وبعد أن شربوا الشاي قام المتهم الخامس بقتله وإلقاء جثته في النيل ثم اتفق المتهمان الرابع والخامس على التوجه لمنزل محمد عطا الله وقتل زوجته، واستطرد ضابط المباحث في محضره فذكر أن المتهم الأول أبدى استعداده للإرشاد عن مكان جثة محمد عطا الله وأنه أنهى إليه أن شقيقيه - المتهمين الثاني والثالث شاهدا كل ما حدث وانتقل الضابط إلى منزل المتهم الخامس وفتشه ولم يعثر فيه على شيء وضبط المتهم المذكور وعندئذ انتقل وكيل النيابة المحقق مع المتهم الأول حيث أرشد إلى مكان الجثة التي كانت مغمورة في مياه النيل ومربوطة بحبل بجوار زراعة المتهمين، كما أرشده إلى مكان البندقيتين اللتين استعملتا في الحادث وإحداهما كانت ملقاة في المياه والأخرى مدفونة في حقل المتهمين الثلاثة الأول، وضبطت بعد ذلك عصا ملوثة بالدماء على مسافة خمسة عشر متراً من الكوخ القائم في زراعة المتهمين" واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى اعتراف الطاعن الأول، وإرشاده عن الأمكنة التي أخفيت فيها جثة المجني عليه والبندقيتان وأقوال المتهم الثاني والشهود الذين حضروا إلى المجني عليها عقب إطلاق النار عليها واستعراف الكلب البوليسي على الطاعن عندما شم إحدى البندقيتين وعلى الطاعن الثالث عندما شم البندقية الأخرى والحبل الذي ربطت به الجثة والعصا التي وجدت بجوار محل الحادث ملوثة بالدماء، كما استند إلى المعاينة التي تمت في الدعوى وتقريري الصفة التشريحية وتناول الحكم الحديث عن اتفاق المتهمين الثلاثة الأولين على قتل المجني عليهما مع المتهم الرابع في قوله: "وحيث إنه يخلص مما تقدم أن اتفاق المتهمين الثلاثة الأول على قتل محمد عطا الله ونجفة عبد السلام مع سبق الإصرار والترصد بالنسبة للأول ومع سبق الإصرار بالنسبة للباقين ثابت مما يأتي (أولاً) أن البواعث التي تدفع المتهم الأول إلى قتل محمد عطا الله والسابق الإشارة إليها هي بعينها التي تدفع المتهمين الثاني والثالث إلى ذلك (ثانياً) أن من ينتوي القتل يفعل ذلك في الخفاء، ومن ثم فلم يكن هناك ما يدعو المتهمين الرابع والخامس إذا كانت نية القتل قاصرة عليهما فقط أن يتوجها إلى زراعة المتهمين الثلاثة بالصورة التي ذكرها المتهم الأول ويكلفانه باستدعاء المجني عليه إلى الزراعة ويصارحانه بأنهما عقدا العزم على قتله ثم يرتكبان الجريمة على مرأى من ثلاثتهم. (ثالثاً) أن المتهمين الرابع والخامس بصفة خاصة ليسا في حاجة إلى الاستعانة بباقي المتهمين إذا أراد أن ينفردا بقتل المجني عليهما لأن المعروف أن المتهم الرابع يرافقه في روحاته وغدواته وأن المتهم الخامس ابن خالته وشقيق زوجته، ويقول المتهم الأول في التحقيقات أن الثلاثة المذكورين يقارفون جرائم السرقة معاً، ويقول أيضاً إن المجني عليه يأمن جانب المذكورين وأنه لم يكن يتوجس شراً عندما استدرجه إليهما فإذا كان ذلك فإنه كان من العسير على المتهمين الرابع والخامس أن يستدرجا المجني عليه إلى أي مكان آخر غير أرض المتهمين الثلاثة الأول ويقضيان عليه بعيداً عن الأعين لا بالصورة التي رواها المتهمان الأول والثاني (رابعاً) إذا لم يكن المتهمون الثلاثة الأول متفقين على قتل المجني عليه من بادئ الأمر لكان المعقول أن يحيط المتهم الأول المتهمين الثاني والثالث الموجودين معه بنفس الحقل واللذين مر عليهما عند ذهابه لاستدعاء المجني عليه علماً بما هو مقدم عليه من استدراج المجني عليه للمتهمين