أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الأول - السنة 11 - صـ 273

جلسة 21 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار, وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(54)
الطعن رقم 1712 سنة 29 القضائية

(أ، ب) دعوى مدنية.
المدعى عليه فيها:
تدخل المسئول المحتمل عن الحقوق المدنية في الدعوى الجنائية. أثره. الم 254 أ. ج.
نقض.
ممن يجوز؟
الطعن في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية من المسئول المحتمل عن الحقوق المدنية المتدخل في غير ادعاء مدني - غير جائز. علة ذلك. الم 420/ 1، 423 أ. ج.
الحكم في الطعن: ترتيب الجزاءات الإجرائية.
جواز الطعن من عدمه مسألة سابقة على مباشرته في الميعاد أو بعده.
(ج) دعوى جنائية.
تحريكها عن جرائم الموظفين ومن إليهم: الم 63/ 3 معدلة بق 121 لسنة 1956.
كفاية صدور الإذن برفع الدعوى وتكليف وكيل النيابة المختص بتنفيذه.
(د، هـ) حريق بإهمال.
عناصر الواقعة الإجرامية: الإهمال. صورة واقعة يتوافر بها هذا العنصر. ما لا يعيب التدليل: ما تزيد فيه الحكم - في مقام بيان ظروف الجريمة - لا يعيبه. مثال.
1 - [(1)] المادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية - وإن أجازت للمسئول عن الحقوق المدنية أن يتدخل من تلقاء نفسه في الدعوى الجنائية في أية حالة كانت عليها الدعوى بدون أن يوجه إليه إدعاء مدني فيها - إلا أن هذا التدخل الانضمامي لا يعطي المسئول المحتمل عن الحقوق المدنية حق الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية وحدها الذي لا يمسه الحكم فيها، إذ دل الشارع بما نصت عليه المادتان 420 في فقرتها الأولى، 423 من قانون الإجراءات الجنائية - في وضوح وصراحة - على أن الطعن بطريق النقض وهو طعن غير عادي لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه - وفيما يختص بحقوقه فقط، ولا يعتبر الشخص طرفاًًًًً في الحكم إلا إذا قضي له أو عليه فيما فصل فيه - فطعن المسئول عن الحقوق المدنية لا يجوز إلا فيما يختص بالدعوى المدنية بالتظلم مما انتهت إليه المحكمة في قضائها ضده - فإذا كان الثابت من الحكم أنه صدر في الدعوى الجنائية التي أقامتها النيابة العامة ضد المتهمين - ولم يتعرض الحكم لمسئولية الوزارة ولم يلزمها بشيء ما - فإن طعنها على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية يكون غير جائز.
2 - النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جوازه من جانب الطاعن.
3 - [(2)] لا يشترط في رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها - على ما نصت عليه المادة 63 في فقرتها الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 - أن يباشره النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة بنفسه، بل يكفي أن يأذن أحدهم برفع الدعوى ويكلف أحد أعوانه بتنفيذه، وبصدور الإذن تسترد النيابة كامل حريتها فيما يتعلق بإجراءات رفع الدعوى ومباشرتها، فلا تثريب على وكيل النيابة المختص إن هو أمر بعد ذلك بتحديد الجلسة التي تطرح فيها القضية على المحكمة وباشر إجراءات التكليف بالحضور بنفسه.
4 - إذا كان الحكم قد أثبت توافر عنصر الإهمال وعدم الاحتياط في حق المتهمين - من دخولهما المخزن ومعهما "الفانوس" ووجوده على مقربة من "البنزين" فاتصل رذاذ البنزين أثناء التفريغ بالفانوس واشتعلت النار في المخزن، فإن هذا يكفي لإدانتهما - ولو لم يقع منهما أي خطأ آخر.
