أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 516

جلسة 30 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

(99)
الطعن رقم 2424 لسنة 29 القضائية

تنظيم. البناء بدون رخصة: متى يعد الترخيص ممنوحاً بقوة القانون؟ الم 3 من القانون رقم 656 لسنة 1954.
قصور بيان أحكام الإدانة: عند عدم استظهار حقيقة تاريخ إقامة المبنى وما قام به المتهم من إجراءات الحصول على الرخصة.
1 - نظمت المادة الثالثة من القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني - طريقة استصدار الترخيص بإنشاء بناء أو إقامة أعمال مما نصت عليه المادة الأولى من القانون، ومؤدى هذا النص أن الترخيص لا يعد ممنوحاً للطالب بمقتضى القانون إلا إذا مضى على تقديم الطلب ومرفقاته ثلاثون يوماً متوالية أو مجزأة على فترتين في حالة إخطار السلطة القائمة على أعمال التنظيم للطالب بما يعن لها من تعديلات أو تصحيحات في الرسوم المقدمة وإعادة هذه الرسوم إليها وبشرط أن يمضي عشرة أيام من تاريخ إعلان الإنذار إليها من الطالب على يد محضر.
2 - إذا كان الحكم لم يستظهر حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وما قام به المتهم من إجراءات في الحدود التي رسمها القانون قبل مباشرة البناء، فإن ذلك يسمه بالقصور في البيان مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام البناء المبين بالمحضر بدون ترخيص وجعل ارتفاع البناء المبين بالمحضر أكثر من المقرر، وتعدى بروز البلكونة أكثر من 10% من عرض الطريق. وطلبت عقابه بالمواد 1 و14 و24 و30 من القانون رقم 656 لسنة 1954. ومحكمة الجنح الجزئية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم جنيهاً واحداً عن كل تهمة وأمرت بالإزالة بلا مصاريف جنائية. استأنف المتهم هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية أصدرت حكماً تمهيدياً بندب مكتب الخبراء الحكوميين لأداء المأمورية الواردة به، وبعد أن قدم تقريره قضت المحكمة حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه بلا مصاريف جنائية، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

... حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تأويل القانون وشابه قصور في التسبيب حين قضى بتبرئة المطعون ضده من تهمة إقامته بناءً بدون ترخيص اعتماداً على ما تضمنه تقرير مكتب الخبراء الحكوميين المقدم في الدعوى من تفسير خاطئ لنص المادة الثالثة من القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني مؤداه أن المدة التي يجب فيها على السلطة القائمة على أعمال التنظيم إخطار طالب الترخيص بالبناء بما يحول دون اعتماد الرخصة هي خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب فإذا مضى خمسة وعشرون يوماً دون إبداء رأيها كان من حق الطالب مباشرة البناء طالما أنه قد قام باتخاذ الإجراءات اللازمة من جانبه. وهذا الذي ذهب إليه الحكم يخالف التأويل الصحيح لحكم المادة المذكورة التي تعطي السلطة القائمة على أعمال التنظيم حق إبداء رأيها في خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب فإن رأت وجوب إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات المقدمة أعلنت الطالب بها بكتاب موصى عليه في خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ الطلب ويعتبر الترخيص ممنوحاً إذا لم يصدر قرار في خلال المدد المذكورة متى مضت عشرة أيام من تاريخ إعلان إنذار الطالب للسلطة المذكورة على يد محضر دون أن تبدي رأيها. ومؤدى ما تقدم أنه يكون لهذه السلطة أن تبدي رأيها في خلال أربعين يوماً من تاريخ تقديم الطلب إذا اتبع الطالب الإجراءات التي رسمها القانون - لا خمسة وعشرين يوماً كما ورد بتقرير مكتب الخبراء الذي اعتمده الحكم. كما أن الحكم لم يستظهر حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وهل تم قبل صدوره القانون رقم 656 لسنة 1954 أو بعده ومدى ما روعي من إجراءات ومواعيد لاعتبار الترخيص ممنوحاً بقوة القانون قبل مباشرة أعمال البناء، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الدعوى الجنائية أقيمت على المطعون ضده لأنه في يوم 9 أكتوبر سنة 1956 بدائرة مركز مغاغة 1 - أقام البناء المبين بالمحضر بدون ترخيص. 2 - جعل ارتفاع البناء المذكور أكثر من المقرر. 3 - تعدى بروز "البلكونة" أكثر من 10% من عرض الطريق. وطلبت النيابة العامة عقابه بالمواد 1 و14 و24 و30 من القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني، ومحكمة جنح مغاغة الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 11 إبريل سنة 1957 عملاً بمواد الاتهام، بتغريم المتهم جنيهاً عن كل تهمة وأمرت بالإزالة، فاستأنف هذا الحكم، ومحكمة المنيا الابتدائية قضت بهيئة استئنافية بتاريخ 23 أكتوبر سنة 1957 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الخبراء الحكوميين بالقاهرة لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبجلسة 4 ديسمبر سنة 1957 استبدلت مكتب الخبراء الحكوميين بأسيوط بمكتب خبراء القاهرة لمباشرة تلك المأمورية. وبجلسة 14 يناير سنة 1959 قضت المحكمة حضورياً في الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه، واستند الحكم في قضائه هذا إلى قوله: "ومن حيث إن مكتب الخبراء باشر مأموريته وقدم تقريره الذي اطلعت عليه المحكمة والذي خلص فيه أولاً إلى أنه بتحقيق أن المتهم قد قام بالأعمال موضوع الاتهام بدون رخصة مما يخالف القانون فقد اتضح أنه قام قبل تنفيذ الأعمال موضوع المخالفة بتقديم طلب الرخصة والرسومات الملحقة المطابقة للتنفيذ والمطلوبة في القانون في هذا البند إلا أنه لم يثبت أن هناك ما يحول دون اعتماد الرخصة ولم يخطر بها في ظرف الخمسة عشر يوماً التي حددها القانون الأمر الذي دعا المتهم إلى إقامة البناء ويتيح له القانون العمل بذلك طالما أنه قام باتخاذ الإجراءات اللازمة من جانبه ولم يتلق رداً حتى خمسة وعشرين يوماً" لما كان ذلك، وكان ما تنعاه النيابة على الحكم المطعون فيه صحيحاً، ذلك أن الأصل وفقاً للقانون رقم 656 لسنة 1954 في شأن تنظيم المباني أنه لا يجوز لأحد أن ينشئ بناء أو يقيم أعمالاً مما نصت عليه المادة الأولى من القانون إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة القائمة على أعمال التنظيم، وقد نظمت المادة الثالثة طريقة استصدار الترخيص متى ثبت أن مشروع البناء أو الأعمال المطلوب إقامتها مطابقاً للشروط المنصوص عليها في القانون والقرارات المنفذة له فنصت على أن: "يقدم طلب الحصول على الترخيص من المالك أو من ينوب عنه مصحوباً به الرسومات والمستندات والبيانات التي تحدد بقرار من وزير الشئون البلدية والقروية على أن تكون الرسومات موقعاً عليها من مهندس نقابي - وعلى السلطة القائمة على أعمال التنظيم أن تبت في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب - فإذا رأت وجوب عمل تعديلات أو تصحيحات في الرسومات المقدمة أعلنت الطالب بها بكتاب موصى عليه خلال مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب على أن يبت في طلب الترخيص خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الرسومات المعدلة - ويعتبر الترخيص ممنوحاً إذا لم يصدر قرار خلال المدد المبينة في الفقرة السابقة ومضت عشرة أيام من تاريخ إعلان الإنذار على يد محضر دون أن تبدي السلطة القائمة على أعمال التنظيم رأيها في منح الترخيص من عدمه". ومؤدى ذلك أن الترخيص لا يعد ممنوحاً للطالب بمقتضى القانون إلا إذا مضى على تقديم الطلب ومرفقاته ثلاثين يوماً متوالية، أو مجزئاً على فترتين في حالة إخطار السلطة القائمة على أعمال التنظيم للطالب بما يعن لها من تعديلات أو تصحيحات في الرسومات المقدمة وإعادة هذه الرسومات إليها - وبشرط أن يمضي عشرة أيام من تاريخ إعلان الإنذار إليها الذي يقوم به الطالب على يد محضر دون أن تبدي رأيها في خلال تلك المدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه فضلاً عن أنه قد بني على تفسير خاطئ لحكم المادة الثالثة من القانون رقم 656 لسنة 1954، فإنه لم يستظهر حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وما قام به المطعون ضده من إجراءات في الحدود التي رسمها القانون قبل مباشرة البناء مما يسمه بالقصور في البيان، ويعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة مما يتعين معه مع نقض الحكم الإحالة.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه فيما قضى به في التهمة الأولى والإحالة.