أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 419

جلسة 10 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(83)
الطعن رقم 1335 لسنة 29 القضائية

نقض. غرفة الاتهام.
شرط إحالة الجنايات من غرفة الاتهام إلى المحكمة الجزئية للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة.
متى يكون لمحكمة النقض أن تعتبر الطعن طلباًًًًً بتعيين المحكمة المختصة طبقاً للمادة 227 أ. ج؟
اختصاص. تنازع سلبي.
صور التنازع السلبي:
التضارب بين الحكم النهائي من محكمة الجنح بعدم الاختصاص لأن الواقعة جناية وقرار التجنيح الصادر من غرفة الاتهام.
حالاته:
جواز وقوعه بين جهتين إحداهما من جهات التحقيق والأخرى من جهات الحكم.
قواعد الطلب وإجراءاته:
عدم تقيد الطلب بميعاد معين.
الجهة المختصة بالفصل فيه:
انعقاد الاختصاص لمحكمة النقض بالفصل في التنازع القائم بين قضاء التحقيق وقضاء الحكم.
1 - إذا كان الحكم بعدم الاختصاص لشبهة الجناية بحسب البيانات الواردة فيه يدل بذاته على خطأ غرفة الاتهام في إعادة أوراق القضية إلى محكمة الجنح - إذ كان يجب عليها أن تحيلها إلى محكمة الجنايات ما دامت محكمة الجنح لا تستطيع أن تنظر الدعوى بعد التحقيق الذي قامت به النيابة وثبت منه أن الواقعة جناية منطبقة على المادة 240 من قانون العقوبات ولسبق صدور حكم منها بعدم الاختصاص، كما لا تستطيع غرفة الاتهام هي الأخرى - فيما لو قدمت إليها القضية - أن تعيد نظرها بعد أن سبق طرحها عليها وإصدارها قراراًًًًً فيها، فكلتا الجهتين متخليتان حتماًًًًً عن نظر القضية، فإن محكمة النقض - حرصاًًًًً على العدالة أن يتعطل سيرها - لا يكون في وسعها أن تقضي بعدم قبول الطعن شكلاًًًًً - لعدم ثبوت تقديم أسباب الطعن في الميعاد - بل يكون لها أن تعتبر الطعن في هذه الحالة بمثابة طلب بتعيين المحكمة المختصة طبقاًًًًً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو طلب لم يقيده القانون بميعاد، وتقبل محكمة النقض هذا الطلب على أساس وقوع التنازع السلبي بين غرفة الاتهام التي تخلت عن الدعوى بإصدار قرار فيها وبين محكمة الجنح التي قضت فيها بعدم الاختصاص.
2 - لا يشترط لاعتبار التنازع قائماًًًًً أن يقع بين جهتين من جهات القضاء أو جهتين من جهات التحقيق، بل يصح أن يقع بين جهتين إحداهما من جهات التحقيق والأخرى من جهات الحكم على ما قضت به محكمة النقض.
3 - غرفة الاتهام إن هي إلا دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية - ومحكمة الجنح المستأنفة هي الأخرى إحدى دوائر تلك المحكمة، ومن ثم فإن الفصل في التنازع ينعقد لمحكمة النقض باعتبارها صاحبة الولاية طبقاًًًًً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده الأول بأنه: أحدث عمداًًًًً بالمجني عليه الإصابة المبينة بالتقرير الطبي. وطلبت معاقبته بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات والمحكمة الجزئية قضت حضورياًًًًً بتغريم المتهم مائتي قرش. فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة القضاء بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى لأن إصابة المجني عليه تخلفت عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًًًًً اعتبارياًًًًً بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لإجراء شئونها فيها. قامت النيابة بتحقيق الواقعة ثم قدمت المتهم المذكور ومعه آخر (المطعون ضده الثاني) إلى غرفة الاتهام لإحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بمقتضى المادتين 240/ 1 - 2، 242/ 1 من قانون العقوبات لأن الأول أحدث بالثاني ومع سبق الإصرار والترصد الإصابات المبينة بالتقريرين الطبيين الابتدائي والشرعي بأن ضربه بآلة حادة (خنجر) في ظهره وساعده الأيسر وتخلف لديه عن الإصابة الأخيرة عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي المبينة بالتقارير الطبية، والثاني أحدث عمداًًًًً