الرابع والخامس بقصد قتله في الكوخ المملوك لهم وهذا أمر خطير لا يمكن السكوت عليه ولا يمكنه أن ينفرد في التصرف فيه خاصة وأنهما موجودان في الحقل وأنهما سيكونان موجودين وقت حصول القتل - ولكن شيئاً من ذلك لم يحصل وكل ما قرره المتهم الثاني أنه شاهد المتهم الأول متجهاً إلى البلدة وسأله فأجابه بأنه سيحضر شاياً (خامساً) إذا كان المتهمان الرابع والخامس على حد قول المتهم الأول من الحرص والقسوة بحيث أنهما قتلا نجفة حتى لا يفتضح أمرهما ويعرف أنهما القاتلان لمحمد عطا الله لكان من المعقول إذا لم يكن المتهمون الثلاثة الأول مشتركين في القتل أن لا يقتل المتهمان الرابع والخامس المجني عليه أمامهم لأن الحرص يقتضي ذلك أو أن يقتل المتهمان الرابع والخامس المتهمين الثلاثة الأول بعد أن يقتلا المجني عليه حتى لا يكتشف أمرهما أسوة بقتل نجفة وقد وجد بالبندقيتين اللتين أطلقتا على المجني عليه عشر طلقات صالحة للاستعمال كان فيها الكفاية لإلحاقهم بالمجني عليه ونجفة (سادساً) اجتماع المتهمين الثلاثة الأول مع المتهمين الرابع والخامس وتناولهم الشاي جميعاً في الكوخ بعد مصرع المجني عليه بهذه الصورة المروعة ثم الاتفاق على قتل نجفة في حضورهما وعلى أن يقوم بالتنفيذ المتهم الرابع وأن يصاحبه المتهم الأول عند قيامه بذلك ثم بقاؤهما في الخص لحين عودة المتهم الأول واطمئنانهما إلى القضاء على نجفة. كل ذلك يدل على اتفاق المتهمين الثاني والثالث مع المتهم الأول على قتل محمد عطا الله من بادئ الأمر وعلى قتل زوجته من بعد ذلك، ويقول المتهم الثاني سعيد السيد فرج عيسى إنه كان يعمل في الحقل هو وأخوه المتهم الثالث رشاد وعندما سمع صوت الأعيرة النارية خيل إليه أن المتهمين أطلقا النار على شقيقه المتهم الأول فهرع إلى مكان الحادث وهنالك وجد المتهمين الرابع والخامس يقتلان المجني عليه بالصورة التي رواها، وهذا الذي يقوله ليس بمستبعد فقط بل هو غير معقول أيضاً أن يتوجه هو وشقيقه المتهم الثالث إلى مكان الحادث وهما يعتقدان أن المتهمين الرابع والخامس المدججين بالأسلحة النارية قد اعتديا على أخيهما المتهم الأول لأنهما في هذه الحالة يعرضان حياتهما للخطر من الاعتداء عليهما من المتهمين الرابع والخامس اللذان لن يقفا مكتوفي الأيدي عندما يشاهدانهما، ولكنها رواية من نسج الخيال، ولو صح ما يقوله المتهم الثاني من عدم اشتراكه وشقيقه المتهم الثالث في الحادث ومن أنه ظن أن القتل واقع على شقيقه المتهم الأول لكان من الطبيعي في هذه الحالة أن يفرا من مكان الحادث أو أن يبعدا عنه بحيث يكونان في مأمن من اعتداء المتهمين الرابع والخامس عليهما. (سابعاً) إنكار المتهم الثالث رشاد السيد فرج عيسى وجوده في مكان الحادث وقوله إنه غادر البلدة إلى القليوبية في صباح يوم السبت (مقتل محمد عطا الله بعد غروب شمس يوم السبت) ثم ذهابه إلى القاهرة وقوله في تحقيقات النيابة أن ليس لديه شهود على أنه كان في القاهرة في الوقت المعاصر ليوم الحادث ثم استحضاره يوم الجلسة شاهدي نفي كاذبين على ذلك (ثامناً) قتل المجني عليه في زراعة المتهمين الثلاثة الأول وربط الجثة بحبل مملوك لهم واشتراكهم في إخفائها على مقربة من أرضهم وإخفاء الأسلحة المستعملة في الحادث بعضها في زراعتهم والبعض الآخر في المياه المجاورة لها وتعرف الكلب البوليسي على المتهم الأول عندما شم إحدى البندقيتين وعلى المتهم الثالث عندما شم البندقية