5 - إذا كانت المحكمة قد عولت في إثبات ركن الإهمال إلى وجود "الفانوس" داخل المخزن - وكان هذا هو السبب في الحريق - فلا يعيبه ما تزيد فيه وذكره بشأن مخالفة التعليمات، إذ أن هذا النعي محله أن يكون الحكم قد أثبت أن "الفانوس" كان خارج المخزن، وما أورده الحكم من ذلك لم يكن منصباًًًًً على دليل الإدانة بل على الظروف التي وقعت فيها الجريمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين الأول والثاني بأنهما: تسببا بإهمالهما في إحراق مخزن الإصلاح الزراعي، بأن قاما بنقل البنزين من داخل المخزن ووضعا مصباحاًًًًً بالقرب منه فاشتعلت النار بمحتويات المخزن المبين بالمحضر وأحرقتها، وطلبت عقابهما بالمادة 360 من قانون العقوبات، وأمام المحكمة الجزئية طلب الحاضر عن اللجنة العليا للإصلاح الزراعي تدخله في الدعوى, والمحكمة المذكورة قضت حضورياًًًًً - عملاًًًًً بمادة الاتهام - بحبس كل من المتهمين شهراًًًًً مع الشغل وكفالة مائة قرش لوقف التنفيذ بلا مصروفات جنائية، فاستأنف المتهمان هذا الحكم والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًًًًً بتأييد الحكم المستأنف فطعن الوكيل عن المتهمين في هذا الحكم بطريق النقض، كما قررت الطاعنة الثالثة - إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزارة الإصلاح الزراعي بصفتها مسئولة احتمالاًًًًً عن الحق المدني الطعن بطريق النقض في هذا الحكم... إلخ.


المحكمة

... وحيث وإن كانت وزارة الإصلاح الزراعي - قد طعنت بتاريخ 11 من ديسمبر سنة 1958 في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية ضد المتهمين بتاريخ 22 من أكتوبر سنة 1958 أي بعد انقضاء أكثر من أربعين يوماًًًًً مما يجعل طعنها في الأصل غير مقبول شكلاًًًًً إلا أن النظر في شكل الطعن إنما يكون بعد الفصل في جواز الطعن من جانب المسئولة المحتملة عن الحقوق المدنية.
وحيث وإن كانت المادة 254 من قانون الإجراءات الجنائية - قد أجازت للمسئول عن الحقوق المدنية أن يتدخل - من تلقاء نفسه في الدعوى الجنائية - في أية حالة كانت عليها الدعوى - بدون أن يوجه إليه إدعاء مدني فيها - إلا أن هذا التدخل الانضمامي - لا يعطي المسئول المحتمل عن الحقوق المدنية حق الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر في الدعوى الجنائية وحدها الذي لا يمسه الحكم فيها إذ نصت المادة 420/ 1 من قانون الإجراءات على أن "لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه وكذا المسئول عن الحقوق المدنية والمدعي بها فيما يختص بحقوقهم فقط الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة" كما نصت المادة 423 على أن "للنيابة العامة وللمدعي بالحق المدني والمسئول عنها كل فيما يختص به الطعن بطريق النقض في الحكم الصادر من محكمة الجنايات في غيبة المتهم بجناية" فدل الشارع بذلك في وضوح عبارته وصراحتها - أن الطعن بالنقض - وهو طعن غير عادي لا يكون إلا لمن مسه الحكم المطعون فيه - وفيما يختص بحقوقه فقط ولا يعتبر الشخص طرفاًًًًً في الحكم إلا إذا قضي له أو عليه فيما فصل فيه فطعن المسئول عن الحقوق المدنية لا يجوز - إلا فيما يختص بالدعوى المدنية بالتظلم مما انتهت إليه المحكمة في قضائها ضده. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه صدر في الدعوى الجنائية التي أقامتها النيابة ضد المتهمين - ولم يتعرض الحكم لمسئولية الوزارة ولم يلزمها بشيء ما، فإن طعنها على الحكم بأوجه متعلقة بالدعوى الجنائية يكون غير جائز.
