أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 428

جلسة 9 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد محمد طيطه، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.

(80)
الطعن رقم 19 لسنة 52 القضائية

(1) محاماة. بطلان "بطلان الإجراءات". وكالة.
توقيع المحامي. صحيفة الدعوى المقامة. ضد زميله قبل الحصول على إذن النقابة الفرعية. لا بطلان. جواز مساءلته تأديبياً. المادتان 133، 142 ق 61 لسنة 1968.
(2) صورية "الصورية النسبية". تقادم "تقادم الدعوى" دعوى إيجار "إيجار الأماكن".
الدعوى بطلب بطلان عقد الإيجار المفروش وإثبات العلاقة الإيجارية عن عين خالية. اعتبارها دعوى بصورية عقد الإيجار صورية نسبية. مؤداه. عدم سقوطها بالتقادم. اختلافها عن الدعويين المنصوص عليهما في المادتين 40 ق 46 لسنة 1962 و م 18 ق 49 لسنة 1977. علة ذلك.
(3، 4) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش". صورية. "إثباتها" محكمة الموضوع.
(3) الأماكن المؤجرة مفروشة. عدم خضوع أجرتها للتحديد القانوني. شرطه.
(4) تقدير جدية الفرش أو صوريته، من سلطة محكمة الموضوع. العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة.
1 - النص في المادة 133 من القانون رقم 61 لسنة 1968 على أنه "لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية" دون أن يرتب البطلان جزاء على مخالفة هذا النص يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن عدم الحصول على إذن المشار إليه وإن كان يعرض المحامي للمحاكمة التأديبية طبقاً للمادة 142 من ذلك القانون إلا أنه لا يبطل عمله ذلك لأن واجب الحصول على الإذن إنما يقع على عاتق المحامي دون موكله. ومن ثم فلا بطلان لصحيفة الدعوى التي وقعها المحامي قبل الحصول على ذلك الإذن.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى ببطلان عقد على أساس أنه يستر عقداً آخر هي في حقيقتها وبحسب المقصود منها دعوى بصورية هذا العقد صورية نسبية بطريق التستر، وهي لا تسقط بالتقادم المنصوص عليه في المادة 140 من القانون المدني لأن ما يطلبه رافعها إنما هو تحديد طبيعة التصرف الذي قصده العاقدان وترتيب الآثار القانونية التي يجب أن تترتب على النية الحقيقية لهما، واعتبار العقد الظاهر لا وجود له، وهذه حالة واقعية قائمة ومستمرة لا تزول بالتقادم ولا يمكن لذلك أن ينقلب العقد الصوري صحيحاً مهما طال الزمن. وإذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى أمام محكمة أول درجة طالباً الحكم بصورية العقد المؤرخ 1/ 9/ 1976 - وإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين الطاعن عن عين خالية وليست مفروشة فإن هذه الدعوى تكون دعوى بصورية ذلك العقد على نحو ما سلف بيانه وهي وإن كانت من بين ما تهدف إليه إخضاع العين لأحكام التحديد القانوني للأجرة أو أنها تختلف عن الدعوى التي تنظم أحكامها المادة الرابعة من القانون 46 لسنة 1962 والتي تهدف إلى إعادة تقدير قيمة المفروشات الموجودة بالعين المؤجرة مفروشة وكذلك فإنها تختلف عن تلك الدعوى التي تنظم أحكامها المادة 18 من القانون 49 لسنة 1977 وموضوعها الطعن في قرارات لجان تقدير الأجرة المشكلة وفقاً لهذا القانون.
3 - لئن كان الأصل هو عدم خضوع الأماكن المؤجرة مفروشة لقيود تحديد الأجرة والامتداد القانوني الواردة في قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة إلا أنه يلزم لاعتبار المكان المؤجر مفروشاً أن تكون الإجارة قد شملت بالإضافة إلى منفعة المكان ذاته مفروشات أو منقولات كافية للغرض الذي قصده المتعاقدان من استعمال المكان مفروشاً وإلا اعتبرت العين خالية ويجوز إثبات ادعاء المستأجر بأن العين أجرت خالية على خلاف الثابت بالعقد بكافة طرق الإثبات لأنه ادعاء بالتحايل على أحكام آمرة تتعلق بالنظام العام.
