أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 623

جلسة 23 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ نائب رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد، محمد خيري الجندي وزكي عبد العزيز.

(108)
الطعن رقم 2210 لسنة 56 القضائية

(1، 2، 3) ملكية "الملكية الشائعة". شيوع. ريع.
(1) إنفراد المالك على الشيوع بوضع يده على جزء من العقار الشائع. أثره. حق باقي الشركاء ينحصر في طلب القسمة أو مقابل الانتفاع. علة ذلك.
(2) المشتري لقدر مفرز في العقار الشائع. ليس له طلب التسليم مفرزاً. علة ذلك.
(3) الشريك على الشيوع. حقه في المطالبة بريع حصته من الشركاء الآخرين الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم، كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة.
1- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل مالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار المشاع فإذا انفرد بوضع يده على جزء من هذا العقار فإنه لا يعد غاصباً له ولا يستطيع أحد الشركاء انتزاع هذا الجزء منه بل كل ما له أن يطلب قسمة العقار أو أن يرجع على واضع اليد على حصته بمقابل الانتفاع.
2- لا يجوز للمشتري لقدر مفرز في العقار الشائع أن يطالب بالتسليم مفرزاً لأن البائع له لم يكن يملك وضع يده على حصته مفرزة قبل حصول القسمة إلا برضاء باقي الشركاء جميعاً ولا يمكن أن يكون للمشتري حقوق أكثر مما كان لسلفه، هذا إلى ما يترتب على القضاء بالتسليم في هذه الحالة من إفراز لجزء من المال الشائع بغير الطريق الذي رسمه القانون.
3- الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام حالة الشيوع في حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم وللشريك على الشيوع أن يرجع بثمار حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كل بقدر نصيبه في هذه الزيادة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن وآخر - المرحوم.......... - الدعوى رقم 506 لسنة 1983 مدني الإسماعيلية بطلب الحكم بإخلائهما من مساحة فدانين وثمانية قراريط من الأرض الزراعية المبينة بصحيفة الدعوى وتسليمها إليهم وإلزامهما بأداء ريعها ومقداره ثمانية آلاف جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم أنهم يمتلكون هذه المساحة بموجب العقد المسجل رقم 300 لسنة 1982 الإسماعيلية بحق النصف للمطعون ضده الأول والنصف الباقي للمطعون ضدهما الثاني والثالث بالسوية بينهما وأن الطاعن والخصم الآخر استوليا على هذه المساحة جميعاً بدون وجه حق منذ سنة 1980 ولم يؤديا إليهم الريع في المدة من 1/ 11/ 1980 حتى تاريخ رفع الدعوى، مما حدا بهم إلى رفعها ليحكم بطلباتهم. وبعد انقطاع سير الخصومة لوفاة المدعى عليه الآخر وقيام المطعون ضدهم باستئناف السير فيها في مواجهة ورثته ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى فقدم تقريره فيها، وبتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1985 حكمت المحكمة بإخلاء الطاعن وورثة المدعى عليه الآخر من مساحة فدانين وسبعة قراريط وواحد وعشرين سهماً من أرض النزاع وتسليمها إلى الطاعنين وإلزامهم بالريع ومقداره ألفان ومائة وخمسون جنيهاً وأربعة وعشرون مليماً، على الطاعن من ذلك مبلغ ألف وسبعمائة وتسعة وخمسون جنيهاً وأربعة وعشرون مليماً. استأنف الطاعن وبقية المحكوم عليهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 43 لسنة 11 قضائية، وبتاريخ 8 من مايو سنة 1986 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ومما ينعاه الطاعن بالسببين الأول والثاني وبالوجه الأخير من السبب الثالث منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول أن الحكم قضى بإلزامه بأداء الريع وتسليم أرض النزاع إلى المطعون ضدهم على أساس من اغتصابه هذه الأرض وتجرد حيازته لها من سندها القانوني وأن ملكية الأخيرين هي ملكية مفرزة محددة بأرض النزاع حسبما هو ثابت من العقد المسجل رقم 300 لسنة 1982 الإسماعيلية، في حين أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأنه وإن كان المطعون ضدهم قد تلقوا الملكية عن قدر مفرز بموجب ذلك العقد إلا أن هذا الإفراز لا يعتد به قانوناً لأن ملكية