الأخرى والحبل الذي استعمل في ربط الجثة والعصا التي وجدت بجوار محل الحادث، كل ذلك مضافاً إلى ما سبق ذكره يدل بشكل قاطع على قيام الاتفاق بين المتهمين الثلاثة الأول والمتهم الرابع على قتل محمد عطا الله ثم قتل زوجته نجفه عبد السلام من بعده". لما كان ذلك، وكان المتهمون الثلاثة الأول قد قدموا إلى المحاكمة بتهمة أنهم والمتهم الرابع قتلوا عمداً ومع سبق الإصرار محمد عطا الله بأن أطلقوا عليه عيارين ناريين واعتدوا عليه بالضرب بالعصي قاصدين قتله، ثم تبينت المحكمة من التحقيق الذي أجرته أن المتهم الرابع أطلق أحد العيارين ولم توصل التحقيقات إلى معرفة من من المتهمين الآخرين هو الذي ساهم في الاعتداء بالبندقية الأخرى أو بالعصا فاعتبرتهم جميعاً شركاء للمتهم الرابع بالاتفاق والمساعدة على أساس ما تضمنه الوصف الأصلي وما شمله التحقيق ودارت عليه المرافعة من أن إطلاق العيارين والضرب بالعصي كان بناءً على اتفاق سابق بين المتهمين، فهذا الذي أجرته المحكمة لا يعدو أن يكون تعديلاً لوصف التهمة لا للتهمة ذاتها، إذ هي لم تزد شيئاً على الواقعة المعروضة عليها بل أنها استبعدت جزءاً منها لعدم ثبوته فلا تثريب عليها إذا هي لم تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ولا يفيد الطاعنون في طلب نقض الحكم أن المحكمة أضافت من تلقاء نفسها إلى وصف التهمة ظرف الترصد أو أنها عاملتهم بالمادة 234/ 2 من قانون العقوبات باعتبار أن الجنايتين مقترنتان ببعضهما برابطة الزمنية وأنهما وقعتا تحت تأثير ثورة إجرامية واحدة ما دام أن ظرف سبق الإصرار الذي رفعت به الدعوى وأثبت الحكم توافره ولم يتناوله الطاعنون بأي مطعن يكفي لتوقيع عقوبة الإعدام سواء بالنسبة إلى الفاعل الأصلي أو الشريك، وكانت محكمة الموضوع إنما تقدر ظروف الرأفة بالنسبة للواقعة الجنائية التي ثبتت لديها قبل المتهم - فإذا اعتبرت المحكمة المتهمين الثاني والثالث شريكين في جريمتي القتل مع سبق الإصرار وعاملتهما بالمادة (17) من قانون العقوبات وأوقعت عليهما عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة فهذا معناه أنها أخذت في اعتبارها الحد الأقصى للعقوبة المقررة في المادة 235 من قانون العقوبات وهي الإعدام ثم نزلت بها إلى العقوبة التي أباح لها هذا النص النزول إليها جوازياً، وكان في وسع المحكمة لو كانت قد أرادت أن تنزل بالعقوبة إلى أكثر مما نزلت إليه أن تنزل إلى الأشغال الشاقة المؤقتة وفقاًً للحدود المرسومة بالمادة (17) من قانون العقوبات، وما دامت هي لم تفعل ذلك فإنها تكون قد رأت تناسب العقوبة التي قضت بها فعلاً مع الواقعة التي ثبتت لديها، وكان لا يوجد في القانون عند الحكم بالإعدام بعد أخذ رأي المفتي أن تبين المحكمة هذا الرأي في حكمها وكل ما أوجبته المادة 381/ 2 من قانون الإجراءات هو أن تأخذ رأيه قبل إصدار الحكم بالإعدام. لما كان ذلك، وكان الاشتراك بالاتفاق يتكون من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية، ولما كان القاضي الجنائي فيما عدا الحالات الاستثنائية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقوم لديه، كما له أن يستنتج حصول التحريض والاتفاق على الجريمة من أعمال لاحقة لها، وكانت المحكمة قد دللت على قيام هذا الاشتراك من ظروف الدعوى وملابساتها، وكان تدليلها سائغاً لما أوردته من قرائن وأعمال أثبتتها في حكمها فإن الطعن لا يكون له محل.
