أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 449

جلسة 16 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

(86)
الطعن رقم 2015 لسنة 29 القضائية

اختلاس أشياء محجوزة.
(أ - ب) عناصر الواقعة الإجرامية: أشياء محجوزة.
ما لا ينهي الحجز: تصريح الدائن للمدين ببيع المحجوز وإحلال غيره محله.
بطلان الحجز نتيجة سقوطه عملاًًًًً بالمادة 519/ 1 مرافعات. ماهية هذا البطلان: تعلقه بمصلحة المدين. أسباب تصحيح هذا البطلان: التنازل عن التمسك به. مثال.
(ج) المسئولية والعقاب: الدفع بجهالة يوم البيع.
متى يجوز التمسك بهذا الدفع؟ عند وجود المحجوز وعدم تبديده.
1 - اتفاق المتهم مع الدائن على بيع الأشياء المحجوزة وإحلال غيرها محلها ليس من شأنه أن يؤثر على الحجز الذي وقع بأمر السلطة القضائية - وأوامرها واجبة الاحترام - فيكون الحجز قائماًًًًً قانوناًًًًً لا ينهيه تصريح الدائن للمدين ببيع المحجوزات على أن يقدم ضماناًًًًً للوفاء بقيمة الدين المحجوز من أجله.
2 - البطلان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 519 من قانون المرافعات وإن كان يقع بقوة القانون إلا أنه مقرر لمصلحة المدين ولا يتعلق بالنظام العام، وعلى ذلك يسقط حق المدين في الدفع به إذا نزل عنه بعد اكتسابه طبقاًًًًً لنص المادة 26 من قانون المرافعات - فإذا كان المتهم يسلم في أوجه طعنه بأن الحكم ببطلان الحجز قد استؤنف وانتهى الاستئناف صلحاًًًًً وقبل المتهم تثبيت الحجزين، فإن ذلك يلزم عنه صحة الإجراءات واستمرار الحجز.
3 - محل دفع المتهم بعدم إعلانه بيوم البيع أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة ولم تبدد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد إضراراًًًًً بالمجني عليه الزجاجات والصناديق المبينة وصفاًًًًً وقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائياًًًًً لصالحه والتي لم تكن قد سلمت إليه إلا على سبيل الوديعة لحراستها. وطلبت عقابه بالمادتين 341 و342 من قانون العقوبات. وقد ادعى المجني عليه مدنياًًًًً وطلب إلزام المتهم بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاًًًًً كتعويض مؤقت والمحكمة الجزئية قضت حضورياًًًًً اعتبارياًًًًً عملاًًًًً بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني التعويض المطلوب والمصاريف المدنية. فاستأنفت النيابة والمتهم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضورياًًًًً بعدم جواز استئناف النيابة وبقبول استئناف المتهم شكلاًًًًً وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة المدة المشار إليها بمنطوق الحكم وألزمت المتهم بالمصاريف المدنية. فطعن المتهم في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

... حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه مشوب بالخطأ في تطبيق القانون، وفي ذلك يقول الطاعن أن المحكمة دانته باعتبار أنه حارس مع أنه لم يعين حارساًًًًً، وفضلاًًًًً عن ذلك فقد حكم بأن الحجز المتوقع في 19/ 1/ 1954 باطل لوجود الدائن الحاجز وقت توقيع الحجز، أما الحجز الموقع في 6/ 3/ 1954 فهو باطل لعدم تعيين حارس على المحجوزات، يضاف إلى ذلك أن الحجزين سقطا بمضي ستة أشهر من تاريخ 18/ 3/ 1955 الذي حكمت فيه المحكمة الاستئنافية بإرفاق محضر الصلح - إذا لوحظ أن التاريخ المحدد للبيع هو 4/ 10/ 1954، وقد قدم الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية عقد اتفاق تم بينه وبين المجني عليه يصرح له الأخير ببيع المحجوزات على أن يحل غيرها محلها وهو ما يفيد تنازل الدائن عن الحجز، هذا إلى أن الطاعن ترك مسكنه وأقام في مسكن آخر ولم يعلم بيوم البيع لحصول الإعلان مع خادمة زوجته التي كان قد ترك مسكنها لخلاف بينهما، وأضاف الطاعن أنه استصدر أمر نقل من القاضي ونقل الأشياء المحجوزة في يوم 12/ 1/ 1956، ولم يكن يعلم بأن البيع محدد له يوم 14/ 1/ 1956 - وقد عرضت المحكمة لذلك وقالت إن الدائن حدد يوماًًًًً آخر للبيع وتوجه المحضر لبيع الأشياء المحجوزة فلم يجدها - ولا يوجد في الأوراق ما يفيد تحديد يوم آخر بل الموجود محضر حرره أحد محضري محكمة روض الفرج في غير دائرة اختصاصه لأن المكان الذي نقلت إليه المحجوزات يقع بدائرة شبرا، وأخيراًًًًً فقد اعتبرته المحكمة حارساًًًًً في الحجز الموقع في 6/ 3/ 1955 والواقع غير ذلك.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن المحضر أوقع حجزاًًًًً في 19/ 1 و6/ 3/ 1954 بناءً على طلب حليم غبريال ضد المتهم وعين المتهم حارساًًًًً، وفي يوم 14/ 1/ 1956 المحدد للبيع انتقل المحضر لمباشرة إجراءاته فلم يجد المحجوزات وقرر له المخاطب معه أن المتهم قام بنقل المحجوزات بناءً على أمر نقل صدر له من المحكمة في 12/ 1/ 1956 أي قبل اليوم المحدد للبيع بيومين اثنين فقام الدائن بتحديد يوم آخر للبيع هو يوم 26/ 2/ 1956 وانتقل المحضر إلى المحل الجديد المعين بأمر النقل بحارة الفرن رقم 10 فلم يجد المحضر به شيئاً من المحجوزات كما أن محقق البوليس انتقل لمعاينة المحجوزات في المحل الجديد فلم يجدها وتم ذلك في 19/ 1/ 1956 وطلب المتهم لسؤاله فلم يحضر، وتبين أن الدائن وقلم المحضرين لم يعلنا قانوناًًًًً بأمر النقل الذي استصدره المتهم....... وقدم المجني عليه صورة رسمية من أمر النقل ومحضر عدم وجود شيء بالمحل الذي صدر أمر النقل إليه ومحضر عدم وجود سكن المتهم بهذا المحل" وأثبت الحكم تحصيلاًًًًً من أقوال الدائن الحاجز والمحضر الذي عهد إليه ببيع المحجوزات أن الطاعن هرب المحجوزات بقصد عرقلة التنفيذ فلم يجدها المحضر في محل الحجز وأن أمر النقل الذي استصدره لم يقم بتنفيذه بالطريق القانوني سعياًًًًً إلى تضليل المحضر حتى يفلت من سلطان الحجز ويعرقل التنفيذ على الأشياء المحجوزة. ولما كان ما أثبته الحكم مما تقدم تتوافر به العناصر القانونية لجريمة اختلاس الأشياء المحجوز عليها قضائياًًًًً والتي أورد الحكم على ثبوتها في حق المتهم (الطاعن) أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، أما ما يدعيه الطاعن من اتفاقه مع الدائن على بيع الأشياء المحجوزة وإحلال غيرها محلها - فمع افتراض حصوله - فليس من شأنه أن يؤثر على الحجز الذي وقع بأمر السلطة القضائية وأوامرها واجبة الاحترام، ومن ثم فإن الحجز يكون قائماًًًًً قانوناًًًًً لا ينهيه تصريح الدائن للمدين ببيع المحجوزات على أن يقدم ضماناًًًًً للوفاء بقيمة الدين المحجوز من أجله. لما كان ذلك، وكان الطاعن يسلم في الوجه الأول من أسباب طعنه بأن الحكم ببطلان الحجز قد استؤنف وانتهى الاستئناف صلحاًًًًً وقبل الطاعن تثبيت الحجزين، وفضلاًًًًً عن ذلك فإنه لا يدعي في طعنه أنه أثار ما أورده في طعنه لدى محكمة الموضوع حتى كانت تلتزم بالرد عليه، ولما كان ما يقوله الطاعن من أن الحجزين باطلان بطلاناًًًًً مطلقاًًًًً مردود بأن البطلان المشار إليه في الفقرة الأولى من المادة 519 من قانون المرافعات وإن كان يقع بقوة القانون إلا أنه مقرر لمصلحة المدين ولا يتعلق بالنظام العام، وعلى ذلك يسقط حق المدين في الدفع به إذا نزل عنه بعد اكتسابه طبقاًًًًً لنص المادة 26 من قانون المرافعات، وقد تقدم ذكر أن الطاعن قد قبل تثبيت الحجزين بإقراره وهو ما يلزم عنه صحة الإجراءات واستمرار الحجز، وفوق ذلك فإن الطاعن لم يشر في طعنه أنه أثار أمام محكمة الموضوع ما جاء بأسباب هذا الطعن في هذا الشأن حتى يسوغ له أن ينعى على الحكم عدم الرد عليه. لما كان ذلك، وكان ما أورده الطاعن من أنه لم يعلن بيوم البيع - على فرض صحته - محله أن تكون الأشياء المحجوزة موجودة لم تبدد. لما كان جميع ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناًًًًً رفضه موضوعاًًًًً.