أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 375

جلسة 26 من أبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة؛ أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(76)
الطعن رقم 1810 لسنة 29 القضائية [(1)]

( أ ) غش.
المسئولية والعقاب في جريمة المادة 2/ 1 من ق 48 لسنة 1941.
دلالة القرينة القانونية المستنبطة من القانون رقم 522 لسنة 1955. تحمل المتهم عبئ إثبات جلبه البضاعة التي تكون جسم الجريمة من محلات مرخصة مستوفية الشروط الصحية واتبعت فيها القواعد التي تفرضها السلطات ذات الشأن. المادة السابعة من ق 48 لسنة 1941 في ظل القانون رقم 522 لسنة 1955. مجال انطباقها: عند ثبوت حسن نية المتهم.
(ب) نقض.
مناط جواز الطعن: وصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلاًًًًً.
أوجهه: الخطأ في القانون: مثال في تطبيق القانون رقم 522 لسنة 1955.
عدم موائمة الحكم قبل قضائه بالبراءة بين دلالة قرينة الق 522 لسنة 1955 وبين حكم الم 7 من ق 48 لسنة 1941.
1 - إذا كان الحكم إذ قضى بتبرئة المتهم قد التفت عن دلالة القرينة القانونية التي أوردها الشارع بالقانون رقم 522 لسنة 1955 بتعديل المادة الثانية من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش - تلك القرينة التي رفع الشارع فيها عبئ إثبات العلم بالغش أو الفساد عن كاهل النيابة العامة تحقيقاًًًًً للمصلحة العامة ومحافظة منه على مستوى الألبان - على ما أفصح عنه في مذكرته الإيضاحية للقانون المذكور - ولم يوائم بين هذه القرينة القانونية وبين حكم المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 - مما كان يقتضي من المحكمة إنزال حكم هذه المادة على الواقعة المطروحة إذا ثبت لها حسن نية المتهم، فضلاًًًًً عن أن الحكم لم يبين سنده في القول بأن البضاعة جسم الجريمة قد جلبت من محلات مرخصة مستوفية الشروط الصيحة واتبعت فيها القواعد التي تفرضها السلطات ذات الشأن - وهو ما كان المتهم مطالباًًًًً بإثباته لدحض القرينة القانونية سالفة البيان، فإن الحكم يكون مخطئاً في القانون ومعيباًًًًً بالقصور بما يستوجب نقضه.
2 - العبرة في قبول الطعن - على ما جرى عليه قضاء محكمة النقض - هي بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلاًًًًً وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاًًًًً من: 1 - عبد الوهاب محمد حسن الحاكم و2 - حلمي حسن بدوي صقر بأنهما: المتهم الأول عرض للبيع جبناًًًًً مغشوشاًًًًً مع علمه بذلك كما عرض للبيع جبناًًًًً مخالفاًًًًً لقرار الألبان مع علمه بذلك. والمتهم الثاني باع جبناًًًًً مغشوشاًًًًً مع علمه بذلك وباع جبناًًًًً مخالفاًًًًً لقرار الألبان مع علمه بذلك. وطلبت عقابهما بالمواد 2/ 1 و8 و9 و10 و11 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 والمواد 1 و2 و11 و12/ 1 و13 من القانون رقم 132 لسنة 1950 وقرار الألبان. والمحكمة الجزئية قضت حضورياًًًًً للأول (المطعون ضده) وغيابياًًًًً للثاني - عملاًًًًً بمواد الاتهام باعتبار الواقعة مخالفة بالنسبة إلى المتهم الأول وتغريمه خمسة وعشرين قرشاًًًًً وتغريم المتهم الثاني خمسة جنيهات والمصادرة. استأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًًًًً بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم الأول مما أسند إليه والمصادرة بلا مصروفات جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر بإلغاء الحكم الابتدائي الذي دان المطعون ضده على أساس أن الواقعة مخالفة وقضى بتبرئته منها إلا أن الطعن فيه بطريق النقض جائز، ذلك أن العبرة في قبول الطعن على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - هي بوصف الواقعة كما رفعت بها الدعوى أصلاًًًًً وليست بالوصف الذي تقضي به المحكمة، ولما كان الشأن في هذه الدعوى أنها أقيمت على المطعون ضده بوصف أنها جنحة عرض جبن للبيع حالة كونه مغشوشاًًًًً ومخالفاًًًًً للمواصفات القانونية مع العلم بذلك عملاًًًًً بالمواد 2/ 1 و8 و9 و10 و11 من القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 522 لسنة 1955 والمواد 1 و2 و11 