(ثانياً) عن الطعن المقدم من المتهمين الثلاثة الأولين في 25 مايو سنة 1959.
وحيث إن مبنى الطعن هو الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة بالنسبة إلى الطاعنين من اعتبارهم فاعلين أصليين في تهمة قتل محمد عطا الله إلى اعتبارهم شركاء بالاتفاق والمساعدة دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، وقد اعتمد الحكم فيما اعتمد عليه في القول بقيام الاتفاق السابق بين الطاعنين على القتل إلى استعراف الكلب البوليسي على الطاعن الثالث بعد أن شم إحدى البندقيتين والحبل الذي كانت الجثة مقيدة به، في حين أن عملية الاستعراف هذه قد تمت بعد ثلاثة أيام من وقوع الحادث وأن الحبل الذي أجري عليه الاستعراف كان مغموراًً في المياه مع جثة القتيل مدة تكفي لضياع الرائحة اللاصقة به، هذا ويبين مما أورده الحكم أن الحديث عن قتل المجني عليها الثانية كان حديثاً طارئاً جرى بين المتهمين الأول والرابع دون غيرهما، ولا يدل في ذاته على انعقاد الاتفاق بمعناه القانوني بين الطاعنين والطاعن الرابع - وما ساقه الحكم من وقائع لا يفيد صدور أي عمل إيجابي من الطاعنين الثالث والرابع ولا تؤدي إلى القول بقيام اتفاق سابق بينهم على ارتكاب الجريمة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به جريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار واللتين دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها. لما كان ذلك، وكان القاضي الجنائي حراًً في استخلاص عقيدته من أي مصدر شاء فيما عدا الأحوال القانونية التي قيده القانون فيها بنوع معين من الأدلة - واستعراف الكلب البوليسي لا يعدو أن يكون قرينة يصح الاستناد إليها في تعزيز الأدلة القائمة في الدعوى، وما يثيره الطاعنون من أن وجود الحبل في المياه لمدة ثلاثة أيام من شأنه ضياع الرائحة العالقة هو دفاع موضوعي لا تلزم المحكمة بالرد عليه صراحة، بل يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من الحكم بالإدانة استناداً إلى عملية الاستعراف، خصوصاً وأن البندقية والعصا التي شملها الاستعراف لم تكونا مغمورتين في المياه كما هو الحال في الحبل، وكان الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المشتركين فيه ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين فمن الجائز عقلاًً وقانوناًً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة، وكان باقي ما جاء بهذا التقرير من وجوه أخرى مردود بما سبق الرد به على تقرير الطعن الأول، فإن الطعن برمته لا يكون له محل ويتعين رفضه موضوعاًً.