"عن الطعن المرفوع من المحكوم عليهما".
من حيث إن الطعن قد استوفى شكله المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن - هو الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد والتناقض في التسبيب - وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحاضر عنهما دفع بعدم قبول الدعوى العمومية لرفعها من غير ذي صفة استناداًًًًً إلى الفقرة الثالثة من المادة 63 من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 - التي لا تجيز لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة العامة رفع الدعوى الجنائية ضد أي موظف أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها. ولما قدمت القضية للمحكمة تمسك الحاضر عنهما بالدفع المذكور تأسيساًًًًً على أن التأشيرة الموجودة بالأوراق برفع الدعوى أخيراًًًًً لم يثبت أنها صادرة من رئيس النيابة. وهي على فرض صحتها لا تكفي للقول بأن الدعوى الجنائية قد رفعت صحيحة بل يجب لاعتبارها كذلك أن يكون التكليف بالحضور موجهاًًًًً من الآمر نفسه لأن الدعوى الجنائية لا تتحرك ولا تعتبر مرفوعة إلا بالإعلان - ولكن المحكمة لم تعن بتحقيق صدور الإذن برفع الدعوى من رئيس النيابة - أو ترد عليه - مع أنه دفاع جوهري يترتب على ثبوت صحته القضاء بعدم قبول الدعوى، كما ردت على الشطر الثاني من الدفع رداًًًًً غير صحيح، هذا وقد أطرح الحكم دفاع الطاعنين بمقولة إن مندوب الإصلاح الزراعي قد نفى إصدار أي أمر للمتهمين بفتح المخازن ليلاًًًًً مع مخالفة ذلك للتعليمات المعمول بها - ولم يوضح الحكم - على وجه ناف للشك - المكان الذي كان به الفانوس - فتارة يقول إن الفانوس كان موجوداًًًًً على باب المخزن وأخرى يقول إنه كان موضوعاًًًًً خارج المخزن - ثم انتهى إلى القول "إنه لو كان المتهمان على جانب من الاحتياط لبقى أحدهما خارج المخزن بالفانوس ويدخل الآخر المخزن ويقضي غايته" وما قاله الحكم كإجراء احتياطي - هو ما فعله المتهمان في الواقع - مما ينتفي معه في منطق الحكم نفسه وقوع أي خطأ من جانبهما، هذا إلى أن الحاضر عن الطاعنين تمسك أمام محكمة أول درجة بجلسة 3/ 10/ 1956 بسماع شهود الإثبات وتأجلت الدعوى أمام محكمة أول درجة عدة مرات لسماعهم - ولم يتنازل عن هذا الطلب أمام محكمة ثاني درجة - وصدر الحكم الابتدائي والاستئنافي دون سماع أحد من الشهود.
وحيث إن الدعوى العمومية رفعت على الطاعنين بأنهما "تسببا بإهمالهما في إحداث حريق بمخزن الإصلاح الزراعي بمنطقة معمل القزاز بأن لم يتخذا الحيطة الكافية عند قيامهما بنقل البنزين من داخل المخزن ووضعا مصباحاًًًًً بالقرب منه فاشتعلت النار بمحتويات المخزن المبينة بالمحضر وحرقتها" - فقضت محكمة أول درجة برفض الدفع وبقبول الدعوى وبحبس كل من المتهمين شهراًًًًً مع الشغل، فاستأنف المتهمان الحكم، فقضت المحكمة الاستئنافية بتأييد الحكم، وقد بين الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه واقعة الدعوى في قوله "إنه في حوالي الساعة 9 مساء قدمت سيارة النقل 5205 حكومة قيادة المتهم الأول عوض حسين الشريف "الطاعن الأول" وبصحبته المتهم الثاني "الطاعن الثاني" مخزنجي الإصلاح - بقصد تموين السيارة المذكورة وفتحا باب مخزن للبنزين وأثر دخولهما