أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 402

جلسة 2 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(80)
الطعن رقم 1837 لسنة 29 القضائية

( أ ) ، (ب)، (ج) اشتراك. سرقة.
المساهمة في الجريمة بصفة أصلية. الفاعل عن طريق ارتكاب الجريمة: مثال في سرقة.
اشتراك المتهم مع رفقائه في معالجة فتح باب الشقة ودخولهم جميعاًًًًً بها ومعهم أدوات السرقة.
أحكام المساهمة. مركز الشريك والفاعل: تأثره بالظروف العينية. مثال.
ظرف حمل السلاح في السرقة ظرف مادي. سريان حكمه على كل من قارف الجريمة. فاعلاًًًًً كان أم شريكاًًًًً ولو لم يعلم به.
الظروف المشددة لعقوبة السرقة. حمل السلاح: وجوب التفرقة بين السلاح بطبيعته والسلاح بالتخصيص.
حمل سلاح بطبيعته يحقق الظرف المشدد. حمل سلاح بالتخصيص لا يحقق الظرف المشدد إلا إذا دلل الحكم على أن حمله إنما كان لمناسبة السرقة.
1 - إذا كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أسهم بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها معالجة المتهمين وبينهم الطاعن فتح باب الشقة ودخولهم جميعاًًًًً بها ومعهم الأدوات التي تستعمل في فتح الخزائن فلا وجه لما يدعيه المتهم من أن دوره لا يتعدى الاشتراك في الجريمة.
2 - العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاًًًًً مشدداًًًًً في حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليس بمخالفة حمله لقانون حمل وإحراز السلاح وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه كان لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاًًًًً من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل ومثلها كالمطواة لا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة.
3 - حمل السلاح في السرقة هو من الظروف المادية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاًًًًً كان أو شريكاًًًًً ولو لم يعلم به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم شرعوا في سرقة النقود المبينة وصفاًًًًً وقدراًًًًً بالمحضر والمملوكة للمجني عليهما حالة كون المتهم الثاني حاملاًًًًً سلاحاًًًًً "مطواة" وخاب أثر الجريمة لسبب خارج عن إرادتهم وهو مفاجأتهم حال السرقة وضبطهم وطلبت من غرفة الاتهام إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات لمحاكمة المتهمين بالمواد 45 و46 و316 من قانون العقوبات، فقررت ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 بالنسبة للمتهم الثالث بمعاقبة كل من المتهم الأول والثاني بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين ومعاقبة الثالث بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن المتهمون في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو فساد الاستدلال والخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن الثالث إن الحكم المطعون فيه استند في إدانته إلى اعتراف المتهم الأول عليه بأنه اتفق معه ومع زميله المتهم الثاني على السرقة وأنه لازمهما منذ اجتماعهما بدكان المتهم الأول إلى أن دخل معهما المبنى الذي وقع به الحادث وهذا ليس من شأنه أن يؤدي إلى ثبوت الواقعة في حقه، ذلك بأن أقوال المتهم الأول لم تتأيد قبله بدليل آخر، كما أن أقوال الشهود قد اقتصرت على القول بضبطه أسفل المبنى ولم يشهد أحدهم بأنه رآه في الشقة التي وقع بها الحادث وهو ما يجب أن يقوم الدليل عليه، فضلاًًًًً عن أن رجال البوليس شهدوا بأنه لم يكن لهم به سابق معرفة فلم يبق إلا واقعة وجوده بدكان المتهم الأول ومصاحبته للمتهمين الأول والثاني إلى المبنى وانتظاره به مما لا يصلح دليلاًًًًً عليه خصوصاًًًًً وقد علل مصاحبته للمتهمين بوجود صلة عائلية تربطه بأولهما جعلته يهتم بأمره وأوضح أن مروره بهذا المبنى كان وهم في طريقهم إلى السينما وأنه بقى في انتظار المتهم الأول الذي ذهب لمقابلة محاميه، ويضيف الطاعن أن الحكم أخطأ في القانون إذ اعتبره فاعلاًًًًً أصلياًًًًً وحمله على هذا الأساس مسئولية ما ظهر من حمل أحد الفاعلين الأصليين للسلاح مما أدى إلى اعتبار الواقعة جناية مع أنه لم يثبت في حقه أنه قام بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة حتى يمكن اعتباره فاعلاًًًًً أصلياًًًًً لها عملاًًًًً بحكم المادة 39 من قانون العقوبات، وكل ما يمكن أن ينسب إليه هو مجرد الاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في الجريمة - هذا بفرض ثبوت علمه بالغرض الذي قصده المتهمان الأول والثاني من دخولهما المبنى وأنه لذلك لا يمكن مساءلته عن الظرف المشدد الخاص بأحد الفاعلين الأصليين ما دام لم يثبت علمه به وذلك عملاًًًًً بنص المادة 41 من قانون العقوبات، كما ذهب إلى أن مقتضى اعتباره شريكاًًًًً في جنحة سرقة أن يتاح للمحكمة عند تطبيقها للمادة 17 من قانون العقوبات أن تنزل إلى أدنى حد لعقوبة الحبس أو أن توقف تنفيذ العقوبة - هذا إلى أن الحكم أخطأ في اعتبار المطواة المضبوطة مع المتهم الثاني من الأسلحة الممنوع حيازتها فهي ذات نصل لا يتجاوز طوله الثمانية سنتيمترات. فضلاًًًًً عن أن المتهم نجار وله من حرفته ما يسوغ حملها مما ينتفي به إمكان اعتبارها من الأسلحة الممنوعة في حكم قانون السلاح.