مبنى الطعن المقدم من المتهم الرابع عبد الهادي فرج حسان.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو البطلان في الإجراءات، وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن نظام قاضي الإحالة قد وضع مع نظام محاكم الجنايات في سنة 1904 ليعوض عن إلغاء نظام الاستئناف في الجنايات، ثم حلت غرفة الاتهام محل قاضي الإحالة فأصبحت هي السلطة العليا في قضاء التحقيق بالنسبة للجنايات تستوفي ما فيه من نقص وتبسط عليه الإشراف القضائي الكامل الذي يكفل استواء ميزان العدل بين الاتهام والدفاع، وأنه إذا كان قانون الأحكام العرفية الصادر في سنة 1923 أو الصادر في سنة 1954 أو قانون حالة الطوارئ الصادر في سنة 1957 قد أسقط هذه الضمانة فأجاز لسلطة الاتهام الإحالة المباشرة إلى المحكمة العسكرية العليا أو إلى محكمة أمن الدولة العليا فيما يتعلق بالجنايات التي تنظرها فلأنه روعي في هذا القانون طبيعة حالة الحرب أو الطوارئ فهي حالة استثنائية موقوتة تزول بزوال الضرورة التي فرضتها فإذا زالت عادت للقانون العام (أعني قانون الإجراءات الجنائية) سيادته كاملة وعادت الضمانة الأساسية المقررة بنظام غرفة الاتهام إلى عملها بصورة شاملة مما يقتضي الرجوع في تحديد معنى الفقرة الثالثة من المادة 214 من قانون الإجراءات المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 إلى مفاهيم القانون العام، ومن هذه المفاهيم أن الارتباط له معنى ونتائج غير معنى عدم التجزئة ونتائجها، وأنه إذا وقعت عدة أفعال لغرض واحد وكانت مرتبطة ببعضها بحيث لا تقبل التجزئة وجب اعتبارها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدها (المادة 32/ 2 عقوبات)، وهذا معناه أنه في حالة عدم التجزئة تندمج الجريمة الأخف في الجريمة الأشد ولا يعود للجريمة الأخف استقلال ذاتي، كما أنه يراعى في حالة عدم التجزئة القواعد والإجراءات وطرق الطعن المقررة للجريمة الأشد فالمادة 214 حين تقول: "رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة" فإنها تشير حتماً إلى جريمة لم يلحقها الاندماج في جريمة أخرى أهم منها ولم تفقد استقلالها، لأن الجريمة حين تندمج في جريمة أخرى أهم منها تفقد استقلالها ولا يرتبط بها شيء ولا تعتبر الدعوى مرفوعة بشأنها بل تعتبر الدعوى دعوى واحدة مرفوعة بشأن الجريمة الأهم التي اندمجت فيها، وهذا يصدق من باب أولى حين يكون الفعل الآخر ظرفاً مشدداً للأول كحمل السلاح في السرقة إذ أن حمل السلاح والسرقة يكونان جريمة خاصة لها عقوبة خاصة لا هي عقوبة السرقة ولا هي عقوبة حمل السلاح فلا تملك النيابة بحسب نص المادة 214 المذكورة أن تحيل جناية السرقة مع حمل السلاح إلى محكمة الجنايات مباشرة على أساس توجيه تهمة إحراز السلاح كما لا يمكنها أن تحرم المتهم بالقتل من ضمانة غرفة الاتهام بتوجيه تهمة إحراز السلاح للمتهم وهي جريمة تابعة لجريمة القتل وخادمة لها ولا يحكم عليه من أجلها بعقوبة ما مع عقوبة الجريمة المتبوعة وهي جريمة القتل، والقول بأن تهمة القتل هي المرتبطة بتهمة إحراز السلاح فيه مجافاة لروح القانون وقلب للمعايير والأوضاع، فلا يمكن والحالة هذه القول بأن محكمة الجنايات حين نظرت الموضوع وأصدرت حكمها فيه قد اتصلت اتصالاً قانونياً صحيحاً يجعلها في حل من نظرها - ولا يرفع عن الحكم هذا العيب ترافع الخصوم أمام محكمة الجنايات دون الدفع بالبطلان لتعلق المسألة بالنظام القضائي وبتوزيع الولاية والاختصاص مما لا مجال فيه لرضاء الخصوم.
