أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 574

جلسة 14 من يونيو سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعادل يونس، ورشاد القدسي المستشارين.

(109)
الطعن رقم 1816 لسنة 29 القضائية [(1)]

تنظيم. أعمال الترميم والتدعيم في حكم المادة 13 من ق 656 لسنة 1954: ماهية كل منهما.
1 - يتضح من استعراض نص المادتين الأولى والثالثة عشر من القانون رقم 656 لسنة 1954 - في شأن تنظيم المباني - أن أعمال البناء والتعلية والتدعيم تستلزم الحصول على ترخيص لإجرائها، وهي محظورة من وقت اعتماد خط التنظيم في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم - فيما عدا أعمال الترميم لإزالة الخلل وأعمال البياض.
2 - أعمال الترميم في حكم المادة الثالثة عشر من القانون رقم 656 لسنة 1954 لا تجاوز ما يرد على المبنى من إصلاحات تقتضيها الضرورة لإزالة ما يعتوره من خلل - وهي لا تعني القيام بإنشاءات جديدة - كما أنها تختلف عن أعمال التدعيم التي يقصد بها تقوية البناء - لأن الشارع أراد بقاء المباني الواقعة خارج خطوط التنظيم على حالها حتى تزول، فلا يجوز تقويتها أو تعليتها أو إعادة بنائها حتى لا تزيد قيمتها فتضار الخزينة العامة تبعاً لهذه الزيادة - فإذا كان مفاد ما أثبته مهندس التنظيم في محضره أن ما قام به المتهم لم يكن ترميماً لإزالة خلل بواجهة مبنى بارز عن خط التنظيم وإنما كان هدماً وإعادة بناء مما يدخل في نطاق الأعمال المحظورة طبقاً لنص المادتين الأولى والثالثة عشر من قانون تنظيم المباني، فإن الحكم إذ قضى باعتبار هذه الأعمال من أعمال الترميم المباح القيام بها يكون مخطئاً في تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالنسبة لعقوبة الهدم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أجرى أعمال بناء وترميم في واجهة البناء المبينة بالمحضر والخارجة من خط التنظيم. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و13 و30 و33 من القانون رقم 656 لسنة 1954. والمحكمة الجزئية قضت حضورياً بتغريم المتهم 100 قرش وسداد الرسم المستحق عن الرخصة. فاستأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت غيابياً بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لعقوبة الغرامة المقضي بها وإلغائه بالنسبة لإلزام المتهم بسداد رسوم الرخصة وهدم الأعمال المخالفة بلا مصاريف جنائية. فعارض المتهم في هذا الحكم الغيابي، وقضي في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه بالنسبة لعقوبة الغرامة وتعديله بالنسبة للعقوبة التبعية بقصر الهدم على دروة السطوح في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم بلا مصاريف جنائية. فقررت النيابة العامة الطعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