شاهد الخفيران اندلاع النار فيه بشدة فخرج المتهمان من الباب هاربين بالسيارة إلى خارج المخزن - وأضاف المأمور "يقصد مأمور المركز" في محضره أنه إثر ضبط المتهمين قرر سائق السيارة أنه حضر صحبة المخزنجي الذي يحمل مفاتيح المخزن وأثناء قيامه بإفراغ صفيحة بنزين من الفنطاس وخروجه لاحظ اتصال بعض رشاش من سائل البنزين من صنبور الفنطاس واتصل بالفانوس فاشتعلت النار مرة واحدة وبشدة فاستغاثا وحضر الخفراء والأهالي إلا أن النار امتدت للمخازن"، وأورد الحكم تدليلاًًًًً على صحة الواقعة أقوال الخفيرين - محمد الصافي ورشاد عبد العزيز الغنام - ومفادها أن الطاعنين حضرا ليلة الحادث في سيارة للإصلاح الزراعي وفتح الطاعن الثاني المخزن بقصد تموينها وأخذا فانوساًًًًً هوائياًًًًً لاستعماله في الإضاءة - فاشتعلت النار في المخزن نتيجة اتصال البنزين بالفانوس الذي كان المتهمان يستعينان به لإضاءة المخزن وقت عملية التفريغ - كما اعتمد على أقوال مندوب الإصلاح الزراعي وما جاء بأقوال المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات وما أثبتته المعاينة في هذا الخصوص - وفي ذلك يقول الحكم "وقد ثبت من المعاينة أن الفانوس كان موضوعاً بداخل المخزن من العثور على أجزائه وتأيد ذلك بأقوال المتهم الثاني - من أن الفانوس كان على مسافة 1 و1/ 4 متراًًًًً من فنطاس البنزين وكان عليهما أن يقدرا أن هذه المسافة دقيقة جداًًًًً يحتمل معها تطاير رذاذ البنزين وامتدادها إلى الفانوس المستعمل أما كون الفانوس هوائياً فهو لا ينفي إهمالهما - ولو كان المتهمين على جانب من الحيطة لبقى أحدهما خارج المخزن يحمل الفانوس ولدخل الثاني على ضوئه يقضي غايته" - ثم عرض الحكم للدفع بعدم قبول الدعوى فقال: "وحيث إن السيد رئيس النيابة أقام الدعوى بإشارته المؤرخة 9/ 2/ 1958، ومن ثم تكون الدعوى مقبولة" وأضاف الحكم الاستئنافي إلى ذلك "وحيث إنه فيما يتعلق بالدفع المبدى من المسئول عن الحقوق المدنية بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة - فقد تناول الحكم المستأنف هذا الدفع بالمناقشة والرد على وجه سائغ تقره هذه المحكمة، وتضيف إليه أنه ما دام أن الثابت من التأشيرة المؤرخة 9/ 2/ 1958 أن رئيس النيابة هو الذي أمر بإعادة القضية إلى النيابة الجزئية آذناًًًًً برفع الدعوى العمومية على المتهمين - وقد ذيلت هذه التأشيرة وعلى ظهر الملف تأشيرة أخرى لوكيل النيابة الجزئية بتاريخ 12/ 2/ 1958 بتقديم القضية لجلسة 2/ 3/ 1958 فإن المستفاد من ذلك أن رئيس النيابة هو الذي رفع الدعوى الجنائية إعمالاًًًًً لحقه المنصوص عليه في المادة 63 إجراءات جنائية المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 إذ أنه قد تحققت بتلك الإجراءات الاعتبارات التي حرص من أجلها المشرع على عدم إجازة رفع الدعوى الجنائية لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة ضد الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط القضائي لجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها، وهذه الاعتبارات تدور حول عدم إطلاقه حق رفع الدعوى الجنائية لغير النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة حتى لا يساء استعماله بالنسبة لأولئك الموظفين