وحيث وإن كان صحيحاً أن القانون رقم 4 لسنة 1905 الخاص بتشكيل محاكم الجنايات قد أوجد نظام قاضي الإحالة وأوجب أن ترفع الدعوى في الجنايات عن طريق قاضي الإحالة فدل بذلك على أنه الجهة الوحيدة التي تستطيع توجيه الاتهام نهائياً في الجنايات إلى المتهم وإحالته إلى محكمة الجنايات وإن كان صحيحاً أيضاً أن غرفة الاتهام قد حلت محل قاضي الإحالة في اختصاصه بإحالة الجنايات إلى محاكم الجنايات، إلا أنه صحيح أيضاً من ناحية أخرى أن الشارع فيما أورده في الفقرتين الثالثة والرابعة من المادة 214 من قانون الإجراءات المضافة بالقانون رقم 113 لسنة 1957 الصادر في 19 من مايو سنة 1957 ونصها: "ومع ذلك إذا كانت الجناية من الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والثالث والرابع والرابع عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات والقانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالقانون رقم 546 لسنة 1954 رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة. ويتبع في ذلك أحكام المواد 185 و186 و187 و188 و189. ويراعى في جميع الأحوال حكم الفقرة الثانية من المادة 63" صحيح أيضاً أن الشارع فيما أورده في ذلك النص قد استحدث لاعتبارات تتعلق بالأمن والنظام العام استثناء من الأصل العام المبين في الفقرة الثانية من المادة المذكورة التي تنص على أن "ترفع الدعوى في مواد الجنايات من رئيس النيابة أو من يقوم مقامه ويكون ذلك بطريق تكليف المتهم بالحضور أمام غرفة الاتهام" استحدث الشارع حكماً آخر فأجاز للنيابة العامة رفع الجنايات المنصوص عليها في المادة المذكورة وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى شملها التحقيق بأمر تكليف واحد أمام محكمة الجنايات رأساً.
وحيث وإن كان الشارع لم يبين صراحة في هذه المناسبة عناصر الارتباط التي يجب توافرها بين الجرائم وبعضها، إلا أن التعبير بكلمة "الارتباط" وإيراد هذه الكلمة بذاتها بلا تقييد - والمقام مقام تطبيق القانون الجنائي - لا يمكن أن ينصرف إلى غير المعنى الذي قصده وأرشده عنه في المادة 32 من قانون العقوبات - ولم تشر مذكرة هذا القانون الإيضاحية بكلمة ما يمكن أن تجعل لها معنى جديداً يخالف المعنى الذي يتلاءم مع هذه القاعدة العامة، وكل الذي خاض فيه الطاعن وما سماه بالجريمة التابعة والجريمة المتبوعة واعتبار الجريمة الخادمة تابعة إذا كانت عقوبتها أخف من عقوبة الجريمة الأصلية أو مساوية لها واعتبارها متبوعة إذا كانت عقوبتها أشد، ما خاض فيه الطاعن من ذلك لا يستقيم مع عبارة النص ولا غرض واضعه، فقد جاء نص القانون صريحاً ومطلقاً من كل قيد، والقاعدة العامة أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لهذا القانون تحت عبارة "ثانياً" "يشمل قانون العقوبات في الكتاب الثاني الباب الأول خاصاً بالجرائم المضرة بالحكومة من جهة الخارج والباب الثاني خاصاً بالجرائم المضرة بالحكومة من جهة الداخل والباب الثاني مكرراً خاصاً بالمفرقعات والباب الثالث خاصاً بالرشوة والباب الرابع باختلاس الأموال الأميرية والغدر وتتمثل فيها بصفة أساسية أعظم الجرائم أثراً على المصلحة العامة وأشدها خطراً على الأمن العام، وقد لوحظ من وقت بعيد أن الكثير من أحكامها الموضوعية لم تعد تحقق الغرض المقصود من الضرب بشدة على أيدي العابثين، ولذلك عالج المشرع بعض أبوابها علاجاً شاملاً واقتصر في بعضها الآخر على سد وجوه التخلف أو القصور في أحكامها، على أن هذا العلاج أياً كان مداه في تغليظ العقاب لن يؤتي آثاره المرجوة في الزجر ما لم توجد إجراءات مبسطة تكفل الفصل في القضايا في أقل وقت ممكن ورؤى لذلك مراعاة لصالح الجماعة وصالح المتهم نفسه