أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 40 - صـ 701

جلسة 5 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمد فؤاد شرباش نائب رئيس المحكمة، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وخلف فتح الباب.

(123)
الطعن رقم 1223 لسنة 52 القضائية

(1) إعلان "إعلان أوراق المحضرين". بطلان.
خلو الورقة المقول بأنها صورة إعلان من أية كتابة محررة بخط المحضر. عدم صلاحيتها للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصلية من الإعلان. اشتمال الأصل على جميع البيانات. لا بطلان.
(2، 3) إثبات. محكمة الموضوع. حكم. "تسبيبه". نقض "السبب غير المنتج".
(2) إنكار التوقيع على المحرر العرفي. عدم التزم قاضي الموضوع بإجراء تحقيق متى وجد في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لتكوين عقيدته في شأن صحة الخط أو الإمضاء أو الختم. كفاية أن يبين في حكمه الظروف والقرائن التي استبان منها ذلك.
(3) استخلاص توافر الصفة في الدعوى. واقع استقلال قاضي الموضوع به. متى أقام قضائه على أسباب سائغة.
(4) حكم "تسبيبه". نقض "السبب غير منتج".
إقامة الحكم على دعامتين. كفاية إحداهما لحمل قضائه - تسبيبه في الأخرى - غير منتج.
(5) مسئولية "مسئولية عقدية" "أسباب دفع المسئولية". "السبب الأجنبي".
عدم تنفيذ المدين التزامه التعاقدي - أو التأخير في تنفيذه - خطأ تقوم به مسئوليته التي يدرأها إلا إثباته قيام السبب الأجنبي.
(6) إثبات "عبء الإثبات" تعويض. عقد - مسئولية.
تحقق الشرط الجزائي – أثره. افتراض وقوع الضرر. م 224 مدني نفي ذلك أو إثبات أن التعويض مبالغ فيه وقوع عبء إثباته على المدين.
(7) حكم "عيوب التدليل". "التناقض".
التناقض المفسد للحكم. ماهيته.
(8) دعوى "الدفاع في الدعوى".
الدفاع الذي تلزم المحكمة بالرد عليه، وجوب أن يكون صريحاً جازماً كاشفاً عن المقصود منه.
(9) محكمة الموضوع "تقدير الأدلة". حكم "تسبيب الحكم".
قاضي الموضوع غير ملزم بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم ما دام أن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها.
(10) نقض "أسباب الطعن". "السبب المجهول".
أسباب الطعن بالنقض - وجوب تعريفها تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة - عدم بيان سبب النعي بياناً دقيقاً - نعي مجهل غير مقبول.
1- المقرر في قضاء هذه أن المحكمة أنه إذا كانت الورقة المقول بأنها صورة إعلان قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها إذ جاءت مجردة من أية كتابه محررة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان فإنه لا تثريب على المحكمة في عدم التعويل عليها في أنها هي الصورة التي سلمت فعلاً ما دام الثابت من أصل ورقة الإعلان اشتمالها على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحتها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف على ما قرره من أن الورقة المقول بأنها صورة إعلان التعجيل قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها إلى المعلن إليهما إذ جاءت مجردة من أي كتابة سوى تاريخ الإعلان المختلف عن الموجود بالأصل بخط يد المحضر يمكن أن يتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان فإن المحكمة لا تعول على هذه الورقة من أنها الصورة التي سلمت فعلاً للمعلن إليهما إذ بين من أصل ورقة إعلان التعجيل اشتمالها على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحته وأنه تم إعلانها في الميعاد. وكان ما أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
2- المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قاضي الموضوع على ما يستفاد من المادة 30 من قانون الإثبات غير ملزم في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليه بالجهالة بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة بل أن له إذا رأي في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور صحيح أن يرد على المنكر إنكاره وعلى مدعي الجهالة ادعاءه وبأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق وكل ما يتطلبه القانون في هذه الحالة أن يبين في حكمه الظروف والقرائن التي استبان منها ذلك ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان استنباطه سائغاً.
3- المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله.
4- إذا كان بين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتمكين ورثة المستأجر - المطعون ضدهم - من دكان بالعقار الجديد على دعامتين أولاهما العقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 الذي التزم بموجبة الطاعن الأول بهذا التمكين والثانية أحكام المادتين 49، 54 من القانون 49 لسنة 1977 وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين وكان يصح بناءه على إحداها فإن تعيبه في الدعامة الأخرى لا يؤثر فيه ولما كانت الدعامة الأولى كافية لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه في الدعامة الثانية على فرض صحته يكون غير منتج ومن ثم فهو غير مقبول.
5- المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا إذا أثبت هو أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يدله فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو من المتعاقد الآخر.
6- مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني الخاص بالتعويض الاتفاقي هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه متى وجد شرط جزائي في العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الأول - بالتعويض الاتفاقي عن التأخير في تنفيذ التزامه بتسليم مورث المطعون ضدهم العين محل النزاع وفقاً للعقد المبرم بينهما في 1/ 12/ 1977 على سند من تعمده بالاشتراك مع ابنة الطاعن الثاني تغيير معالم العين بعد إعادة بنائها سعياً إلى حرمان المستأجر من الحصول على وحدة مماثلة لتلك التي كان يستأجرها وعدم تقديمه الدليل على انتفاء الضرر أو قيام سبب أجنبي حال دون تنفيذ التزامه على النحو المتفق عليه وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه فإن النعي عليه في ذلك يكون على غير أساس.
7- التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه.
8- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلب أو الدفاع الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه هو الذي يقدم إليها في صيغة صريحة وجازمة تدل على تصميم صاحبه عليه.
9- المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع غير ملزم بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وطلباتهم وحججهم والرد استقلالاً. على كل قول أو حجه أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها.
10- المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 253 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً أنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان غير مقبول - لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يفصحا عن العيب الذي يعزواه إلى الحكم وموضوعه منه وأثره في قضائه فإن النعي يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعن الأول الدعوى رقم 2756 لسنة 1978 أمام محكمة الزقازيق الابتدائية بطلب الحكم بتمكينه من دكان في المبنى الجديد الموضح بالعقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 وإلزامه بتعويض قدره 4000 جنيه. وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 8/ 1942 استأجر من الطاعن الأول، دكاناً بأجرة شهرية قدرها أربعون قرشاً وبتاريخ 1/ 12/ 1977 اتفق معه على أن يسلمه العين المؤجرة لهدمها وإعادة بنائها على أن يسلمه دكاناً مماثلاً بذات المبنى خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الاتفاق مع إلزامه بتعويض قدره 2000 جنيهاً أن تأخر عن التسليم وتخلفه عن الوفاء بالتزامه رغم إتمام المباني وإنذاره فقد أقام دعواه بطلبه سالف البيان. تدخل الطاعن الثاني منضماً للطاعن الأول في طلب الحكم برفض الدعوى على سند من أنه أصبح المالك الجديد للعين محل النزاع. حكمت المحكمة بقبول تدخله وبندب خبير قدم تقريره. ثم حكمت في موضوع التدخل برفضه وبإلزام الطاعن الأول بتعويض قدره 2000 جنيه. استأنف الطاعنان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة برقم 384 لسنة 24 قضائية. كما استأنفه المطعون ضدهم أمام ذات المحكمة برقم 386 لسنة 24 قضائية، وبتاريخ 21/ 2/ 1982 قضت المحكمة برفض الاستئناف الأول وفى الاستئناف الثاني بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التمكين وبتمكين المطعون ضدهم من وحدة مناسبة في المبنى الجديد الموضح بتقرير الخبير بنفس المساحة والأمتار المبينة بالإقرار المؤرخ 1/ 12/ 1977. