أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 628

جلسة 26 من فبراير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، خلف فتح الباب وحسام الدين الحناوي.

(109)
الطعن رقم 838 لسنة 52 القضائية

(1 - 3) إيجار "إيجار الأماكن، التأجير من الباطن، التأجير مفروش".
(1) التحسينات التي يضيفها المؤجر إلى العين وكل مزية جديدة يوليها للمستأجر حقه في إضافة ما يقابلها إلى الأجرة القانونية.
(2) الترخيص للمستأجر بالتأجير من الباطن ميزة جديدة جواز تقويمها وإضافة مقابلها للأجرة.
(3) حق المستأجر في تأجير شقته مفروشة في حالات معينة طبقاً للقانون المادتان 26، 27 ق 52 لسنة 69 المقابلتان للمادتين 39، 40 ق 49 لسنة 1977 - اختلافه عن الإذن له بالتأجير من الباطن عدم جواز إنزال الأحكام القانونية الخاصة بالتأجير مفروشاً على ميزة التأجير من الباطن.
(4) إيجار "إيجار الأماكن، التأجير من الباطن".
الإيجار من الباطن - حال التصريح به - نفاذه في حق المؤجر ومن يمثله أو من يخلفه دون حاجة لقبوله بقاء المستأجر الأصلي في العين أو مغادرته لها لا أثر له على امتداد الإجارة الأصلية واستمرارها.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" التنازل أو الترك محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر من سائل الواقع استقلال محكمة الموضوع بتقديره متى أقامت قضاؤها على أسباب سائغة.
1- من حق المؤجر أن يزيد على الأجرة المحددة وفقاً للأسس القانون قيمة ما يضيفه إلى العين المؤجرة من تحسينات جديدة ينتفع بها المستأجر ويعتبر في حكم التحسينات بهذا المعنى كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر.
2- الأصل في ظل القوانين الاستثنائية المنظمة للعلاقات بين المؤجرين والمستأجرين هو عدم جواز التأجير من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المالك ومن شأن تخويل المستأجر هذا الحق توسيع نطاق انتفاعه بالعين المؤجرة الأمر الذي يعتبر معه هذا الإذن ميزة جديدة تضاف قيمتها إلى الأجرة القانونية.
3- لا وجه للتماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشة بين الإذن له من المؤجر بتأجيرها من الباطن إذ بينما يستمد المستأجر حقه في التأجير مفروشاً من القانون وحده بما نصت عليه المادتان 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلتان للمادتين 39، 40 من القانون 49 لسنة 1977 وذلك بغير حاجة إلى إذن من المالك، لا يملك المستأجر التأجير من الباطن بوصفه استثناء من الأصل المقرر في هذين القانونين إلا بموافقة كتابية صريحة من المؤجر وفى حين تدخل المشرع في حالة التأجير مفروشاً فوضع له نظاماً محدداً بالنسبة للأشخاص الذين يجوز لهم تأجير الوحدات السكنية المفروشة لهم والمواسم التي يجوز التأجير فيها ومدتها والمناطق التي يباح فيها ذلك فإن القانون يضع على حرية المؤجر والمستأجر قيوداً في حالة التأجير من الباطن مما يجيز للمؤجر إطلاق حق المستأجر في ذلك بغير قيود كما أنه في حين حدد القانون الأجرة الإضافية المستحقة للمؤجر الأصلي في حالة التأجير مفروشاً وشروط استحقاقها ترك القانون للمتعاقدين حرية تقدير المقابل المستحق للمؤجر عما يخوله للمستأجر من ميزات جديدة وذلك في نطاق المشروعية حتى لا ينقلب اتفاقهما إلى سبيل للتحليل على الأحكام الآمرة بشأن تحديد الأجرة قانوناً.
4- المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإجارة من الباطن حال التصريح بها تنفذ في حق المؤجر أو من يمثله أو يخلفه دون حاجة لقبوله وأن بقاء المستأجر الأصلي في العين أو مبارحته لها ليس له من أثر على امتداد الإجارة الأصلية واستمرارها.