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إنه نمى إلى علم رئيس مباحث جنوب القاهرة أن المتهمين الأول والثاني حسن عبد السلام فرج وإبراهيم محمد محمد (الطاعنين الأولين) المعروفين لهم أنهم من لصوص الخزائن الخطرين قد ألفوا عصابة مع شخص ثالث تبين أنه المتهم الثالث كمال الدين مصطفى حمودة (الطاعن الثالث) لسرقة الخزائن بدائرة قسم عابدين وقصر النيل فعين بعض المخبرين لمراقبتهم حتى يمكن ضبطهم. وفي يوم 16/ 3/ 1958 تجمعوا في دكان المتهم الأول حسن عبد السلام بالمنيرة وفي حوالي الساعة السابعة والنصف مساء خرجوا متجهين إلى شارع سليمان باشا ثم دخلوا العمارة رقم 21 بدائرة قسم عابدين فدخل المخبرون خلفهم ليتبينوا سبب دخولهم، وقصد المتهمون الثلاثة إلى شقة بالدور الأول هي مكتب شركة الشرق للهندسة والتجارة والمملوكة لمحمود الجرواني وحسن محمد محمد، ولما لم يفلحوا في فتح بابها بالمفتاح الذي أعدوه لذلك ضغط المتهم الثاني على شراعة الباب وفتحها ثم مد يده وفتح ترباس الباب ودخلوا ومعهم العدة التي أعدها المتهم الثاني وتصادف أن عاد إلى الشقة حسن محمد أحد أصحابها ولما فتح الباب ودخل سمع أصواتاً فيها فأعاد غلقها وخرج مستغيثاًًًًً فقابله المخبرون على السلم وأفهموه أنهم من رجال البوليس وأنهم في إثر اللصوص ودخلوا الشقة فوجدوا عدة اللصوص موضوعة على "نضد" بالصالة وكان اللصوص قد قفزوا من شباك إلى منور العمارة فاحتاط المخبرون وأغلقوا باب العمارة ثم وجدوا المتهم الأول مصاباًًًًً بساقه في المنور تحت النافذة وفتشوا باقي العمارة وقد دخل أولهم في خزان المياه الاحتياطي وأغلقه عليه ولما حضر رجال البوليس أخرجوه منه وبتفتيشه وجد معه بعض أسلحة الشنيور التي وجدت بالشقة لكسر الخزائن ومطواة بسوسته سلاحها بحد ونصف" ثم أورد الأدلة على ثبوت التهمة في حق الطاعنين مستمدة من أقوال المخبرين والمجني عليه والصاغ حسام الدين خيري والبكباشي رشدي لبيب واعتراف المتهم الأول. لما كان ما تقدم، وكان للمحكمة أن تعول في إدانة متهم على أقوال متهم آخر متى أطمأنت إليها ولو لم يكن عليه في الدعوى من دليل سواها. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه أسهم بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها معالجة المتهمين - وبينهم الطاعن - فتح باب الشقة ودخولهم جميعاًًًًً بها ومعهم الأدوات التي تستعمل في فتح الخزائن فلا وجه لما يدعيه الطاعن من أن دوره لا يتعدى الاشتراك في الجريمة، على أنه لا جدوى من التمسك بهذا الوجه ما دامت العقوبة المقررة للشريك في السرقة هي ذات العقوبة المقررة للفاعل، ولا يعتد في خصوص هذه الواقعة بما يذهب إليه الطاعن من أنه لا يسأل عن ظرف حمل السلاح إذا ما اعتبر مجرد شريك في السرقة - ذلك لأن حمل السلاح في السرقة هو من الظروف المادية المتصلة بالفعل الإجرامي ويسري حكمه على كل من قارف الجريمة فاعلاًًًًً كان أم شريكاًًًًً ولو لم يعلم به. أما عن إعمال مقتضى المادة 17 من قانون العقوبات فإنه لا يؤثر في النتيجة إذ أن تقدير ظروف الرأفة إنما يكون بالنظر إلى الواقعة الجنائية في ذاتها وليس بالنسبة إلى الوصف الذي يعطى لهذا الفعل - والمحكمة لم تنزل بالعقوبة إلى حدها الأدنى بحيث تفصح عن أنها قد التزمت هذا الحد مقيدة بالوصف القانوني للجريمة. لما كان كل ذلك، وكانت العبرة في اعتبار حمل السلاح ظرفاًًًًً مشدداًًًًً في حكم المادة 316 من قانون العقوبات ليس بمخالفة حمله لقانون حمل وإحراز السلاح وإنما تكون بطبيعة هذا السلاح وهل هو معد في الأصل للاعتداء على النفس وعندئذ لا يفسر حمله إلا بأنه كان لاستخدامه في هذا الغرض، أو أنه من الأدوات التي تعتبر عرضاًًًًً من الأسلحة لكونها تحدث الفتك وإن لم تكن معدة له بحسب الأصل ومثلها كالمطواة لا يتحقق الظرف المشدد بحملها إلا إذا استظهرت المحكمة في حدود سلطتها التقديرية أن حملها كان لمناسبة السرقة الأمر الذي خلصت إليه المحكمة في حدود حقها ودللت عليه بالأدلة السائغة، هذا فضلاًًًًً عن أنه لا جدوى للطاعن من التمسك بهذا الوجه ما دامت المحكمة قد أوقعت عليه العقوبة المقررة لجنحة السرقة، ومن ثم فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.