أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 416

جلسة 8 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد لطفي السيد، طه الشريف نائبي رئيس المحكمة، أحمد أبو الحجاج وعبد الصمد عبد العزيز.

(78)
الطعن رقم 599 لسنة 56 القضائية

(1) ملكية "القيود على الملكية" ارتفاق.
قيود البناء الاتفاقية. حقوق ارتفاق متبادلة لجميع العقارات. عدم جواز اتفاق البائع ومشتري أحد العقارات على مخالفة هذه القيود دون موافقة باقي أصحاب الأراضي. مخالفة أحد أصحاب العقارات لقيود البناء الاتفاقية. أثره. الحكم بالتعويض عند تعدز الإصلاح العيني للمخالفات.
(2) محكمة الموضوع. حكم "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع.
(3) نقض "السبب الجديد".
السبب الجديد الذي يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(4) مسئولية "المسئولية العقدية". التزام "الإعذار".
المسئولية العقدية. الإعذار غير لازم فيها عند الإخلال بالتزام سلبي. علة ذلك.
(5) حكم "تسبيب الحكم" "عيوب التدليل".
التناقض الذي يفسد الحكم. ماهيته.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 1018 من القانون المدني يدل على أن قيود البناء الاتفاقية التي تدرج عادة في بيوع الأراضي المقسمة وتلزم المشترين لهذه الأراضي بالبناء على مساحة محددة وعلى نمط معين أو بعدم تجاوز ارتفاع محدد أو غير ذلك تكون منشئة لحقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات، ويكون لأصحاب العقارات المقررة لها هذه الحقوق أن يطالبوا صاحب العقار المترفق به الالتزام بها، ورتبت الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر الحكم بالتعويض في حالة عدم إمكان إصلاح المخالفة عيناً.
2 - من المقرر أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما له سنده ولا خروج فيه على الثابت بالأوراق.
3 - إذ كان ما ينعاه الطاعنون على الحكم بأنه قضى على ما لم يطرح عليه من مستندات أو لم يقدم المطعون ضدهم سند ملكية الطاعنين لأرض النزاع وسند ملكية الجمعية لها غير مقبول، إذ لم يسبق له التمسك بهذا الدفاع باعتباره سبباً جديداً يخالطه واقع لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإعذار غير لازم في حالة المسئولية العقدية عند الإخلال بالتزام سلبي، ذلك أن ارتكاب العمل الممنوع لا يتصور درؤه ولا تجنب نتائجه بالإعذار.
5 - المقرر أن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 9734 سنة 79 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهما مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عما أصابهم من أضرار وقالا بياناً لذلك أنهما اشتريا قطعة أرض من الجمعية التعاونية المصرية لبناء مساكن ضباط القوات المسلحة والتي اشترتها بدورها ضمن قطع أخرى من شركة مصر الجديدة وأن الطاعنين اشتروا القطعة المجاورة لهما من ذات الشركة وأن عقود الملكية محملة بحقوق متبادلة من حيث المساحة الواجب البناء عليها أو الارتفاع المسموح به وعند قيام الطاعنون بالبناء على القطعة ملكهم خالفوا تلك الحقوق بأن تجاوزا الارتفاع المسموح وشمل البناء المساحة الواجب تركها مما أصابهما بأضرار تمثلت في تقليل المسافة بين عقاري النزاع وحجب الشمس والهواء ومن ثم أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن أودع تقريره قضت بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضدهما مبلغ اثني عشر ألف جنيه. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2888 لسنة 102 ق القاهرة كما استأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف رقم 2990 سنة 102 ق القاهرة وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بجلسة 23/ 12/ 1985 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على سببين ينعى الطاعنون بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أسس قضاءه بالتعويض على مخالفة الطاعنين لقيود البناء الواردة بعقد تملكهم لأرض النزاع رغم أن المطعون ضدهما لم يقدما هذا العقد أو العقد الخاص بتلك الجمعية لأرض النزاع ولم تطرح على المحكمة، كما أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم في المطالبة بالتعويض بالتقادم الثلاثي إعمالاً لنص المادة 172 من القانون المدني تأسيساً على أن مسئوليتهم عقدية دون أن يبين شروطها ونطاقها رغم أن مسئوليتهم تقصيرية وإذ كان هناك التزام عقدي فهو مقرر لشركة مصر الجديدة مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص الفقرة الأولى من المادة 1018 من القانون المدني يدل على أن قيود البناء الاتفاقية التي تدرج عادة في بيوع الأراضي المقسمة وتلزم المشترين لهذه الأراضي بالبناء على مساحة محدودة وعلى نمط معين أو بعدم تجاوز ارتفاع محدد أو غير ذلك تكون منشئة لحقوق ارتفاق متبادلة لفائدة جميع العقارات، ويكون لأصحاب العقارات المقررة لها هذه الحقوق أن يطالبوا صاحب العقار المترفق به الالتزام بها، ورتبت الفقرة الثانية من المادة سالفة الذكر الحكم بالتعويض في حالة عدم إمكان إصلاح المخالفة عيناً، كما أنه من المقرر أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما له سنده ولا خروج فيه على الثابت بالأوراق، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد انتهى في قضائه بالتعويض على ما ثبت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى من أن الطاعنين قد خالفوا الاشتراطات المقررة بدفتر اشتراطات البناء الملحق بعقد شراء أرض النزاع ونتجت عن تلك المخالفة أضرار أصابت المطعون ضدهم وكيف الدعوى على أنها ناشئة عن إخلال الطاعنين بالتزاماتهم المبينة في عقد شرائهم لأرض العقار مثار النزاع أي المسئولية العقدية وقضى بالتالي برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضدهم في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي عملاً بنص المادة 172 من القانون المدني - إذ أن مجال تطبيق ذلك النص يكون في نطاق المسئولية التقصيرية - وكان ذلك بأسباب سائغة وكافية لحمل قضاء الحكم ولها أصلها الثابت بالأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان ما ينعاه الطاعنون على الحكم بأنه قضى على - ما لم يطرح عليه من مستندات ولم يقدم المطعون ضدهم سند ملكية الطاعنين لأرض النزاع وسند ملكية الجمعية لها غير مقبول إذ لم يسبق للطاعنين التمسك بهذا الدفاع باعتباره سبباً جديداً يخالطه واقع لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ويضحي النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على أساس تحقيق المسئولية العقدية رغم عدم إعذار المطعون ضدهما لهم واستبعد نص المادة 157 من القانون المدني لأن مجال تطبيقها التعويض عن فسخ عقدي طرفي الخصومة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وعابه القصور في التسبيب والتناقض بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإعذار غير لازم في حالة المسئولية العقدية عند الإخلال بالتزام سلبي، ذلك أن ارتكاب العمل الممنوع لا يتصور درؤه ولا تجنب نتائجه بالإعذار، وكان من المقرر أيضاً أن التناقض الذي يفسد الحكم هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في المنطوق، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول من سببي النعي - أن المحكمة أسست قضاءها بالتعويض على قيام مسئولية الطاعنين العقدية عن إخلالهم بالتزامهم السلبي الناشئ عن عقد تملكهم لأرض النزاع وعن الاشتراطات الملحقة بعقد شراء الجمعية التعاونية لبناء المساكن لضباط القوات المسلحة للأراضي التي من بينها ارض النزاع ومن ثم فإن الإعذار المنصوص عليه في المادة 157 من القانون المدني يكون غير لازم في هذا الصدد وكان ذلك بأسباب سائغة ولا تناقض بينها وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.