اختصار بعض الإجراءات المقررة عند تحقيق أنواع هذه الجرائم دون مساس بالضمانات الأساسية مهيأ بذلك للمتهمين محاكمة سريعة وعادلة، ومن ثم رؤى إضافة مادة جديدة إلى قانون الإجراءات برقم 208 مكرراً تنص على أن للنيابة في تحقيق الجرائم المذكورة جميع السلطات المخولة لها ولقاضي التحقيق وغرفة الاتهام - وإتماماً للفائدة المرجوة من ذلك رؤى أيضاً تعديل المادة 214 بالنص على أنه إذا كانت الجناية من الجنايات المشار إليها في الأبواب المتقدم ذكرها رفعت النيابة العامة الدعوى عنها وعما يكون مرتبطاً بها من جرائم أخرى إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة وبسط هذا الحكم على الجنايات المنصوص عليها في الباب الرابع عشر من الكتاب الثاني وفي قانون الأسلحة والذخائر، وقد اقتضى ذلك تعديل المادة 158 على وجه مماثل لتعديل المادة 214 ليسري على قاضي التحقيق ما يسري على النيابة توحيداً لطريقة رفع الدعوى في الجنايات أياً كانت الجهة التي تباشر التحقيق فيها". مما مفاده أنه إذا كون الفعل الواحد جرائم متعددة أو وقعت عدة جرائم مرتبطة ببعضها لغرض واحد وكانت إحدى الجرائم جناية داخلة في الجنايات المنصوص عليها في المادة 214 في الفقرة الثالثة أياً كانت العقوبة المقررة بها بالقياس إلى الجرائم الأخرى جاز للنيابة العامة تقديم الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات بطريق تكليف المتهم بالحضور أمامها مباشرة، هذا هو المعنى الذي قصدت إليه المادة 214 وهو المستفاد من سياق النص وعبارته، وهو الذي كان قائماًً في ذهن الشارع حين أجرى هذا التعديل وما يجب أن يجري عليه العمل باعتباره التفسير الصحيح للقانون. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن إحراز السلاح كان بقصد ارتكاب جريمتي القتل وأن الارتباط بالمعنى المفهوم قانوناً، قائم بين الجرائم وبعضها فإن النيابة العامة إذ رفعت الدعوى برمتها إلى محكمة الجنايات مباشرة بطريق التكليف بالحضور تكون قد تصرفت في حدود حقها ولم تتجاوز الحد المقرر لها في القانون. لما كان ما تقدم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى باقي وجوه الطعن هو الغموض والقصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن أشار في دفاعه إلى أن النزاع إنما يقوم بين المجني عليه والطاعنين الثلاثة الأول بسبب ما أتلفه المجني عليه من زراعتهم فاتفق أمرهم على قتله واستدرجه المتهم الأول إلى زراعتهم المشتركة حيث قاموا بقتله وإخفاء جثته، ثم عاد الأول إلى زوجة المجني عليها وقتلها بعد أن نادى عليها وانتحل اسم الطاعن باعتباره صديقاً لزوجها حتى يضمن خروجها من المنزل، وما قالته المجني عليها من أن الطاعن هو الذي أطلق عليها النار لم يكن مبناه الرؤيا لأن الرؤية مستحيلة عليها وهي واقفة على عتبة الباب بسبب الظلام وظلال الأشجار حول المنزل بل مبناه التسمي من جانب المتهم الأول باسم الطاعن إخفاء لشخصيته الحقيقية، ولم يستظهر الحكم أن المجني عليها استعرفت على الطاعن وتحققت من شخصيته ولا يغني عن ذلك ما أورده الحكم من أقوال صابحة وذكير والخفير محمد عبد ربه وشيخ الناحية ودسوقي عبد السلام إذ هي أقوال سماعية منقولة عن المجني عليها في الظروف السابق بيانها، كما استند الحكم في إدانة الطاعن إلى أقوال المتهم الأول مع أنه لم يثبت على رواية بعينها في تصوير الواقعة وفي وصف السلاح الذي استعمله الطاعن في قتل المجني عليهما، إذ قال بالجلسة أنه قتل المجني عليها بالبندقية الطويلة في حين أنه قال في التحقيقات إنه أطلق العيار على المجني عليها من البندقية القصيرة، هذا وقد جاء الحكم في صدد بيان الأسباب التي من أجلها قضي ببراءة المتهم الخامس لبيب عبد