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله. وفى بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف ذلك أن محكمة أول درجة كانت قد قضت بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لوفاة مورث المطعون ضدهم وقد قام الأخيرون بتعجيلها بصحيفة أعلنت للطاعن الأول دون أن تشتمل على البيانات المشار إليها بالمادة التاسعة من قانون المرافعات ولم يقوموا بتصحيحها خلال سنة من تاريخ الانقطاع ومن ثم تكون الدعوى قد سقطت واعتبرت كأن لم تكن وفقاً لنص المادة 134 من القانون المشار إليه، إلا أن الحكم ذهب دون سند إلى القول بأن تلك الورقة قد خلت مما يدل على أنها ذات الورقة التي قام المحضر بتسليمها للمعلن إليه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كانت الورقة المقول بأنها صورة إعلان - قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها إذ جاءت مجردة من أية كتابة محررة بخط يد المحضر يمكن أن تتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان فإنه لا تثريب على المحكمة في عدم التعويل عليها في أنها هي الصورة التي سلمت فعلاً ما دام الثابت من أصل ورقة الإعلان اشتمالها على جميع البيانات التي يستوجبها القانون لصحتها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع ببطلان الحكم المستأنف على ما قرره من أن "الورقة المقول بأنها صورة إعلان التعجيل قد خلت مما يشير إلى أنها هي التي قام المحضر بتسليمها إلى المعلن إليهما إذا جاءت مجردة من أي كتابة سوى تاريخ الإعلان المختلف عن الموجود بالأصل - بخط يد المحضر يمكن أن يتخذ أساساً للبحث فيما إذا كانت هي صورة أصل الإعلان فإن المحكمة لا تعول على هذه الورقة من أنها الصورة التي سلمت فعلاً للمعلن إليهما إذ بين من أصل ورقة إعلان التعجيل اشتمالها على جميع البيانات التي يستوجب القانون لصحته وأنه تم إعلانها في الميعاد. وكان ما أورده الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال. وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم رفض الدفع بإنكار الطاعن الأول لتوقيعه على الإقرار المؤرخ 1/ 12/ 1977 على سند من أنه لم يطعن عليه بالتزوير ولم يتخذ سبيل إثباته وأن المحكمة تطمئن إلى صحة صدوره منه لما استبان لها بعد إجرائها المضاهاة من صحة توقيع ابنه الطاعن الثاني كشاهد عليه بينما كان على المحكمة أن تحيل الدعوى إلى التحقيق وتلقي على عاتق المتمسك بهذا الإقرار عبء إثبات صحته لا أن تستخلص هذه الصحة من سلامة توقيع الشاهد عليه والتي استدلت عليها من المضاهاة التي أجرتها بالعين المجردة دون أن تستعين بأهل الخبرة.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة. أن قاضي الموضوع على ما يستفاد من المادة 30 من قانون الإثبات غير ملزم في حالة إنكار التوقيع على الورقة العرفية من المنسوب إليه التوقيع أو إنكار خلفه ذلك أو طعنه عليه بالجهالة بإجراء التحقيق المشار إليه في هذه المادة، بل أن له إذا رأى في وقائع الدعوى ومستنداتها ما يكفي لاقتناعه بأن التوقيع المذكور صحيح أن يرد على المنكر إنكاره وعلى مدعي الجهالة ادعاءه ويأخذ بالورقة من غير إجراء هذا التحقيق وكل ما يتطلبه القانون في هذه الحالة أن يبين في حكمه الظروف والقرائن التي استبان منها ذلك ولا شأن لمحكمة النقض فيما يستنبطه من هذه القرائن متى كان استنباطه سائغاً، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بصحة الإقرار المؤرخ 1/ 12/ 1977 على ما قرره من "أن المحكمة تطمئن إلى صدور الإقرار المؤرخ 1/ 12/ 1977 من موقعه المالك - الطاعن الأول - وتطرح قوله بإنكاره وذلك لصدوره منه كمقر وابنه الطاعن الثاني كشاهد عليه ولمطابقة توقيع الأخير على توقيعاته بالعقود الأخرى ولا يعقل أن يشهد الابن على توقيع غير صادر عن أبيه في إقرار صادر لمصلحة كل منهما وهو العمل على إخراج المستأجر من المحل المؤجر لهدمه وإعادة بنائه" وكانت القرائن التي أوردها الحكم واستنبط منها صدور الإقرار من مذكرة - الطاعن الأول - متساندة وتؤدي في مجموعها إلى النتيجة التي انتهى إليها وكون منها عقيدته فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم قضى برفع الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة استناداً إلى أن الطاعن الأول هو مالك العقار ومؤجره الذي اتفق مع المستأجر - مورث المطعون ضدهم - على تسليمه وحده في المبنى الجديد واستخراج ترخيص البناء باسمه والطاعن الثاني وأنهما سواء في حكم القانون. وفات الحكم أن الطاعن الأول كان غير مالك للعقار وقت إبرام الاتفاق المؤرخ 1/ 12/ 1977 إذ كانت ملكيته قد انتقلت إلى الطاعن الثاني بشهره صحيفتي دعويين صحة ونفاذ عقدي شرائهما من والده - الطاعن الأول - في 20، 19/ 6/ 1978. هذا فضلاً عن أنه يترتب على إزالة المبنى إنهاء عقد الإيجار الصادر لصالح مورث المطعون ضدهم وأنه بفرض صحة الاتفاق المشار إليه فإنه لا يتضمن سوى قصد بالتأجير لا يلزم المالك الجديد إلا بقبوله وهو ما خلت منه الأوراق.
