أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 578

جلسة 23 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد مصباح، سامي فرج، ماهر البحيري ومحمد بدر الدين توفيق.

(103)
الطعن رقم 1895 لسنة 51 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار". عقد نسبية أثر العقد". وكالة. خلف عام. استضافة. محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
(1) آثار العقد. قاصرة على طرفيه "الخلف العام أو الخاص المستأجر الأصلي لا ينوب عن المقيمين معه منذ بداية التعاقد أو بعده في التعاقد على الإيجار. مؤداه. عدم اعتبارهم مستأجرين أصليين. علة ذلك.
(2) الإقامة مع المستأجر على سبيل الإيواء المبني على الاستضافة. لا تعد مساكنه. أثر ذلك. تقدير القصد من الإقامة. من سلطة قاضي الموضوع.
(3) إقامة الزوج مع زوجته بحجرة بمسكن والدتها منذ بدء الإيجار. عدم اعتبار الابنة من مستأجرة أصلية. أثره. عدم اكتساب الزوج حقاً في البقاء بالعين رغماً عن إرادة المستأجرة الأصلية.
1- النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً - يدل على أن مبدأ نسبية العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع بما يقتضي أن العقد إنما يقتصر على طرفيه والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة عنه إلى عاقديه، ولئن كان لعقد إيجار الأماكن طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواءهم الذين لا يترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل الوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات إدارية ذات طابع خاص قابلة للتغير والتبديل متعلقة به هو لا شأن لها بالمؤجر وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة السكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية.
2- المساكنة التي تنشئ حقاً للبقاء في العين للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المشار إليهم بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولئن كانت تستلزم أن تبدأ إقامتهم بالعين مع المستأجر منذ بدء الإجارة إلا أن هذه الإقامة لا تعتبر بالضرورة وفى جميع الأحوال من قبيل المشاركة السكنية، فقد يكون الإيواء على سبيل الاستضافة، وتقدير القصد من الإقامة من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة.
3- إذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنة الثانية - وهى زوجة الطاعن الأول قد أقامت بحجرة في شقة النزاع منذ بدء استئجار والدتها المطعون ضدها الأولى فإنها لا تعتبر مستأجرة أصلية لانتفاء فكرة النيابة الضمنية على ما سلف بيانه ومن ثم لا يستطيع زوجها الطاعن الأول أن يتحدى بها للإقامة بالعين المؤجرة رغم إرادة المستأجرة الأصلية، فضلاً عن إقامته حسبما استخلصها الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى ومستنداتها وظروف الحال فيها كانت على سبيل التسامح وهى لا تكسب حقاً مهما طالت.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الثانية والثالثة أقاما على الطاعن الأول الدعوى رقم 2017 لسنة 1977 مدني كلي الإسكندرية للحكم بإخلاء الشقة المبينة بالصحيفة والتسليم. وقالا شرحاً لذلك أنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ أول نوفمبر سنة 1940 - استأجرت السيدة........... الشقة محل النزاع من المالك السابق وقد آلت إليهما ملكية العقار، وظلت المستأجرة مقيمة فيها إلى أن توفيت إلا أن الطاعن الأول أقام فيها بغير سند من القانون فأقاما الدعوى، تدخلت الطاعنة الثانية منضمة للطاعن الأول في طلب رفض الدعوى، كما تدخلت المطعون ضدها الأولى هجومياً طالبة الحكم بأحقيتها للشقة محل النزاع وطرد الطاعن الأول منها. حكمت المحكمة بقبول تدخل الطاعنة الثانية ورفض الدعويين الأصلية والفرعية استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 321 لسنة 36 ق الإسكندرية بتاريخ 17/ 6/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطرد الطاعن الأول من شقة النزاع وبأحقية المطعون ضدها الأولى فيها. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذا عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفى بيان ذلك يقولان أن الطاعنة الثانية دفعت دعوى المطعون ضدها الأولى بأنها ابنتها وتقيم معها بعين النزاع منذ بدء الإيجار من ثم تكون والدتها المذكورة قد تعاقدت مع مؤجر العقار عن نفسها ونيابة عنها فتعتبر مثلها مستأجرة أصلية، ولما كان الطاعن الأول متزوجاً بالطاعنة الثانية فإنه يستمد حقه في الانتفاع بعين النزاع من زوجته، لما لعقد الإيجار من طابع عائلي وإذ قضى الحكم المطعون فيه بالإخلاء وطرد الطاعن الأول من عين النزاع استناداً إلى أن الطاعنة الثانية لا تعتبر مستأجرة أصلية وأن المشرع لا يعتبر المستأجر نائباً عن أفراد أسرته في حين أن أحكام المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلة للمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تعرض لحالة المساكنين للمستأجر من وقت قيام العلاقة الإيجارية إذ أن كلاً منهم يعتبر مستأجراً أصلياً له حق الانتفاع بالامتداد القانوني وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النص في المادة 152 من القانون المدني على أنه لا يرتب العقد التزاماً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه حقاً يدل على أن مبدأ نسبية العقد يهيمن على قوته الملزمة بالنسبة للأشخاص والموضوع بما يقتضى أن العقد إنما يقتصر على طرفية والخلف العام أو الخاص أو الدائنين في الحدود التي بينها القانون، فلا تنصرف الحقوق الناشئة عنه والالتزامات المتولدة منه إلا إلى عاقديه، ولئن كان لعقد إيجار الأماكن طابع عائلي وجماعي لا يتعاقد فيه المستأجر ليسكن بمفرده بل ليعيش معه أفراد أسرته ولمن يتراءى له إيواءهم الذين لا يترتب في ذمتهم التزامات قبل المؤجر خلال فترة مشاركتهم المستأجر الأصلي في السكن، ويبقى هذا الأخير هو الطرف الأصيل الوحيد في التعامل مع المؤجر، ولا يسوغ القول بأن المقيمين مع المستأجر يعتبرون مستأجرين أصليين أخذاً بأحكام النيابة الضمنية انحرافاً عن المبادئ العامة في نسبية أثر العقد، لأن هؤلاء ليسوا طبقاً للقانون أطرافاً في عقد الإيجار ولا تربطهم بالمؤجر أية علاقة تعاقدية مباشرة أو غير مباشرة سواء كانت إقامتهم في بداية الإيجار أو بعده وإنما تمتعهم بالإقامة في العين كان قياماً من المستأجر بالتزامات وواجبات أدبية ذات طابع خاص قابلة للتغير والتبديل متعلقة به هو لا شأن لها بالمؤجر، وكيفية استعمال المستأجر لمنفعة المسكن مسألة عارضة لا تبرر فكرة المجاز القانوني على أساس النيابة الضمنية هذا إلى أن المساكنة التي تنشئ حقاً للبقاء في العين للمنتفعين بالعين المؤجرة من غير الأقارب المشار إليهم بالمادة 29 من القانون رقم 49 لسنة 1977 ولئن كانت تستلزم أن تبدأ إقامتهم بالعين مع المستأجر منذ بدء الإجارة إلا أن هذه الإقامة لا تعتبر بالضرورة وفى جميع الأحوال من قبيل المشاركة السكنية، فقد يكون الإيواء على سبيل الاستضافة، وتقدير القصد من الإقامة من سلطة قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على أسباب سائغة لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أن الطاعنة الثانية - وهى زوجة الطاعن الأول - قد أقامت بحجرة في شقة النزاع منذ بدء استئجار والدتها (المطعون ضدها الأولى) فإنها لا تعتبر مستأجرة أصلية لانتفاء فكرة النيابة الضمنية على ما سلف بيانه ومن ثم لا يستطيع زوجها (الطاعن الأول) أن يتحدى بها للإقامة بالعين المؤجرة رغم إرادة المستأجرة الأصلية، فضلاً عن إقامته حسبما استخلصها الحكم المطعون فيه من أوراق الدعوى ومستنداتها وظروف الحال فيها كانت على سبيل التسامح وهى لا تكسب حقاً مهما طالت. وقد أورد الحكم بأنه عجز عن إثبات استئجاره لعين النزاع بعقد إيجار شفهي إذ لم يشهد أحد رغم إحالة الدعوى إلى التحقيق وهى أسباب سائغة كافيه لحمل الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن لما تقدم يتعين رفض الطعن.