أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 333

جلسة 11 من أبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(66)
الطعن رقم 1772 لسنة 29 القضائية

أجانب. المق 74 لسنة 1952. تزوير. صوره الخاصة.
جريمة تقديم أوراق غير صحيحة إلى السلطة المختصة قصد تسهيل الدخول إلى البلاد أو الإقامة فيها: الم 23 من المق. الفعل المادي. ماهيته: أثر ذلك بالنسبة لبيانات أحكام الإدانة.
إدانة المتهم في جريمة الم 23 لا تقتضي بيان أركان التزوير. كفاية إثبات عدم صحة محتويات الأوراق المقدمة وأن بعضها موقع عليها بتوقيعات مزورة.
تلازم الضرر مع الفعل المادي في هذه الجريمة. عدم لزوم التحدث عن هذا الركن صراحة.
1- لا حاجة بالمحكمة أن تبين أركان التزوير ما دام الحكم قد دانه عن تقديم أوراق غير صحيحة لإدارة الجوازات والجنسية وأثبت الحكم أن بعض هذه الأوراق موقع عليها بتوقيعات مزورة وأن ما حوته غير صحيح.
2 - لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة عن ركن الضرر ما دام الحكم قد دان المتهم بجريمة تقديم أوراق غير صحيحة تمكن بها من الحصول على إقامة دائمة في البلاد - إذا الضرر متلازم مع فعلة المتهم وباقي المتهمين الذين أدينوا معه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن مع آخرين بأنهم ارتكبوا تزويراًًًًً في محررات عرفية - هي أوراق الإقامة المبينة بالمحضر والمقدمة لإدارة الجوازات والجنسية بأن أثبتوا فيها أن المتهم الثاني كان مقيماًًًًً بالقطر المصري على خلاف الحقيقة واستعملوا هذه الأوراق المزورة سالفة الذكر بأن قدموها لإدارة الجوازات والجنسية. وطلبت عقابهم بالمادة 215 من قانون العقوبات، ومحكمة الجنح الجزئية قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بالمادة 23 من المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 بحبس المتهم "الطاعن" سنة مع الشغل وكفالة. فاستأنف المتهم (الطاعن) هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًًًًً بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم (الطاعن) شهرين مع الشغل. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

... وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني من الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون إذ سايرت محكمة الاستئناف محكمة أول درجة في وصف التهمة ولم تصححه وتحدده بالنسبة للمتهم الطاعن، والاتهام لم يتضمن واقعة التزوير المنسوبة إليه وطريقته وكيفية وقوعه, فكأن المحكمة حاكمته عن تهمة شائعة ولم تواجهه بفعل معين أسند إليه ولم تدخل محكمة ثاني درجة في تقديرها خطأ الوصف الذي أشار إليه المتهم أمام محكمة أول درجة وتناوله في مذكرته بل أيدت حكم محكمة أول درجة لأسبابه.
وحيث إن النيابة العامة رفعت الدعوى على الطاعن وثلاثة متهمين آخرين بأنهم: أولاًًًًً - ارتكبوا تزويراًًًًً في محررات عرفية قدمت لإدارة الجوازات والجنسية بأن أثبتوا فيها أن المتهم الثاني كان مقيماًًًًً بالقطر المصري على خلاف الحقيقة - وثانياًًًًً - استعملوا هذه الأوراق المزورة بأن قدموها لإدارة الجوازات والجنسية. وقضت محكمة أول درجة حضورياًًًًً للمتهمين الأول والثالث (الطاعن) وغيابياًًًًً للثاني والرابع ببراءة المتهم الأول ومعاقبة كل من باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة تطبيقاًًًًً للمادة 23 من القانون رقم 74 لسنة 1952 بوصف أنهم قدموا للسلطة المختصة أوراقاًًًًً غير صحيحة مع علمهم بذلك لتسهيل الدخول إلى الجمهورية العربية المتحدة أو الإقامة فيها، ولما استأنف المتهم الثالث الحكم قضت محكمة ثاني درجة بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبسه شهرين مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات. ولما كان الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياًًًًً لأسبابه قد بين واقعة الدعوى بما محصله أن المتهم الثاني هو الذي وقع على طلب تسوية إقامة المتهم الأول وأن باقي بيانات الطلب قد كتبت بخط المتهم الرابع وأن الشهادات المزورة قد حررها المتهم الثالث (الطاعن) وقدمها... واستدل حكم محكمة أول درجة في إدانة الطاعن باعتراف المتهم الثاني من أن الشهادات المزورة التي قدمت قد هيأها وقدمها المتهمان الثالث (الطاعن) والمتهم الرابع؛ وأضاف الحكم المطعون فيه "إن المحكمة لا تعول على إنكار المستأنف الثاني (الطاعن) الاتهام إذ أن المحكمة تطمئن تمام الاطمئنان إلى أقوال المستأنف الأول من أن المتهم (الطاعن) هو الذي اتفق معه على استخراج أوراق الإقامة موضوع الاتهام وقام فعلاًًًًً بذلك نظير أجر تقاضاه ولم يجرح المتهم الثاني أقوال المتهم الأول بأي تجريح يشكك في صحتها كما أنه ضبط بمكتبه أوراق مماثلة للأوراق المضبوطة مما يقطع بأنه هو الذي باشر إجراءات استخراج أوراق الإقامة موضوع الاتهام، كما قد ثبت في التحقيق أن الكاتب الذي يعمل في مكتبه (محمد فهمي) هو الذي حرر الاستمارة الخاصة المقدمة لإدارة الجوازات" ولما كان هذا البيان الذي أورده الحكم صريح في أن الطاعن أسهم في إعداد الشهادات المزورة وفي تقديمها إلى السلطات المختصة وهي الجريمة التي دان الطاعن بها, وكان لا حاجة بالمحكمة أن تبين أركان التزوير ما دام الحكم قد دانه عن تقديم أوراق غير صحيحة لإدارة الجوازات والجنسية وأثبت الحكم الابتدائي المؤيد استئنافياً لأسبابه أن بعض هذه الأوراق موقع عليها بتوقيعات مزورة وأن ما حوته غير صحيح أخذاًًًًً بأقوال المتهم الأول. لما كان ذلك فإن ما جاء بهذين الوجهين لا يكون مقبولاًًًًً.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من الطعن هو الإخلال بحق الدفاع لأن المدافع عن الطاعن التمس التأجيل لأنه لا يستطيع المرافعة لأنه مرهق فرفضت المحكمة طلبه فانسحب، والطاعن لم يستطع إبداء دفاعه, وأن ما ورد في محضر جلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 من حضور الأستاذ سيد بغدادي معه، هو خطأ، لأن الأستاذ المذكور لم يحضر إطلاقاًًًًً ومحضر الجلسة خال من ذكر أي دفاع له.
وحيث إنه يبين من الرجوع إلى محضر جلسة 9 من نوفمبر سنة 1958 أن الأستاذ إبراهيم زيدان حضر وطلب التأجيل لأنه كان مرهقاًًًًً وانسحب, وكان للطاعن محام آخر هو السيد بغدادي لم تمنعه المحكمة من المرافعة وقد أبدى الطاعن نفسه دفاعه أمام المحكمة فيكون لا أساس لهذا الوجه من الطعن.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع من الطعن هو أن محكمة الاستئناف أضافت دليلاًًًًً جديداًًًًً إلى أسباب الحكم الابتدائي اعتمدت فيه على الاستنتاج ولم تعتمد على الدليل المادي - والقانون يفرض تقديم الطلبات من أصحاب الشأن، وأقر الموظف المختص أن صاحب الشأن الذي قدم الطلب، كذلك فإن المحكمة لم تبين ركن الضرر.
وحيث إن ما استند إليه الحكم المطعون فيه من أدلة جديدة استمدها من الأوراق المضبوطة لدى الطاعن والمماثلة للأوراق المزورة موضوع الاتهام وإلى صلة الطاعن بالمتهم الرابع الذي يعمل في مكتبه والذي ثبت أنه الكاتب للاستمارة الخاصة المقدمة لإدارة الجوازات، فيكون ما استند إليه الحكم من دليل له أصله الثابت في الأوراق، ولا تثريب على المحكمة إذا استدلت بما استدلت به ما دام استدلالها لا يجافي العقل والمنطق, كما أنه لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة عن ركن الضرر ما دام الحكم قد دانه بجريمة تقديم أوراق غير صحيحة تمكن بها من الحصول على إقامة دائمة في البلاد، وكان الضرر متلازماًًًًً مع فعلة الطاعن وباقي المتهمين الذين أدينوا معه، ومن ثم يكون هذا الوجه غير مقبول أيضاًًًًً. لما كان ما تقدم فإن الطعن جميعه يكون على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.