وحيث عن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها يستقل به قاضي الموضوع وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على أن الطاعن الأول بوصفه مالكاً ومؤجراً هو الذي اتفق مع مورث المطعون ضدهم على تسليمه وحدة في المبنى الجديد بموجب الإقرار الموقع عليه منه ومن ابنه بصفته شاهداً في تاريخ لاحق لعقد شراء هذا الأخير وأن رخصة البناء استخرجت باسم الطاعنين مما يدل على اتفاقهما على الهدم والبناء وأن الطاعن الأول يؤخذ بإقراره وأن مهمة الخبير لم تكن من بينها التحقق فيمن له ملكيه العقار. وكان هذا الذي قرره الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم أقام قضاءه بتمكين المطعون ضدهم من دكان بالعقار الجديد على سند من نص المادتين 52، 54 الواردتين ضمن مواد الفصل الأول من الباب الثاني من القانون رقم 49 لسنة 1977 الخاص بهدم المباني غير السكنية لإعادة بنائها بشكل أوسع. في حين أن أحكام هذا الفصل لا تنطبق على واقعة النزاع لأن الثابت من تقرير الخبير والمستندات المقدمة في الدعوى أن العقار تم هدمة لأيلولته للسقوط إعمالاً لقرار صادر بذلك من الجهة المختصة ومن ثم تنطبق عليه أحكام الفصل الثاني من ذلك الباب والتي خلت من نص يبيح للمستأجر العودة لشغل وحدة بالعقار الجديد في حالة هدم المنشآت الآيلة للسقوط. كما أنه بفرض صحة اتفاق الطاعن الأول ومورث المطعون ضدهم على تمكينه من شغل هذه الوحدة فإن هذا الاتفاق غير ملزم للطاعن الثاني.
وحيث إن هذا النعي بهذا الوجه مردود، ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بتمكين ورثة المستأجر - المطعون ضدهم - من دكان بالعقار الجديد على دعامتين أولاهما العقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 الذي التزم بموجبه الطاعن الأول بهذا التمكين والثانية أحكام المادتين 49، 54 من القانون رقم 49 لسنة 1977 وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامتين وكان يصح بناءه على إحداها فإن تعييبه في الدعامة الأخرى لا يؤثر فيه. ولما كانت الدعامة الأولى كافية لحمل قضاء الحكم فإن النعي عليه في الدعامة الثانية على فرض صحته يكون غير منتج ومن ثم فهو غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الرابع والوجه الأول من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفى بيان ذلك يقولان أن المطعون ضدهم لم يوجهوا للطاعن الثاني طلب التمكين والتعويض إلا أمام محكمة الاستئناف وبعد أن قضى برفض تدخله أمام محكمة أول درجة فيعد بالنسبة له طلب جديداً مما لا يجوز إبداؤه أمامها فكان يتعين القضاء بعدم قبوله إعمالاً لنص المادة 235 من قانون المرافعات. هذا إلى أنه لم يكن طرفاً في العقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 الذي أقام عليه الحكم قضاءه بالتعويض.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أن الثابت من الأوراق أن مورث المطعون ضدهم وجه إلى الطاعن الثاني طلباته بالجلسة بعد تدخله في الدعوى أمام محكمة أول درجة. كما أعلنه بها المطعون ضدهم بصحيفة تعجيل الدعوى من الانقطاع ونازعهم فيها أمام تلك المحكمة. لما كان ذلك وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه اقتصر في قضائه بالتعويض على إلزام الطاعن الأول وحده فإن النعي بشقيه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الخامس وبالسبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأنه لم يلحق بمورث المطعون ضدهم أي ضرر نتيجة عدم تسلمه الدكان محل النزاع إذ يبين من تقرير الخبير المقدم في الدعوى أنه استأجر دكاناً آخر باشر فيه ذات الحرفة دون أن يلحق بتجارته ضرر وطلبا إثباتاً لذلك تكليف الخبير بالاطلاع بمصلحة الضرائب على مدى نشاطه التجاري فيه. كما تمسكا أن ضرراً لم يلحق المطعون ضدهم لأن أياً منهم لم يكن يمارس الحرفة التي كان يزاولها مورثهم بالعين محل النزاع، هذا إلى أنه مع التسليم جدلاً بوقوع مثل هذا الضرر فإنه لا يد للطاعن الأول فيه لأن هدم العين محل النزاع كان نتيجة. سبب أجنبي هو صدور قرار إداري بإزالة المبنى الذي آلت ملكيته من بعد إلى الطاعن الثاني. إلا أن الحكم افترض توافر أركان المسئولية جميعاً دون أن يحقق هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن عدم تنفيذ المدين لالتزامه التعاقدي أو التأخير في تنفيذه يعتبر في ذاته خطأ يرتب مسئوليته التي لا يدرأها عنه إلا إذا أثبت هو أن عدم التنفيذ يرجع إلى سبب أجنبي لا يد له فيه كحادث فجائي أو قوة قاهرة أو خطأ من الغير أو من المتعاقد الآخر. كما أن مؤدى حكم المادة 224 من القانون المدني الخاص بالتعويض الاتفاقي هو وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه متى وجد شرط جزائي في العقد فإن تحقق مثل هذا الشرط يجعل الضرر واقعاً في تقدير المتعاقدين فلا يكلف الدائن بإثباته وإنما يقع على المدين عبء إثبات أن الضرر لم يقع أو أن التعويض مبالغ فيه إلى درجة كبيرة. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن الأول بالتعويض الاتفاقي عن التأخير في تنفيذ التزامه بتسليم مورث المطعون ضدهم العين محل النزاع وفقاً للعقد المبرم بينهما في 1/ 12/ 1977 على سند من تعمده بالاشتراك مع ابنه الطاعن الثاني تغيير معالم العين بعد إعادة بنائها سعياً إلى حرمان المستأجر من الحصول على وحدة مماثلة لتلك التي كان يستأجرها وعدم تقديمه الدليل على انتفاء الضرر أو قيام سبب أجنبي حال دون تنفيذ التزامه على النحو المتفق عليه وكان هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه سائغاً ومقبولاً وله أصله الثابت بالأوراق وكاف لحمل قضائه فإن النعي عليه في ذلك يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب السابع على الحكم المطعون فيه التناقض في الأسباب والفساد في الاستدلال وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم ذهب في قضائه إلى أن التعويض المقضي به هو تعويض اتفاقي يحكمه نص المادة 224 من القانون المدني ثم تطرق إلى التعويض المنصوص عليه في المادة 54 من القانون رقم 49 لسنة 1977 رغم اختلاف السبب في كل منهما واختلاف أحكامه ودواعيه كما ألزم الحكم الطاعن الثاني بهذا التعويض بافتراض مشاركته الطاعن الأول وقصور قيام الخلافة بينهما مع أن الأوراق قاطعة في أن الطاعن الثاني هو مالك المبنى الجديد الذي قام بتشييده ولا يوجد عقد إيجار هو خلف فيه.
وحيث إن النعي بهذا الوجه مردود، ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم ويفسده هو الذي تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضت المحكمة بما قضت به في منطوقه. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه انتهى صحيحاً إلى إلزام الطاعن الأول بالتعويض الاتفاقي على سند من نص المادة 224 من القانون المدني ولا ينال منه ما استطرد إليه بالإشارة إلى التعويض المنصوص عليه بالمادة 54 من القانون رقم 49 لسنة 1977 باعتباره تقريراً قانونياً زائداً عن حاجة الدعوى ويقوم الحكم بدونه ومن ثم يضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب السابع على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن عقد إيجار العين محل النزاع روعيت فيه حرفة المستأجر وإذ لم يكن أحداً من ورثته شريكاً في عمله فإن العقد يعتبر منتهياً بوفاته إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع رغم جوهريته.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطلب أو الدفاع الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه هو الذي يقدم إليها في صيغة صريحة جازمة تدل على تصميم صاحبه عليه. لما كان ذلك وكان ما أثاره الطاعنان من دفاع في هذا الشأن قد جاء مرسلاً. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قاضي الموضوع غير ملزم بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وطلباتهم وحججهم والرد استقلالاً على كل قول أو حجه أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها الرد الضمني المسقط لما عداها. وكان الحكم قد انتهى صحيحاً على النحو المتقدم إلى تمكين المطعون ضدهم من العين محل النزاع وتعويضهم عن تأخر الطاعن الأول في تنفيذ هذا الالتزام على سند من العقد المؤرخ 1/ 12/ 1977 فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب السابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق: وفى بيان ذلك يقولان أن الحكم أهدر ما ردده الطاعنان من عدم قيام مورث المطعون ضدهم بالإجراءات الخاصة بأسبقية شغل مستأجري العقار المهدوم تنفيذاً لقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 بمقولة أن الطاعنين لم يدعيا ذلك.
وحيث إن النعي بهذا الوجه غير مقبول ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المادة 253 من قانون المرافعات أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلاً أنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً وافياً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها وجه العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدي به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً وإلا كان غير مقبول. لما كان ذلك وكان الطاعنان لم يفصحا عن العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضوعه منه وأثره في قضائه فإن النعي يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.