بآخرين الإصابات المبينة بالتقارير الطبية والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماًًًًً. وقررت غرفة الاتهام غيابياًًًًً بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنح المختصة بالقيد والوصف المبينين بقرار الاتهام لمعاقبتهما على أساس عقوبة الجنحة. فطعنت النيابة العامة في هذا القرار بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن تقرير أسباب الطعن المقدم من الطاعنة قد خلا من إثبات تاريخ وروده إلى قلم الكتاب المختص وقد كلفت هذه المحكمة النيابة العامة الاستعلام من نيابة بور سعيد عن تاريخ تقديم الأسباب ورقم الإيصال الدال على ذلك فأفادت نيابة بور سعيد بكتابها المؤرخ 17/ 3/ 1960 بما يفيد أن تاريخ تقديم الأسباب غير مثبت بالدفتر المعد لذلك، ومن ثم فإنه لا يوجد في الأوراق ما يثبت أن أسباب الطعن مقدمة في الميعاد القانوني.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن الدعوى العمومية رفعت على المطعون ضده السيد عبد النبي أحمد الشهير بشلضم بأنه في يوم أول سبتمبر سنة 1955 أحدث عمداً بالسيد محمد طرابيه الإصابة المبينة بالتقرير الطبي وطلبت النيابة معاقبته طبقاًًًًً لنص المادة 242/ 1 من قانون العقوبات. فقضت محكمة أول درجة بتغريمه مائتي قرش - فاستأنفت النيابة هذا الحكم طالبة القضاء بعدم اختصاص محكمة الجنح بنظر الدعوى لما استبان لها من أن إصابة المجني عليه قد تخلف عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها كما جاء بتقرير الطبيب الشرعي الأمر الذي يجعل ما ارتكبه المتهم جناية ينطبق عليها نص المادة 240/ 1 من قانون العقوبات - فقضت محكمة ثاني درجة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم الاختصاص وإحالة الأوراق إلى النيابة لإجراء شئونها فيها، وقد قامت النيابة بتحقيق الواقعة وأحالت القضية إلى غرفة الاتهام فقررت إحالة القضية على محكمة الجنح للفصل فيها على أساس عقوبة الجنحة فطعنت النيابة في هذا القرار.
ولما كان الحكم بعدم الاختصاص لشبهة الجناية بحسب البيانات الواردة فيه يدل بذاته على خطأ غرفة الاتهام في إعادة أوراق القضية إلى محكمة الجنح إذ كان يجب عليها أن تحيلها إلى محكمة الجنايات ما دامت محكمة الجنح لا تستطيع أن تنظر الدعوى بعد التحقيق الذي قامت به النيابة وثبت منه أن الواقعة جناية منطبقة على المادة 240 من قانون العقوبات ولسبق صدور حكم منها بعدم الاختصاص - كما لا تستطيع غرفة الاتهام هي الأخرى، فيما لو قدمت إليها القضية أن تعيد نظرها بعد أن سبق طرحها عليها وإصدارها قراراًًًًً فيها، فكلتا الجهتين متخليتان حتماًًًًً عن نظر القضية. لما كان ذلك، فإن محكمة النقض حرصاًًًًً على العدالة أن يتعطل سيرها - لا يكون في وسعها أن تقضي بعدم قبول الطعن شكلاًًًًً بل يكون لها أن تعتبر الطعن في هذه الحالة بمثابة طلب بتعيين المحكمة المختصة طبقاًًًًً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية - وهو طلب لم يقيده القانون بميعاد، وتقبل محكمة النقض هذا الطلب على أساس وقوع التنازع السلبي بين غرفة الاتهام التي تخلت عن الدعوى بإصدار قرار فيها وبين محكمة الجنح التي قضت فيها بعدم الاختصاص. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار التنازع قائماًًًًً أن يقع بين جهتين من جهات القضاء أو جهتين من جهات التحقيق - بل يصح أن يقع بين جهتين إحداهما من جهات التحقيق والأخرى من جهات الحكم على ما قضت به هذه المحكمة، وكانت غرفة الاتهام إن هي إلا دائرة من دوائر المحكمة الابتدائية - ومحكمة الجنح المستأنفة هي الأخرى إحدى دوائر تلك المحكمة؛ ومن ثم فإن الفصل في التنازع ينعقد لمحكمة النقض، باعتبارها صاحبة الولاية طبقاًًًًً للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، فإنه يتعين اعتبار الطعن طلباًًًًً بتعيين المحكمة المختصة وإحالة القضية إلى محكمة جنايات بور سعيد للفصل فيها.