.... حيث إن مبنى الطعن المقدم من النيابة العامة هو الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى الحكم المطعون فيه بقصر عقوبة الهدم على بعض المباني التي أقيمت خارج التنظيم ولم يجعلها شاملة لكل المباني الخارجة عنه على اعتبار أن ما قام به المحكوم عليه هو من قبيل أعمال الترميم المباحة طبقاً للفقرة الأخيرة من المادة 13 من القانون رقم 656 لسنة 1954 - في حين أن ما قام به المحكوم عليه ليس إلا بناءً جديداً بارزاً عن خط التنظيم بدون ترخيص، ولا يعتبر من أعمال التقوية والترميم - مما كان يقتضي أن يشمل الهدم كل أعمال البناء التي قام بها المحكوم عليه خارج خط التنظيم.
وحيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على المتهم المطعون ضده بوصف أنه في 11/ 12/ 1955 بدائرة بندر المحلة الكبرى أجرى أعمال بناء وترميم في واجهة البناء المبينة بالمحضر والخارجة عن خط التنظيم بدون ترخيص، وقضت محكمة أول درجة بتغريم المتهم مائة قرش وسداد الرسم المستحق عن الرخصة، فاستأنفت النيابة، وقضي غيابياً بإجماع الآراء بتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للغرامة وإلغائه بالنسبة لسداد رسوم الرخصة والحكم بهدم الأعمال المخالفة. فعارض المتهم وقضي في المعارضة بإجماع الآراء بتأييد الحكم المعارض فيه بالنسبة لعقوبة الغرامة وتعديله بالنسبة للعقوبة التبعية وقصر الهدم على دروة السطوح في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم وجاء في الأسباب: "وحيث إن دفاع المتهم انحصر في أنه يجوز له قانوناً تدعيم ملكه طالما أن البلدية لم تستصدر مرسوماً بنزع ملكية الجزء البارز عن خط التنظيم فضلاً عن أنه لا يجوز الحكم بالإزالة عملاً بأحكام القانون رقم 259 لسنة 1956. وحيث إنه بتصفح أحكام القانون رقم 656 لسنة 1954 في شأنه تنظيم المباني يبين أنه نص في المادة الأولى منه على أنه: (لا يجوز لأحد أن ينشىء بناء أو يقيم أعمالاً أو يوسعها أو يعليها أو يعدل فيها أو يدعمها أو يهدمها، كما لا يجوز تغطية واجهات المباني القائمة بالبياض وخلافه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من السلطة القائمة على أعمال التنظيم). كما جرت المادة الثالثة عشر منه على أنه (يصدر باعتماد خطوط التنظيم للشوارع قرار من وزير الشئون البلدية والقروية ومع عدم الإخلال بأحكام قانون نزع الملكية يحظر من وقت صدور هذا القرار إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم ويعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً - أما أعمال الترميم لإزالة الخلل وأعمال البياض فيجوز القيام بها) - وحيث إن المستفاد من النصين السابقين أنه بمجرد صدور قرار باعتماد خط التنظيم يحظر على صاحب الشأن إنشاء مبان أو تعليتها في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم - أما أعمال الترميم لإزالة الخلل فيجوز القيام بها. ومما لا شك فيه أن تدعيم البناء ما هو إلا عمل من أعمال الترميم لإزالة الخلل إذ المفهوم من كلمة تدعيم هو التقوية - والبناء لا يحتاج إلى التقوية إلا في حالة إصابته بخلل فيقوم صاحبه بإزالة هذا الخلل عن طريق ترميمه أو تدعيمه، إذ الترميم والتدعيم كلمتان مترادفتان في صدد ذلك النص - وإلا لكان الشارع قد نص في المادة الأولى من القانون المطبق على كلمة الترميم ضمن الأعمال التي لا يجوز القيام بها إلا بترخيص من السلطة القائمة على أعمال التنظيم. وحيث إنه متى كان الأمر كذالك، وكان الثابت من محضر ضبط الواقعة أن المتهم قام بتدعيم منزله بإزالة كتف شباك الحجرة من جهة الشرق لإزالة ما أصاب المبنى من خلل، فإنه لا يكون قد خالف أحكام المادة الثالثة عشر من القانون المطبق. أما عن إنشائه دروة السطوح فهو من قبيل أعمال التعلية المحظور عليه القيام بها في الأجزاء الخارجة عن خط التنظيم". وما قاله الحكم من ذلك غير سديد في القانون، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 656 لسنة 1954 جرى نصها على أنه: "لا يجوز لأحد أن ينشىء بناء أو يقيم أعمالاً أو يوسعها أو يعليها أو يعدل فيها أو يدعمها أو يهدمها... إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة القائمة على أعمال التنظيم" - كما تنص المادة 13 من ذلك القانون على أنه في حالة صدور قرار من وزير الشئون البلدية والقروية باعتماد خط التنظيم يحظر من وقت صدوره إجراء أعمال البناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم ويعوض أصحاب الشأن تعويضاً عادلاً - أما أعمال الترميم لإزالة الخلل وأعمال البياض فيجوز القيام بها - ويتضح من استعراض هذين النصين أن أعمال البناء والتعلية والتدعيم تستلزم الحصول على ترخيص لإجرائها وهي محظورة من وقت اعتماد خط التنظيم في الأجزاء البارزة عن خط التنظيم - فيما عدا أعمال الترميم لإزالة الخلل وأعمال البياض - وأعمال الترميم في حكم المادة الثالثة عشر لا تجاوز ما يرد على المبنى من إصلاحات تقتضيها الضرورة لإزالة ما يعتوره من خلل - وهي لا تعني القيام بإنشاءات جديدة، كما أنها تختلف عن أعمال التدعيم التي يقصد بها تقوية البناء، لأن الشارع أراد بقاء المباني الواقعة خارج خطوط التنظيم على حالها حتى تزول - فلا يجوز تقويتها أو تعليتها أو إعادة بنائها حتى لا تزيد قيمتها فتضار الخزينة العامة تبعاً لهذه الزيادة. لما كان ما تقدم، وكان يبين من مراجعة مفردات الدعوى التي أمرت هذه المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن ما نسب إلى المحكوم عليه في محضر مهندس التنظيم هو تدعيم مباني واجهة الدور الأرضي البارزة عن خط التنظيم بإزالة كتف شباك الحجرة من الجهة الشرقية بطول 0.80 متراً وارتفاع مترين بكامل سمك جدار الواجهة البارز عن خط التنظيم وإعادة بنائه من جديد بالطوب الأحمر ومونة الأسمنت والرمل، كما أجرى بناء دروة السطوح بناء جديداً أعلى واجهة الدور الأرضي بدون ترخيص، مما مفاده أن ما قام به المحكوم عليه لم يكن ترميماً لإزالة خلل في البناء وإنما كان هدماً وإعادة بناء - مما يدخل في نطاق الأعمال المحظورة طبقاً لنص المادتين المشار إليهما، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باعتبار هذه الأعمال من أعمال الترميم المباح القيام بها قد أخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بالنسبة لعقوبة الهدم بجعلها شاملة لبقية الأعمال المخالفة.


[(1)] المبدأ ذاته في الطعن رقم 1815 لسنة 29 القضائية (جلسة 14/ 6/ 1960).