4 - لمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ما تستنبطه من أدلة وقرائن قضائية سائغة والعبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع تتحصل - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعن الدعوى رقم 7141/ 1979 مدني كلي جنوب القاهرة طالباً الحكم بصورية عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1976 وإثبات العلاقة الإيجارية بينهما عن العين خالية، وقال بياناً لذلك أنه استأجر شقة النزاع من الطاعن خالية من 1/ 3/ 1969 ورفض تحرير عقد إيجار له إلا أنه حرر في 1/ 9/ 1976 عقد صوري أثبت فيه أن العين مفروشة وألحق به قائمة بالمفروشات لا تتناسب والأجرة المحددة. وجه الطاعن للمطعون ضده طلباً عارضاً بالإخلاء والتعويض حكمت المحكمة باعتبار عقد الإيجار المؤرخ 1/ 9/ 1976 عن عين خالية ورفض الدعوى الفرعية استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 4072/ 97 ق القاهرة. وبتاريخ 9/ 11/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول أنه وهو محامٍ رفعت عليه الدعوى بصحيفة وقعها محامي المطعون ضده دون حصوله على إذن من نقابة المحامين عملاً بالمادة 133 من قانون المحاماة مما يجعلها باطلة بطلاناً يؤثر في الحكم مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 133 من القانون رقم 61/ 1968 على أنه "لا يحق للمحامي أن يقبل الوكالة في دعوى أو شكوى مقدمة ضد زميله قبل الحصول على إذن من مجلس النقابة الفرعية" دون أن يرتب البطلان جزاء على مخالفة هذا النص، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن عدم الحصول على الإذن المشار إليه وإن كان يعرض المحامي للمحاكمة التأديبية طبقاً للمادة 142 من ذلك القانون إلا أنه لا يبطل عمله. ذلك لأن واجب الحصول على الإذن إنما يقع على عاتق المحامي دون موكله. ومن ثم فلا بطلان لصحيفة الدعوى التي وقعها المحامي قبل الحصول على ذلك الإذن. وإذ التزم الحكم ذلك فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالوجهين الثاني والثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الدعوى لم ترفع من المطعون ضده إلا بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات على التعاقد ومن ثم فإنها تكون غير مقبولة لسقوط الحق في طلب تخفيض الأجرة لعدم التزام الإجراءات والمواعيد المقررة في المادة الرابعة من القانون 46/ 1962 والتي ما زال حكمها نافذاً عملاً بالمادة التاسعة من القانون 49 لسنة 1977، وتلك المبينة بالمادة 18 من القانون الأخير، فضلاً عن أن الادعاء بصورية العقد هو في حقيقته طلب بإبطاله وقد سقط حقه في التمسك به بالتقادم الثلاثي عملاً بالمادة 140 من القانون المدني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى ببطلان عقد على أساس أنه يستر عقداً آخر هي في حقيقتها وبحسب المقصود منها دعوى بصورية هذا العقد صورية نسبية بطريق التستر وهي لا تسقط بالتقادم المنصوص عليه في المادة 140 من القانون المدني لأن ما يطلبه رافعها إنما هو تحديد طبيعة التصرف الذي قصده العاقدان وترتيب الآثار القانونية التي يجب أن تترتب على النية الحقيقية لهما، واعتبار العقد الظاهر لا وجود له، وهذه حالة واقعية قائمة ومستمرة لا تزول بالتقادم ولا يمكن لذلك أن ينقلب العقد الصوري صحيحاً مهما طال الزمن وإذ كان البين من الأوراق أن المطعون ضده أقام الدعوى أمام محكمة أول درجة طالباً الحكم بصورية العقد المؤرخ 1/ 9/ 1976 وإثبات العلاقة الإيجارية بينه وبين الطاعن عن عين خالية وليست مفروشة، فإن