والمستخدمين العموميين حتى يوفر لهم القانون حماية خاصة تتفق مع ما يتحملون به من واجبات خاصة وما ينفردون به من عقوبات شديدة، ومن ثم فإن ما قال به المسئول عن الحقوق المدنية من أن إذن رئيس النيابة برفع الدعوى - لا يعتبر رفعاًًًًً أو تحريكاًًًًً لها - لا يكون على أساس صحيح من القانون أو المنطق ويتعين لذلك رفض الدفع سالف الذكر" وما قاله الحكم من ذلك صحيح في القانون إذ لا يشترط في رفع الدعوى الجنائية ضد الموظف أو المستخدم العام أو أحد رجال الضبط لجريمة وقعت أثناء تأدية الوظيفة أو بسببها على ما نصت عليه المادة 63/ 3 من قانون الإجراءات المعدلة بالقانون رقم 121 لسنة 1956 أن يباشره النائب العام أو المحامي العام أو رئيس النيابة بنفسه بل يكفي أن يأذن أحدهم برفع الدعوى ويكلف أحد أعوانه بتنفيذه وبصدور الإذن تسترد النيابة كامل حريتها فيما يتعلق بإجراءات رفع الدعوى ومباشرتها فلا تثريب على وكيل النيابة المختص إن هو أمر بعد ذلك بتحديد الجلسة التي تطرح فيها القضية على المحكمة وباشر إجراءات التكليف بالحضور بنفسه، وكان الثابت مما أورده الحكم أن رئيس النيابة أذن برفع الدعوى ضد الطاعنين فإن هذه الدعوى تعتبر مرفوعة منه، ويكون الحكم إذ قضى برفض الدفع وقبول الدعوى قد أجرى تطبيق القانون على وجهه الصحيح. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت توافر عنصر الإهمال وعدم الاحتياط في حق الطاعنين من دخولهما المخزن ومعهما الفانوس ووجوده على مقربة من البنزين - فاتصل رذاذ البنزين أثناء التفريغ بالفانوس واشتعلت النار في المخزن، وهذا يكفي لإدانتهما - ولو لم يقع منهما أي خطأ آخر، ولا يجدي الطاعنين الجدل على فرض صحته فيما أثبته الحكم من أن عدم مراعاة المتهمين للوائح والقوانين وفتح المخزن ليلاًًًًً - كان له أثره في حصول الحادث، إذ أن هذا القول محله أن يكون الحكم قد أثبت أن الفانوس كان خارج المخزن، فإذا كانت المحكمة قد عولت في إثبات ركن الإهمال إلى وجود الفانوس داخل المخزن، وكان هذا هو السبب في الحريق فلا يعيبه ما تزيد فيه وذكره بشأن مخالفة التعليمات، وما أورده الحكم من ذلك لم يكن منصباًًًًً على دليل الإدانة بل على الظروف التي وقعت فيها الجريمة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم في شأن وجود الفانوس خارج المخزن - إنما كان سرداًًًًً لرواية الطاعنين أنفسهما - ولم تر المحكمة مسايرتهما فيها فأطرحتها أخذاًًًًً بالأدلة القائمة في الدعوى - فلا تناقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من محاضر جلسة محكمة أول درجة أن الحاضر عن الطاعنين لم يصر على التمسك بسماع الشهود كما لم يطلب ذلك أمام محكمة ثاني درجة، مما يفيد تنازله عن سماعهم، فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذ هي عولت على أقوال الشهود في التحقيقات وفقاًًًًً لنص المادة 289 من قانون الإجراءات الجنائية - المعدلة بالقانون رقم 113 لسنة 1957، فإن الطعن برمته لا يكون له محل متعيناًًًًًًًًًًًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.


[(1)] المبدأ ذاته في الطعن 1842/ 29 ق (جلسة 23/ 5/ 1960).
[(2)] المبدأ ذاته في الطعون 1803، 1804/ 29 ق (جلسة 25/ 4/ 1960)، 355/ 30 ق (جلسة 20/ 6/ 1960).