5- استخلاص ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو نفى ذلك هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 6402 لسنة 1978 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية على المطعون ضدهما بطلب الحكم بإلزام أولهما في مواجهة الثاني بإخلاء الشقة الموضحة بالصحيفة وتسليمها إليهم، وقالوا بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1957 أجر الطاعن الأول مورث الباقين للمطعون ضده الأول الشقة محل النزاع وبتاريخ 25/ 3/ 1968 تحرر ملحق لهذا العقد تضمن موافقة المؤجرين على التصريح للمستأجر بتأجير الشقة من الباطن مقابل زيادة الأجرة بواقع 50% وإذ صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 مقرراً زيادة هذه النسبة إلى 200% بالنظر إلى تاريخ بناء العين محل النزاع فقد طالبوا المستأجر بوفاء الأجرة على هذا النحو إلا أنه امتنع وتنازل عن الإجارة للمطعون ضده الثاني دون إذن كتابي منهم فأقاموا دعواهم بطلباتهم سالفة البيان. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وندبت خبيراً فيها ثم حكمت برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية برقم 76 لسنة 37 قضائية - وبتاريخ 16/ 1/ 1982 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنون في هذه الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بالأول منهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقولون أن البند الثامن من عقد الإيجار - ينص على أنه في حالة الموافقة على التأجير من الباطن يضاف إلى الأجرة الأساسية علاوة إضافية تساوي تلك المقررة للأماكن المؤجرة بقصد استغلالها مفروشة وقد وافقوا للمطعون ضده الأول على التأجير من الباطن مقابل زيادة الأجرة بواقع 50% لأن قوانين إيجار الأماكن وقت تحرير ملحق العقد لم تكن تحدد نسبة الزيادة على الأماكن المفروشة إلا أن تلك النسبة تحددت بعد ذلك بواقع 200% من الأجرة الأساسية بالنظر إلى تاريخ بناء العين محل النزاع طبقاً للمادة 45 ب من القانون رقم 49 لسنة 1977 مما يخولهم حق المطالبة بهذه النسبة سواء كان التأجير من الباطن قد ورد على الشقة محل النزاع مفروشة أو خالية لأن التصريح للمطعون ضده الأول بالتأجير من الباطن ينصرف إلى التأجير المفروش. إلا أن الحكم المطعون فيه لما يعرض لبحث دلالة البند الثامن من عقد الإيجار وذهب إلى أن نسبة الزيادة المقررة في المادة 45 من القانون سالف الذكر تقتصر على حالة التأجير المفروش.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من حق المؤجر أن يزيد على الأجرة المحددة وفقاً للأسس القانونية قيمة ما يضيفه إلى العين المؤجرة من تحسينات جديدة ينتفع بها المستأجر ويعتبر في حكم التحسينات بهذا المعنى كل ميزة جديدة يوليها للمستأجر، وكان الأصل في ظل القوانين الاستثنائية المنظمة للعلاقات بين المؤجر والمستأجر هو عدم جواز التأجير من الباطن إلا بإذن كتابي صريح من المالك، ومن شأن تخويل المستأجر هذا الحق توسيع نطاقه انتفاعه بالعين المؤجرة الأمر الذي يعتبر معه هذا الإذن ميزة جديدة تضاف قيمتها إلى الأجرة القانونية، وكان لا وجه للتماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشة بين الإذن له من المؤجر بتأجيرها من الباطن إذ بينما يستمد المستأجر حقه في التأجير مفروشاً من القانون وحده بما نصت عليه المادتان 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 المقابلتان للمادتين 39، 40 من القانون 49 لسنة 1977 وذلك بغير حاجة إلى إذن من المالك، لا يملك المستأجر التأجير من الباطن بوصفه استثناء من الأصل المقرر في هذين القانونين إلا بموافقة كتابية صريحة من المؤجر، وفى حين تدخل المشرع في حالة