السلام محمد مضطرباً متناقضاً بما يكشف عن اختلال فكرته من حيث موضوع الدعوى برمته مما يعيبه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه استند فيما استند إليه إلى اعتراف المتهم الأول من أن الطاعن أطلق النار على المجني عليه من بندقيته فأصابه كما أطلق عليه مجهول من بين المتهمين الآخرين عياراً آخر وضربه بعصا، ثم قصد الطاعن إلى المجني عليها الثانية في منزلها وناداها وتحدث معها فلما أن فتحت الباب وأصبح منها على مسافة متر واحد أطلق عليها هي الأخرى عياراً أرداها قتيلة، كما اعتمد على أقوال الشهود الذين حضروا على إثر سماعهم إطلاق العيار على المجني عليها ونقلوا عنها أن الطاعن وهو معروف لها هو الذي أطلق عليها النار بعد أن حضر إلى منزلها ونادى عليها وتحدث معها وكان منها على مسافة متر واحد في وقت يسمح بالرؤيا مما مفاده أن هذا الذي قالته المجني عليها للشهود كان مرجعه إلى مشاهدتها المتهم وتحققها من شخصيته، ولم يكن الأمر صادراً عن مجرد رأي أو عقيدة لديها. لما كان ذلك، وكان للمحكمة الجنائية السلطة المطلقة في تحري حقيقة الواقعة المطروحة عليها واستخلاص هذه الحقيقة من ظروف الدعوى وملابساتها فلا جناح عليها إذا ما اعتمدت على قول متهم في إدانة متهم آخر في التحقيقات متى اعتقدت - كما هو الحال في الدعوى - إلى صحة هذا الاعتراف واطمأنت إليه، كما أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من الأخذ برواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، واختلاف الطاعن الأول في أقواله في وصف البندقية التي استعملها الطاعن في كل من الحادثين - على فرض صحته - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه، وكان الحكم حين حكم ببراءة المتهم الخامس لبيب عبد السلام محمد نفى قيام الباعث على القتل بالنسبة له وقال "وترى المحكمة أنه من الجائز أن يكون المتهمان الأول والثاني قد زجا بالمتهم الخامس في الاتهام لإبعاد الشبهة عن أنفسهم وحتى يأمنوا جانبه فلا يثأر لشقيقته وزوجها، وحيث إنه مما تقدم يكون الاتهام الموجه إلى المتهم الخامس محل شك ويتعين لذلك القضاء ببراءته" فإذا كان الحكم بعد أن جزم بإدانة الطاعن في الجرائم المنسوبة إليه اعتماداً على ما أورده من أدلة سائغة عاد وهو في صدد بيان إثبات الاتفاق بين الطاعنين جميعاً وأخطأ بذكر اسم المتهم الخامس وأشار إلى وجوده في محل الحادث باعتباره فاعلاً في الجريمة مع أنه قضي ببراءته ولم يكن لهذه الواقعة غير الصحيحة أي أثر في منطق الحكم ولم يدع الطاعن أن ضرراً لحق به من جراء ذلك - فذلك لا يضير الحكم ولا يعيبه. لما كان ذلك، فإن الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دين بها الطاعنان وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت في الأوراق من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن النيابة عرضت القضية على المحكمة طبقاً لما هو مقرر في المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض وقدمت مذكرة برأيها في الحكم وطلبت فيها تأييده بالنسبة للطاعنين الأول والرابع.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق القضية أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاًًً للقانون، وقد جاء الحكم سليماً من عيب مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، كما أنه صدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات.
وحيث إنه لذلك كله يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


[(1)] قررت محكمة النقض المبدأ ذاته في الطعون 1572 لسنة 29 ق (جلسة 12/ 4/ 1960)، 1335/ 29 ق "جلسة 9/ 5/ 1960"، 1743 لسنة 29 ق (جلسة 17/ 5/ 1960).