البائع لهم كانت شائعة في مساحة كلية مقدارها ستة أفدنة وواحد وعشرون قيراطاً وفقاً للثابت بسند ملكيته وهو العقد المسجل رقم 2362 لسنة 1946 مختلط الشرقية وأن الطاعن يمتلك على الشيوع في تلك المساحة الكلية مساحة اثنين وعشرون قيراطاً بمقتضى عقد البيع المسجل برقم 1616 لسنة 1983 الإسماعيلية والذي يبين منه أن البائع له قد تلقى الملكية من شريك على الشيوع مع البائع للمطعون ضدهم، وطالما قد ثبت أنه مالك على الشيوع فإنه وضع يده على أي جزء مفرز من العقار الشائع لا يعد غصباً ولا يلزم بأداء الريع عن الغصب الذي يعتبر بمثابة تعويض عن الفعل غير المشروع، كما لا يجوز لغيره من الشركاء في الشيوع انتزاع القدر الذي انفرد بحيازته ما دامت حالة الشيوع قائمة وعلى الرغم من أنه قدم المستندات المؤيدة لهذا - الدفاع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتمحيصه والرد عليه بما يصلح لمواجهته واكتفى باتخاذ تقرير الخبير المنتدب عماداً لقضائه مع أن هذا التقرير جاء قاصراً في بحث تسلسل الملكية وصولاً إلى التحقق من قيام حالة الشيوع واعتد بما ورد في عقد شراء المطعون ضدهم من أن الشراء انصب على قدر مفرز وهو ما يناقض العقود المسجلة التي قدمها وثبت منها أن ملكية البائع لهم شائعة فلا يجوز قانوناً انتقال الملكية إليهم في هذا القدر المفرز دون إجازة الشركاء في الشيوع أو قسمة المال الشائع الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك بأنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لكل مالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار المشتاع فإذا انفرد بوضع يده على جزء من هذا العقار فإنه لا يعد غاصباً له ولا يستطيع أحد الشركاء انتزاع هذا الجزء منه بل كل ما له أن يطلب قسمة العقار أو أن يرجع على واضع اليد على حصته بمقابل الانتفاع وكان لا يجوز للمشتري لقدر مفرز في العقار الشائع أن يطالب بالتسليم مفرازاً لأن البائع له لم يكن يملك وضع يده على حصته مفرزة قبل حصول القسمة إلا برضاء باقي الشركاء جميعاً ولا يمكن أن يكون للمشتري حقوق أكثر مما كان لسلفه، هذا إلى ما يترتب على القضاء بالتسليم في هذه الحالة من إفراز لجزء من المال الشائع بغير الطريق الذي رسمه القانون وكانت الثمار التي تنتج من المال الشائع أثناء قيام حالة الشيوع في حق الشركاء جميعاً بنسبة حصة كل منهم وللشريك على الشيوع أن يرجع بثمار حصته على الشركاء الذين يضعون اليد على ما يزيد عن حصتهم كلٍ بقدر نصيبه في هذه الزيادة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بتسليم الأرض محل النزاع إلى المطعون ضدهم وبأن يؤدي إليهم ريعها في مدة النزاع تأسيساً على أنه يضع يده عليها بطريق الغصب دون أن - يعنى بتحقيق وتمحيص دفاعه بأنه مالك على الشيوع مع هؤلاء الأخيرين ولا يعد غاصباً، وكان استناد الحكم إلى تقرير الخبير المنتدب لا يصلح رداً لمواجهة هذا الدفاع الجوهري لما شاب التقرير من قصور حين وصم وضع يد الطاعن على أرض النزاع بالغصب بمقولة أن عقد شراء المطعون ضدهم المسجل رقم 300 لسنة 1982 الإسماعيلية انصب على حصة مفرزة تعادلها دون اعتبار لما تمسك به الأخير في دفاعه بملكيته لمساحة اثنين وعشرين قيراطاً على الشيوع بموجب العقد المسجل رقم 1616 لسنة 1983 الإسماعيلية في الأرض التي تشمل أرض النزاع طبقاً للثابت في العقد المسجل رقم 2362 لسنة 1946 مختلط الشرقية الذي يرتد إليه أصل ملكية الطرفين، ولإغفال الخبير بحث أصل الملكية الوارد في هذا العقد الأخير والتحقق من قيام حالة الشيوع أو انتهائها وبيان النتائج المترتبة على ذلك تمهيداً لتولي المحكمة إنزال حكم القانون عليها كما عاب تقرير الخبير التناقض إذ الثابت من الرجوع إليه أنه أورد أن الأرض المبيعة للطاعن بموجب العقد المسجل برقم 1616 لسنة 1983 الإسماعيلية تقع مشاعاً في مساحة ستة أفدنة وواحد وعشرين قيراطاً تشمل أرض النزاع المبيعة للمطعون ضدهم ومع ذلك فقد انتهى إلى أن الأرض المبيعة للطاعن بالعقد آنف الذكر لا شأن لها بالأرض محل النزاع. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالقصور في التسبيب الذي أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذه الأوجه دون حاجة لبحث بقية أوجه الطعن.