و12/ 1 و13 من القانون رقم 132 لسنة 1950 وقرار وزير الصحة في شأن المواصفات والمقاييس الخاصة بالألبان ومنتجاتها "رقم 102 لسنة 1952" فقضت المحكمة الجزئية باعتبارها مخالفة منطبقة على المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941، ولما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم قضت المحكمة الاستئنافية بالحكم المطعون فيه بتبرئة المطعون ضده على أساس حسن نيته، فإن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض يكون جائزاًًًًً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بتبرئة المطعون ضده على اعتبار أن ما وقع منه لا يكوّن جريمة تأسيساًًًًً على أنه استورد الجبن موضوع الجريمة في صفائح مغلقة من آخر مقدم معه للمحاكمة وقضي بإدانته مما لا يجوز معه مساءلة المطعون ضده استناداًًًًً إلى حسن نيته، مع أن المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش تعتبر الجرائم التي ترتكب ضد أحكام المواد 2 و3 و5 من القانون المذكور مخالفات إذا كان المتهم حسن النية، فكان من المتعين على المحكمة توقيع عقوبة المخالفة عليه إذا ثبت لها حسن نيته لا أن تقضي بتبرئته.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن حصل واقعة الدعوى انتهى إلى أن المطعون ضده - وهو صاحب محل البقالة التي وجدت صفيحة الجبن موضوع الاتهام في محله مغلقة - وقد أرشد عن المصنع المسئول عن الجبن وعن غشها وعن عدم مطابقتها للقرار الخاص بالألبان وأن العينة أخذت من تلك الصفيحة بمعرفة مراقب الصحة وهي مغلقة مما يقطع بأنها كانت بالحالة التي تم عليها التوريد فيكون المسئول عنها المصنع الذي وردها ويمثله المتهم الثاني في الدعوى الذي دين بهذه التهمة، وخلص الحكم من ذلك إلى أن المطعون ضده وقد أرشد عن المصنع الذي ورد له الجبن - وهو محل مرخص ومسئول عن إتباع أحكام قانون الغش وتنفيذ قرارات الألبان - لا يسأل عن الجريمة التي دين بها ابتدائياًًًًً بوصف المخالفة وقضي بإلغاء الحكم المستأنف في هذا الخصوص وتبرئة المطعون ضده مع الحكم بالمصادرة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده قد التفت عن دلالة القرينة القانونية التي أوردها الشارع بالقانون رقم 522 لسنة 1955 بتعديل المادة 2 من القانون رقم 48 لسنة 1941 بقمع التدليس والغش حين افترض العلم بالغش أو الفساد إذا كان المخالف من المشتغلين بالتجارة أو من الباعة المتجولين - وهو شأن المطعون ضده على ما يبين من الحكم - تلك القرينة التي رفع الشارع فيها عبء إثبات العلم بالغش أو الفساد عن كاهل النيابة العامة تحقيقاًًًًً للمصلحة العامة ومحافظة منه على مستوى الألبان على ما أفصح عنه في مذكرته الإيضاحية للقانون المذكور، وكان الحكم لم يوائم بين هذه القرينة المستنبطة من الشارع وبين حكم المادة السابعة من القانون رقم 48 لسنة 1941 التي يجري نصها على أنه "تعتبر الجرائم التي ترتكب ضد أحكام المواد الثانية والثالثة والخامسة مخالفات إذا كان المتهم حسن النية على أنه يجب أن ينص الحكم بمصادرة المواد أو العقاقير أو الحاصلات التي تكون جسم الجريمة" مما كان يقتضي من المحكمة إنزال حكم هذه المادة على الواقعة المطروحة إذا ثبت لها حسن نية المطعون ضده. ولما كان الحكم وهو في سبيل التدليل على نية المطعون ضده قد اعتمد على الفاتورة التي أشار إليها والمقول بأنها تؤيد صحة دفاعه من شرائه الجبن من مصنع المتهم الثاني الذي دين بالجريمة مع أن هذه الفاتورة - على ما ورد بالحكم - تحمل تاريخ 25 ديسمبر سنة 1958 وهو تاريخ لاحق للضبط مما يهدر قيمتها في التدليل، فضلاًًًًً عن أن الحكم لم يبين سنده في القول بأن البضاعة جسم الجريمة قد جلبت من محلات مرخصة مستوفية الشروط الصحية واتبعت فيها القواعد التي تفرضها السلطات ذات الشأن - وهو ما كان المطعون ضده مطالباًًًًً بإثباته لدحض القرينة القانونية سالفة البيان. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئاًًًًً في القانون ومعيباًًًًً بالقصور بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة.


[(1)] المبدأ ذاته في الطعون من 1807 إلى 1809/ 29 ق - الصادرة بذات الجلسة.