هذه الدعوى تكون دعوى بصورية ذلك العقد على نحو ما سلف بيانه وهي وإن كانت من بين ما تهدف إليه إخضاع العين لأحكام التحديد القانوني للأجرة إلا أنها تختلف عن الدعوى التي تنظم أحكامها المادة الرابعة من القانون 46/ 1962 والتي تهدف إلى إعادة تقدير قيمة المفروشات الموجودة بالعين المؤجرة مفروشة وكذلك فإنها تختلف عن تلك الدعوى التي تنظم أحكامها المادة 18 من القانون 49/ 1977 وموضوعها الطعن في قرارات لجان تقدير الأجرة المشكلة وفقاً لهذا القانون لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى صورية العقد المؤرخ 1/ 9/ 1976 وما لحق به من كشف بالمنقولات وأنه لم يقصد به إلا التحايل على القواعد الآمرة التي نصت عليها تشريعات إيجار الأماكن. فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره، وفي بيان ذلك يقول أن عقدي الإيجار وقائمتي المنقولات الملحقتين بها محررة جميعها كتابة وموقعة من المطعون ضده ولم يجحد أي منها، ومن ثم فلا يجوز إثبات ما يخالفها إلا بالكتابة إلا أن الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه باعتبار أن الإيجار وارد على عين خالية خلافاً لما هو ثابت بالدليل الكتابي مخالفاً بذلك قواعد الإثبات. فضلاً عن أن المستأجر - المطعون ضده - قد انتفع بالمفروشات الموجودة بالعين المؤجرة وتحمل المؤجر - الطاعن - بالضريبة المفروضة على الأماكن المؤجرة مفروشة مما ينتفي معه معنى الصورية التي لا محل لافتراضها والتي تتطلب وجود موقفين، أحدهما ظاهر والآخر مستتر، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتبر العقد صورياً بقوله أنه مخالف للنظام العام، والنظام العام أمر نسبي فضلاً عن عدم وجود معيار محدد للمفًروشات التي يتطلبها المسكن المفروش ومن ثم فلا محل للاجتهاد بالخروج على نصوص العقد والقانون. وإذ خالف الحكم ذلك النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الأصل هو عدم خضوع الأماكن المفروشة لقيود تحديد الأجرة والامتداد القانوني الواردة في قوانين إيجار الأماكن المتعاقبة، إلا أنه يلزم لاعتبار المكان المؤجر مفروشاً أن تكون الإجارة قد شملت بالإضافة إلى منفعة المكان ذاته مفروشات أو منقولات كافية للغرض الذي قصده المتعاقدان من استعمال المكان مفروشاً وإلا اعتبرت العين خالية ويجوز إثبات ادعاء المستأجر بأن العين أجرت خالية على خلاف الثابت بالعقد بكافة طرق الإثبات لأنه ادعاء بالتحايل على أحكام آمرة تتعلق بالنظام العام، ولمحكمة الموضوع تقدير جدية الفرش أو صوريته في ضوء ما تستنبطه من أدلة وقرائن قضائية سائغة إذ العبرة بحقيقة الحال لا بمجرد وصف العين في العقد بأنها مؤجرة مفروشة. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده تمسك بأنه استأجر الشقة خالية وأن ما ورد بالعقد والكشف المرفق به من أنها مفروشة كان على خلاف الحقيقة بقصد التحايل على أحكام القانون ومن ثم فهو طعن بالصورية النسبية بطريق التستر على نحو ما هو وارد في الرد على الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول وإذ خلص الحكم من أقوال الشهود وضآلة المنقولات الواردة بالقائمة إلى أن الشقة محل النزاع مؤجرة خالية على خلاف العقد المكتوب المؤرخ 1/ 9/ 1976 والتي وصفت فيه بأنها مفروشة بقصد التحايل على أحكام قانون إيجار الأماكن، وكان هذا الاستخلاص سائغاً له أصله الثابت بالأوراق ويؤدي إلى ما انتهت إليه فإن النعي عليه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام هذه المحكمة.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.