التأجير مفروشاً فوضع له نظاماً محدداً بالنسبة للأشخاص الذين يجوز لهم تأجير الوحدات السكنية المفروشة لهم، والمواسم التي يجوز التأجير فيها ومدتها والمناطق التي يباح فيها ذلك فإن القانون لم يضع على حرية المؤجر والمستأجر قيوداً في حالة التأجير من الباطن مما يجيز إطلاق حق المستأجر في ذلك بغير قيود كما أنه في حين حدد القانون الأجرة الإضافية المستحقة للمؤجر الأصلي في حالة التأجير مفروشاً وشروط استحقاقها ترك القانون للمتعاقدين حرية تقدير المقابل المستحق للمؤجر عما يخوله للمستأجر من ميزات جديدة وذلك في نطاق المشروعية حتى لا ينقلب اتفاقهما إلى سبيل للتحايل على الأحكام الآمرة بشأن تحديد الأجرة قانوناً لما كان ذلك وكان الثابت من محلق عقد إيجار العين محل النزاع المؤرخ 25/ 3/ 1968 أنه تضمن موافقة الطاعنين للمطعون ضده الأول على تأجير هذه العين من الباطن مقابل زيادة قدرها 50% من الأجرة الأساسية فإنه لا يسوغ إنزال الأحكام الخاصة بالتأجير مفروشاً على تلك الميزة المتفق عليها بين الطرفين. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأعمال اتفاق طرفي عقد الإيجار الوارد في ملحقه سالف الذكر فإن قضاءه يكون قد أصاب صحيح القانون وقام على ما يكفي لحمله، ولا عليه بعد ذلك إن هو لم يرد استقلالاً على دفاع الطاعنين بشأن أعمال البند الثامن من عقد الإيجار باعتبار أن ما ورد في ملحق هذا العقد هو الذي يحكم الواقعة محل النزاع ومن ثم يضحى النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفى بيان ذلك يقولون إنهم يقولون إنهم تمسكوا في دفاعهم بتنازل المطعون ضده الأول عن إجارة العين محل النزاع للمطعون ضده الثاني إذ تركها له نهائياً وأقام بمسكن آخر مخالفاً بذلك نصوص العقد وأحكام القانون وهو الأساس الثاني الذي استندوا إليه في طلب الإخلاء إلا أن الحكم المطعون فيه ومن قبله الحكم الابتدائي المؤيد به قد ردا على هذا الدفاع بقول غير سائغ ومشوب بالغموض وعدم الوضوح ويكشف عن الخلط بين التنازل عن الإجارة والتأجير من الباطن.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الإجارة من الباطن حال التصريح بها تنفذ في حق المؤجر أو من يمثله أو يخلفه لقبوله وأن بقاء المستأجر الأصلي في العين أو مبارحته لها ليس له من أثر على امتداد الإجارة الأصلية واستمرارها وكان استخلاص ترك المستأجر للعين المؤجرة أو تنازله عنها لآخر أو نفي ذلك هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بنفي واقعة التنازل عن الشقة محل النزاع على ما خلص إليه في حدود ما للمحكمة من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها أخذاً بما اطمأنت إليه من أقوال شاهدي المطعون ضده الأول وما انتهى إليه الخبير في تقديره من أن المطعون ضده الثاني قد استأجر العين محل النزاع خالية من باطن المطعون ضده الأول الذي تصرف في الحدود المخولة له بأحقيته في التأجير من الباطن عملاً بملحق عقد الإيجار المؤرخ 25/ 3/ 1968، وأنه ليس في الأوراق ما يوهن من قيام الإجارة الأصلية أو يؤثر على الإجارة من الباطن طالما حصلت هذه الإجارة على نحو سليم يجعلها نافذة في حق المؤجر أو من يمثله أو يخلفه دون حاجة لقبوله كما لا يؤثر عليها بقاء المستأجر الأصلي في العين أو مبارحته لها فليس لذلك من أثر على امتداد الإجارة الأصلية واستمرارها بما لا يستقيم معه القول بأن المستأجر الأصلي - المطعون ضده الأول قد تنازل عن العقد للمطعون ضده الثاني وكان ما استخلصه الحكم سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق ويكفي لحمل قضاءه في خصوص نفي واقعة التنازل المدعى بها فإن ما يثيره الطاعنون في هذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.